ختمت زاوية الأمس بالقول إن انتخابات اتحاد القدم أكدت على ناحيتين هامتين، تتعلق إحداهما بالرغبة في سرعة التغييرلدى المنظومة الرياضية ومنظومة كرة القدم على وجه الخصوص من خلال إقرارانتخابات كاملة بدلا من التدرج فيها وفق ماكان مقررا من قبل.
والثانية وهي الأهم أن هذه الانتخابات أكدت على أننا نملك فكرا انتخابيا قادراً على صناعة الحدث، والذي تم بكوادروطنية منذ بداية انتخابات الجمعية العمومية وحتى إعلان النتائج النهائية، وأن التخوف الذي كان يبديه البعض في عدم نضج التجربة الانتخابية لدينا وأننا غيرمهيئين لذلك لم يكن له مايبرره.
انتخابات اتحاد الكرة ليست أول تجربة انتخابية في المملكة، إذ تعود هذه التجربة إلى مايقارب 88 عاما عندما دخل الملك عبدالعزيزمكة المكرمة عام 1343هـ 1925م وأمربتشكيل أول مجلس بلدي، وفي نهاية عام 1344هـ بداية 1926م صدرت الأوامرالملكية بانتخاب رئيس وأعضاء المجلس البلدي بمكة المكرمة كأول تجربة انتخابية في المملكة، تلتها انتخابات المجالس في عدد من مدن المملكة، ثم توقفت هذه الممارسة إلى أن عادت عن طريق الغرف التجارية في انتخابات مجالس الإدارة وهي تجربة ثرية وفي عدة دورات، ثم المجالس البلدية حيث مرت بدورتين وكذلك بعض المجالس في مؤسسات المجتمع المدني ومنها هيئة الصحفيين، لكن أيا من هذه التجارب لم تنعكس على ثقافة المواطن أوتؤثرفيه بالصورة التي تتناسب مع مسافة وحجم التجربة، فانتخابات الغرف التجارية ومؤسسات المجتمع المدني تتوجه نحوجمهورمحدد سلفا هم منسوبي تلك الجهات، والانتخابات البلدية لم تثراهتمام المواطن بدليل انخفاض الإقبال عليها في الدورة الثانية بصورة لافتة للنظر.
وباستثناء ما حدث في الدورة الأولى لانتخابات المجالس البلدية من مراكزانتخابية للمرشحين والإعلان عن أنفسهم وبرامجهم للرأي العام، فإن تلك التجارب تمردون أن يشعربها المواطن عدا جمهورها المستهدف من الناخبين والمرشحين ناهيك عن كونها غيرشاملة، إذ يتم تعيين بعض الأعضاء في بعض المجالس.
ورغم أن انتخابات اتحاد كرة القدم خلت من المراكزوالحملات الانتخابية المعلنة ومايصاحبها من برامج إلا أنها كانت لافتة للأنظار.. إن لم يكن بالتفاعل والمتابعة فعلى الأقل بالتساؤل والاستفسار، وجاء النقل التلفزيوني المباشرالذي امتد لأكثرمن 12 ساعة والتغطية الإعلامية المواكبة عبروسائل الإعلام الأخرى لتضيف بعدا جديدا لدى المواطن في ثقافة الانتخابات.
هم كرة القدم السعودية وتراجع مستوياتها في السنوات الأخيرة لفت أنظارحتى غيرالمتابعين لها، مما جعل المطالبة بالتغييرمطلبا عاما أكثرمن كونه مطلبا رياضيا مما أدى إلى سرعة التغييروشموليته في الاتحاد، وجاء سيناريوالانتخابات ونجاحه ليعطي المتلقي المفهوم الصحيح للانتخابات وكيف تتم، مما يعني زيادة وعيه وثقافته في هذا الجانب.
انتهت انتخابات اتحاد كرة القدم ومضى كل إلى غايته لكن أثرها سيظل باقيا وقد يمتد أفقيا وتتسع دائرته لتشمل بعض منظومات التنمية.والمواطن الذي تابع انتخابات اتحاد الكرة واقتنع بسلامة منهجها سيبحث عن هذا التغييروبذات الأسلوب في كيانات أخرى ذات تأثيرفي رسم مستقبل البلاد اجتماعيا وتعليميا أوالتي تشارك في صناعة القراربل قد يتجاوزتأثيرها الشارع العام إلى دائرة القرارالرسمي من خلال ترقب نتائج هذه التجربة وتقييمها ومن ثم توسيع دائرة التطبيق. (للحديث بقية).
والله من وراء القصد.