|


عبدالله الضويحي
وهم يحسبونأنهم يحسنون صنعا
2012-11-17

 


عندما يخسرالمنتخب أوتتعرض الرياضة السعودية لهزة، تخرج فئة (كامنة) وتبدأ في التنظير والمناقشة وطرح الحلول عبر زواياها ككتاب محترفين أوعبرالمنتديات، وهي فئة بعيدة عن المجال الرياضي وسبر أغواره.


على أنه يمكن تصنيف هؤلاء إلى فئتين أيضا:


ــ إحداها لاترى في (الوطن) شيئا جميلا، فهي دائما متذمرة وتنتقد كل شيء ولايقنعها أي نجاح، وهذه مشكلتها ليست مع الوطن وإنما مع نفسها، فالذي نفسه بغيرجمال لايرى في الوجود شيئا جميلا، لذلك فهي خارج الحسابات هنا.


عندما خسرالمنتخب من أسبانيا 5/0 طالت سهام النقد القيادة الرياضية الحالية والسابقة، وعندما تعادل مع الأرجنتين عزوا ذلك إلى ابتعادهم رغم أن العلاقة بين القيادة بالحالتين هي ذاتها ورغم تقارب الحدثين.


ــ والأخرى يدفعها حب الوطن.. وهذه ستضمن أحد الأجرين على الأقل وهي التي تهمنا في هذا المقام.


مشكلة هذه الفئة مع احترامي الشديد لهم ومكانتهم وأيضا وطنيتهم إنهم لايحيطون علما بالرياضة وأسرارها ولاكرة القدم وغورها.


أن تهتم بكرة القدم وتميل إلى ناد معين وتعرف كيفية حسم المباراة وقانون التسلل وغيرها من قوانين الكرة.. لايعني أنك تملك أدوات االنقد ومناقشة كل مايتعلق بها.


الرياضة شأنها شأن مناحي الحياة الأخرى وعلومها لها قوانينها وأنظمتها وروحها.


 ولايمكن لأي مسلم مهما كان حافظا للقرآن الكريم ويؤدي تعاليم الدين وأركانه أن يفتي في مسألة فقهية مالم يكن على علم بأركان الفتيا وشروطها،


وإنه لايمكن له ولوحفظ وأدرك أركان الزواج وشروط النكاح أن يعقد القران.


وإنه لايمكن لأي كاتب مهما كان مهتما بالشأن الاقتصادي أن يناقش العلاقة بين الدول المانحة وغيرها وصناديق الإقراض أوالأزمات الاقتصادية وهولايعرف معنى تعويم العملة ومجموعة العشرين وسلة العملات.


وأن كل من يجيد العزف على آلة موسيقية ويتغنى بأجمل الألحان لايمكن أن يقدم نقدا فنيا وهولايعرف نغمات السلم الموسيقي السبع ولايفرق بين القراروالجواب.


فالرياضة كذلك مهما اعتقد البعض فهما فيها كونها شأنا عاما متاحا للجميع وتهتم به الغالبية العظمى.


في ظني أن هؤلاء لايقلون خطورة في تأثيرهم على المجتمع ومستقبل الرياضة عن أولئك، وأعني بعض الإعلاميين والمحللين الذين لايعرفون سوى لغة النقد والإحباط.. سواء نجح المنتخب أولم يوفق فالأمرعندهم (عنزولوطارت).


إن خطورة هؤلاء في مكانتهم وحضورهم وحسن نواياهم واجتهادهم.. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، لذا فهم يشكلون رأيا عاما يبنون من خلاله ثقافة معينة ينشأ عليها جيل كامل من الصعب تغيير قناعاته فيما بعد.


 المشكلة ليست في النقد، ولكن في كيفية ممارسته.


هناك من يمارس النقد لأجل النقد فقط.


ومن يمارسه بهدف الإصلاح،


وثمة من يجتهد، ولكن حتى الاجتهاد له أدواته وشروطه والأسس التي ينطلق منها.


ما قدمه المنتخب أمام الأرجنتين يجب أن يكون نقطة تحول في علاقته مع (البعض)، وبداية صفحة جديدة معهم بمنحه الثقة في قدرته على العودة إلى واجهة الأحداث.


علينا أن ندرك أيضا أن الخطأ مستقبلا وارد، وتفاوت النتائج جزء من عالم الكرة، ويجب أن لايعيدنا إلى المربع الأول بعد أن وضعنا خطوتنا الأولى في طريق العودة بثبات.


والله من وراء القصد.