لن أتساءل عن نظرتنا لمباراة منتخبنا مع المنتخب الأرجنتيني والهدف منها فهذا أمر معروف، وسبق الحديث عنه، لكنني سأنقل التساؤل إلى الأرجنتينيين ونظرتهم لهذه المباراة.
بعيداً عن النظرة المادية ألتي يعتقد البعض -وللأسف- أنها الدافع لحضورهم أو غيرهم، فيما لا تشكل تلك الأهمية لديهم إذ إنهم سيحصلون عليها من هنا أو هناك فإن كثيراً من المنتخبات والأندية العالمية تهدف من خلال هذه الجولات أو المباريات إلى تسويق نفسها في مناطق أخرى جديدة تعرف أن المواجهة المباشرة مع جماهيرها هي الأفضل والأسرع لتحقيق ذلك لكنني أريد أن أختصر التساؤل في نطاق أضيق، وتحديداً في النتيجة وهو تساؤل يسبق المباراة.
المباراة كما هو معروف ودية دولية بمعنى أنها تحت إشراف الـ(فيفا) وتدخل ضمن سجلاته وتقييمه، وبالتالي لا يرضى أي فريق بخساراتها مهما كان الطرف المقابل ناهيك من كونه يصنف ضمن المنتخبات المتواضعة والمتأخرة في الترتيب.
من الطبيعي والمنطقي أن يتعامل الأرجنتينيون مع المباراة في بدايتها بنوع من الهدوء وعدم إرهاق أنفسهم، ومن منطلق الثقة بأن التسجيل مسألة وقت، لكن من المؤكد أنهم عندما أرادوا ذلك عجزوا عن تحقيقه، وهذا ما اتضح قبل نهايتها عندما شعر الأرجنتينيون بخطورة الموقف.
وبدون شك إن مضي الدقائق بهذه الصورة أعطى ثقة للمنتخب السعودي، تعززت مع الوقت وتحولت إلى قناعة ذاتية بقدرته على مجاراة الأرجنتين، بل وإمكانية التفوق عليه.
هذه الجزئية بالذات هي ما يبحث عنه المنتخب ويحتاجه وهي "الثقة".
وللأسف أنها وأعني الثقة جاءت تلقائية ومن ذات المنتخب نفسه وهذا مصدر قوة له بدلاً من أن تأتي من جماهيره ومحبيه وبعض الإعلاميين الذين استبقوا الحدث بالتقليل من قيمته والسخرية به والتسابق في رفع كم الأهداف المتوقعة في مرماه، ولذا لا غرابة عندما يفقد المنتخب ثقته بنفسه أو يخسر.
ومما يؤسف له أيضاً أنه حتى والمنتخب يظهر بهذه الصورة المشرفة مستوى ونتيجة والإنصاف الذي جاءه من وكالات الأنباء والصحافة العالمية ظل هؤلاء على موقفهم وإن تبدلت اللهجة بين ساخر من النتيجة وأسبابها وبين باحث عن مواطن أخرى للتقليل من نجاح المنتخب حتى أحد معلقي المباراة قال في نهايتها أن الأرجنتين اليوم ليس الأرجنتين وميسي ليس ميسي.
تابعت عقب المباراة مواقع التواصل الاجتماعي خاصة تويتر والإستديوهات التحليلية وباستثناء فئة كبيرة كانت عقلانية في طرحها وتعاملها وثنائها على عطاء المنتخب وتفاؤلها به فقد جاء العكس من آخرين لا يخرجون عن فئتين:
- فئة استبقت الحدث لكنها انصدمت وخاب ظنها ولأنها لا تملك شجاعة الاعتذار وتخشى الاتهام بالتناقض ظلت على موقفها والبحث عن مواطن أخرى للتقليل من هذا النجاح أو التساؤل عن لاعبي فريقها المفضل وعدم مشاركتهم أو تواجدهم في المنتخب.
- وأخرى مع احترامي لها بعيدة عن المجال وثقافتها محدودة فيه ومع ذلك تحلل وتنظر دون أن تستند على حقائق وينحو بعضها مجال السخرية في طروحاته.
وكلتا الفئتين يؤثرون سلباً على المنتخب.
إن ما قدمه منتخبنا أمام الأرجنتين في ظل هذه الظروف لا يعتبر إنجازاً بقدر ما يرتقي إلى مرتبة الإعجاز.
هل استطاع المنتخب أن يوصل رسالته لمنتقديه ومتابعيه؟..
أعتقد، ولكن البعض سيرمي بها في سلة المهملات.
والله من وراء القصد،،،