يقول الأرجنتينيون نقلاً عن لسان الأستاذ محمد المسحل أمين عام اللجنة الأولمبية ورئيس لجنة شئون المنتخبات في حديثه للقناة الرياضية السعودية أن ما شاهدوه وما حصل في استقبالهم في صالة المطار أمر طبيعي اعتادوا عليه.
ربما كان ذلك مجاملة منهم أو أنه أمر معتاد يعطيهم بعضاً من الزهو لتواجد هذا الكم والنوع من المعجبين.
وعن نفسي أقول إن هذا قد يكون مقبولاً لو كان في مكان عام، لكن أن يحصل في مكان الاستقبال الرسمي (صالة الطيران الخاص) وفي منطقة يسبقها أربع نقط تفتيش أمنية قبل الوصول إليها وتدقيق في الهويات، ولا يسمح بدخول إلا المصرح لهم فقط، فهذا يعني الفوضى في التنظيم والمحسوبيات واختراق للنظام من قبل القائمين عليه، الذين يفترض أن يكونوا خير من يحميه.
القناة الناقلة صاحبة الحقوق وهي قناة حكومية رسمية تتم إعاقة عملها وتكاد تطرد من المكان ربما خوفاً من تصوير الفوضى بدلاً من التفكير في معالجة الموقف.
أحدهم وواضح أنه مسؤول، وضع يده على عدسة الكاميرا لحجب الصورة.
مسؤولون كما هو واضح من هوياتهم المعلقة على صدورهم، ورجال أمن تركوا مهماتهم الرسمية وأخذوا يتجولون ويتزاحمون خلف المذيع، ممسكاً كل منهم بجواله ويؤشر بيده بعد أن عدل شخصيته (شوفوني).
ميسي يخرج وكأنه أحد مجرمي أمريكا اللاتينية وليس نجمها الكروي محاطاً برجال أمن ألقوا القبض عليه، وارتفع (السلاح) في وجهه، فكانت ردة الفعل بادية على محياه، وهي صورة تناقلتها المواقع وأجهزة الاتصالات وستتناقلها عالمياً.
كان من الممكن تلافي هذا كله ونظهر بصورة حضارية أمام الضيوف، تضيف بعداً إعلامياً آخر من وراء اللعب مع منتخب كهذا ونجوم كهؤلاء، لو تم تطبيق النظام والتقيد به.
أتساءل:
من الذي سمح لهؤلاء بالدخول وهم لا يحملون أيّ صفة اعتبارية تخول لهم التواجد في هذا المكان؟..
ومن الذي أعطى الآخرين الصلاحية بإعاقة عمل قناة رسمية من التحرك بحرية؟..
وماذا لو حدثت كارثة -لا سمح الله-؟..
أو أصيب أحد من المنتخب الأرجنتيني؟..
مشكلتنا أننا لا نفكر في العواقب إلا عندما تقع.
وطالما أننا لا نهتم بثقافة السلوك منذ الصغر وثقافة الوعي ونشرها في المجتمع وتطبيق الأنظمة ستظل ثقافة التجمهر هي السائدة والمعيقة لكثير من أعمالنا.
ما حدث لم يكن مستغرباً، فهو امتداد لما حدث ويحدث في مواقع كثيرة.
نتّهم الجهات المسؤولة من دفاع مدني وإسعاف وغيرهما على تأخرهم وقصورهم، ونحن السبب لا كجمهور ولكن أيضاً كمسؤول، لم يسطع أو لم يرد أن يعالج هذه المشكلة على مدى عشرات السنين حتى أصبحت مثل كرة الثلج.
ما حصل في استقبال المنتخب الأرجنتيني يجب ألا يمر مرور الكرام فالأمر أكبر من أن نتصور وأبعد منه، ويجب أيضاً أن لا نعتمد على تقارير المسؤول، لأنه من الطبيعي أن يدافع عن نفسه ويبرئها ويرمي بالخطأ على (التجمهر) كما هي العادة.. فالصورة ومنظر ميسي وهو يخرج تغني عن ألف تقرير، والإجابة على سؤال: (لماذا لم يحدث هذا في دول أخرى مع ميسي نفسه؟).. مفتاح آخر لمعرفة الحقيقة، فالذي تحوّل من رجل نظام إلى مستقبل ومعجب وباحث عن الأضواء، والذي وظف مسؤوليته لخدمة ذاته والمحسوبين عليه كلهم مسؤول عما حدث أو شريك في المسؤولية.
سؤال بريء جداً:
لماذا لا نطبق النظام في كل شيء ونرتاح..؟.
والله من وراء القصد،،،