كرة الطاولة لعبة وديعة هادئة تمتازبالروح العالية والبعدعن الاحتكاك، يخيم الصمت على الصالة، لاتسمع إلا صوت الكرة تتنقل على الطاولة بين مضارب اللاعبين بينج بونج .. بينج بونج.. كما أسماها الصينيون. لم نعرف على مدى التأريخ أن حدثت مشكلة بسببها أوخلاف، بل العكس استثمرها الأمريكيون وداهيتهم كيسينجروزيرالخارجية آنذاك قبل 41 عاما عندما كانت الحرب الباردة على أشدها بين المعسكرين وبين أمريكا والصين. كانت بطولة العالم الـ 31 لكرة الطاولة في اليابان إبريل 1971 وحدث لقاء رياضي ربما كان مرتباً له بين لاعب صيني وآخرأمريكي، أعقبه دعوة صينية باسم منتخب كرة الطاولة للمنتخب الأمريكي الذي غادربعد البطولة مباشرة إلى الصين في العاشرمن إبريل، حيث لعب مباريات ودية وقام بجولة في الصين، وفي يوم 14 إبريل استقبلهم رئيس الوزراء الصيني شوإين في قاعة الشعب العظمى في بكين وخاطبهم "لقد فتحتم فصلا جديدا في علاقات الشعبين الأميركي والصيني، إنني واثق بأن هذه البداية الجديدة في صداقتنا سوف تقابل بكل تأكيد بدعم غالبية شعبينا" وفي ذات اليوم أعلنت أمريكا رفع الحصارالاقتصادي والتجاري عن الصين الشعبية الذي استمر22عاما بعد ثورة ماوتسي تونغ الشيوعية 1949، ومن بعدها أصبحت ديبلوماسية البينج بونج مصطلحا سياسيا يطلق على كثيرمن الحوارات والمفاوضات السياسية. بعد نصف قرن على هذه القصة وما ترتب عليها من نمو في الاقتصاد العالمي والعلاقات السياسية، تسببت هذه الكرة الصغيرة في إسالة دماء وتدخلات أمنية. حدث ذلك أمس الأول في مباراة الاتحاد والأهلي على نهائي كأس الأندية الخليجية في كرة الطاولة والتي كسبها الأهلي، وبعد أن انتهت المباراة فهل ما حدث يتعلق باللعبة ونتيجتها أم بثقافة المحيطين باللعبة أم أن هناك أسبابا أخرى؟ من المؤكد أن اللعبة لاعلاقة لها بالموضوع، فهي ليست تنافسية مثل كرة القدم تتأثر بالنتائج وهو ما ينسحب على البطولة أيضا. ماحدث هو في الواقع إنذارلما قد يحدث يوم الأربعاء المقبل في ذهاب نصف نهائي بطولة الأندية الآسيوية، حيث أصبح الجمهورمهيأ لذلك، أوقد تمت تهيئته وفق السيناريوهات الماضية المتمثلة في موقفين: ــ تأجيل مباراة الاتحاد والأهلي في دوري زين للمحترفين بقرارمن اتحاد الكرة بعد رفض لجنة المسابقات ذلك. ــ إثارة موضوع تقسيم المدرجات بين الفريقين في بطولة أندية آسيا عما هومتعارف عليه نظاما ومقرمن الاتحاد الآسيوي والخوض في حلول أخرى. هذه التدخلات من اتحاد القدم أومن أطراف أخرى والاجتهادات غيرالمبررة هي التي حركت المياه الراكدة بين الجماهير، أسهم في ذلك تناول الإعلام لهذه القضايا وطرحها بأساليب أشبه ماتكون بتبني وجهات نظروتغليب بعضها على الآخروقيادة هذه الجماهيرفي اتجاهات متضادة. أثق تماما لو أننا احترمنا الأنظمة والقوانين لما حدث ماحدث، وما أحداث كرة الطاولة إلا تداعيات تابعة لذلك. مباراة دوري مثبتة ومتفق عليها بين جميع الأطراف.. لماذا يتم تأجيلها؟ ومباراة يشرف عليها اتحاد قاري وضع لها أنظمته ولوائحه، ماعلاقتنا كاتحاد محلي أو جهات محلية في تغييرهذا النظام أومحاولة تطويعه؟ دعوا الأمورتمشي وفق الأنظمة واللوائح، وطبقوا القوانين ونوموا هادئين. والله من وراء القصد.