رحم الله الأستاذ سليمان العيسى
الزميل والصديق والإنسان.
قد لا أستطيع الحديث عن كل جوانب حياته مما لا أتمكن من الإلمام به أو لا تكفيه المساحة، لكنني أعرف فيه دماثة الخلق وديمومة الابتسامة وحب العمل والإخلاص فيه وروح المواطنة التي تمثلت في الكثير من برامجه الإعلامية وحياته الشخصية.
كان أول من أدخلني إلى البرامج الرياضية في التلفزيون وهو فضل أدين له بعد الله به بإعداد وتقديم فقرة خاصة ضمن برنامج الرياضة الأسبوعي تحت مسمى (رأي النقد) تتناول بالتحليل الفني والنقد مباريات الأسبوع المنصرم والتقديم لمباريات الأسبوع الحالي، وهي تمثل الأستوديو التحليلي هذه الأيام وفق ظروف ومتطلبات المرحلة، وأرجو أن أجد الفرصة في الحديث عنها عبر هذه الزاوية في الفترات المقبلة.
عشت ذكريات جميلة معه في كأس العالم في الأرجنتين عام 1978 مع جمع من الزملاء ضمن الوفد السعودي للبطولة، كنا هو وأنا قريبين من بعضنا أكثر في تحركنا وتنقلاتنا، وعرفت من خلالها الكثير عن مرحه وطيبته وعن سخائه وسمو خلقه.. لتستمر هذه العلاقة من الود والاحترام إلى أن فرضت الظروف أن لا نلتقي جسديا لكننا نلتقي في المشاعر وفي بعض المناسبات.
سليمان العيسى كغيره من إعلاميي ذلك الجيل كان الإعلام بالنسبة لهم هواية وموهبة كامنة تحتاج لمن يطلق لها العنان عبر الفضاء، وكان الفضاء المتاح آنذاك هو الصحافة المقروءة، فكان له حضوره فيها بما وهبه الله من ثروة لغوية وثقافية من خلال تخصصه الأكاديمي أو ثقافة عامة عبر قراءاته وسعة اطلاعه، وكانت بدايته مع الإعلام عبر الصحافة، حيث تنقل بين صفحاتها الشبابية والرياضية حتى وصل منصب سكرتير تحرير.
كان رحمه الله شغوفا بالرياضة ومحبا لها خاصة كرة القدم وممارسا لها وإن لم تكن بصفة رسمية لكن مع الأصدقاء في ملاعب خاصة ومنظمة، ثم مهتما ومتابعا عبر نادي اليمامة سابقا (الرياض حاليا) وأحد أعضاء شرفه البارزين.
اجتمعت لديه الهوايتان الرياضة والإعلام، فدخل التعليق الرياضي وكان من أوائل المعلقين السعوديين ومن أبرزهم بما حمله من ثقافة وفكر وغادره في وقت كان التعليق بأمس الحاجة إليه، لكنه ظل وفيا للإعلام وأحد رجالاته فأصبح مذيعا ثم قارئا للنشرة الإخبارية الرسمية، ولامس كثيرا من هموم المجتمع عبر برامجه بما يملكه من حس إعلامي وحس وطني.. كسب من خلاله محبة الناس وثقة القيادة والمسؤول وهي مصدر فخر.. فارتبط اسمه بالأخبار والمناسبات الهامة.
واجه على مدى سنوات الكثير من النقد في حياته العملية تجاوز الموضوعية، ولأسباب غير موضوعية في كثير منها، وتناول ذاته وشخصيته سواء بصورة مباشرة عبر الصحافة المقروءة أو غير مباشرة وعبر الغمز واللمز، وكان يقابل ذلك رحمه الله بالابتسامة واللامبالاة لأنه يدرك أهدافها وأبعادها تاركا للزمن الذي أنصفه معالجتها دون أن يسعى لذلك.
كان صدره يتسع لكل الصدمات..
وقلبه يمتلئ بالتسامح والعفو عن الهفوات.
فعاش هاديء البال مرتاح الضمير ومات كذلك.
أعزي نفسي أولا وأعزي أسرته والأسرة الإعلامية، وأدعوه جلت قدرته أن يلهمهم الصبر والسلوان، وأن يتغمده بواسع رحمته ويجعل ما أصابه تكفيرا وتطهيرا له ورفعا لدرجته عند ربه، وأن يسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
والله من وراء القصد.