إذا كنا نلوم الجماهيرالرياضية على تصرفاتها السلبية وخروجها عن الروح الرياضية في بعض الأحيان برميها المقذوفات أوالألفاظ البذيئة كردة فعل تجاه مواقف معينة في الملعب أو تجاه فريقها عندما (يخذلها) بمستوى ونتيجة لم تكن في الحسبان.. سواء كان ذلك على المستوى المحلي أوالخارجي، فإننا قد نلتمس لها بعضا من العذر. أقول (بعضا من) وليس كل العذر، بالنظرإلى الظروف المحيطة بهذه الجماهير والجو الذي تعيشه خصوصا في المباريات الجماهيرية التي تكتظ بها المدرجات. الإنسان بطبيعته كتلة من الأحاسيس والمشاعر، يتأثر بما حوله ويؤثر فيه.. حتى في بيته ومجتمعه ومحيط عمله، وكلما كان الجو العام مهيئا وتتوفر فيه كل أسباب الراحة كلما انعكس ذلك على تصرفاته وردود أفعاله والعكس. وهذا ماينطبق على حال الجماهيرالرياضية في ملاعبنا، تتدافع الآلاف عند البوبات بحثا عن أولوية الدخول للوصول إلى أفضلية المقاعد، ثم تتسمرفي هذه المقاعد ساعات طوال خوفا من أن يأتي من يقتعدها لو قامت لظرف طاريء.. يحاصرها في ذلك ثلاثي الجوع والتعب والعطش. ماذا نتوقع منها والحالة هذه عند مواجهة أي موقف يخدش كبرياءها أو كرامتها أو يهزأعصابها؟ هل نتوقع منها الهدوء والاستسلام والصمت، وأن (تتعوذ من إبليس) و(إبليس راكبها).. على حد تعبيرالمثل الدارج.. نعوذ بالله من ذلك ونستغفره. كتبنا كثيرا وتحدث كثيرون عن معاناة الجماهير وأهمية تحسين بيئة الملاعب وتنظيم الدخول والخروج وترقيم المقاعد في ملاعب عالمية لاتستغرق عملية الدخول نصف ساعة وكذلك الخروج لما يقارب 100 ألف متفرج، ونحن نعجزعن إدارة 5000 متفرج وتنظيم دخولهم وخروجهم. كل ذلك قبل أن يفرض الاتحاد الآسيوي شروطه وطلباته. لم يستمع لهذا الحديث أحد. وهذا طبيعي فـ (النارماتحرق إلا رجل واطيها)، فهم يحضرون قبل أن تبدأ المباراة بدقائق تنتظرهم مقاعدهم وحتى لوأتوا قبلها بساعات فستنتظرهم المقاعد والغرف المكيفة وربما البوفيهات المفتوحة. بالأمس .. هلل المسؤولون في رابطة الأندية المحترفة وغيرهم وصفقوا لأن الاتحاد الآسيوي لم يعد ينظرإلى أعداد الجماهير كعنصرأساس في معايير التقييم لعدد مقاعد التمثيل في بطولة الأندية الآسيوية، وكأن الأمريتعلق بمصلحة إدارية وسمعة رابطة وأندية فقط دون النظرإلى (الإنسان) كإنسان له قيمته واحترامه، ويبدو أن هذا القرارسيؤخر التفكير في هذا الأمرأكثرمماهومتأخر. في زاوية سابقة أشرت إلى تصريح لأحد منسوبي رابطة الأندية المحترفة، أن خلافا بينهم وبين الشركات الراعية للأندية عطل العمل في البوابات الإلكترونية، وأنهم لم يصلوا معهم إلى حل، وأن بوابات ملعب الأميرفيصل لن تعمل قبل أن تكتمل بقية البوابات لجميع ملاعب المملكة. الشركات مشغولة بالأندية وبمصالحها المادية ومداخيلها. والرابطة مشغولة بالأندية أيضا ومشاكلها الإدارية والتنظيمية معها. والجمهوريظل الضحية. والقضية ليست في بوابات إلكترونية ومقاعد مرقمة فقط، القضية أكبرمن ذلك والحديث عنها يطول ولن ينتهي. حقيقة نحن لانعجزعن الحل، ولكننا نعجزعن فرض الحل والتوصل إليه. أتساءل: أين هيئة حقوق الإنسان والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عن وضع الجماهير الرياضية في الملاعب؟ والله من وراء القصد.