يبدو أن تجربة الزاوية اليومية خلال شهر رمضان المبارك أوجدت قناعة مشتركة بين الزميل رئيس التحرير الأستاذ سعد المهدي وبيني لاستمرارها من خلال ردود الفعل وتقييم التجربة خلال فترة التوقف الماضية.. والتقويم الذاتي سمة تتبعها كثير من الصحف الناجحة سواء فيما يتعلق بالأداء أو الرأي أو التبويب والنواحي الفنية، وهي ظاهرة صحية تهدف للتجديد وكسر الروتين ومواكبة روح العصر. والكتابة اليومية كما قلت في بداية شهر رمضان ليست جديدة علي ولست أنا كذلك بالنسبة لها فقد مارستها قبل 25 عاما من خلال جريدة الرياض عندما كنت مشرفا على الشؤون الرياضية فيها آنذاك.. لكن (في منتصف الأسبوع) وهو مقالي الأسبوعي الذي اعتدت كتابته كل ثلاثاء قبل 35عاما وفي الجريدة نفسها يحمل في نفسي الشيء الكثير، فقد أصبح جزءاً من علاقتي وتأريخي مع الإعلام الرياضي وسيرتي الذاتية فيه رغم توقفه بين فترة وأخرى لبعض الظروف وتنقله بين أكثر من موقع.. وقد يعود ذات يوم فالأمر مرتبط بمشيئة الله ثم بالظروف. الكتابة الأسبوعية تجبرك على تجاوز بعض الأحداث وعدم تناولها إما لإشباعها من قبل زملاء آخرين أو لأنها لم تكن أحد خياراتك لكثرة المطروح أمامك وبحثك عن الأفضل من وجهة نظرك وطرحه من خلال رؤيتك الخاصة. الكتابة اليومية تمتاز بالقدرة على متابعة الأحداث وتناولها.. لكن المهم هو انتقاء الفكرة ومناقشتها بما يقنع المتلقي وينال منه القبول.. يرى البعض.. أن قاريء اليوم وفي ظل الانفتاح الإعلامي وتوالي الأحداث وسرعة إيقاع الحياة اليومي يميل للوجبات (المقالية) السريعة ــ إن صح التعبير ــ ومع إيماني بهذه النظرة إلا أنني على قناعة بأن نوعية القارئ واهتماماته هي التي تحدد ما يبحث عنه. فالقارئ المتخصص أو الباحث عن الحقيقة وعمق الرؤية لا ينظر إلى الكم الموجود في المقال بقدر نظرته إلى المحتوى وما يشبع رغباته. ما يؤكد ذلك.. استمرار وجود المقالات الطويلة في الصحافة اليومية المقروءة حتى في الصحافة العالمية وفي مختلف التوجهات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية أيضا.. وإن كان البعض يرى أن القارئ الرياضي يبحث عن الاختصار وما يثير كوامنه وعواطفه ويحقق رغباته، إلا أنني أرى أنه أكثر حاجة إلى عمق الطرح وتنوع الثقافة في بعض الأحيان. هذا التنوع في الطرح يؤكد مقولة (لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع) وهو قول ينطبق حتى على الكتابة.. فالكاتب أو الصحفي يقدم منتجاً ورغبة المتلقي وذوقه هي التي تحدد اختياره لهذا المنتج أو ذاك. ولأن القارئ أيا كان موقعه الاجتماعي أو العملي وطبيعته هو من نتوجه إليه فلابد أن يكون له القدر الكافي من الاهتمام وتبادل الرأي، فهو أحد الأدوات التي يستطيع الكاتب أن يقيم نفسه من خلالها إن لم يكن الأهم. أشكر(الرياضية) على ثقتهم وأنتم قرائي الأعزاء مقدما على ثقتكم وتواصلكم، وأعدكم بأن يكون للزاوية موعد معكم في نهاية كل أسبوع حيث يتم تخصيصها لآرائكم ومقترحاتكم وطرح رؤاكم وتوجهاتكم. والله من وراء القصد