إذا كان اجتماع اللجنة الأولمبية الدولية في أولمبياد طوكيو كان تأريخيا بالنسبة للمملكة حيث تم قبول عضويتها في اللجنة فإن دورة ميونيخ 1972 كانت تأريخية في الحضور السعودي في الأولمبياد حيث شهدت أول مشاركة سعودية في الألعاب الأولمبية بفريق رياضي وارتفع العلم السعودي لأول مرة في القرية الأولمبية وسار مرفوعا في المضمار وخلفه الرياضيون السعوديون في منظر يشعر معه المواطن والرياضي السعودي بالفخر والزهو خاصة الرياضيون المشاركون، وفي مشهد تصعب معه ترجمة مشاعرهم فيه كأول رياضيين يمثلون المملكة في هذا المحفل الرياضي الكبير. ترأس الوفد السعودي إلى الدورة الأمير فيصل بن فهد (رحمه الله) مدير عام رعاية الشباب آنذاك بعد عام من تعيينه في هذا المنصب خلفاً للأمير خالد الفيصل الذي صدر قرار بتعيينه أميرا لأبها، فيما ترأس الأستاذ عبدالرحمن الدهام الوفد الأولمبي (البعثة الرياضية داخل القرية الأولمبية)، أما الرياضي الذي نال شرف حمل علم المملكة أثناء الدورة فكان بطل رمي الجلة حسن الطيب وسار من خلفه جميع أعضاء الوفد الأولمبي. ومن أبرز الرياضيين الذين كان لهم شرف تمثيل المملكة في هذه الدورة عبدالرزاق معاذ (800م) عبدالوهاب الصفراء (1500م) عبدالله الرويعي (5000م) منصور الجعيد (100م) مع كل من حميد الجمعان وسعد خليل في التتابع ومعهم بلال سعيد الذي شارك أيضا في الوثب الطويل وغازي مرزوق (الوثب العالي) وفاروق الطويل (رمي القرص) وسيف عبداللطيف (رمي الرمح) وحسن الطيب (دفع الجلة) استعد الفريق السعودي لهذه البطولة بلقاء مع المنتخب التونسي الشقيق لألعاب القوى جرى على ملعب الملز (استاد الأمير فيصل) والذي كان يضم عددا من الأبطال من أبرزهم محمد القمودي الحائز على ذهبية 5000م وبرونزية 10 آلاف متر في أولمبياد المكسيك 1968 وفضية 10 آلاف متر في أولمبياد طوكيو 1964. أذكر ذلك اللقاء جيدا كنا طلابا في المرحلة الثانوية وامتلأت مدرجات ملعب الملز بالحضور وكان الوقت عصرا ونزل القمودي مبكرا أرض المضمار وقوبل بعاصفة من التصفيق ومن الطرائف أنه كان يجري مع أحد زملائه على المضمار في البداية ثم خارجه عندما بدأت المنافسات كنوع من الاستعراض واستمر كذلك فترة قاربت نصف الساعة وعندما حان موعد السباق فرحنا كثيرا بحجة أن القمودي أرهق نفسه ولن يجد الرويعي وزملاؤه السعوديون صعوبة في التفوق كانت هذه مشاعرنا كجماهير لا نحمل وقتها ثقافة رياضية كافية لكن القمودي أنهى السباق وترك زميله يجاريه ومن ثم الفوز عند خط النهاية كنوع من التشجيع له تاركا المتسابقين السعوديين خلفه بمسافة طويلة جدا أدركنا بعدها أن استعراض القمودي هو في الواقع إحماء وتسخين للسباق. والله من وراء القصد.