عندما انتشر الفاكس بداية الثمانينيات قبل 30 عاما كان ذلك بمثابة نقلة كبرى في العمل الصحفي وبقيت المعاناة في نقل الصورة إلى أن حل الفاكس الخاص بإرسال الصور.. وأذكر في سنغافورة 84 أن الزميل عبدالله الحرازي كان الوحيد في البعثة الذي أحضر معه فاكسا لنقل الصور والمادة الصحفية تم تأمينه له من قبل جريدته (المدينة) وكنا نحجز لديه بالدور لإرسال موادنا يساعدنا في ذلك فارق التوقيت الذي كان لصالحنا وكان أبوعمرو فاتحا لنا باب غرفته على حساب راحته ونومه في كثير من الأحيان بكل أريحية وتعاون.. كان أول ما يعمله الصحفي عندما يصل إلى البلد الخارجي لتغطية حدث ما شيئين: الأول.. الاتصال بجريدته وإعطائهم رقم الفندق والغرفة لأن الاتصالات مكلفة. الثاني.. إعداد رسالته الصحفية الأولى عن وصول البعثة وأخبارالبطولة والصور التي يشتريها من المصورين هناك ثم التوجه إلى المطار وإرسالها مع قائد الطائرة أو أحد المسافرين حيث يستقبله أحد محرري الجريدة بعد أن نعطي المحرر مواصفات المسافر ونعطيه مواصفات المحرر وأحيانا كلمة سر بينهما غالبا ما تكون رفع الظرف بيده أوغيرها وكثيرا ماتحدث بعض المفارقات والمواقف بين الطرفين.. يحسدوننا على كثرة السفر في تلك الفترة في ظل قلة الكفاءات الصحفية وتعدد المشاركات لكن الواقع أن المتعة كانت في العمل الصحفي واجتماعاتنا كزملاء إذ إننا لا نستمتع بالبلد أو نقصد أماكنه السياحية حيث لا وقت لدينا فهو يتوزع بين موقع الحدث والفندق في انتظار مكالمة لا تعلم متى تأتي ولا مدتها (على طريقة بريدها الذي لا يأتي لنزار قباني) لكننا بدل أن ينتظر كل منا في غرفته تعودنا أن نحول غرفة أحدنا إلى جلسة يومية بعد عناء اليوم نمارس فيها لعب الورق أو الضحك والتسلية ويتم تحويل جميع طلباتنا ومكالمتنا إليها وعندما ترد أحدنا مكالمة يطلب تحويلها إلى غرفته.. استمر الحال في الألعاب الآسيوية سيؤل 1986 وأمم آسيا الدوحة 1988 لكننا انبهرنا من الصحفيين اليابانيين الذين يحملون معهم أجهزة صغيرة بشاشات يراسلون عبرها صحفهم وينقلون لهم الأحداث من الملعب مباشرة هي أجهزة (الكمبيوتر المحمول) ونحن نتزاحم على الفاكس. السفر متعة وثقافة.. وحضور الدورات العالمية متعة وثقافة من نوع آخر.. وتوفر وسائل التقنية الحديثة التي تختصر الزمن تتيح للصحفي الوقت الذي يفترض أن يستثمره في هذه الجوانب خاصة ما يتعلق بتنظيم البطولات والتعرف على أسرارها والمراكز الإعلامية وتبادل الخبرات مع الصحفيين الأجانب والمسؤولين وإضافة المزيد لرصيده المعرفي.. البعض ينظر لمثل هذه المهمات الصحفية على أنها سياحة تاركا لوكالات الأنباء والقنوات الأخرى تغطية الحدث نيابة عنه.. والواقع يقول إن بإمكانه الجمع بين السياحة وتطوير قدراته الصحفية والمعرفية. والله من وراء القصد.