|


عبدالله الضويحي
نبض الصحافة وهموم الناس
2012-07-23

عندما تحدثت أمس الأول عن معاناتي في بداية عملي الصحفي لم أكن أقصد الحديث عن الذات فلم أكن الوحيد الذي واجه ذلك وإنما كنت أمثل جيلا واجه الكثير من الصعوبات والاختبار الحقيقي في القدرة على تحمل العمل الصحفي خاصة من بدأوا الصحافة في وقت مبكر كحالتي وكثير من أبناء جيلي.. لم تكن المعاناة في العمل الميداني فقط كانت هناك معاناة من نوع آخر داخل الجريدة في إعداد الصفحة ومتابعتها مع المخرج والخطاط حيث كانت العناوين تكتب باليد (المحبرة والريشة) وكل جيل كان يعاني أكثر من الذي يليه فجيل الأساتذة تركي السديري ود. هاشم عبده هاشم وخالد المالك وعثمان العمير ومحمد الجحلان (رحمه الله) ومحمد الوعيل وعلي الرابغي وصديق جمال الليل اللذان عاصرا ذلك الجيل وجيلنا كانت معاناتهم أكثر مع الصور التي يتم حفرها على قوالب فيما كنا نعاني أكثر مع المادة المكتوبة حيث يتم صب الأسطرعلى قوالب من الرصاص يصعب شرحها نظريا وكان الفنيون يعانون أكثر في ذلك.. كانت الجريدة تصدر في 16 صفحة يومية يخصص منها صفحة واحدة للرياضة يستغرق إعدادها وتنفيذها عدة ساعات فيما يتم تقديم المقالات والمقابلات الصحفية (المادة البائتة) كما كنا نسميها قبل يوم أو يومين وإذا كانت من خارج المدينة فيتم إرسالها عبر الطائرة أو مع أحد المسافرين أما الأخباروتحليل المباريات فهي تملى بالهاتف ولكم أن تدركوا حجم المعاناة خاصة عندما نكون في مهمة خارجية كما حدث لنا كزملاء في كأس العالم في الأرجنتين 1978 ثم آسياد بانكوك في نفس العام حيث نضطر للانتظارساعات في غرفنا بالفندق لانبرحها تحسباً لمكالمة قد ترد في أي لحظة مع ملاحظة فارق التوقيت وكذلك كأس أمم آسيا 1984 في سنغافورة وإن كان الفاكس قد بدأ الخدمة في الصحف لكنه لم يكن متوافرا في كل وقت وكل مكان. أتذكر ذلك وكيف أصبحت عشرات الصفحات تطبع في ساعات قلائل والصفحة لاتحتاج أكثر من دقائق من الإعداد والإخراج والتنفيذ و(في منتصف الأسبوع) الذي كنت أضطر لكتابته ومتابعته داخل الجريدة ساعات صار بالإمكان تنفيذه من المنزل أو المكتب ومن أي مكان في العالم في زمن قياسي. أتذكر هذا وأتساءل.. ما مدى تأثير التقنية الحديثة على صناعة الصحفي المحترف؟ وما مدى استثمار جيل اليوم من الصحفيين لهذه التقنية؟ وهل اختفى الصحفي الميداني الذي يعاني في البحث عن الخبر وينقل هموم الناس ومعاناتهم؟ هل لازالت الصحافة تمثل عند البعض مهنة البحث عن المتاعب؟ والله من وراء القصد.