|


عبدالله الضويحي
100000 ساعة ومن التنظير إلى الحفظ
2012-05-01

قد لا ينظرالبعض لهذا المقال .. وقد يتجاوزه بمجرد قراءة العنوان أو معرفة المضمون وما يتطرق إليه .. لأنه لايتعلق بكرة القدم ومشاكلها .. ولا بالرياضة وقضاياها .. وإن كان له صلة بها بطريق غير مباشر.. نحسبه هيناً وهو في رسالته وهدفه عظيم ..


المسؤولية الاجتماعية ..


أهميتها لا تنبع من كونها جزءا من رسالة الرئاسة العامة لرعاية الشباب وفق ما تنص عليه أهدافها .. ولا من كونها جزءا من رسالة الأندية وفق ماتنص عليه لوائحها .. لكنها أشمل من هذا وأعم .. فهي جزء من رسالة الرياضة في عمومها ودورها في تنمية المجتمع ..


ومن جانب آخر ..


فهي جزء من دور القطاع الخاص ورسالته تجاه المجتمع أوبالأحرى مسؤوليته ..


لهذا ..


تهتم كثير من الدول وكثير من المجتمعات بالمسؤولية الاجتماعية .. ومن أجلها تعقد الكثيرمن المؤتمرات والندوات واللقاءات ومن أجلها تنشأ الكثير من المؤسسات .. وتمارس الأندية العالمية الكبرى دورا رياديا في هذه الناحية وتنشأ مؤسسات خيرية بإسم النادي نفسه للقيام بهذا الدور .. كما اعتادت الإتحادات الآهلية في بعض الدول الأوروبية خاصة إنجلترا أن تبدأ موسمها بمباراة خيرية (يذهب ريعها للمؤسسات الخيرية) تجمع بين بطلي الدوري والكأس للموسم السابق .. وأذكر أنني كتبت عن هذه المباراة والمطالبة بمثلها في دورينا المحلي قبل أكثر من ثلاثة عقود وأعدت المطالبة وكتب غيري كثيرون .. وهي تأتي في إطار المسؤولية الاجتماعية والدورالخيري والاجتماعي الذي تمارسه الرياضة ..


والمسؤولية الاجتماعية ..


بمفهومها الشامل والعام في مختلف أنحاء العالم انطلقت في واقعها مما نادت به الأديان السماوية من قيم تحث على التعاون والمشاركة والفاعلية في التعاطي مع قضايا المجتمع .. وقد بدأ الحديث يتزايد عن هذه المسؤولية مع تنامي طبيعة التحديات التي تواجه المجتمع ويواجهها العالم المعاصر، وعجز الدول عموما عن الوفاء بالحاجات الأساسية لشعوبها أو درء المخاطر المستجدة كالمرض والفقر وغيرها ..


ومن هذا المنطلق ..


فإننا (دينيا واجتماعيا) أولى بتطبيق المسؤولية الاجتماعية وتفعيلها لدى مجتمعنا بصورة عامة ومجتمعنا الرياضي على وجه الخصوص .. لكننا وللأسف الشديد لازلنا بعيدين عن ذلك على الأقل على الصعيد الرياضي ..


لا أنكر ..


أن هناك بعض المحاولات من بعض الأندية لكنها محاولات على استحياء فهي لا تتجاوز مبادرات فردية من بعض المنتمين إليها وأحيانا بمباركة النادي أو دعمه .. وبالتالي لايمكن اعتبارها تطبيقا واقعيا وممارسة لدور إيجابي شامل في هذ الناحية قياسا لعدد الأندية وأيضا لمسؤولية رعاية الشباب والإتحادات الرياضية .. نحن لانريدها أن تماثل ساعات المسؤولية الاجتماعية في الدوري الإنجليزي مثلا والتي تصل إلى 100 ألف ساعة في الموسم الواحد .. وإذا افترضنا أن مدة الموسم عشرة أشهر فمعنى ذلك أن متوسط ساعات المسؤولية الاجتماعية في اليوم الواحد تصل إلى أكثر من 300 ساعة في اليوم الواحد .. لا نريد أن نصل إلى هذا الرقم ولانحلم بالوصول إليه .. ولكن على الأقل أن تمارس أنديتنا دورها وفق متطلبات المجتمع وبما يتناسب وقيمنا الدينية والاجتماعية وإمكاناتنا المادية والبشرية .. حتى لجنة المسؤولية الاجتماعية التي تم تشكيلها ضمن لجان الإتحاد السعودي لكرة القدم وتم إسنادها لدكتور متخصص وممارس وضمت في عضويتها عناصر مؤهلة هي الأخرى لم نسمع عنها غير اسمها عندما تم تشكيلها رغم أنه مضى على ذلك 19 شهرا ..


قبل أيام ..


تم عقد (ملتقى المسؤولية الاجتماعية لقطاع الأعمال تجاه شباب الوطن) .. عنوان مثير .. ويحمل في طياته الكثير .. ويوحي بعمل كبير ومستقبل ينتظر شباب هذا الوطن وفق ما صرح به وأكده رئيس اللجنة المنظمة للملتقى الدكتور ماجد قاروب الذي قال:”إن الملتقى يهدف إلى وضع رؤية عملية تساهم في خلق بيئة اجتماعية شبابية تخدم الملايين من الشباب السعودي في إطار عملي ومؤسساتي منظم خاصة وأن بيئة الشباب والرياضة هي الأرضية الخصبة والمكان الرئيس لنجاح وتطويرأي مشروع سواء كان فكريا أو إجتماعيا أو حتى سياسيا وفي كافة المجالات ..


وعلى المستوى التنظيري أيضا ..


تم دعوة ثمانية وزراء مهمين وممن لهم علاقة بالموضوع من بينهم وزير المالية ووزير التربية والتعليم وأمناء البلديات ومدير والجامعات الحكومية والأهلية ومديرو الشركات المساهمة الكبرى ورؤساء التحرير والكتاب الصحفيين ورؤساء الغرف التجارية ووكلاء الإمارات في المناطق ورؤساء الاتحادات الرياضية .. حسب مصادر الملتقى .. كلام جميل .. ورائع وكبير .. على المستوى التنظيري وينسجم مع أهداف المسؤولية الاجتماعية التي تدعو إلى زيادة الوعي المرتبط بمفهوما لدى أفراد المجتمع، وأهمية الشراكة الفعلية بين القطاعين الخاص والعام والفوائد التي تعود على المجتمع جراء هذه المشاركة وتنمية روح المواطنة لدى الفرد وتوطين الوظائف ..


وعودة إلى الملتقى .. فقد تحدث فيه كل من: ـ


رئيس المؤسسة الخيرية لنادي سندرلاند الإنجليزي .. مايك فارنان ـ رئيس المؤسسة الخيرية لنادي أي سي ميلان الإيطالي في مجال المسؤولية الاجتماعية للأندية والشركات الرياضية فرانك ديفوي .. ـ الرئيس التنفيذي لشركة مجموعة كابيتا سايموندز فرانك ديفوي عن موضوع المنشآت الرياضية ودورها في تطوير المدن والعشوائيات ومكافحة الفقر وخلق فرص العمل وجلب الاستثمارات . ـ الورقة الأخيرة كانت عن رؤية الرئاسة العامة لرعاية الشباب للشراكة مع القطاعين العام والخاص لخدمة الشباب وقدمها الأمير نواف بن فيصل ..


تعمدت أن ..


أذكر المدعوين وأسماء المشاركين وأوراق العمل للتأكيد على أهميتها وماتعنيه المسؤولية الاجتماعية ..! وأيضا .. لأقول حقيقتين هامتين: أ


ولاهما ..


أنني متأكد تماما من أن جميع الذين تم توجيه الدعوة لهم لم يحضر أي منهم هذا الملتقى وأكثرهم لم يحضر ممثل لهم أو مندوب وإن حضر فهو للمجاملة وسيخرج من الملتقى كما دخل إليه .. وهذا واضح من الصور المصاحبة للتغطية الصحفية للملتقى .. بل إن هذه التغطية أو المواكبة الإعلامية كانت محدودة وربما اقتصرت على مطبوعة أو اثنتين أو خبر موجز .. تقديرا لراعي الملتقى أكثر منه للمنتدى نفسه .. أقول هذا من واقع خبرة ومعايشة .. إذ تعودنا ــ وللأسف ــ الشديد في مثل هذه الملتقيات الحضور من أجل المسؤول أكثر مما هو لأجل الموضوع .. وأذكر أنه في أحد اللقاءات الخاصة بقطاعات حيوية ذات مساس بالمواطن امتلأت القاعة في الفترة الصباحية التي كان متواجدا فيها المسؤول الراعي للمناسبة وهو ذو قيمة اجتماعية مرموقة في حين خلت المقاعد في الفترة المسائية إلا من المنظمين .. مما يصيب المحاضرأو مقدم ورقة العمل بالإحباط ..


الثانية ..


ماذا عن أوراق العمل المقدمة بعد انتهاء الملتقى .. بمعنى ماهو مصيرها .. توصياتها .. ؟ لن أقول أخشى .. ولكنني أثق أنها ستحفظ في الأدراج إن كانت مطبوعة .. وقد تضيع إذا كانت أشرطة أو أقراص ذاكرة .. ولو امتد بنا العمر سنوات .. أوجاء غيرنا وطلب هذه الأوراق أوالاستفادة منها أو الاعتماد عليها كمرجع .. ربما لن يجدها .. وسيجد أكثر من موظف أو مسؤل كل يرسله إلى الآخر .. وأنا هنا لا أتكلم عن هذا الملتقى بالذات .. ولكن عن كثير من المنتديات واللقاءات المشابهة .. حتى في غير المجال الشبابي والرياضي .. فقد تعودنا ذلك .. تعودنا على التنظير .. وعلى الحضور من أجل المسؤول .. وعلى تغطية حفل الافتتاح وحفل الختام .. بما يتناسب وحجم ومكانة راعي اللقاء .. الجهات المتبنية للحدث والقائمة عليه والمسؤولة عنه تنتهي علاقتها به بمجرد انتهائه فتحتفظ بأوراقه .. دون متابعة لتوصياته أو قراراته .. والجمهور المستهدف .. ربما كان الأقل تعرضا له والأبعد عن طريق الهدف .. والمستفيد الأكبر هو الجهة المنظمة فنيا وإداريا والقائمين على ها التنظيم .. إن المشكلة التي نعاني منها .. هي في تدني وعينا بأهمية المسؤولية الاجتماعية وأبعادها وافتقادنا لروح المبادرة بتبنيها وتعميمها بالرغم من أن هذه المسؤولية تنبع من قيم ومباديء نؤمن بها .. وهي أساس في حياتنا وتعاملنا فيما بيننا سواء كأفراد أو كمجتمع ..


ومن هنا ..


فإن المسؤولية الأولى علينا تتعلق بتنمية ثقافة الأفراد والمجتمع تجاه المسؤولية الاجتماعية وزرعها في نفوس النشء سواء من خلال تضمين المقررات التعليمية لها أو من خلال النشاطات اللاصفية والبرامج التعليمية وهذه تقع على عاتق وزارة التربية والتعليم ومن ثم مؤسسات المجتمع المدني والجهات الرسمية ذات العلاقة .. إن رصد الجوائز .. وتقديم الهدايا .. وتشجيع القطاع الخاص بهذه العطايا .. لايمكن أن يؤدي إلى تنامي هذه المسؤولية بالشكل المطلوب والمنتظر ما لم ينبع هذا التنامي من رغبة ذاتية في مثل هذا العمل ..


لاشك ..


أن هناك الكثير من مؤسسات وهيئات القطاع الخاص تمارس هذا الدور وبعض من القطاع العام يمارس هذا الدور ولديه إدارات متخصصة في هذا المجال .. لكنها تظل بعيدة عن المجتمع أو الجمهور غير المستهدف نظرا للقصور الإعلامي في مواكبتها والتعريف بها ..


لا أعني هنا ..


أن تتباهى هذه القطاعات بما تقوم به .. ولكن الإعلام عن مثل هذه البرامج هو نوع من نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وتعميمها على أفراد المجتمع .. كما أننا بحاجة إلى استحداث إدارات خاصة للمسؤولية الاجتماعية في هيئات القطاع العام وتفعيل دورها .. وفي المجال الرياضي .. نحن أحوج ما نكون لممارسة هذا الدور والتأكيد عليه سواء من خلال الجهة الرسمية أو عبر التنظيمات الأهلية كالاتحادات الرياضية أو الأندية باعتبار الرياضة أرضاً خصبة لتنامي مثل هذا النشاط فيها ولأنها الأقدر والأسرع في توصيل الرسالة إلى المجتمع. والله من وراء القصد.