كانت الأيام الماضية حافلة بطروحات وتغريدات وحضور فضائي خارجة في كثير منها عن النص متجاوزة القضية الأهم.. وهي مناقشة الحدث إلى شخصنته ــ إن صح التعبير ــ وتناول الأطراف في ذواتهم أكثر من مناقشة فكرهم ورؤاهم. وكشفت بعض القضايا المطروحة عن هذا الفكر بل وأكدت حقيقته. ولعل من أبرز هذه القضايا (ماجد عبدالله والمناهج التعليمية ود.حافظ المدلج والإعلاميين) هاتان القضيتان وغيرهما كثير من القضايا أخذت أكبر من حجمها وأشعلت أو تم إشغال الرأي العام بها على حساب قضايا أكثر أهمية، وزادت من احتقان الشارع الرياضي وتوتر العلاقة بين المنتمين إليه. ماجد والمناهج التعليمية.. الزميل مشعل الوعيل طرح موضوعا في العدد رقم 8934 بتاريخ 16ـ3ـ2012 من هذه الصحيفة الصادر يوم الجمعة الماضية، وهو موضوع يحسب للزميل مشعل وللصحيفة، تناول فيه الحدث من كافة جوانبه وهو في نظري أفضل من كتب عنه حيث تفوق فيه على الذين تطرقوا للموضوع حتى بعض إعلاميين يفوقونه خبرة وربما تجاوزت خبرتهم في هذا المجال العمر الزمني لمشعل. وزارة التربية والتعليم والمتهم الأول كانت الحاضر الأبرز في هذا الموضوع عبر إدارة المناهج التي أكدت على لسان مديرها العام ومن خلال تصريح فضائي على أن (ماجد عبدالله) لم يكن الوحيد الذي تضمنه مقرراللغة الإنجليزية فهناك نجوم رياضيون آخرون مثل سامي الجابر والدعيع وياسر القحطاني ومن أبطال القوى حسين السبع وهادي صوعان وأيضا السباح المعاق البطل عبدالرحمن الحمدان بطل العالم في السباحة لذوي الاحتياجات الخاصة والشاب فاروق الزومان الذي تسلق قمة افرست وغيرهم من النجوم ورجال المجتمع.. وهي الملحوظة التي أشرت لها في مقالي (في منتصف الأسبوع) الماضي ولم أكن أعلم عن وجودها ضمن المقرر المذكور. لكن السؤال الذي يبرز في هذا الوقت.. لماذا ماجد عبدالله بالذات؟ وأعني.. لماذا طفا اسم ماجد فقط إلى السطح وكأنه الوحيد الذي دخل المناهج التعليمية أو أنه الوحيد الفعل؟ ولماذا لم تتم الإشارة إلى أسماء أخرى؟ وما هو موقف وزارة التربية والتعليم؟ ما يتعلق بماجد.. دون أدنى شك فإن الذين تناولوا الموضوع في البداية كانوا أحد أمرين : ــ إما.. أنهم مدركون في قرارة أنفسهم أن المقرر التعليمي قد تطرق إلى نجوم آخرين لكنهم أرادوا فرض نجمهم المفضل على حساب الآخرين.. وهذا الأمر مستبعد ولا أظنهم كذلك بل أربأ بهم عنه. ــ أو.. إنهم وصلت إليهم المعلومة من أطراف أخرى أخفت عنهم نصف الحقيقة.. فوقعوا ضحية لذلك.. ومن الطبيعي أن تكون ردة الفعل بهذه الصورة وأن تتوالى الأفعال وردود الأفعال لأن الجميع لا يدرك الحقيقة كاملة.. وخرج الموضوع عن نقاش موضوعي يفترض أن يصب في المصلحة العامة ونصل من خلاله إلى الحقيقة إلى تصفية حسابات شخصية بين أطراف استخدمت (ماجد) كأداة لهذا الغرض وهو منها براء ولا يستحق ذلك.. ونجوميته وتأريخه التي تحدثت عنها (في منتصف الأسبوع الماضي) أكبر من أن يتم توظيفه في أمور كهذه. والحالة نفسها لو حدث العكس.. بمعنى لو أن المعلومة التي وصلت عن ماجد كانت عن لاعب آخرمن ناد منافس مثل سامي أو ياسر.. ووصلت إلى المنتمين إليه أو المحبين له لبادروا إلى تبنيها والثناء عليها.. ولن تكون ردود الفعل بأحسن حال وإنما ستدور في ذات الإطار. حتى الزميل والصديق الأستاذ داود الشريان عندما تطرق إلى الموضوع في برنامجه الناجح (الثانية مع داود) في إذاعة mbc fm وهو المعروف عنه وعن برنامجه الحرص على مناقشة أي قضية من جميع الجوانب بجرأة ومصداقية.. اكتفى باستضافة ماجد عبدالله مع بعض المداخلات.. فيما كان المفروض أن يتم استضافة مسؤول من إدارة المناهج في وزارة التربية والتعليم وهي الطرف الأساس في القضية لتوضيح وجهة نظر الوزارة وإظهار الحقيقة. أجزم.. إنه لو تم ذلك.. ولو أن الموضوع تمت مناقشته كما ناقشه الزميل مشعل الوعيل لما وصل الأمر إلى ما وصل إليه، ولكان التعامل معه طبيعيا من كل الأطراف وأشاد الجميع بخطوة الوزارة هذه بدلا من وضعها في قفص الاتهام. حافظ والإعلاميون تطرق الدكتور حافظ المدلج كأحد ضيوف برنامج المجلس في قناة الدوري والكأس القطرية إلى مرافقة بعض الإعلاميين لبعض رؤساء الأندية واستفادتهم منهم.. إلخ هذا التصريح من أبي راكان أثار حفيظة كثيرمن الصحافيين الذين شنوا هجوما كبيرا عليه مطالبينه بتحديد هويات هؤلاء وبإقصائه عن الهيئة واعتذاره.. الخ حتى أن أحد المحامين أعلن استعداده لتبني قضيتهم والمرافعة عنهم حيال هذه التهمة.. ردة الفعل هذه.. هل المقصود بها درء التهمة بالفعل أم أن (رأس حافظ) هو المطلوب؟ ووجدوا في هذا التصريح فرصة للمطالبة به لدرجة أن البعض (أقحم) رابطة دوري المحترفين وأعمالها وبرامجها في الموضوع وربطوا بين نجاحاتها وسلبياتها وبين التصريح. لست هنا في مجال المدافع عن حافظ فهو أولى بالدفاع عن نفسه.. وقد يكون أخطأ في هذا التصريح سواء في نصه.. أو توقيته.. أو مكانه، وفي كل الأحوال فهو مسؤول عن كل كلمة يقولها أو يتحدث بها. لكنني أتناولها كحالة تظهر من خلالها كيفية تناولنا للأحداث. حالة د.حافظ سبقها حالة مشابهة وأعقبتها أخرى.. لكن أيا منهما لم تنل مانالته من حيث ردود الفعل والتناول. الحالة السابقة.. اللاعب الدولي السابق سعيد العويران سبق له أن تحدث بشيء من هذا واتهم بعض الإعلاميين حسب ما أكده الزميل فهد المطيويع في مقاله الأسبوعي في هذه الجريدة يوم السبت الماضي من أنه ــ أي سعيد ــ قال بذلك في مقابلة معه في برنامج تلفزيوني وسمى هذه الحالة بأنها (سرفسة) على حد تعبير سعيد العويران كاسم دارج في الأوساط الرياضية بمعنى إدفع تجد مايسرك.. ويبدو ــ والكلام من عندي ــ أنها مشتقة من الكلمة الإنجليزية Service بمعنى خدمة.. ومع ذلك لم تتحرك ثائرة هؤلاء الإعلاميين بنفس الصورة التي تحركت بها ضد حافظ ولم يخرج من يعلن استعداده للدفاع عنهم. الحالة اللاحقة الخميس الماضي عندما أشار الدكتور مدني رحيمي في برنامج تلفزيوني (الملف الأحمر) إلى أن هناك اتفاقيات بين أندية الدرجة الثانية والثالثة للتلاعب بالنتائج، لكن الدكتور مدني لم ينله مانال الدكتور حافظ ولم ينبر أحد للدفاع عن هذه الأندية ودرء التهمة عنها. حافظ.. أطلق اتهاما عاما لم يحدد فيه أفرادا أو أشخاصا معينين.. وحتى لاأكون محسوبا على وجهة نظر دون أخرى أقول إن من حق أي إعلامي يرى أنه مقصود بالاتهام أن يرفع قضية على الدكتور حافظ ويطالبه بحقه.. فهذا الأمر مكفول له.. ومدني رحيمي.. أطلق اتهاما بحق أندية وكيانات وبالتالي فهو يمس المؤسسة الرياضية.. أو جهات تنتمي لها خاصة أن الحديث كان يدور حول (الفساد الرياضي) حالة ماجد عبدالله والمناهج التعليمية.. وحالة حافظ المدلج ومدني رحيمي.. وغيرها من الحالات.. تؤكد أننا لانتعامل مع كثير من قضايانا الرياضية من منطلق تحليل القضية وفهم أبعادها بهدف تحقيق المصلحة العامة بقدر ما (نشخصن) ــ إن صح التعبيرــ القضية ونتعامل معها من منطلق النظر إلى أطرافها سواء كانت هذه الأطراف أفرادا أو كيانات. ننظر للاعب من خلال اسمه والنادي الذي يلعب له. أما عطاؤه داخل الملعب.. أخلاقه.. نجاحاته.. تأريخه.. مشاركاته مع المنتخب.. لانضعها في الاعتبار عند تقييمنا له أو الحديث عنه.. أو حتى تقديره ننظر للنادي من حيث ميولنا تجاهه.. أما تأريخه.. بطولاته.. مشاركاته.. تمثيله للوطن.. نتائجه الحالية.. فهي أبعد ماتكون عن اهتماماتناعند تقييمه والحديث عنه وعن منسوبيه. الآراء.. الأفكار.. الرؤى والطروحات.. لاننظر إليها من حيث مضامينها.. ولانناقشها من حيث إيجابياتها وسلبياتها.. بقدر ماننظر إلى مصدرها ومدى اتفاقنا أو اختلافنا معه في الميول والتوجهات. حتى المنتخب.. أصبحت نظرتنا إليه تنطلق من نفس المضامين.. سواء تجاه إدارته.. أو لاعبيه.. أو تشكيلته ولهذا فلا غرابة أن يصبح خطابنا الإعلامي الرياضي غير واضح المعالم ولا محدد الأهداف.. ولا غرابة إن خرج عن النص.. وأصبح المتلقي يدرك مسبقا إذا ما كان بإمكانه أن يتوقف عند هذا البرنامج أو يتجاوزه بمجرد ما يقرأ اسمه أو يتعرف على ضيوفه.. وما أكثر التجاوز وأقل التوقف ومع ذلك.. نطالب المسؤول أن يستمع إلى صوتنا وآرائنا ومقترحاتنا.. ونحن لم نستطع توصيل هذا الصوت إليه.. والله من وراء القصد.