|


عبدالله الضويحي
وباعوه بثمن بخس
2012-01-03
(وشروه بثمن بخس دراهم معدودة..)
أم..
(باعوه بثمن بخس..)؟
لا فرق...
سواء هذه أو تلك..
فهو خير ماينطبق على الدوري السعودي أو دوري زين للمحترفين وحقوق النقل التلفزيوني التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي بعد عدة أشهر من الغموض والكثير من التساؤلات عن الرقم والكثير أيضا من التوقعات والتحليلات المالية وبعد عدة أشهر من الترقب والانتظار.
450 مليون ريال لثلاث سنوات وهو الرقم المعلن والمحدد لايرتقي أبدا إلى القيمة الحقيقية لهذا الدوري.
ولايرتقي أبدا إلى مستوى طموحات وتطلعات الأندية ولاحتى القائمين عليه..
المعروف..
أن القيمة الأسمية وحتى الفعلية لأي منتج تتنامى مع الزمن وتتناسب طرديا مع تنامي عجلة الاقتصاد المحلي وأرقام الميزانية خير دليل على ذلك.
وكل المنتجات أيا كان مصدرها ونوعها طالها جنون الأسعار وارتفاعها.. سواء كان هذا الارتفاع مبررا أو غير مبرر وبحجة ارتفاع الأسعار وفق حلقة دائرية.
وحده الذي سار بصورة عكسية وانخفض سعره وقيمته.. هو الدوري السعودي
والرقم (450 مليون ريال عن ثلاث سنوات) بواقع 150 مليون ريال عن كل سنة وهو الرقم نفسه عن آخر موسمين لايعني أنها لم تتغير أعني قيمة الدوري.
والذي يقول بغير ذلك أو يظنه أحد أمرين :
ـ إما..
أنه لايدرك كنه الدوري السعودي والتبدلات أو التغيرات التي حصلت فيه ولغة الأرقام وما تعنيه.
ـ أو..
أنه يدرك ذلك لكنه يريد أن يمرر قناعات معينة ويسعى لفرض هذه القناعات تحت غطاء (نفس المبلغ السابق) وهو غطاء مكشوف.
وحتى لو سلمنا بذلك كله وهو أمر صعب.. فإن الذي لايمكن القبول به هو عدم إدراك واضع الرقم لدورة الاقتصاد وعلاقة سعر المنتج بهذه الدورة.
وطالما أننا نتحدث عن الأرقام وأن واضعي هذا الرقم هم الأقرب لهذه اللغة فكرا وتعاملا.. دعونا نتحدث بهذه اللغة عبرمقارنة سريعة ومختصرة عن دوري زين الآن وماكان عليه سابقا.
ــ عدد الفرق:
زاد عدد فرق الدوري من 12 فريقاً إلى 14 فريقاً بنسبة تزيد عن 8%.
عدد المباريات:
ـ زاد عدد مباريات الدوري من 132 مباراة إلى 182 مباراة بنسبة 38% تقريبا (حوالي 40%).
وهذا يعني بكل بساطة وبلغة المنطق تنامي عدد الجمهور المستهدف الذي يساهم في ارتفاع سعر المنتج.. وفق قاعدة اقتصادية معروفة في ألف باء الاقتصاد والتسويق.. أنه كلما ازداد الطلب على المنتج كلما ارتفع سعره.
هذا التنامي في الجمهور المستهدف يأتي عبر أكثر من محور:
ـ جماهير الفريقين الصاعدين إلى دوري المحترفين (المضافين أخيرا).. بل ربما أيضا جماهير المنطقة التي ينتمي لها هذان الفريقان وهو رقم لايستهان به سينضم إلى الجماهير السابقة ويرفع رقم المتابعين.
ـ الجماهير السابقة ستزداد متابعتها بحكم زيادة الفرق وعدد المباريات لفريقها.
ـ دخول جيل جديد إلى الجمهور المستهدف إما بحكم بلوغه سن معينة تزيد من اهتماماته وتسمح له بالذهاب إلى الملاعب الرياضية بصورة فردية ومتابعة المباريات.. أو حصوله على مداخيل ذاتية (راتب) بحكم التحاقه بالدراسة الجامعية أو الحياة العملية..
كل هذه العوامل تؤكد زيادة الجمهور المستهدف ومن ثم تناميه مع مرور الوقت أو السنوات مدة العقد.
هذا التنامي ولاشك ينعكس بأثره على التسويق الإعلاني للناقل الحصري.
هذه الأرقام..
وهذه الاستنتاجات..
تؤكد..
أن الدوري لم يتم بيعه بنفس قيمته السابقة كما يعتقد البعض وهو مايبدو ظاهريا.. وإنما بقيمة تقل كثيرا عن ذلك.
لست خبيرا اقتصاديا.. ولا أفهم في نظريات الاقتصاد وقواعد الاستثمار لأطرح الرقم المناسب الذي يقدره بعض خبراء التسويق والمتخصصين في هذا المجال بأضعاف هذا الرقم إلى خانة الأصفار التسعة.. لكنني سأتحدث وفق مفهومي البسيط والمحدود المبني على المعطيات السابقة.
فهذا الرقم يفترض أن يرتفع بنسبة لاتقل عن 50% إذا كان نفس العدد من الفرق..
لكن..
في ظل تنامي عدد الفرق وانعكاس ذلك على عدد المباريات والجمهور المستهدف يفترض أن لاتقل الزيادة عن 100%
الدولة أم الفرد..
تلك ناحية..
أما الأخرى.. والأكثر أهمية..
فدعونا نتابع تسلسل العقد وقيمته..
ــ في البداية تم توقيع العقد مع شركة أوربت كأول ناقل حصري للدوري السعودي بـ8 ملايين ريال فقط عن السنة الواحدة.. وكان ذلك قبل عشر سنوات وتحديدا في عام 2001
ــ ثم تم طرحه في منافسة عامة ودخلت art إلى جانب أوربت في المنافسة لتفوز art بالعقد وبقيمة 300 مليون ريال عن ثلاث سنوات (بواقع 100 مليون عن كل سنة) أي ضعف العقد السابق بـ12.5 مرة.. أي بنسبة 1250%.
ــ تم التجديد لـ art مباشرة وبدون منافسة مع آخرين وبقيمة 300 مليون ريال عن سنتين (بواقع 150مليون عن كل سنة) أي بزيادة 50% عن العقد السابق وزيادة عن أول عقد بـأكثر من 1900% ثم باعته من الباطن لقناة الجزيرة.
ــ وفي هذه المرة تم بيع الدوري وبدون منافس أيضا للقناة الرياضية السعودية وبمبلغ 450 مليون ريال عن ثلاث سنوات..
وهي نفس قيمة العقد السابق كرقم.. لكن كمضمون ومفهوم فهي تقل كثيرا عنه كما أشرت قبل قليل.. إذ يفترض في ظل هذه التطورات والتنامي أن يسير بنفس معدله السابق في الزيادة إن لم يرتفع المعدل إلى مايزيد عن المليار ريال.. وهو ماكانت تشير إليه التوقعات من خلال أحاديث وأخبار تم نشرها قبل إعلان هذا الرقم من أن الاتحاد السعودي لكرة القدم لن يرضى بأقل من 200 مليون ريال عن السنة الواحدة..
وأن هناك أرقاما أخرى قد تم تداولها حول قيمة بيع الحقوق.. مما يؤكد أن هذا المبلغ لايحقق آمال وطموحات أصحاب الشأن
وكلنا ندرك.
أن هذه الأندية أو على الأقل الجماهيرية منها لو كانت تملك ملاعب خاصة بها ذات طاقة استيعابية تماثل على الأقل ملعب الأمير فيصل بن فهد أو مثل أندية الدول المجاورة على أقل تقدير وتم السماح لها بتسويق مبارياتها نظاما كما هو معمول به في جميع أنحاء العالم لحققت عوائد ربحية وعائدات تعادل أضعاف ما تحصل عليه من عائدات النقل التلفزيوني الذي يذهب لاتحاد القدم ومن ثم يتم توزيعه على هذه الأندية وفق نسب معينة لاتتناسب مع عطائها والمردود الذي يجنيه الاتحاد من ورائها ومن خلال هذا العقد وبيع حقوق الدوري الذي تمثل الأندية حجر الأساس فيه.
إن الذي يدفعنا لهذا الحديث عاملان مهمان :
الأول:
تنامي الجمهور المستهدف ــ كما أشرت ــ واتساع قاعدة التسويق والنمو الاقتصادي بصورة عامة.
الثاني:
ارتفاع مداخيل الدولة (وهي التي ستدفع قيمة العقد) وإعلانها لأضخم ميزانية في تاريخها..
فهل القطاع الخاص أقوى من القطاع العام؟ ونحن نلحظ التفاوت والتقارب في قيمة العقد..
بل..
هل الأفراد أقوى من الدولة؟.. ونحن نعرف أن الناقل السابق هو شركة ذات ملكية فردية.
ما يدفعنا لهذا التساؤل هو تفاوت النظرة بين القطاعين في التوجه والهدف.
القطاع الخاص ينظر للموضوع من ناحية ربحية بحتة ويحسبها بالمسطرة والقلم..ويدرك أبعاد خطواته.
أما الدولة فهي تستثمر في أبنائها وبالتالي فهي لا يعنيها الرقم قدر ما يعنيها المردود على مواطنيها وشبابها.
وعندما تدفع الدولة أو غيرها لشراء حقوق النقل فإنها في النهاية تصب في مصلحة شبابها وإشغالهم بما يفيدهم وينفعهم من خلال وصولها (أي هذه المبالغ) للأندية القائمة على رعاية هؤلاء النشء والاهتمام بهم..
المشكلة..
أن الأندية.. وهي الحلقة الأهم في هذه المنظومة وهي الأساس في كل العملية لا رأي لها في الموضوع.
كل شيء يقام نيابة عنها في المفاوضات والأرقام وغير ذلك.. لتظفر في النهاية بالفتات تقتات عليه بعد أن تبح أصواتها مطالبة بحقوقها.
وتتفطر أقدامها سعيا وراء ذلك..
وتتعب من مد يدها كأنما تتسول..
لذلك..
لاغرابة عندما تعجز هذه الأندية عن الوفاء بالتزاماتها.
ولا غرابة إن عجزت عن تسجيل نجوم يتناسبون وطموحاتها.
ولا غرابة إن تجاوزنا اللوائح وكسرنا القوانين التي كنا نطالب الأندية بأن تحترمها وتلتزم بها.. فنعينها على عدم الالتزام ونمهد لها الطريق إلى ذلك..
والله من وراء القصد.
30 عاما..
بيننا وبينهم..
قبل أيام أصدر نادي اياكس الهولندي قرارا بحرمان أحد مشجعيه من دخول ملعب النادي وحضور المباريات التي تقام فيه ومنطقة الملعب لمدة ثلاثين عاما.. وأبلغ محامي ذلك المشجع بالقرار.
هذا الشاب البالغ من العمر 19 عاما اقتحم الملعب في الدقيقة 37 من مباراة بين اياكس وفريق الكمار على ملعب الأول ضمن الدوري الهولندي، واعتدى على الكوستاريكي استبيان الفارو حارس مرمى الكمار متحديا قرارا سابقا بمنعه من الدخول.. وسيظل بالحجز مدة 14يوما حسبما قضت هيئة القضاة.
تذكرت هذا الخبر وأنا أتابع قصة ذلك المشجع الاتحادي الذي اقتحم مباراة الشعلة والهلال ثم شوهد بعد عشرة أيام في مباراة الرائد والاتحاد في ملعب مدينة الملك عبدالله في بريدة وبصورة موثقة لاتقبل الجدل.. وبين المباراتين خرج في برنامج تلفزيوني يؤكد هويته مما يعني أنه ظل بعيدا عن المساءلة بالرغم من تصرفه وسوء هذا التصرف.
وبالرغم أيضا من تأكيد الجهات الأمنية المسؤولة أن الجماهير الذين أحدثوا الفوضى هم في قبضتهم ولن يفلتوا من العقاب ولن يتم التسامح معهم أوقبول الوساطات فيهم، ويبدو أن هذا الشاب قد تعود على مثل هذه التصرفات أو أنه أمن العقوبة.
هذا المشجع لايمثل بأي حال من الأحوال الاتحاد كناد.. وإن انتمى إليه تشجيعا، ولايمكن أن يحاسب الاتحاد النادي بسوء تصرفه.
وهو الكلام الذي سبق أن قلته أكثر من مرة وأكدت عليه.. وإمكانية أن يستغل بعض المشجعين أي مناسبة للإساءة لناد معين بارتداء شعاره ونزول الملعب لتتم معاقبة النادي وهو مايفعله هذا المشجع.
على أننا يجب أن نتوقف أمام تصرفات هذا الشاب من ناحيتين :
الأولى:
وهو ماسبق أن تحدثت عنه (في منتصف الأسبوع) الماضي أن مثل هذه التصرفات يجب أن لاتحسب على الأندية إذا كانت تصرفات فردية، ويفترض أن ينال هؤلاء جزاء رادعا تجاه هذه التصرفات كما تحدثت عن العقوبات الاجتماعية في هذا الصدد.
الثانية:
حتى وإن تمت معاقبة أمثال هؤلاء وهذا المشجع بالذات.. فإن الواجب يفرض علينا دراسة حالته ومساءلته عن السبب في مثل هذه التصرفات حتى لاتتكرر.. فهي تصرفات لم تنتج عن فراغ.
ربما كانت تصرفات شباب طائش وتحد على مبالغ مالية كما حصل مع شاب سابق من قبل في أول حادثة من نوعها.
ربما كانت ردة فعل على مواقف معينة.. ربما كان الفراغ والبطالة.. وربما كانت هناك أسباب أخرى.
المهم..
أن لاتمر مثل هذه التصرفات بهذه السهولة ودون أن يتم التعامل معها بما يمنع حدوثها مرة أخرى.

لجنة الانضباط
بعد أحداث مباراة الشعلة والهلال في كأس ولي العهد أعلنت لجنة الانضباط أنها لن تتخذ أي قرارات وأن الأمر لايعنيها بعد تدخل جهات معينة في الموضوع.
أمس الأول..
أصدرت اللجنة عقوبات مالية بحق طرفي اللقاء.. بسبب تصرفات جماهيرهم وبناء على تقرير الحكم.
لن أتحدث عن العقوبات.. لكنني أتساءل:
ما الذي جعل اللجنة تغير رأيها؟
إذا كان الأمر لايعنيها فلماذا أصدرت هذه العقوبات؟
وإذا كان يعنيها فلماذا نفت في البداية؟
ألم يكن من المفروض أن لاتستعجل في المرة الأولى وتترك الوضع للظروف بدلا من تناقض مواقفها مما يفقدها المصداقية أمام الجماهير ويضعها في مواقف هي في غنى عنها؟..
والله من وراء القصد.