شهد هذا الموسم ثلاث حالات أكدت (بعضاً من ثقافة) الاحتراف لدينا ومفهوم العلاقة بين النادي واللاعب منجهه.. والنادي وجماهيره من جهة أخرى..
هذه الحالات هي:
أسامة هوساوي..
لاعب الهلال الذي أكد رغبته الحقيقية في ترك ناديه والاحتراف خارجيّاً وتحديداً في أوروبا..
سعد الحارثي..
الذي انتقل من ناديه النصر إلى الهلال بعد انتهاء مدة عقده..
محمد نور..
لاعب الاتحاد الذي سعى للاحتراف الخارجي في نادي الجيش القطري..
هذه الحالات الثلاث ليست الأولى منذ تطبيق الاحتراف قبل عشرين عاماً لكنها الأبرز والأكثر إثارة، فقد سبقها انتقال عدد من اللاعبين من أنديتهم إلى أندية أخرى ومن أبرزهم:
ــ فهد الغشيان من الهلال إلى النصر..
ــ أحمد الدوخي وخميس العويران من الهلال إلى الاتحاد..
ــ أحمد الدوخي من الاتحاد إلى النصر..
ــ فؤاد أنور وفهد المهلل من الشباب إلى النصر..
ــ مالك معاذ من الأهلي إلى النصر..
ــ خالد عزيز من الهلال إلى الشباب..
ــ حسين عبدالغني من الأهلي إلى النصر..
ــ وليد عبد ربه ونايف القاضي.. من الأهلي إلى الشباب..
ــ خالد قهوجي وإبراهيم سويد من الأهلي إلى الاتحاد..
وغيرها من الحالات التي لا مجال لذكرها والحديث هنا عن نجوم جماهيرية في أندية جماهيرية..
وجميع الحالات التي أشرت إليها باستثناء أحمد الدوخي عند انتقاله من الهلال إلى الاتحاد تمت بقناعة تامة من جميع الأطراف وربما برضى جماهيري أيضاً.. وربما لعدم قناعة الطرف الأول وعدم رغبته في استمرار اللاعب معه، ولذلك لم تحدث مثل هذا الضجيج وردود الفعل التي أحدثتها الحالات الثلاث التي أشرت إليها في البداية..
بدايةً..
سنتوقف عند كل حالة من هذه الجالات الثلاث، ثم نتحدث بصورة عامة وبشيء من التفصيل:
أسامة هوساوي..
يعتبر أسامة هوساوي واحداً من أبرز نجوم الكرة السعودية في العصر الحاضر وفي مركز هام وحساس (قلب الدفاع)، وساهم بدور كبير في الذود عن مرمى المنتخب ومرمى ناديه الهلال وهو القادم إليه من الوحدة.. ويتمتع بخلق رفيع..
أسامة.. أبدى رغبته الحقيقية والجدية في خوض تجربة الاحتراف الخارجي وفي أوروبا تحديداً بعد أن تلقى عرضاً بذلك كما قال..
وقد تخوف الهلاليون من أن يكون ذلك خطوة للانتقال إلى نادٍ منافس من المنطقة الغربية عن طريق (الكوبري) مما جعلهم يترددون في الموافقة على رغبته ورفع قيمة عقده كأعلى قيمة عقد للاعب سعودي ووقعوه على تعهد يلزمه بالعودة إلى الهلال عند انتهاء تجربته الخارجية بعد رفضه للعقد.. مع أن مثل هذا التعهد في نظري لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا أعتقد أنه صحيح من الناحية القانونية أو يلزمه بالعودة إلى الهلال.. وفي النهاية لم يجدوا بداً من الموافقة والاستسلام لرغبته بعد إصراره على ذلك..
والحق يقال..
فقد كان أسامة مثاليّاً عندما احترم عقده مع الهلال حتى نهايته.. وعندما أعلن أيضاً بكل صراحة ووضوح رغبته في الانتقال دون مماطلة أو التفاف على الموضوع..
كما كان الهلال مثاليّاً أيضاً في تعامله مع أسامة عندما احترم رغبته ولم يمارس عليه المزيد من الضغوط تاركاً له حرية الانتقال وتحديد الوجهة التي يريد..
لكن السؤال..
هل درس أسامة قراره هذا من كافة جوانبه؟..
وهل فكر في إمكانية تحقيقه بما يتوازى مع طموحاته؟..
هل حصل فعلاً على عقد خارجي أم أنه سيبحث عن ذلك ويبدأ تسويق نفسه؟..
شخصياّ.. ومع احترامي لقدرات أسامة هوساوي ولإمكاناته الفنية والتزامه فإنني أعتقد أنه سيجد صعوبة في الحصول على عقد يتناسب مع طموحاته أو على الأقل يقارب هذه الطموحات..
فالأندية الإنجليزية تشترط أن يكون تصنيف منتخب الدولة التي ينتمي إليها اللاعب الراغب الاحتراف في أنديتها ضمن الـ70 منتخباً في تصنيف المنتخبات العالمية..
وهذه لا تنطبق على أسامة..
والأندية الأوروبية الأخرى لها نظرة معينة في اللاعب وكيفية استقطابه..
ولا شك.. أن نتائج الكرة السعودية في السنوات الأخيرة سواء على صعيد المنتخب أو الهلال في البطولة الآسيوية انعكست بأثرها على أسامة وتصنيفه كلاعب دولي.. كما تأثر مستواه في الموسم الأخير عنه في مستويات مضت..
وعلى هذا الأساس..
قد لا يجد أسامة العقد المناسب الذي يحقق طموحاته سواء الفنية أو المالية.. وقد يرضى بأندية متواضعة وعقد مالي أقل في سبيل خوض مثل هذه التجربة التي ربما فتحت له الأبواب إذا ما أحسن استثمارها.
سعد الحارثي..
ربّما كان سعد الحارثي أكثر اللاعبين وضوحاً وصراحة في تحديد أسباب الانتقال وعدم ربطها بالأمور المالية قدر ارتباطها بالناحية النفسية والفنية..
وقد أكد سعد أنه تلقى عرضاً من ناديه النصر للبقاء فيه يفوق العرض المقدم له من الهلال, ومع ذلك قرر الانتقال لأنه -كما يقول- يبحث عن بيئة أفضل..
لن نبحث في المشاكل وقصة اللاعب مع ناديه السابق، لكن لابد من الإشارة إلى أن سعد الحارثي الذي كان ذات يوم اللاعب رقم واحد في النصر.. أصبح في مركز متأخر من حيث الاهتمام به..
انتقال سعد أحدث ردود فعل كبرى لدى جماهير الفريقين فبعض جماهير النصر كان ترفض التخلي عنه وترى فيه أمل النصر وقائده وتتمسك به..
وبعض جماهير الهلال في المقابل كانت أيضاً ترفض القبول به وتتحفظ عليه..
وكلا الفريقين لا تخلو نظرته من العاطفة بعيداً عن الأمور الفنية.
أما رد الفعل الرسمي لدى النادين متمثلاً في الإدارتين فقد كان مثالياً، والحق يقال وتعامل مع الحدث بصورة احترافية.
إدارة الهلال.. كانت ذكية في تعاملها مع العقد، حيث اعتبرت الستة أشهر الأولى بمثابة تجربة يتم على ضوئها استمرار العقد مدة سنتين ونصف السنة.. أو ينتهي عن هذا الحد.
هذا الموقف.. وضع الكرة في ملعب سعد الحارثي الذي يتحمل وحدة مسؤولية نجاح الصفقة من عدمها.. وإثبات أنه صفقة ناجحة.. وأن قراره كان صحيحاً وهو يترك ناديه السابق وينتقل إلى النادي المنافس.
محمد نور..
لا أحد يشك في موهبة محمد نور كلاعب يملك إمكانات مهارية وفنية عالية, وهو من اللاعبين القلائل الذين يتمتعون بصفة القيادة ويملكون القدرة عليها..
لا أعني هنا ما تم التعارف عليه بالـ(Captin) داخل الملعب وخارجه بقدر ما أعني القيادة داخل الملعب (The leader)، وإذا كان محمد نور في كامل جاهزيته وحضوره الذهني فإنه يمثل فريقاً بكامله تصعب مراقبته والحد من خطورته وقدرته على صناعة التفوق لفريقه.. سواء كان ذلك على مستوى ناديه أو في المنتخب.
في المواسم الأخيرة أصبح نور لاعباً مثيراً للجدل، ويذهب البعض إلى وصفه بمثير للمشاكل داخل ناديه..
دخل المنتخب بعد ضغوط جماهيرية وإعلامية، وكأنه (المنقذ) وخرج منه بقناعة جماهيرية وإعلامية بأن قرار عدم اختياره لم يكن خاطئاً.
يرى البعض ومن الاتحاديين أنفسهم أنه ترمومتر الاتحاد.. وأن نتائج الفريق أصبحت مرتبطة بحالة نور الفنية والمزاجية.
وأنه يملك مفاتيح الفريق لا يعلمها إلا هو.
ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك.. إلى النادي ككل.
في إقالة المدربين.. وإبعاد الإداريين.. واللاعبين.. ويعيد البعض للأذهان صورته ذات يوم عندما دخل النادي يتوكأ على عصا رأى البعض أن له فيها مآرب أخرى.
السؤال:
إذا كان هذا صحيحاً.. فلماذا وصل الأمر مع محمد نور إلى هذه المرحلة؟..
وإذا لم يكن..
فلماذا يقال هذا عنه؟..
محمد نور لوح هذه الأيام بورقة الاحتراف الخارجي في نادي الجيش القطري.. وجاءت ردود الفعل الجماهيرية المطالبة بثنيه عن هذه الخطوة وربما الضغوطات الخارجية على الإدارة..
والسؤال الأكثر أهمية:
هل هي خطوة حقيقية ورغبة في الانتقال؟..
أم.. ورقة ضغط من نور يدرك من خلالها ردة الفعل الجماهيرية ليعود وهو أكثر قوة بعدما شعر أن هناك أيادي ترى في بقائه تهديداً لوحدة الفريق وانسجامه؟..
ما الذي دعا الرئيس الاتحادي محمد بن داخل بالإصرار على أن يعلن محمد نور بنفسه عن ذلك في مؤتمر صحفي على الملأ؟..
بصراحة..
ومع احترامي لنادي الجيش القطري.. أرى ومن وجهة نظر شخصية أنه لا يمثل طموحات محمد نور فهو يحتل المركز الثامن في الدوري القطري، وكان إلى ما قبل موسمين ضمن أندية الدرجة الثانية.. وإمكانات نور أكبر من ذلك.. بل ربما تفوق الكرة الخليجية إذا ما كان في كامل حضوره وجاهزيته إلى الكرة الأوروبية.. مما يعزز تساؤلنا عن السبب.
ما يهمنا هنا أكثر..
هو ردة الفعل الجماهيرية على انتقالات هؤلاء اللاعبين.. سواء هذا الثلاثي أو غيرهم ورفضهم للفكرة خاصة عندما يتمتع اللاعب بالنجومية.. أو يكون انتقاله لنادٍ منافس.. ونظرتها للاعب وكأنه ملكية خاصة للنادي.. بل ونظرة بعض الإدرات لذلك.
في نظري أن هناك سببين رئيسين:
الأول:
أن الأندية لدينا لم تستطع تنمية علاقاتها بجماهيرها بحيث يرتبط تشجيعها بالنادي مهما تعاقبت الأجيال وتغيرت..
معظم الجماهير لدينا.. هي جمهور لاعب أكثر منها جمهور نادٍ..
ولذا تنساق بعواطفها مع هذا اللاعب.. وقد تقف في صفه ضد النادي أو إدارته أو المدرب بما يعزز من نفوذه وتأثيره على مسار القرار في النادي أو يشجعه على تحقيق ذاته ومصلحته الشخصية على حساب مصلحة النادي.
كثير من جماهير الأندية انقطعت صلتها بأنديتها واهتمامها بمجرد اعتزال لاعبها المفضل.
وجماهير أخرى تبدلت ميولها وتشجيعها مع انتقال لاعبها المفضل إلى نادٍ آخر حتى ولو كان النادي المنافس.
نحن هنا..
لا نعترض على جماهيرية اللاعب.. أو الإعجاب به.. فهذا مفروغ منه وهو أمر طبيعي..
لكن..
أن لا يكون ذلك على حساب الانتماء للنادي.. ومصلحة النادي..
جماهيرية اللاعب ومصلحته.. يجب أن تنطلق من روح الانتماء للنادي ومصلحة أيضاً.. وليس العكس.
وهذا ما يؤكد..
فشل الأندية لدينا.. وعدم قدرتها على ربط علاقة الجماهير بها وتنمية هذه العلاقة وتعميق روح الولاء للنادي..
فالانتصارات وحدها ليست كافية لتنمية هذا العلاقة وليست دليلاً على تعميق روح الانتماء..
ولا الحضور الجماهيري في الملعب.. والتصفيق في المدرجات وغير ذلك..
وهناك فرق بين التشجيع والانتماء..
لو أن ناديّاً كالهلال مثلاً أو الاتحاد أو النصر أو الاتفاق والأهلي وغيرها من الأندية الجماهيرية طلب من مشجعيه التبرع بمبلغ عشرة ريالات فقط.. وهو مبلغ بسيط بإمكان أيّ مشجع التنازل عنه..
لو تم ذلك.. لكان كفيلاً بحل مشاكل النادي المادية.. وتحقيق طموحات وآمال جماهيره..
ولو طلب مثل ذلك ولو مرة واحدة لتمويل صفقة لاعب أو إحضار مدرب لكانت الحالة ذاتها..
لكنه لن يتم.. وقد لا بتبرع عشرة أشخاص.. وليس مئات الآلاف.. لأنه الثقة مفقودة بين الطرفين في استثمار هذه المبالغ بما يحقق مصلحة النادي وبصورة صحيحة.
وهذا ما يؤكد الفرق بين الانتماء والتشجيع كما أشرت قبل قليل.
الثاني:
إننا جميعاً أندية وإعلاماً وجهات مسؤولة.. لم نستطع خلق (ثقافة الاحتراف) وتنميتها لدى الجمهور الرياضي المعاصر.. وما هو مفهوم الاحتراف الحقيقي؟..
وقد نحتاج لجيل يعيش التجربة ويعايشها عن كثب.. لتصبح جزءاً من ثقافته وواقعه..
تجربة الاحتراف لدينا عمرها الآن عشرون عاماً.. ومعروف أن الشخص تبدأ مرحلة النضج لديه والإدراك بما حوله بعد الخامسة عشرة.. وربما العشرين وهذا يعني أن جيل الاحتراف (وأعني من الجمهور والمجتمع) لم ينشأ بعد.. لذا من الصعب أن تدخل ثقافة جديدة إلى جيل عاش ثقافة معينة على مدى سنوات عديدة.. ما لم تتوافر لها إمكانات ويحدث فيها حراك معين يسابق الزمن لإيجادها وتنميتها..
ما حدث.. وما يحدث الآن من انتقال للاعبين نجوم وبين أندية متنافسة هو جزء من هذا الحراك وأحد أبرز عوامله.. ومن شأنه أن ينمي هذه الثقافة ويجعل التعامل معها أمراً عادياً مع مرور الزمن.. كما أن تفهم الأندية لرغبات لاعبيها وتجاوبها معهم واستقطاب نجوم آخرين من أندية أخرى مقابل تخليها عن نجومها هو عامل آخر لا يقل أهمية، بل إنه الأساس في العامل الأول.
ويتحمل الإعلام جزءاً من المسؤولية.. بل مسؤولية كبرى في دعم مثل هذه التوجهات والتشجيع عليها.. أو على الأقل الوقوف على الحياد تجاهها دون محاولة للتأثير على مجرياتها.
وعلينا أن ننظر إلى الجانب المضيء من العملية وإلى مصلحة اللاعب أولاً بأن يبحث عن استقراره ورفع روحه المعنوية بما يساعد على رفع مستواه وعطائه وبالتالي مستوى النادي.. وهذا كله في النهاية سيعود بالأثر الإيجابي على الكرة السعودية.
والله من وراء القصد،،،
هذه الحالات هي:
أسامة هوساوي..
لاعب الهلال الذي أكد رغبته الحقيقية في ترك ناديه والاحتراف خارجيّاً وتحديداً في أوروبا..
سعد الحارثي..
الذي انتقل من ناديه النصر إلى الهلال بعد انتهاء مدة عقده..
محمد نور..
لاعب الاتحاد الذي سعى للاحتراف الخارجي في نادي الجيش القطري..
هذه الحالات الثلاث ليست الأولى منذ تطبيق الاحتراف قبل عشرين عاماً لكنها الأبرز والأكثر إثارة، فقد سبقها انتقال عدد من اللاعبين من أنديتهم إلى أندية أخرى ومن أبرزهم:
ــ فهد الغشيان من الهلال إلى النصر..
ــ أحمد الدوخي وخميس العويران من الهلال إلى الاتحاد..
ــ أحمد الدوخي من الاتحاد إلى النصر..
ــ فؤاد أنور وفهد المهلل من الشباب إلى النصر..
ــ مالك معاذ من الأهلي إلى النصر..
ــ خالد عزيز من الهلال إلى الشباب..
ــ حسين عبدالغني من الأهلي إلى النصر..
ــ وليد عبد ربه ونايف القاضي.. من الأهلي إلى الشباب..
ــ خالد قهوجي وإبراهيم سويد من الأهلي إلى الاتحاد..
وغيرها من الحالات التي لا مجال لذكرها والحديث هنا عن نجوم جماهيرية في أندية جماهيرية..
وجميع الحالات التي أشرت إليها باستثناء أحمد الدوخي عند انتقاله من الهلال إلى الاتحاد تمت بقناعة تامة من جميع الأطراف وربما برضى جماهيري أيضاً.. وربما لعدم قناعة الطرف الأول وعدم رغبته في استمرار اللاعب معه، ولذلك لم تحدث مثل هذا الضجيج وردود الفعل التي أحدثتها الحالات الثلاث التي أشرت إليها في البداية..
بدايةً..
سنتوقف عند كل حالة من هذه الجالات الثلاث، ثم نتحدث بصورة عامة وبشيء من التفصيل:
أسامة هوساوي..
يعتبر أسامة هوساوي واحداً من أبرز نجوم الكرة السعودية في العصر الحاضر وفي مركز هام وحساس (قلب الدفاع)، وساهم بدور كبير في الذود عن مرمى المنتخب ومرمى ناديه الهلال وهو القادم إليه من الوحدة.. ويتمتع بخلق رفيع..
أسامة.. أبدى رغبته الحقيقية والجدية في خوض تجربة الاحتراف الخارجي وفي أوروبا تحديداً بعد أن تلقى عرضاً بذلك كما قال..
وقد تخوف الهلاليون من أن يكون ذلك خطوة للانتقال إلى نادٍ منافس من المنطقة الغربية عن طريق (الكوبري) مما جعلهم يترددون في الموافقة على رغبته ورفع قيمة عقده كأعلى قيمة عقد للاعب سعودي ووقعوه على تعهد يلزمه بالعودة إلى الهلال عند انتهاء تجربته الخارجية بعد رفضه للعقد.. مع أن مثل هذا التعهد في نظري لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا أعتقد أنه صحيح من الناحية القانونية أو يلزمه بالعودة إلى الهلال.. وفي النهاية لم يجدوا بداً من الموافقة والاستسلام لرغبته بعد إصراره على ذلك..
والحق يقال..
فقد كان أسامة مثاليّاً عندما احترم عقده مع الهلال حتى نهايته.. وعندما أعلن أيضاً بكل صراحة ووضوح رغبته في الانتقال دون مماطلة أو التفاف على الموضوع..
كما كان الهلال مثاليّاً أيضاً في تعامله مع أسامة عندما احترم رغبته ولم يمارس عليه المزيد من الضغوط تاركاً له حرية الانتقال وتحديد الوجهة التي يريد..
لكن السؤال..
هل درس أسامة قراره هذا من كافة جوانبه؟..
وهل فكر في إمكانية تحقيقه بما يتوازى مع طموحاته؟..
هل حصل فعلاً على عقد خارجي أم أنه سيبحث عن ذلك ويبدأ تسويق نفسه؟..
شخصياّ.. ومع احترامي لقدرات أسامة هوساوي ولإمكاناته الفنية والتزامه فإنني أعتقد أنه سيجد صعوبة في الحصول على عقد يتناسب مع طموحاته أو على الأقل يقارب هذه الطموحات..
فالأندية الإنجليزية تشترط أن يكون تصنيف منتخب الدولة التي ينتمي إليها اللاعب الراغب الاحتراف في أنديتها ضمن الـ70 منتخباً في تصنيف المنتخبات العالمية..
وهذه لا تنطبق على أسامة..
والأندية الأوروبية الأخرى لها نظرة معينة في اللاعب وكيفية استقطابه..
ولا شك.. أن نتائج الكرة السعودية في السنوات الأخيرة سواء على صعيد المنتخب أو الهلال في البطولة الآسيوية انعكست بأثرها على أسامة وتصنيفه كلاعب دولي.. كما تأثر مستواه في الموسم الأخير عنه في مستويات مضت..
وعلى هذا الأساس..
قد لا يجد أسامة العقد المناسب الذي يحقق طموحاته سواء الفنية أو المالية.. وقد يرضى بأندية متواضعة وعقد مالي أقل في سبيل خوض مثل هذه التجربة التي ربما فتحت له الأبواب إذا ما أحسن استثمارها.
سعد الحارثي..
ربّما كان سعد الحارثي أكثر اللاعبين وضوحاً وصراحة في تحديد أسباب الانتقال وعدم ربطها بالأمور المالية قدر ارتباطها بالناحية النفسية والفنية..
وقد أكد سعد أنه تلقى عرضاً من ناديه النصر للبقاء فيه يفوق العرض المقدم له من الهلال, ومع ذلك قرر الانتقال لأنه -كما يقول- يبحث عن بيئة أفضل..
لن نبحث في المشاكل وقصة اللاعب مع ناديه السابق، لكن لابد من الإشارة إلى أن سعد الحارثي الذي كان ذات يوم اللاعب رقم واحد في النصر.. أصبح في مركز متأخر من حيث الاهتمام به..
انتقال سعد أحدث ردود فعل كبرى لدى جماهير الفريقين فبعض جماهير النصر كان ترفض التخلي عنه وترى فيه أمل النصر وقائده وتتمسك به..
وبعض جماهير الهلال في المقابل كانت أيضاً ترفض القبول به وتتحفظ عليه..
وكلا الفريقين لا تخلو نظرته من العاطفة بعيداً عن الأمور الفنية.
أما رد الفعل الرسمي لدى النادين متمثلاً في الإدارتين فقد كان مثالياً، والحق يقال وتعامل مع الحدث بصورة احترافية.
إدارة الهلال.. كانت ذكية في تعاملها مع العقد، حيث اعتبرت الستة أشهر الأولى بمثابة تجربة يتم على ضوئها استمرار العقد مدة سنتين ونصف السنة.. أو ينتهي عن هذا الحد.
هذا الموقف.. وضع الكرة في ملعب سعد الحارثي الذي يتحمل وحدة مسؤولية نجاح الصفقة من عدمها.. وإثبات أنه صفقة ناجحة.. وأن قراره كان صحيحاً وهو يترك ناديه السابق وينتقل إلى النادي المنافس.
محمد نور..
لا أحد يشك في موهبة محمد نور كلاعب يملك إمكانات مهارية وفنية عالية, وهو من اللاعبين القلائل الذين يتمتعون بصفة القيادة ويملكون القدرة عليها..
لا أعني هنا ما تم التعارف عليه بالـ(Captin) داخل الملعب وخارجه بقدر ما أعني القيادة داخل الملعب (The leader)، وإذا كان محمد نور في كامل جاهزيته وحضوره الذهني فإنه يمثل فريقاً بكامله تصعب مراقبته والحد من خطورته وقدرته على صناعة التفوق لفريقه.. سواء كان ذلك على مستوى ناديه أو في المنتخب.
في المواسم الأخيرة أصبح نور لاعباً مثيراً للجدل، ويذهب البعض إلى وصفه بمثير للمشاكل داخل ناديه..
دخل المنتخب بعد ضغوط جماهيرية وإعلامية، وكأنه (المنقذ) وخرج منه بقناعة جماهيرية وإعلامية بأن قرار عدم اختياره لم يكن خاطئاً.
يرى البعض ومن الاتحاديين أنفسهم أنه ترمومتر الاتحاد.. وأن نتائج الفريق أصبحت مرتبطة بحالة نور الفنية والمزاجية.
وأنه يملك مفاتيح الفريق لا يعلمها إلا هو.
ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك.. إلى النادي ككل.
في إقالة المدربين.. وإبعاد الإداريين.. واللاعبين.. ويعيد البعض للأذهان صورته ذات يوم عندما دخل النادي يتوكأ على عصا رأى البعض أن له فيها مآرب أخرى.
السؤال:
إذا كان هذا صحيحاً.. فلماذا وصل الأمر مع محمد نور إلى هذه المرحلة؟..
وإذا لم يكن..
فلماذا يقال هذا عنه؟..
محمد نور لوح هذه الأيام بورقة الاحتراف الخارجي في نادي الجيش القطري.. وجاءت ردود الفعل الجماهيرية المطالبة بثنيه عن هذه الخطوة وربما الضغوطات الخارجية على الإدارة..
والسؤال الأكثر أهمية:
هل هي خطوة حقيقية ورغبة في الانتقال؟..
أم.. ورقة ضغط من نور يدرك من خلالها ردة الفعل الجماهيرية ليعود وهو أكثر قوة بعدما شعر أن هناك أيادي ترى في بقائه تهديداً لوحدة الفريق وانسجامه؟..
ما الذي دعا الرئيس الاتحادي محمد بن داخل بالإصرار على أن يعلن محمد نور بنفسه عن ذلك في مؤتمر صحفي على الملأ؟..
بصراحة..
ومع احترامي لنادي الجيش القطري.. أرى ومن وجهة نظر شخصية أنه لا يمثل طموحات محمد نور فهو يحتل المركز الثامن في الدوري القطري، وكان إلى ما قبل موسمين ضمن أندية الدرجة الثانية.. وإمكانات نور أكبر من ذلك.. بل ربما تفوق الكرة الخليجية إذا ما كان في كامل حضوره وجاهزيته إلى الكرة الأوروبية.. مما يعزز تساؤلنا عن السبب.
ما يهمنا هنا أكثر..
هو ردة الفعل الجماهيرية على انتقالات هؤلاء اللاعبين.. سواء هذا الثلاثي أو غيرهم ورفضهم للفكرة خاصة عندما يتمتع اللاعب بالنجومية.. أو يكون انتقاله لنادٍ منافس.. ونظرتها للاعب وكأنه ملكية خاصة للنادي.. بل ونظرة بعض الإدرات لذلك.
في نظري أن هناك سببين رئيسين:
الأول:
أن الأندية لدينا لم تستطع تنمية علاقاتها بجماهيرها بحيث يرتبط تشجيعها بالنادي مهما تعاقبت الأجيال وتغيرت..
معظم الجماهير لدينا.. هي جمهور لاعب أكثر منها جمهور نادٍ..
ولذا تنساق بعواطفها مع هذا اللاعب.. وقد تقف في صفه ضد النادي أو إدارته أو المدرب بما يعزز من نفوذه وتأثيره على مسار القرار في النادي أو يشجعه على تحقيق ذاته ومصلحته الشخصية على حساب مصلحة النادي.
كثير من جماهير الأندية انقطعت صلتها بأنديتها واهتمامها بمجرد اعتزال لاعبها المفضل.
وجماهير أخرى تبدلت ميولها وتشجيعها مع انتقال لاعبها المفضل إلى نادٍ آخر حتى ولو كان النادي المنافس.
نحن هنا..
لا نعترض على جماهيرية اللاعب.. أو الإعجاب به.. فهذا مفروغ منه وهو أمر طبيعي..
لكن..
أن لا يكون ذلك على حساب الانتماء للنادي.. ومصلحة النادي..
جماهيرية اللاعب ومصلحته.. يجب أن تنطلق من روح الانتماء للنادي ومصلحة أيضاً.. وليس العكس.
وهذا ما يؤكد..
فشل الأندية لدينا.. وعدم قدرتها على ربط علاقة الجماهير بها وتنمية هذه العلاقة وتعميق روح الولاء للنادي..
فالانتصارات وحدها ليست كافية لتنمية هذا العلاقة وليست دليلاً على تعميق روح الانتماء..
ولا الحضور الجماهيري في الملعب.. والتصفيق في المدرجات وغير ذلك..
وهناك فرق بين التشجيع والانتماء..
لو أن ناديّاً كالهلال مثلاً أو الاتحاد أو النصر أو الاتفاق والأهلي وغيرها من الأندية الجماهيرية طلب من مشجعيه التبرع بمبلغ عشرة ريالات فقط.. وهو مبلغ بسيط بإمكان أيّ مشجع التنازل عنه..
لو تم ذلك.. لكان كفيلاً بحل مشاكل النادي المادية.. وتحقيق طموحات وآمال جماهيره..
ولو طلب مثل ذلك ولو مرة واحدة لتمويل صفقة لاعب أو إحضار مدرب لكانت الحالة ذاتها..
لكنه لن يتم.. وقد لا بتبرع عشرة أشخاص.. وليس مئات الآلاف.. لأنه الثقة مفقودة بين الطرفين في استثمار هذه المبالغ بما يحقق مصلحة النادي وبصورة صحيحة.
وهذا ما يؤكد الفرق بين الانتماء والتشجيع كما أشرت قبل قليل.
الثاني:
إننا جميعاً أندية وإعلاماً وجهات مسؤولة.. لم نستطع خلق (ثقافة الاحتراف) وتنميتها لدى الجمهور الرياضي المعاصر.. وما هو مفهوم الاحتراف الحقيقي؟..
وقد نحتاج لجيل يعيش التجربة ويعايشها عن كثب.. لتصبح جزءاً من ثقافته وواقعه..
تجربة الاحتراف لدينا عمرها الآن عشرون عاماً.. ومعروف أن الشخص تبدأ مرحلة النضج لديه والإدراك بما حوله بعد الخامسة عشرة.. وربما العشرين وهذا يعني أن جيل الاحتراف (وأعني من الجمهور والمجتمع) لم ينشأ بعد.. لذا من الصعب أن تدخل ثقافة جديدة إلى جيل عاش ثقافة معينة على مدى سنوات عديدة.. ما لم تتوافر لها إمكانات ويحدث فيها حراك معين يسابق الزمن لإيجادها وتنميتها..
ما حدث.. وما يحدث الآن من انتقال للاعبين نجوم وبين أندية متنافسة هو جزء من هذا الحراك وأحد أبرز عوامله.. ومن شأنه أن ينمي هذه الثقافة ويجعل التعامل معها أمراً عادياً مع مرور الزمن.. كما أن تفهم الأندية لرغبات لاعبيها وتجاوبها معهم واستقطاب نجوم آخرين من أندية أخرى مقابل تخليها عن نجومها هو عامل آخر لا يقل أهمية، بل إنه الأساس في العامل الأول.
ويتحمل الإعلام جزءاً من المسؤولية.. بل مسؤولية كبرى في دعم مثل هذه التوجهات والتشجيع عليها.. أو على الأقل الوقوف على الحياد تجاهها دون محاولة للتأثير على مجرياتها.
وعلينا أن ننظر إلى الجانب المضيء من العملية وإلى مصلحة اللاعب أولاً بأن يبحث عن استقراره ورفع روحه المعنوية بما يساعد على رفع مستواه وعطائه وبالتالي مستوى النادي.. وهذا كله في النهاية سيعود بالأثر الإيجابي على الكرة السعودية.
والله من وراء القصد،،،