|


عبدالله الضويحي
النقل... بين العاطفة والنقل
2011-09-13
هل نحن بحاجة إلى تدخل ولي الأمر أو صاحب القرار الأعلى لحل كثير من المعضلات وتجاوز بعض العقبات التي تعيق مسيرتنا التنموية؟
تردد في ذهني هذا التساؤل كثيرا وأنا أتابع بكل زهو واعتزاز هذه الطفرة في النقل التلفزيوني لدينا خاصة فيما يتعلق بكرة القدم وإعطاء حقوق نقل الدوري للقناة الرياضية السعودية.
لقد طالبنا عدة مرات وفي فترات سابقة أن يرتقي الإعلام السعودي بصورة عامة والقناة الرياضية على وجه الخصوص - وهي مانحن بصدده - بأدائها وإمكاناتها في منافسة الآخرين بل والتفوق عليهم وأنها الأحق بنقل الدوري والفوز بحقوقه , مشيرين إلى أن ضعف الإمكانيات يجب ألايقف حائلا أمام تطوير الأداء والارتقاء به.
ولا شك أن إشراف نائب وزير الإعلام للشؤون الإعلامية الأمير تركي بن سلطان منذ أن كان مساعدا لوزير الإعلام على القناة الرياضية أحدث كثيرا من التحولات الإيجابية في أداء القناة..
دون أن نغفل التطور الذي حصل في الإعلام السعودي والنقلة التي أحدثها معالي وزير الإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة في أداء رسالته وانفتاحه كثيرا على المجتمع
مع التأكيد على ما تقوم به الرئاسة العامة لرعاية الشباب برئاسة الأمير نواف بن فيصل في هذا الجانب ودعمها للمسيرة الإعلامية في المملكة خاصة الإعلام الرياضي وتحملها الكثير من تبعاته ودعمه وهو امتداد لدور الأمير الراحل فيصل بن فهد يرحمه الله الذي أرسى قواعد هذا التعاون ووضع أسسه.
وكنا ندرك أن (بيروقراطية) العمل الحكومي وأنظمته هي العامل الرئيس في عدم قدرة القناة على منافسة الآخرين للفوز بحقوق النقل..
والحقيقة التي لا تقبل الجدل أن ولاة الأمر حفظهم الله لا يترددون في دعم كل ما من شأنه الارتقاء بمستوى وفكر المتلقي ورفاهية المواطن سواء كان ذلك الدعم معنويا أو ماديا..
وعندما استشعر الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بحسه الأمني وهو رجل الأمن الأول وبحسه الإعلامي وهو رئيس المجلس الأعلى للإعلام (قبل إلغائه) أهمية الناقل الوطني ودوره في تجسيد وحدة الوطن وفي مجال هام وخطير يساهم في تشكيل ثقافة الشباب وتنميتها وهو كرة القدم لم يتردد كثيرا في إصدار توجيهاته بدعم القناة الرياضية وإعطائها الأحقية في النقل الحصري للدوري من منطلقات وطنية بحته بعيدا عن الربحية والاستثمار إلا في أبناء الوطن ومن أجل الوطن.
عبد الرحمن الهزاع المستشار المشرف على التلفزيون السعودي تحدث في هذا الجانب وبكثير من التفصيل لكنني توقفت عند نقطتين هامتين في حديثه..
تتعلق إحداهما بحصرية النقل ومسبباته
والأخرى.. بنوعية النقل وتقنياته..
أولا..
يقول أبوياسر أو عبدالرحمن :
(لسنا بحاجة للمال في إعطاء حقوق النقل لقنوات أخرى وعلى ذلك فالدوري لن يخرج من القنوات الرياضية السعودية وهذا الأمر لا يقبل المساومة ولن يكون لأي قناة أن تنقل مباريات الدوري معنا إلا برغبتنا فقط).. وذلك في إشارة منه إلى المحافظة على توجهاتنا وسياستنا وعدم المساس بأمن ووحدة الوطن وتلاحم أبنائه , كما أشار في بداية حديثه وتوجيهات النائب الثاني.
لكن ما يجب أن نلحظه في هذه الناحية.. أمران مهمان:
الأول..
أن المشكلة ليست في نقل المباريات وحصرية النقل.. ولكن في برامج أخرى خارج هذا الإطار وهذه لا يستطيع الناقل الحصري التحكم فيها ولا يملك حق منع الآخرين من إعدادها أو إنتاجها وتنفيذها..
الثاني :
المشكلة الأخرى في بعض المنتمين لإعلامنا الرياضي والرياضة السعودية ودعمهم لهذه البرامج عبر مشاركاتهم وتسخيرهم أو استثمارهم في تمرير ما يريده أولئك..
وحتى في مشاركاتهم وطروحاتهم في الإعلام المحلي بجميع قنواته المسموعة والمقروءة والمرئية التي لا ترتقي إلى فكر وتوجيهات ولاة الأمر وتطلعاتهم..
ومن هنا يفترض..
البحث عن آلية واضحة ومحددة للتعامل مع هؤلاء لتحقيق الهدف المنشود من حصرية النقل على القناة الرياضية السعودية..
وأعتقد أن القناة الرياضية السعودية أصبحت الآن في موقع المسؤولية وأن تكون بمستوى الحدث والتطلعات في الارتقاء ببرامجها وطروحاتها.. فالقضية ليست نقل مباريات وتقنية نقل بقدر ماهي تقديم فكر ورأي يتناسب وهذه المرحلة التي نعيشها واستثمار مثل هذه الفرصة..
من جانب آخر..
وهي وجهة نظر شخصية..
أرى أننا مهما امتلكنا من قدرات وإمكانات فنية في النقل وانتشاره.. فإن المتلقي اليوم أصبح ينتقي الوسيلة الإعلامية التي تتفق مع ميوله وتوجهاته وتحقق رغباته..
وبالتالي..
فإننا بحاجة للمزيد من قنوات الانتشار والتوسع فيها لتقديمنا للآخر وعرض الرياضة السعودية وتوجهاتها وأهدافها السامية بالصورة اللائقة وما يتفق مع الواقع الحضاري الذي نعيشه اليوم..
هذا من ناحية..
ومن ناحية أخرى..
أن القنوات الرياضية الفضائية تخطط من الآن وتفكر في تعويض ما فقدته من خلال حصرية نقل الدوري السعودي على القناة الرياضية السعودية سواء كان ذلك ببرامج مختلفة تسايره لكسب رضا المشاهد أو مضادة كنوع من التعامل بالمثل (على حد تفكيرها) وهذه أمور يدركها الإعلاميون والقائمون على الإعلام..
ومن هنا..
أرى أن بيع بعض الحقوق.. وأعني مثل ملخصات من المباريات وليس الحقوق كاملة وفق آلية يتم الاتفاق عليها كما هو معمول به عالميا ووفق شروط خاصة تحفظ لنا توجهاتنا وأهدافنا من شأنه أن يساهم في نشر رسالتنا الرياضية ويقدمنا إلى الآخر بفكر احترافي يؤمن بالرسالة الإعلامية في العصر الحديث..
ثانيا..
الأمر الثاني في حديث (أبوياسر) يتعلق بتقنية العمل..حيث قال:
(سنستخدم أفضل الكاميرات والعدسات وعربات النقل وتم جلب شركتين متخصصتين في النقل التلفزيوني بطاقم فني كبير وتم استخراج 120 تأشيرة لطاقم أوروبي سبق له المشاركة في نقل مباريات كأس العالم)
كلام جيد ورائع.. ومن الطبيعي أن توفر المادة من شأنه أن يوفر كل شيء.. فالمال هو عصب الحياة والتقنية تحتاج إلى فكر..
لكنني أتساءل..
ما هو دور العنصر الوطني في هذا كله ؟
حيث إننا لم نسمع أو نقرأ ما يشير إليه في كل الأحاديث والتوجهات التي تركز على الطاقم الأجنبي والعنصر الأجنبي مما يرسخ (عقدة الأجنبي) وكأننا نفتقد العناصر الوطنية المؤهلة..
الذي أعرفه ويعرفه غيري أن لدينا عناصر وطنية مؤهلة وعلى مستوى عال من الكفاءة في هذه المجالات لا يقلون عن الأجانب مستوى ويفوقونهم طموحا..
فالعملية كلها ترتبط بالتقنية وتشغيل هذه التقنية..
أذكر قبل أكثر من عشرين عاما وعند افتتاح ملعب الملك فهد أن الأمير فيصل بن فهد يرحمه الله استدعى طاقما أجنبيا من أشهر المخرجين في هذا المجال وتم من خلالهم التدريب والإشراف على كوادر سعودية أثبتت نجاحها وكفاءتها وأنهم لا يقلون شأنا عن المخرجين العالميين وبشهادة هؤلاء المخرجين أنفسهم ومنهم الزملاء سعد الوثلان وعبد العزيز الرويشد ويحي عسيري وعبد الرحمن العنيق وغيرهم ممن لاتحضرني أسماؤهم حيث تولوا إخراج العديد من المناسبات الرياضية مثل افتتاح الملعب ودورة الخليج وبطولة كأس العالم للشباب وبطولة القارات وكأس العالم لليد وغيرها من المناسبات العالمية وبعضهم كالوثلان والرويشد شاركوا في إلقاء محاضرات والتدريب في دورات تدريبية في هذا المجال خارج المملكة..
هذه العناصر أين هي الآن ؟
ولمَ لا نستفيد منها أو بعضها ممن هم لا زالوا في الميدان وبصورة فاعلة وأساسية..
وكلنا يعرف أيضا..
أن جميع القنوات الفضائية التي نقلت الدوري السعودي أو شاركت في ذلك سواء كان ذلك حصريا أو قبل العهد الحصري تعتمد كثيرا في تشغيلها على كوادر وطنية تعمل في الأساس في التلفزيون السعودي والقناة الرياضية..
هذه الكوادر..
لماذا لا نفرض على مثل هذه الشركات الاستفادة منها وتشغيلها إما بالتفرغ أو التعاون أو بأي صيغة كانت على أن يكون لها دور فاعل ومؤثر ولاعبا رئيسيا في العملية لا أن تجلس في مقاعد البدلاء وتشارك في الدقائق الأخيرة أو المباريات غير المهمة..!
ما يدعوني لذلك أمران هامان..
الأول..
حرص قيادتنا الرشيدة حفظها الله على العنصر الوطني ودعمه والتوجه إلى التوطين والسعودة في كافة المجالات..
ولعل..
حديث الأمير تركي بن سلطان وتأكيده على هذه الناحية وأهمية الاستفادة من العناصر الوطنية وإعطائها الفرصة في العملية يؤكد هذا التوجه وحرصه الشخصي على تبنيه والاهتمام به..
كما أنني أدرك حرص القائمين على هذه الشركات وأخص بالذكر أخي وصديقي أحمد المقيرن رئيس مجلس إدارة شركة الخبير الرياضي الذي ألمس كثيرا في أحاديثه حبه للوطن وإخلاصه واعتزازه بالكوادر الوطنية.
الثاني..
أن المستقبل للوطن وأبناء الوطن إذ إن مثل هذه الشركات الأجنبية والكوادر الأجنبية لها فلسفة خاصة في العمل ونظرة معينة تختلف عن نظرتنا نحن أبناء الوطن..
ومن هنا..
فإن الاستعانة بهذه الكوادر وتأهيلها يعني ديمومة العمل واستمراره متطلعين إلى اليوم الذي تصبح فيه جميع هذه الكوادر والقيادات من أبناء الوطن خاصة وأننا نملك مثل هذه الكوادر التي تحتاج فقط للدعم والتشجيع وبعض من التأهيل.

تبقى نقطة هامة..
أشرت إلى بعض منها (في منتصف الأسبوع الماضي) عندما تحدثت عن (ميكيافيلية النقد) ولعلي هنا أشير إلى الجانب الآخر..
والذي يجب أن ندركه وننظر إليه بواقعية أن النقل التلفزيوني ليس مجرد قرار أو توفير تقنية..
وحتى توفير هذه التقنية والتعامل معها وتوظيفها بما يخدم العمل يحتاج إلى أسابيع وربما شهور من الخبرة والعمل...
لقد تأخرنا كثيرا في موضوع بيع حقوق الدوري وحسمه هذا الموسم ويمكن نقول إنها جاءت في (الوقت بدل الضائع) لظروف لا مجال للحديث عنها هنا.. (ولعلها خيرة) بإذن الله..
ومن هنا..
علينا أيضا أن نعطي الذين تولوا هذه المهمة الفرصة في العمل
وأعتقد أن ما تم إنجازه خلال بضعة أسابيع كان يحتاج لأضعاف هذه المدة لكي يتم بهذه الصورة فالمسألة لا تتعلق بتوفير التقنية والكوادر فقط.. لكنها تحتاج إلى دراسات جدوى ووضع كافة الاحتمالات وأخرى تتعلق بالإجراءات الرسمية مما يدركه الكثير ممن يتعاملون مع استيراد التقنية والتعاقد مع الكوادر الأجنبية..
ومع ذلك..
تم تقديم عمل لافت للنظر أدركه المتلقي قبل غيره..
نعم..
هناك أخطاء..
وهناك بعض السلبيات..
وهي طبيعية في أي عمل.. وفي عمل هذه ظروفه تظل واردة أكثر..
لكنها..
تحتاج إلى وقت لمعالجتها وكثير من الأخطاء والسلبيات لا تتكشف إلا من خلال التطبيق على أرض الواقع..
وعلينا كمتابعين ومنتمين للوسط الرياضي بمختلف شرائحنا واهتماماتنا الوقوف معهم ودعمهم بالرأي والرأي المخلص البناء والنقد الهادف وسيكونون هم أول من يطالبنا بهذا النقد وكشف الأخطاء بعد منحهم الفرصة كاملة.
والله من وراء القصد

.. والتميز
شهادتي في جريدة الرياضية مجروحة باعتباري أحد المنتمين إليها وشهادتي في زميلي رئيس التحرير سعد المهدي أكثر جرحا..
لكن عندما تكون أمام أمر واقع وحقيقة لا تقبل الجدل تتلاشى هذه الشهادة لتصبح أمرا حتميا ورؤية تفرض نفسها وكلمة حق لابد أن تقال..
وجائزة (الرياضية ــ موبايلي) وهي تنهي دورتها الخامسة بنجاح هي الحقيقة التي لا تقبل الجدل والتي تحولت من حلم يراود كثيرين إلى واقع يتمنونه.
والجائزة بفروعها المختلفة تتجاوز إطار التكريم الروتيني والمادي والحسي إلى أنها أصبحت رقما هاما في أجندة الموسم ساهمت بشكل كبير في رفع درجة لإثارته وحرارته وتطوير قدرات الرياضيين وكفاءتهم كونها تخضع لمعايير واضحة تنفي مجال الاجتهاد وعنصر المجاملة..
ولعل فوز بعض الرياضيين المنتمين إلى لألعاب المختلفة بالجائزة الكبرى وبعض لاعبي أندية الظل أو أندية الصفوف الثانية ومنافستهم على الألقاب ومقارعة النجوم المعروفين وتفوقهم عليهم يؤكد ما تسعى إليه الجائزة ويحقق أهدافها الرئيسة ويعطيها المصداقية ويعزز الثقة بها..
وتأتي مشاركة موبايلي ودعمها للجائزة في إطار مشاركة القطاع الخاص وشراكته ودعمه للقطاع الرياضي بصورة عامة لتؤكد أن المجال الرياضي أصبح مجالا خصبا للاستثمار معززة الثقة بهذا المجال ومبددة الكثير من المخاوف لدى البعض بالدخول إليه..

أخيراً وليس آخراً..
فإن استمرار الرئاسة الفخرية للأمير سلطان بن فهد للجائزة وتشجيعه لها.. وما تلقاه من دعم ومساندة من الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب رئيس اللجنة الأولمبية السعودية والرعاية والاهتمام الذي تلقاه من رئيس مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق الأمير فيصل بن سلمان عوامل رئيسة في استمرار الجائزة ونجاحها دون أن نغفل ما تجده من متابعة وصدى من الإعلام والمنتمين للوسط الرياضي بمختلف شرائحه وتوجهاته.
والله من وراء القصد