ما هي الأسس والمعايير التي نقيم من خلالها أي عمل؟
وهنا أتحدث في المقام الرياضي عموما وكرة القدم على وجه الخصوص.
المعروف أن أي عمل أو مشروع لابد أن يخضع تقييمه لأسس ومعايير تختلف من مشروع لآخر، وتعتمد على نوعية العمل وأهدافه بعيدا عن الاجتهادات الفردية والرؤى الشخصية.
الدوري السعودي أو دوري زين للمحترفين على سبيل المثال.. وهنا أتوقف..
لأقول: إنني هنا لا أعني الجهات الرسمية بقدر ما أعنينا نحن كمتابعين ونقاد ومحللين، وتحديدا البعض من هؤلاء رأيهم مؤثر ولاشك، بدليل ترديد ذلك في الوسط الرياضي
عندما تأتي مناقشة وضع الكرة السعودية بصورة عامة، خاصة عندما يخرج المنتخب من إحدى المسابقات يأتي الحديث عن الدوري كأحد الأسباب والتأكيد على أن الدوري القوي يصنع منتخبا قويا.. ضاربين المثل ببعض الدوريات الأوروبية.
وعندما تم تصنيف الدوري السعودي ذات مرة من قبل إحدى الجهات العالمية على أنه ضعيف وتم وضعه في مركز متأخر، ثارت ثائرة هؤلاء متهمين تلك الجهة مشككين في مصداقيتها، وأن هذا لايليق به كأقوى دوري عربي ولا بالكرة السعودية.. ضاربين الأمثلة على بعض نجاحاتها ووصولها للعالمية سواء على مستوى المنتخب أو الأندية.
ثم عاد هؤلاء للثناء على الدوري السعودي بعد تصنيفه من قبل الاتحاد الآسيوي كثالث دوري على مستوى القارة بعد الدوري الياباني ثم الكوري، وإن هذا جاء إنصافا له وللكرة السعودية.
كل هذا كان يتم دون توضيح للأسباب وشرح لها وتفنيدها.
ومع قرب نهاية ها الموسم.. عاد هؤلاء إلى وصفه بأنه ضعيف.
الجديد هذه المرة..
أن هؤلاء حددوا الأسباب، لكن المشكلة إنهم حصروها في سبب واحد وهو مالا يتفق مع الأسس العلمية لتقييم أي عمل أو تقويمه.
والسبب في رأي هؤلاء هو حسمه مبكرا وقبل نهايته بأسبوعين من قبل أحد الفرق، وهو الذي كرر النجاح ذاته والأسلوب للمرة الثانية على التوالي.
هذا التقييم أو هذه النظرة لاتخرج عن أحد أمرين:
إما..
محاولة للتقليل من شأن هذا الفريق وعدم جدارته بهذا التفوق..
أو..
السعي لإضعاف هذا الفريق بطريقة أو بأخرى وجره للمستويات الأدنى ولا ثالث لهما..وهي نظرة خاطئة ولاشك.
فالحالة الأولى..
سبق أن فعلها أحد الفرق وحسم الدوري قبل نهايته لكنه لقي الإشادة والثناء على هذا النجاح المميز.
والثانية..
إنه ليس من مصلحة الكرة السعودية إضعاف أي فريق، بل المصلحة هي في قوة الفرق جميعها والرفع من مستواها.
الزميل بندر الطياش طرح في عدد الجمعة الماضية من هذه الجريدة تحقيقا جميلا عن هذه النقطة بالذات، استضاف فيه بعض الخبراء الذين لديهم القدرة على تقييم أي دوري بحكم تاريخهم وخبراتهم ومؤهلاتهم، وعقد مقارنة مع الدوريات العالمية والعربية.. وخلص إلى نقطتين هامتين:
الأولى..
أن انفراد أحد الفرق بالصدارة وحسم الدوري قبل نهايته ليس دليل ضعف في الدوري بقدر ماهو قوة لهذا الفريق والتأكيد على تميزه وعمله الاحترافي المنظم.
الثانية..
إن معظم الدوريات الأوروبية بل وأهمها.. في اليونان وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا والبرتغال وأسبانيا.. تم حسمها قبل نهايتها بأسبوعين وبعضها بأربعة أو خمسة، لكن هذا لم يقلل من شأن الكرة الأوروبية، والوضع نفسه في الإمارات وقطركدول مجاورة وقريبة.
والمتابع والمهتم يدرك أن الدوري الأوروبي في عمومه هو الأفضل والأقوى.. والأكثر متابعة، رغم هذا الحسم المبكر.
والدوري الأسباني بالذات هو الأقوى عالميا حسب تصنيف فيفا وخبراء اللعبة.. رغم سيطرة برشلونة عليه أكثر من موسم.
والمنتخب الأسباني هو بطل كأس العالم.. ومعظم لاعبيه من فريق واحد (برشلونة)، ولم يأت من ينتقد هذا الوضع أو يقلل من شأنه،
والحال نفسه في إيطاليا وإنجلترا وتنافس فرقها وأنديتها على البطولات الأوروبية.
لنترك هذا جانبا..
ونأتي إلى الدوري المحلي (دوري زين للمحترفين)، الذي حسمه الهلال لصالحه قبل نهايته بجولتين، مكررا الإنجاز ذاته للموسم الثاني على التوالي. لنقف على بعض الحقائق التي نصل من خلالها إلى مدى قوة الدوري السعودي وعلاقتها بذلك.
أولا..
إن الهلال معروف طوال تاريخه (لاإله إلا الله ماشاء الله) بأنه الفريق الأكثر استقرارا ماديا وإداريا، وهذه هي أبرز عوامل النجاح لأي عمل، وبالتالي فقد حقق كل هذه الإنجازات على الصعيدين المحلي والخارجي ولم يخل موسم واحد دون تحقيق إنجاز مميز أو أكثر.
وجود الفكر الإداري وحده دون دعم مالي لايكفي للنجاح،
ووجود الدعم المالي دون فكر إداري يستثمر هذا الدعم استثمارا صحيحا يؤدي به في النهاية إلى هدر مالي.
وفي السنوات الأخيرة بات الفريق الهلالي أكثر تنظيما، والعمل فيه أقرب ما يكون للعمل المؤسساتي.. بعيدا عن التفرد بالرأي أو الاجتهادات الشخصية، وهذا ما اتضح أكثر في عهد الرئيس الحالي الأمير عبدالرحمن بن مساعد، الذي عرف كيف يختار الفريق الذي يعمل معه، وأعطاه الصلاحيات الكاملة سواء مديرعام الكرة سامي الجابر أو الجهاز الفني، واثبت هؤلاء أنهم أهل للمسؤولية وعلى قدر من الكفاءة.
رحل كوزمين، وظن كثيرون أن الهلال سيتأثر برحيله.
وغادر جريتس واعتقد هؤلاء أن الهلال سيفتقده.
وكلاهما غادر في ظروف وتوقيت غير مناسبين.
وجاء كالديرون، وتخوف البعض عطفا على نتاجه وعمله في فرق أخرى.. لكنه نجح مؤكدا أن البيئة هي التي تساعد على النجاح وليست كفاءة الشخص ومؤهلاته فقط.
وتفوق الهلال هذا الموسم وانفراده بالصدارة بفارق نقطي كبير وفارق الأهداف.. وعدم الخسارة في 25 جولة حتى الآن، يؤكد هذه الحقيقة ويؤكد أيضا تميزه عن الآخرين في عمله التنظيمي والإداري بصورة احترافية، مما انعكس بأثره على النتائج الفنية.
ومن هنا..
يفترض أن تدعوا هذه الأصوات الأندية الأخرى إلى الاستفادة من هذا التفوق الهلالي وتسعى لتطوير قدراتها لمنافسته بل والتفوق عليه، وهذا هو الذي يؤدي في النهاية إلى الارتقاء بمستوى الدوري وبمستوى الكرة السعودية بصورة عامة وليس العكس.
ثانيا..
إذا ما نظرنا إلى الدوري بشيء من التفصيل.. وبعيدا عن انفراد الهلال بالصدارة قبل نهايته أوهبوط الحزم في وقت مبكر، وهو أمر طبيعي في أي دوري في العالم أن يتفوق أحد الفرق ويتواضع آخر.. لأسباب عديدة ليس المجال لذكرها، وإن كانت معروفة فإننا نلحظ حقيقة هامة وهي: رغم أن الدوري يلفظ أنفاسه الأخيرة وتتبقى فيه جولة واحدة فقط يوم الجمعة المقبل، إلا أن هناك فرقا لم يتحدد موقعها أومصيرها بعد حتى تنطلق آخر صافرة فيه مابين باحث عن تمثيل خارجي أوتأهل لكأس الملك أوهروب من الهبوط.
أولا..
الاتفاق 45 نقطة، والنصر 43 نقطة، والشباب 43 نقطة، يتنافسون على التأهل لتمثيل الكرة السعودية في دوري أبطال آسيا الموسم المقبل، حيث تأهل حتى الآن الهلال والاتحاد فقط.
ثانيا..
الفيصلي 35 نقطة، والتعاون 34نقطة، يتنافسان على التأهل للمسابقة الكبرى على كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال.
ثالثا..
نجران 26 نقطة، والوحدة 23نقطة، والقادسية 23نقطة، يتنافسون ليبقى اثنان منهما ضمن دوري زين للمحترفين الموسم المقبل ويغادر الثالث، وقد يدخل الثلاثة في دورة ثلاثية مصغرة لتحديد الهابط أو يلعب اثنان مباراة فاصلة.
وهذا يعني..
أن خمس مباريات من أصل سبع هي مباريات الجولة الأخيرة هامة جدا لأحد الفريقين أو لكليهما، بل إن معظمها هامة للفريقين، ونظرة لمباريات هذه الجولة تؤكد هذه الحقيقة، حيث سيلعب كل من: الهلال ــ نجران.. (هامة للفريقين)
الرائد ــ الأهلي
الفتح ــ الحزم
الاتفاق ــ القادسية (هامة للفريقين)
الاتحاد ــ النصر (هامة للفريقين)
الوحدة ــ التعاون (هامة للفريقين)
الفيصلي ــ الشباب (هامة للفريقين)
وحتى في الرصيد النقطي العام نجد أن هناك تقاربا بين هذه الفرق الاثني عشر، مما يؤكد قوة الدوري وقوة المنافسة، فإلى فترة قريبة لم تتضح الرؤية بعد عن ملامح الدوري، مما يؤكد هذه الحقيقة.
إن نجاح فريقين مثل الفيصلي والتعاون وهما الجديدان على دوري زين (وليس على الدوري الممتاز)، وتنافسهما على التأهل لمسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين، وتفوقهما في كثير من المباريات.. يؤكد تطورا كبيرا وتحسنا في مستوى الكرة السعودية ومستوى المنافسة في الدوري.
ولابد للأندية الأخرى سواء التي لم تحقق بعضاً من طموحاتها أو التي غادرت الدوري أن تراجع حساباتها وتدرس بعناية الأسباب التي أدت إلى ذلك.. بعيدا عن التقليل من شأن الآخرين أو البحث عن أسباب أخرى ومبررات تحاول من خلالها التهرب من الحقيقة المرة.
إن تفوق فريق وتواضع آخر ليس الدليل على قوة المنافسة، بقدر ما ننظر إلى هذه المنافسة نظرة شمولية تأخذ في الاعتبار جميع الفرق والنتائج وفق رؤى فنية مبنية على أسس سليمة بعيدا عن الاجتهادات الشخصية والآراء الفردية..والله من وراء القصد
المدرسة
تفتح أبوابها من جديد
جاءت أول ردة فعل على خسارة فريق الرياض الصعود إلى مصاف أندية دوري المحترفين بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى منه من أعضاء الشرف الذين أكدوا التفافهم حول ناديهم ودعمه وتجديد الثقة في إدارة النادي برئاسة الأستاذ تركي البراهيم ودعمها للاستمرار في قيادة النادي في المرحلة المقبلة.
هذه الخطوة..
من أعضاء الشرف تؤكد النظرة السليمة والصحيحة لوضع النادي، والخطوة الأولى في طريق عودته إلى مكانه الطبيعي بين أندية المحترفين.
والمتابع لمسيرة “الرياض” في المواسم الأخيرة في دوري الدرجة الأولى يلحظ تواجده في الصفوف الخلفية, فقبل ثلاثة مواسم كان مهددا بالهبوط، وقبل موسمين احتل المركز العاشر، وفي الموسم الماضي هبط لمصاف الدرجة الثانية.. لكن قرار زيادة أندية الدرجة الأولى إلى 16 فريق أنقذه من ذلك.
فريق استطاع أن يتحول من الهبوط كما كان مقررا إلى المنافسة على الصعود يستحق الاحترام ويؤكد أن هناك جهودا تم بذلها وعملا على كافة الأصعدة أثمرت عنه هذه النتائج، ولاشك أن إدارة النادي في هذه المرحلة تستحق كل الاحترام والتقدير.
فريق الرياض كان يفترض أن يصعد هذا الموسم لو أحسن التعامل مع مبارياته، ولكن يبدو أن هناك خللا ما في هذا التعامل،
فقد خسر من الربيع الهابط للدرجة الثانية، وتعادل مع العدالة الهابط هو الآخر، وخسر من الطائي (السابع)، وخسر آخر مباراة أمام الشعلة المهدد بالهبوط.. لتنقذه هذه المباراة وهو الذي فاز على نفس الفريق في الدور الأول، وخسر من الوطني وكان قد تعادل معه، وكذلك الحال مع الأنصار فوز وخسارة 4 نقاط من هذه المباريات أو ثلاث كانت كفيلة بأنه تضع قدمه في الممتاز وكان بإمكانه تحقيقها لو أحسن التعامل معها.. وخسر الكثير من نقاطه في وقت هام وحساس.
هذه النتائج تجعل القائمين على النادي أمام مهمة أخرى لا تقل أهمية عن الإعداد الفني، وهي البحث عن أسباب ذلك ومعالجتها مستقبلا، إذ من غير المعقول أن يفقد نقاطا هو بأمس الحاجة إليها في ظروف كهذه. وعلى المنتمين لهذا النادي العريق أن لا يأسوا على ما فاتهم وأن يعملوا لما آتاهم. الدوري المقبل لن يكون سهلا، فالهابطان ممن شاركوا في دوري المحترفين عدة مواسم واكتسبوا المزيد من الخبرات، وأندية الدرجة الأولى يعرفها الرياضيون (نسبة إلى نادي الرياض).. ويدركون إمكاناتها وقدراتها.
ومن هنا..
يفترض من محبي هذا النادي العريق والمنتمين إليه العمل من الآن والتخطيط للموسم المقبل وفق منهجية واضحة تضع في اعتبارها مصلحة النادي، وإعطاء الصلاحيات لمجلس الإدارة الذي اثبت كفاءته وقدرته على قيادة النادي وإعادة المدرسة لسابق مجده، ولعل موقف أعضاء الشرف الأخير هو الخطوة الأولى في الاتحاد الصحيح.. والله من وراء القصد.
وهنا أتحدث في المقام الرياضي عموما وكرة القدم على وجه الخصوص.
المعروف أن أي عمل أو مشروع لابد أن يخضع تقييمه لأسس ومعايير تختلف من مشروع لآخر، وتعتمد على نوعية العمل وأهدافه بعيدا عن الاجتهادات الفردية والرؤى الشخصية.
الدوري السعودي أو دوري زين للمحترفين على سبيل المثال.. وهنا أتوقف..
لأقول: إنني هنا لا أعني الجهات الرسمية بقدر ما أعنينا نحن كمتابعين ونقاد ومحللين، وتحديدا البعض من هؤلاء رأيهم مؤثر ولاشك، بدليل ترديد ذلك في الوسط الرياضي
عندما تأتي مناقشة وضع الكرة السعودية بصورة عامة، خاصة عندما يخرج المنتخب من إحدى المسابقات يأتي الحديث عن الدوري كأحد الأسباب والتأكيد على أن الدوري القوي يصنع منتخبا قويا.. ضاربين المثل ببعض الدوريات الأوروبية.
وعندما تم تصنيف الدوري السعودي ذات مرة من قبل إحدى الجهات العالمية على أنه ضعيف وتم وضعه في مركز متأخر، ثارت ثائرة هؤلاء متهمين تلك الجهة مشككين في مصداقيتها، وأن هذا لايليق به كأقوى دوري عربي ولا بالكرة السعودية.. ضاربين الأمثلة على بعض نجاحاتها ووصولها للعالمية سواء على مستوى المنتخب أو الأندية.
ثم عاد هؤلاء للثناء على الدوري السعودي بعد تصنيفه من قبل الاتحاد الآسيوي كثالث دوري على مستوى القارة بعد الدوري الياباني ثم الكوري، وإن هذا جاء إنصافا له وللكرة السعودية.
كل هذا كان يتم دون توضيح للأسباب وشرح لها وتفنيدها.
ومع قرب نهاية ها الموسم.. عاد هؤلاء إلى وصفه بأنه ضعيف.
الجديد هذه المرة..
أن هؤلاء حددوا الأسباب، لكن المشكلة إنهم حصروها في سبب واحد وهو مالا يتفق مع الأسس العلمية لتقييم أي عمل أو تقويمه.
والسبب في رأي هؤلاء هو حسمه مبكرا وقبل نهايته بأسبوعين من قبل أحد الفرق، وهو الذي كرر النجاح ذاته والأسلوب للمرة الثانية على التوالي.
هذا التقييم أو هذه النظرة لاتخرج عن أحد أمرين:
إما..
محاولة للتقليل من شأن هذا الفريق وعدم جدارته بهذا التفوق..
أو..
السعي لإضعاف هذا الفريق بطريقة أو بأخرى وجره للمستويات الأدنى ولا ثالث لهما..وهي نظرة خاطئة ولاشك.
فالحالة الأولى..
سبق أن فعلها أحد الفرق وحسم الدوري قبل نهايته لكنه لقي الإشادة والثناء على هذا النجاح المميز.
والثانية..
إنه ليس من مصلحة الكرة السعودية إضعاف أي فريق، بل المصلحة هي في قوة الفرق جميعها والرفع من مستواها.
الزميل بندر الطياش طرح في عدد الجمعة الماضية من هذه الجريدة تحقيقا جميلا عن هذه النقطة بالذات، استضاف فيه بعض الخبراء الذين لديهم القدرة على تقييم أي دوري بحكم تاريخهم وخبراتهم ومؤهلاتهم، وعقد مقارنة مع الدوريات العالمية والعربية.. وخلص إلى نقطتين هامتين:
الأولى..
أن انفراد أحد الفرق بالصدارة وحسم الدوري قبل نهايته ليس دليل ضعف في الدوري بقدر ماهو قوة لهذا الفريق والتأكيد على تميزه وعمله الاحترافي المنظم.
الثانية..
إن معظم الدوريات الأوروبية بل وأهمها.. في اليونان وألمانيا وإيطاليا وإنجلترا والبرتغال وأسبانيا.. تم حسمها قبل نهايتها بأسبوعين وبعضها بأربعة أو خمسة، لكن هذا لم يقلل من شأن الكرة الأوروبية، والوضع نفسه في الإمارات وقطركدول مجاورة وقريبة.
والمتابع والمهتم يدرك أن الدوري الأوروبي في عمومه هو الأفضل والأقوى.. والأكثر متابعة، رغم هذا الحسم المبكر.
والدوري الأسباني بالذات هو الأقوى عالميا حسب تصنيف فيفا وخبراء اللعبة.. رغم سيطرة برشلونة عليه أكثر من موسم.
والمنتخب الأسباني هو بطل كأس العالم.. ومعظم لاعبيه من فريق واحد (برشلونة)، ولم يأت من ينتقد هذا الوضع أو يقلل من شأنه،
والحال نفسه في إيطاليا وإنجلترا وتنافس فرقها وأنديتها على البطولات الأوروبية.
لنترك هذا جانبا..
ونأتي إلى الدوري المحلي (دوري زين للمحترفين)، الذي حسمه الهلال لصالحه قبل نهايته بجولتين، مكررا الإنجاز ذاته للموسم الثاني على التوالي. لنقف على بعض الحقائق التي نصل من خلالها إلى مدى قوة الدوري السعودي وعلاقتها بذلك.
أولا..
إن الهلال معروف طوال تاريخه (لاإله إلا الله ماشاء الله) بأنه الفريق الأكثر استقرارا ماديا وإداريا، وهذه هي أبرز عوامل النجاح لأي عمل، وبالتالي فقد حقق كل هذه الإنجازات على الصعيدين المحلي والخارجي ولم يخل موسم واحد دون تحقيق إنجاز مميز أو أكثر.
وجود الفكر الإداري وحده دون دعم مالي لايكفي للنجاح،
ووجود الدعم المالي دون فكر إداري يستثمر هذا الدعم استثمارا صحيحا يؤدي به في النهاية إلى هدر مالي.
وفي السنوات الأخيرة بات الفريق الهلالي أكثر تنظيما، والعمل فيه أقرب ما يكون للعمل المؤسساتي.. بعيدا عن التفرد بالرأي أو الاجتهادات الشخصية، وهذا ما اتضح أكثر في عهد الرئيس الحالي الأمير عبدالرحمن بن مساعد، الذي عرف كيف يختار الفريق الذي يعمل معه، وأعطاه الصلاحيات الكاملة سواء مديرعام الكرة سامي الجابر أو الجهاز الفني، واثبت هؤلاء أنهم أهل للمسؤولية وعلى قدر من الكفاءة.
رحل كوزمين، وظن كثيرون أن الهلال سيتأثر برحيله.
وغادر جريتس واعتقد هؤلاء أن الهلال سيفتقده.
وكلاهما غادر في ظروف وتوقيت غير مناسبين.
وجاء كالديرون، وتخوف البعض عطفا على نتاجه وعمله في فرق أخرى.. لكنه نجح مؤكدا أن البيئة هي التي تساعد على النجاح وليست كفاءة الشخص ومؤهلاته فقط.
وتفوق الهلال هذا الموسم وانفراده بالصدارة بفارق نقطي كبير وفارق الأهداف.. وعدم الخسارة في 25 جولة حتى الآن، يؤكد هذه الحقيقة ويؤكد أيضا تميزه عن الآخرين في عمله التنظيمي والإداري بصورة احترافية، مما انعكس بأثره على النتائج الفنية.
ومن هنا..
يفترض أن تدعوا هذه الأصوات الأندية الأخرى إلى الاستفادة من هذا التفوق الهلالي وتسعى لتطوير قدراتها لمنافسته بل والتفوق عليه، وهذا هو الذي يؤدي في النهاية إلى الارتقاء بمستوى الدوري وبمستوى الكرة السعودية بصورة عامة وليس العكس.
ثانيا..
إذا ما نظرنا إلى الدوري بشيء من التفصيل.. وبعيدا عن انفراد الهلال بالصدارة قبل نهايته أوهبوط الحزم في وقت مبكر، وهو أمر طبيعي في أي دوري في العالم أن يتفوق أحد الفرق ويتواضع آخر.. لأسباب عديدة ليس المجال لذكرها، وإن كانت معروفة فإننا نلحظ حقيقة هامة وهي: رغم أن الدوري يلفظ أنفاسه الأخيرة وتتبقى فيه جولة واحدة فقط يوم الجمعة المقبل، إلا أن هناك فرقا لم يتحدد موقعها أومصيرها بعد حتى تنطلق آخر صافرة فيه مابين باحث عن تمثيل خارجي أوتأهل لكأس الملك أوهروب من الهبوط.
أولا..
الاتفاق 45 نقطة، والنصر 43 نقطة، والشباب 43 نقطة، يتنافسون على التأهل لتمثيل الكرة السعودية في دوري أبطال آسيا الموسم المقبل، حيث تأهل حتى الآن الهلال والاتحاد فقط.
ثانيا..
الفيصلي 35 نقطة، والتعاون 34نقطة، يتنافسان على التأهل للمسابقة الكبرى على كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال.
ثالثا..
نجران 26 نقطة، والوحدة 23نقطة، والقادسية 23نقطة، يتنافسون ليبقى اثنان منهما ضمن دوري زين للمحترفين الموسم المقبل ويغادر الثالث، وقد يدخل الثلاثة في دورة ثلاثية مصغرة لتحديد الهابط أو يلعب اثنان مباراة فاصلة.
وهذا يعني..
أن خمس مباريات من أصل سبع هي مباريات الجولة الأخيرة هامة جدا لأحد الفريقين أو لكليهما، بل إن معظمها هامة للفريقين، ونظرة لمباريات هذه الجولة تؤكد هذه الحقيقة، حيث سيلعب كل من: الهلال ــ نجران.. (هامة للفريقين)
الرائد ــ الأهلي
الفتح ــ الحزم
الاتفاق ــ القادسية (هامة للفريقين)
الاتحاد ــ النصر (هامة للفريقين)
الوحدة ــ التعاون (هامة للفريقين)
الفيصلي ــ الشباب (هامة للفريقين)
وحتى في الرصيد النقطي العام نجد أن هناك تقاربا بين هذه الفرق الاثني عشر، مما يؤكد قوة الدوري وقوة المنافسة، فإلى فترة قريبة لم تتضح الرؤية بعد عن ملامح الدوري، مما يؤكد هذه الحقيقة.
إن نجاح فريقين مثل الفيصلي والتعاون وهما الجديدان على دوري زين (وليس على الدوري الممتاز)، وتنافسهما على التأهل لمسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين، وتفوقهما في كثير من المباريات.. يؤكد تطورا كبيرا وتحسنا في مستوى الكرة السعودية ومستوى المنافسة في الدوري.
ولابد للأندية الأخرى سواء التي لم تحقق بعضاً من طموحاتها أو التي غادرت الدوري أن تراجع حساباتها وتدرس بعناية الأسباب التي أدت إلى ذلك.. بعيدا عن التقليل من شأن الآخرين أو البحث عن أسباب أخرى ومبررات تحاول من خلالها التهرب من الحقيقة المرة.
إن تفوق فريق وتواضع آخر ليس الدليل على قوة المنافسة، بقدر ما ننظر إلى هذه المنافسة نظرة شمولية تأخذ في الاعتبار جميع الفرق والنتائج وفق رؤى فنية مبنية على أسس سليمة بعيدا عن الاجتهادات الشخصية والآراء الفردية..والله من وراء القصد
المدرسة
تفتح أبوابها من جديد
جاءت أول ردة فعل على خسارة فريق الرياض الصعود إلى مصاف أندية دوري المحترفين بعد أن كان قاب قوسين أو أدنى منه من أعضاء الشرف الذين أكدوا التفافهم حول ناديهم ودعمه وتجديد الثقة في إدارة النادي برئاسة الأستاذ تركي البراهيم ودعمها للاستمرار في قيادة النادي في المرحلة المقبلة.
هذه الخطوة..
من أعضاء الشرف تؤكد النظرة السليمة والصحيحة لوضع النادي، والخطوة الأولى في طريق عودته إلى مكانه الطبيعي بين أندية المحترفين.
والمتابع لمسيرة “الرياض” في المواسم الأخيرة في دوري الدرجة الأولى يلحظ تواجده في الصفوف الخلفية, فقبل ثلاثة مواسم كان مهددا بالهبوط، وقبل موسمين احتل المركز العاشر، وفي الموسم الماضي هبط لمصاف الدرجة الثانية.. لكن قرار زيادة أندية الدرجة الأولى إلى 16 فريق أنقذه من ذلك.
فريق استطاع أن يتحول من الهبوط كما كان مقررا إلى المنافسة على الصعود يستحق الاحترام ويؤكد أن هناك جهودا تم بذلها وعملا على كافة الأصعدة أثمرت عنه هذه النتائج، ولاشك أن إدارة النادي في هذه المرحلة تستحق كل الاحترام والتقدير.
فريق الرياض كان يفترض أن يصعد هذا الموسم لو أحسن التعامل مع مبارياته، ولكن يبدو أن هناك خللا ما في هذا التعامل،
فقد خسر من الربيع الهابط للدرجة الثانية، وتعادل مع العدالة الهابط هو الآخر، وخسر من الطائي (السابع)، وخسر آخر مباراة أمام الشعلة المهدد بالهبوط.. لتنقذه هذه المباراة وهو الذي فاز على نفس الفريق في الدور الأول، وخسر من الوطني وكان قد تعادل معه، وكذلك الحال مع الأنصار فوز وخسارة 4 نقاط من هذه المباريات أو ثلاث كانت كفيلة بأنه تضع قدمه في الممتاز وكان بإمكانه تحقيقها لو أحسن التعامل معها.. وخسر الكثير من نقاطه في وقت هام وحساس.
هذه النتائج تجعل القائمين على النادي أمام مهمة أخرى لا تقل أهمية عن الإعداد الفني، وهي البحث عن أسباب ذلك ومعالجتها مستقبلا، إذ من غير المعقول أن يفقد نقاطا هو بأمس الحاجة إليها في ظروف كهذه. وعلى المنتمين لهذا النادي العريق أن لا يأسوا على ما فاتهم وأن يعملوا لما آتاهم. الدوري المقبل لن يكون سهلا، فالهابطان ممن شاركوا في دوري المحترفين عدة مواسم واكتسبوا المزيد من الخبرات، وأندية الدرجة الأولى يعرفها الرياضيون (نسبة إلى نادي الرياض).. ويدركون إمكاناتها وقدراتها.
ومن هنا..
يفترض من محبي هذا النادي العريق والمنتمين إليه العمل من الآن والتخطيط للموسم المقبل وفق منهجية واضحة تضع في اعتبارها مصلحة النادي، وإعطاء الصلاحيات لمجلس الإدارة الذي اثبت كفاءته وقدرته على قيادة النادي وإعادة المدرسة لسابق مجده، ولعل موقف أعضاء الشرف الأخير هو الخطوة الأولى في الاتحاد الصحيح.. والله من وراء القصد.