|


عبدالله الضويحي
قضايا .. لا تهز الوسط الرياضي
2011-05-03
ثلاث قضايا أو حوادث خلال الأسبوعين الماضيين .. لا أقول إنها هزت المجتمع أو الوسط الرياضي .. لأن هذا الوسط وغيره من الأوساط أكبر من أن تؤثر فيه حوادث عرضية أو شاذة أو تصرفات فردية لا يمكن أن تحسب على المجموع, لكن من المؤكد أنها طرحت العديد من علامات الاستفهام .. سواء كانت داخل الوسط أو خارجه.
خارج الوسط ..
أعطت الفرصة لمن ينظرون للوسط الرياضي نظرة دونية .. وأنه مجتمع تعيش فيه الكثير من الممارسات الخاطئة .. بتعزيز هذه النظرة وربما الترويج لها. داخل الوسط ..
طرحت المزيد من علامات الاستفهام علينا كمجتمع عبر تساؤلات عدة .. لا تتعلق بأسباب حدوثها .. قدر تعلقها بأسباب ظهورها على السطح وطرق معالجة البعض منها.
هذه القضايا.. أو الحوادث هي ..
ــ دخول شاب بسيارته إلى ملعب مدينة الأمير محمد بن عبدالعزيز الرياضية بالمدينة المنورة .. وممارسته التفحيط على أرض الملعب .. وتصويره وتسريب الصور .. ــ القبض على شاب داخل ملعب الملك فهد الدولي أثناء مباراة النصر والهلال الأخيرة وبحوزته بعض المسكر ومبالغ نقدية بالآلاف .. قيل إنه يروج الخمور .. فيما نفى هو ذلك مؤكدا أن ما بحوزته هو للاستعمال الشخصي .. وأن المبالغ لشراء سيارة .. وأنه لا يهتم بكرة القدم وإنما جاء لرؤية أصدقائه .. !!!!!!
ــ اتهام حارس مرمى فريق نجران جابر العامري بتلقيه رشوة (مبلغ مالي) في مباراة فريقه أمام الوحدة ضمن دوري زين للمحترفين التي جرت في نجران الجمعة قبل الماضية وانتهت لصالح الوحدة 5ـ1 وورود بعض الأسماء في القضية سواء كمتهمين أو كشهود ..
الأولى ..
دخول شخص بسيارته إلى منشأة رياضية (أيا كانت) وممارسة التفحيط في ملعب كرة القدم وتصويره يعني ثلاثة احتمالات..
أحدها ..
أن أبواب المنشأة مفتوحة .. ومشرعة دون حسيب أو رقيب .. وبإمكان (كائنا من كان) الدخول إليها .. وهذا أمر مستبعد .. يبقى احتمالان .. الأول ..
أن يكون ذلك قد تم في غفلة من حراسة أمن المنشأة مما يعني إهمالهم وعدم تحملهم المسؤولية .. الثاني ..
أو أن يكون ذلك قد تم بتسهيل من أحد القائمين على أمن المنشأة وحراستها لسبب أو لآخر ..
هذا الحادث يجب ألا ينتهي عند شاب مارس التفحيط ..!! سواء تم القبض عليه .. أم لم يتم !! وسواء تمت معاقبته أم لم تتم ..!! حتى لو ادعى المسؤولون عن الملعب في محضرهم الرسمي أن ما شاهدوه .. في اليوم التالي هو آثار سيارة الإسعاف .. إلا إذا كان سائق سيارة الإسعاف يمارس التفحيط .. .ويبدو أن مقطع الفيديو وعرضه في اليوتيوب ونشره فضحهم ..على أن هذا الحادث يفتح ملفاً أكثر أهمية .. حول عملية الإهمال هذه .. فالذي وصل بهذا الشاب إلى ملعب كرة قدم .. يمكن أن يصل بغيره إلى مكان أكثر أهمية في الملعب ..
والإهمال أو غيره الذي أتاح له الفرصة لممارسة التفحيط .. يمكن أن يتيح الفرصة لغيره بممارسة ما هو أكثر تأثيرا .. وأكثر خطورة ..
هذا الحادث .. يفترض ألا يمر مرور الكرام وبهذه السهولة .. ــ كما أشرت ــ فربما كان التفحيط بالون اختبار ..
الأمر الآخر ..
وهو لا يقل أهمية .. لماذا اختار هذا الشاب ملعب كرة قدم رسمي في منشأة رسمية تابعة لرعاية الشباب لممارسة التفحيط .. وتصويره من قبل زميله ونشر ذلك في اليوتيوب .. هل هي عملية تحد لا تتجاوز تصرفات صبيانية وشبابية .. ؟ أم أن هناك أسبابا أخرى ..
الثانية ..
قضية الشاب الذي تم ضبطه في ملعب الملك فهد الدولي في قضية المسكر .. هذه الحادثة يجب أن ننظر لها من جوانب أخرى غير الجانب الإعلامي وإثارة القضية عبر الفضاء .. وإن كان هذا هو لبها ومحورها الرئيس ..لا أريد أن أمارس نوعاً من النقد لزملاء المهنة .. فليست هذه من عاداتي لكنني .. أتساءل كمنتم لهذا المجتمع .. ماذا يستفيد المجتمع بصورة عامة .. من عرض الحادثة على الفضاء ووصولها إلى آفاق أبعد مسافة وثقافة ..
ثم ..
ماذا يستفيد المجتمع من مقابلة صاحب القضية وهو بهذه الحالة ..
ونفيه أن يكون مروجاً .. وأنه أحضرها معه للاستعمال الشخصي..
وبغض النظر عن هدفه من هذا التصريح والنفي .. لماذا نزل بها إلى الملعب إذاً؟ ليست المرة الأولى التي يتم فيها ضبط قضايا مشابهة .. وإلقاء القبض على أصحابها سواء من قبل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. أو من قبل رجال الأمن .. لكن أيا من تلك القضايا .. لم تتم فيها مقابلة صاحب الشأن المتهم في القضية عبر وسيلة إعلامية, لكنها المرة الأولى التي تحدث في منشأة رياضية .. فهل كانت الإثارة الإعلامية وراء ذلك ..؟ وهل أصبحنا نختلف حول حدود هذه الإثارة ومفهومنا لها؟
أم أن الهدف هو كشف الأخطاء لدى مسؤولي الأمن في الملعب وإهمالهم؟ إذا كان الهدف كذلك .. فإنه يعتمد على المكان الذي تم ضبط الشاب فيه .. !! ــ فإذا كان في المدرجات أو بعد تجاوز بوابات الدخول فيجب أن تتم مساءلتهم كما قلت في حديثي في الفقرة الماضية حول ملعب مدينة الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينة المنورة وقضية التفحيط ..
ــ وإن كان قبل تجاوزه الأبواب فهذه تحسب لأمن الملعب في قدرتهم على كشف مثل هذه السلبيات ..
وإذا كنا لا نتهم الإعلام من منطلق بحثه عن الإثارة سواء كان موفقا في ذلك أم لا؟ وسواء انتقدناه أم لم ننقده ..
وسواء كان الصحفي قادرا على إدارة الحوار .. أو أن خبرته وإمكاناته لم تسعفه .. فإن الأمر الأكثر أهمية هو .. في رجل الأمن الذي تجاوب مع رغبة الصحفي وقام بإنزال الشاب من السيارة لإجراء المقابلة معه ..
الصحفي قام بمحاولة وعمل .. سواء كان صحيحاً في نظرنا أو غير صحيح .. !! لكن رجل الأمن . ألا يدرك أبعاد تصرفه ..
أعتقد أنه يجب أن يكون أكثر عرضة للمساءلة من غيره ..
لنترك هذا كله جانباً .. ونختم بما هو أكثر أهمية في نظري .. عبر مسألتين .. ـ إنسانية .. دينية ـ والأخرى .. شخصية الجانب الإنساني..
قيم المجتمع وتقاليده .. وتعاليم الدين الحنيف .. كلها تدعو إلى الستر أولاً .. ومعالجة الموقف وفق هذه الأطر .. دون دخول في تفاصيل أبعاد ذلك ..أو استغلال الحالة التي كان عليها الشاب لتحقيق مجد شخصي .. أو نجاحات فردية على حساب المجتمع .. وإذا كنا ننتقد هيئة الأمر ونطالبها بالستر في كثير من الحالات أو نتهمها عبر تصرفات لا مسؤولة من فئات لا تنتمي إليها .. فمن الأولى أن نكون كذلك .. ولا أعني هنا الإعلام فقط .. ولكن أيضا كل طرف كان له دور في القضية .
الجانب الشخصي ..

وهذا يتعلق بالشاب نفسه .. لماذا أقدم على خطوته هذه ..
ولماذا وصل إلى هذا المكان .. بهذا الوضع ..
وما هي الأسباب التي جعلته يصل لهذه الحالة سواء كان مروجاً أو متعاطياً؟ هذه هي الأسئلة التي يجب أن تطرح .. ومن خلالها نصل إلى أمور أكثر أهمية تصب في مصلحة المجتمع .. دون أن ننسى أن مثل هذا الشاب هو ضحية ومريض تجب معالجته .. أكثر من كونه متهماً نبحث عن محاكمته .
ثالثاً ..
كنا نسمع عن أن هذا اللاعب أو ذاك .. تخاذل في مباراة ما .. أو غاب عن أخرى مقابل (رشوة) .. سواء كانت هذه الرشوة مالية أو معنوية .. لكن ذلك كله كان (كلام يطير به الهواء) فليس هناك ما يثبت وليس هناك قضية مرفوعة ..
لكننا اليوم أمام قضية هي الأخطر في نظري على الكرة السعودية منذ بدايتها قبل أكثر من نصف قرن ..
القضية ..
أن حارس مرمى فريق نجران جابر العمري أكد لرئيس ناديه قبل مباراتهم أمام الوحدة الجمعة قبل الماضية .. تلقيه عرضاً ماليا بـ 50 ألف ريال مقابل تسهيله لفوز الوحدة .. وذلك عبر لاعب وسيط .. لنقف على الوضع قبل ذلك .. نجران لديه 23نقطة والوحدة 22 نقطة والقادسية كذلك والأخيران لهما مباراة مؤجلة مع بعضهما إلى يوم بعد غد الخميس ..الفرق الثلاثة .. تتصارع على النجاة .. حيث سيهبط أحدها إلى الدرجة الأولى مرافقاً للحزم ..مباراة الدور الأول بين الفريقين انتهت بفوز الوحدة 2ـ0 وأقيمت في مكة المكرمة وهذه المباراة القضية انتهت بفوز الوحدة 5ـ1 في نجران .. بعد أن كان نجران متقدماً بهدف في أولى دقائق المباراة .. وانتهى الشوط الأول بالتعادل 1ـ1 .. وتسبب حارس مرمى نجران في هذه النتيجة .. لأنه كما يقول رئيس النادي كان واقعاً تحت ضغط نفسي جراء ذلك العرض .. وهو الذي أكد أيضا امتلاكه لأدلة تدين الوحداويين واللاعب الوسيط عبر تسجيلات وشهود .. إلى آخر ما قال ..
القضية تم إثارتها عبر الصحف .. ويقال إنها أرسلت لاتحاد كرة القدم .. وسواء حدث ذلك (إرسالها) ..أو لم يحدث فالقضية أصبحت قضية رأي عام .. ولابد من الفصل فيها ..
ــ فإما ..
أن يثبت مسؤولو نادي نجران صحة اتهاماتهم .. وبالتالي يجب أن تنال الأطراف الأخرى ـ أيا كانت ـ وكل طرف له دور في القضية الجزاء الرادع بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى ..سواء كانت هذه الأطراف أفرادا أو كيانات ..
ــ أو ..
أن لا يستطيع إثبات ذلك .. وبالتالي ينال حقه من إثارة قضية كهذه دون تثبت .. فالقضية ليست بهذه السهولة ..
وقضايا الرشوة ..
من أخطر القضايا التي تواجه الاتحادات الدولية وتتعامل معها بحزم وقوة .. دون مراعاة لأطراف القضية ومكانتهم .. إما بغرامات مالية أو سحب نقاط أو هبوط لدرجة أدنى.. وما قضية نادي يوفنتوس الإيطالي عنا ببعيد .. ولخطورة القضية وأهميتها ..فلا بد أن تكون الأطراف التي تتولى التحقيق فيها على مستوى من الخبرة والدراية في مثل هذه القضايا وأبعادها .. وحتى تصل إلى الأطراف المتورطة في الموضوع بصورة مباشرة أو غير مباشرة .. ولتكون قراراتها متوافقة مع ذلك ..
بقيت نقطة هامة ..
وهي أن هذه الحوادث رغم غرابتها وسلبيتها إلا أنها يجب ألا تغير من نظرتنا كمجتمع بصورة عامة إلى الوسط الرياضي وتعمينا عن إيجابياته .. وإيجابيات الرياضة ..
فالمجتمع الرياضي ..
كغيره من المجتمعات الأخرى يعاني من بعض المحسوبين عليه، فالشاب الذي تم ضبطه وبحوزته المسكر أكد أنه لا ينتمي للرياضة ولا يهتم بها .. والمفحط ليس شرطاً أن يكون كذلك فالتفحيط معروف ومشهور دونما حاجة لربطه بالرياضة .. ولا ننكر أن الوسط الرياضي يواجه الكثير من التصرفات الفردية لأشخاص ينتسبون إليه .. !! لكن يجب أن تكون نظرتنا له ولغيره من الأوساط والمجتمعات الأخرى منصفة وواقعية .. وأن نتعامل مع الحالات الفردية كحالات خاصة لا علاقة لها بالمجموع
والله من وراء القصد.

الوحدة .. والقادسية
بعد غد الخميس5 مايو 2011 تقام المباراة المؤجلة من العام الماضي بين فريقي الوحدة والقادسية وهي التي كانت مقررة في الأسبوع الـ 15 في منتصف ديسمبر الماضي ..
المباراة تقام بعد الأسبوع الـ 24 وقبل نهاية الدوري بأسبوعين ..أكثر من أربعة أشهر ونصف .. 142يوماً .. مرت على المباراة لم تجد فيها لجنة المسابقات أي فرصة لإقامتها .. طوال هذه الفترة ..
السؤال المطروح ..
ماذا لو أن أحد طرفي المباراة مستقر في مركز .. لا تهمه نتيجة المباراة أيا كانت ولا تؤثر على موقفه .. والآخر تحدد موقفه إما كبطل أو تؤهله لآسيا .. أو نجاته من الهبوط .. ماذا سيكون موقف لجنة المسابقات .. وكيف سينظر الآخرون لهذه المباراة .. ؟ ونتيجتها .. وماذا لو كان أحد أطرافها فريقاً مهماً له وزنه وثقله في الدوري ..
أعتقد أن وضع الفريقين أنقذ لجنة المسابقات لكنه في الوقت نفسه وضع اتحاد القدم وتحديداً لجنة الحكام في وضع حرج .. نظراً لأهمية المباراة وحساسيتها .. فهل يلجأ الاتحاد إلى حكام أجانب لهذه المباراة بسبب هذا الوضع .. والله من وراء القصد.