|


عبدالله الضويحي
تزكية نواف.. المقطوع .. وميلوفان
2011-03-08
تزكية الأمير نواف بن فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اللجنة الأولمبية العربية السعودية وفوزه كمرشح وحيد برئاسة اتحاد اللجان الأولمبية العربية من خلال إجماع أعضاء الجمعية العمومية للاتحاد بعد استقالة رئيسه السابق الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز يؤكد على حقيقتين هامتين:
الأولى:
المكانة التي تحتلها السعودية في نفوس العرب عموماً والرياضيين والشباب العربي على وجه الخصوص..
هذه المكانة لم تأت من فراغ.. بقدر ما استندت إلى سياسة راسخة وثابتة.. وقدرة على صناعة النجاح ودعمه..
وليس خافياً ما تقدمه للرياضة العربية من دعم سواء كان ماديا أو لوجستيا على مدى ثلاثة عقود ونصف.. وتحديدا منذ العام 1975 عندما أرسى قواعدها الأمير فيصل بن فهد ـ رحمه الله ـ هذا الدعم يأتي من خلال ثلاثة محاور:
أولها..
استضافة مقرات عدد من الاتحادات الرياضية العربية وأبرزها الاتحاد العربي لكرة القدم واتحاد اللجان الأولمبية العربية (الاتحاد العربي للألعاب الرياضية سابقاً).. وغيرهما من الاتحادات..
الثاني..
دعم مادي مباشر سواء بتحمل مصاريف الاتحادات العربية التي تستضيف مقراتها وميزانية هذه الاتحادات.. أو دعم الاتحادات العربية الأخرى.. والاتحادات العربية المحلية بما يساهم في تنفيذ برامجها والقيام بدورها.. أو من خلال البنى التحتية وتنفيذها في بعض الدول العربية..
الثالث..
دعم الاتحادات العربية في الاتحادات والمحافل الدولية.. سواء بدعم مرشحيها أو مواقفها بما يساهم في تعزيز الحضور العربي في هذه المحافل..
الثانية.. إلى جانب مكانة السعودية.. كحقيقة أولى في تزكية الأمير نواف لرئاسة الاتحاد.. فإن الحقيقة الثانية تتمثل في مكانة سموه وشخصيته القيادية وكفاءته التي تعرف عليها الأعضاء عندما كان نائباً تنفيذياً لرئيس الاتحاد الأمير سلطان بن فهد ورئاسته بعض الاجتماعات.. مما رسخ لدى هؤلاء القناعة بتأهيله لهذا المنصب وجدارته به.. والأمير نواف معروف لدينا ولدى القريبين منه.. وقد تجلى هذا واضحاً في تصريح استهل به عهده في رئاسة الاتحاد عندما أشار إلى أن هناك سياسات جديدة سوف يتبناها الاتحاد تتركز في ثماني نقاط.. ترسم آفاق الرياضة العربية.. لعل من أبرزها في نظري نقطتان:
أولاهما..
الاستفادة من التجارب الناجحة في الدول العربية ودول العالم مع ضرورة التواصل بين المؤسسات الرياضية العربية والقارية والدولية ذات الاهتمام المشترك فضلاً عن تعزيز ثقافة الحوار لصالح قيم وأهداف الرياضة والحركة الأولمبية.. هذا التصريح يرسم خارطة طريق لمسيرة الاتحاد المقبلة ويضع اللبنات الأولى لنجاح هذه المسيرة.. ويبقى دور اللجان الأولمبية العربية في التعاون مع الاتحاد ومع سموه الكريم.. ودعمه بالرأي الصادق والتعاون المثمر البناء بما يساهم في نجاح الرياضة العربية وأخذها المكانة اللائقة بها في المحافل الدولية..
الثانية..
تفعيل الحوار بين الإعلام الرياضي بكافة وسائله والشباب.. وهي المستلهمة من فكرة الحوار بين الأديان التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله.
وهذا يؤكد اهتمام سموه بالإعلام وإيمانه بدوره في النهوض بمستوى الرياضة وتنمية الفكر والثقافة الرياضية, كما يؤكد إيمانه بأهمية الحوار كمبدأ وكأسلوب حضاري في خلق هذه الثقافة وتنميتها وتأصيلها كمنهج حياة بما ينعكس إيجاباً على ثقافة الرياضيين والشباب على وجه العموم..
يأتي انتخاب الأمير نواف وتزكيته لقيادة الرياضة العربية والشباب العربي في المرحلة المقبلة.. في وقت تمر فيه المنطقة العربية بكثير من التقلبات السياسية المتسارعة لم تعهدها من قبل ربما انعكست على تركيبتها الاجتماعية، وأصبح لها تأثيرها على هذا النسيج..
ومن هنا..
تأتي أهمية توظيف الإعلام في تأصيل ثقافة الحوار بين الشباب العربي وتنميتها واعتمادها كمنهج تسير عليه العلاقات العربية ـ العربية خصوصا في مجال الشباب والرياضة وهو المجال الأهم..

حكم
مقطوع من شجرة
لم تمض أيام قلائل على قرار الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب بالعفو الشامل عن جميع الموقوفين بمناسبة عودة خادم الحرمين الشريفين سليماً معافى ولله الحمد.. بل إنها أسبوع واحد فقط.. أو أسبوعين من الدوري.. إلا وقد خرج البعض عن النص.. وتجاوزوا الخطوط الحمراء.. القرار لم يجف حبره بعد.. وما زال صداه يتردد في أوساط الرياضيين.
ومع ذلك..
جاء هذا الخروج وبصورة ربما أعنف لدى البعض من السابق.. وزاد عدد الخارجين عن المعدل الطبيعي وشهدت أربع أو خمس مباريات أحداثاً مؤسفة وصلت في بعضها إلى تدخل الجهات الأمنية.. ودخلت بعضها في الذمم والعلاقات الإنسانية ويبدو أن الرسالة التي تضمنها القرار لم تصل هؤلاء.. أو أنهم لم يفهموا لغتها رغم أنها مكتوبة بلسان عربي مبين.. مما يجعل البعض يشكك في أمية هؤلاء.. وعدم قدرتهم على قراءة مثل هذا النوع من الرسائل واستيعابها.
وعدم قدرتهم في فهم مهمة الحكم ودوره كجزء من اللعبة.. أو أنهم لا يريدون فهم ذلك.
هؤلاء..
ما زالوا يعتقدون أن الصوت الأعلى هو الصوت الأقوى.. دون إدراك أن الصوت الأقوى هو الحق وصوت العقل.. مهما كانت درجته.. بل إن الهدوء يمنحه قوة أكبر للنفاذ إلى العقول.. واستيعابه من قبل الآخرين.. أما.. (خذوهم بالصوت).. و(الانقلاب العاطفي).. وتأثر الآراء.. والتصريحات به. ورمي التهم جزافاً.. والخلط بين المفاهيم.. والبعد عن المنطق والواقع فهو لا يؤدي إلا إلى المزيد من إثارة الشارع الرياضي.. وتأجيج الرأي العام.. وزيادة الاحتقان والتعصب بين المنتمين للأندية وبالتالي فئات المجتمع بصورة عامة..لست ضد المطالبة بحق مسلوب.. أو درء الظلم.. لكنني ضد الأسلوب الذي يتم به ذلك.
ومع المطالبة بالحق.. ولكن بأسلوب حضاري.. يستخدم لغة راقية ويعتمد على منطق سليم وحقائق مجردة إذا ما أردنا أن يقف الرأي العام معنا.. ويتفهم المسؤول شرعية هذه المطالب.
أتساءل وغيري..
ونريد أن نفهم.. ما علاقة سفر حكم المباراة مع فريق ما إلى المدينة التي ستقام فيها المباراة..
أو.. أن أبناء أحد أعضاء الشرف في ناد ما.. يتلقون تعليمهم في المدرسة التي يعمل بها الحكم.
أو.. أن أحد أقارب الحكم مقرب أو صديق لأحد أعضاء الشرف
أو..
أن أحد معارفه يجلس خلف عضو الشرف في المنصة الرئيسية في الملعب..
أو..
أو.. ما علاقة.. هذا كله بأداء الحكم في المباراة؟
هذه ليست مبالغة.. أو تجاوزا مني.. بقدر ما هي (للذين لا يتابعون الشأن الرياضي).. حقائق واقعية وردت على ألسنة البعض.. ممن خسرت أنديتهم أو كادت بسبب أخطاء الحكم.. أو أن تقييمهم لأدائه جعلهم ينظرون إليه من زاوية الخطأ..
هل يريد هؤلاء
من الاتحاد السعودي لكرة القدم أن يؤمن طائرات خاصة لنقل حكامه بين المناطق؟
أو..
أن يكون الحكم (مقطوع من شجرة)
أو..
أن يعيش في معزل عن العالم.. لا يتصل بالناس ولا يتصلون به.. ولا يعايشهم أو يختلط بهم..
إذا هم..
رضوا لأنفسهم أن يكونوا كذلك.. فمن حقهم في هذه الحالة.. أن يطالبوا أن يكون الحكام كذلك.

ميلوفان..
وكشف المستور
الخطوة التي أقدم عليها مدرب النادي الأهلي الصربي ميلوفان عندما فسخ عقده مع النادي فجأة.. ودون سابق إنذار.. في عز الموسم ـ كما يقولون ــ وبحجة ظروف عائلية سافر بسببها بضعة أيام لبلده اتضح فيما بعد أنها لقطر ومفاوضة الاتحاد القطري لكرة القدم والتوقيع معه لتدريب المنتخب..
هذه الخطوة..
تكشف أن لدينا خللا ما.. في كيفية التعامل مع هؤلاء المدربين.. وموضوع الأهلي مع ميلوفان.. سينتهي..
إما
بحب الخشوم..
أو..
بعدم أحقية الأهلي بالمطالبة.. أما.. توكيل محامين.. والرفع للاتحاد الدولي.. وتحريك الرأي العام.. فهي لا تعدو ردود أفعال أشبه ما تكون بـ(فورة الحليب).. وسيتم في النهاية تسجيل القضية ضد مجهول..
لنترك الأهلي جانباً.. وما هذا.. إلا مقدمة فقط لموضوع أهم وأشمل
ميلوفان..
لم يكن أول مدرب يهرب أو يتخلى عن عمله وعقده قبل نهايته.. ولن يكون الأخير في ظل الأوضاع السائدة.
والمدرب عادة لا يقدم على مثل هذه الخطوة إلا لسببين..
الأول:
عدم ارتياحه النفسي في عمله.
ـ إما..
للتدخل في شؤون عمله واختصاصه..
ـ أو..
وجود إغراء مادي (عرض).. كما حصل مع ميلوفان من طرف آخر.. وهي حالات قليلة ونادرة.. لأننا ندرك طبيعة العمل الاحترافي.. وهم يدركون ذلك أيضاً..
هؤلاء الأجانب..
سواء كمدربين أو لاعبين.. ووكلاؤهم يدركون أن لدينا نقطتي ضعف..
أولاهما..
أننا عاطفيون.. تنفع معنا المجاملة.. وأننا لا نهتم بالأمور المادية.. حتى العمالة التي تجوب الشوارع أصبحت تنظر لنا من هذه الناحية.. وتعيرنا بها
الثانية..
إننا لا نتعامل باحترافية واضحة.. سواء في صياغة العقود.. أو بعد العقد وأثناء العمل..
ولذلك..
نرى أن جميع العقود مع هؤلاء تصب في صالحهم.. وشروطهم الجزائية تتجاوز ما هو متعارف عليه.. وتصل أحياناً إلى دفع جميع الرواتب (حتى نهاية العقد).. وربما لم يمض على عقده بضعة أشهر..
أما الشرط المقابل فهو غير موجود.. وإن وجود فهو لا يتجاوز نسبة لا تكاد تذكر من العقد الأساس.
والسبب..
أننا لا نعطي القوس باريها.. ونستفيد من أصحاب الشأن.. والمستشارين القانونيين في صياغة العقود ومراجعتها
ـ إما..
جهلا.. وتهاوناً.
ـ أو..
أننا لا نريد ذلك.. لأننا نريد أن يكون لنا نفوذ ما.. وبالتالي لا نريد فتح أبواب مغلقة.
نحن البلد الوحيد في العالم في ظني.. التي يسافر فيها المدرب إلى بلاده عدة مرات في الموسم الواحد بحجة ظروف عائلية ـ وما أكثرها ـ أو لأي سبب آخر.. يتوقف الدوري بضعة أيام.. قد لا تتجاوز الأسبوع.. ومع ذلك نسمح له بالسفر يخرج الفريق من مسابقة ما.. ونسمح له بالسفر.
تأتي بعض المناسبات الخاصة به.. ونسمح له بالسفر.
في حين أن نظام العمل.. والعقود.. ينص على حق الطرف الثاني بإجازة سنوية مدتها ثلاثون يوماً.. وقد يكون من المقبول تجاوز المدة لدى الأندية..
لكن أن تتكرر بهذه الصورة فهو أمر غير مقبول..
المفروض..
أن تكون فترات التوقف هذه فرصة للمدرب لمراجعة حساباته وإعادة تأهيل الفريق ومعالجة الأخطاء لأنها جزء من عمله.. لكن كثيراً منهم يوكل الأمر لمساعديه.. أو يرسم لهم خارطة طريق لحين عودته.
ومن هنا..
فليس غريباً.. أن يصر هؤلاء على جلب طواقم فنية كاملة لمرافقتهم على حساب كوادر وطنية مؤهلة.. حتى وصل الأمر إلى أن بعضهم أحضر ابنه للعمل معه كمدرب لياقة.. وهو لم يتجاوز العشرينات من العمر.. وهناك أكثر من مدرب في أنديتنا بهذه الطريقة.. وسبق أن مرت علينا حالات مشابهة في السابق وهناك في الخليج أيضا.. (ونحن موافقون)..
وإذا ما أردنا..
أن نستفيد من هذه الكوادر الأجنبية.. بمقدار يتناسب مع ما ندفعه لها من مصاريف.. وما نتحمله من تكاليف.. وأن نحافظ على حقوقنا المادية والمعنوية.. علينا أن نعيد النظر في طريقة تعاملنا.. سواء كان ذلك إدارياً.. أومن خلال العقود التي تحكم طريقة التعامل بين الطرفين.. والله من وراء القصد.