عندما يتحدث الأمير
نواف بن فيصل بن فهد يأسرك
بحديثه فتنصت إلى كل كلمة يقولها..
أو يجبرك على أن تدخل ما بين السطور
لتسبر غوره..!
سبق أن قلت ذلك مشبها إياه بوالده الراحل فيصل بن فهد رحمه الله عندما تحدث (الأمير نواف) العام الماضي أمام منتدى السلام والرياضة العالمي.. وقد تحدث إلى المنتدى ذاته مرة رابعة قبل حوالي أسبوعين فأوجز وأبلغ.. واختصر وأفاد.. والأمر هنا ليس عن هذا المنتدى هذه المرة.. ولكنه عن حديثه لهذه الجريدة يوم الإثنين 29ـ11ـ2007م حول مشاركة المملكة في دورة الألعاب الآسيوية السادسة عشرة في قوانزو.. بالصين.
وقد تطرق لهذا الحديث عدد من الزملاء.. والكتاب مشيرين إلى أبرز النقاط التي وردت فيه كل من وجهة نظره.
والحقيقة.. أن الحديث كله يستحق التوقف.. عند كل نقطة من نقاطه.. فمن حديثه عن وزارة المالية.. وأهمية دعم الدولة للاتحادات الرياضية.. ومشاركاتها العالمية.. مشيرا إلى قلة هذا الدعم.. في ظل تضاعف عدد الاتحادات الرياضية.. وزيادتها من 14 اتحاد إلى 28.. إلى دور القطاع الخاص في دعم الرياضة كأحد روافد التنمية في بلادنا الحبيبة.. أو إلى تقويم مشاركة الاتحادات الرياضية في أسياد 16.. واعتبار هذه المشاركة لمعرفة موقع هذه الاتحادات ومكانها.. والتعرف على إمكاناتها. على أن ما لفت نظري بالإضافة إلى ذلك.. نقطتان هامتان :
الأولى:
أن محاسبة الاتحادات المقصرة.. أو ذات النتائج المتواضعة في هذه الدورة لا يأتي من باب العقاب.. أو بأسلوبه بقدر ما يأتي نتاج المواءمة بين ما أخذ الاتحاد من دعم.. وما قدمه من نتائج مقابل ذلك.. في إشارة ضمنية إلى نوع ممارسة النقد الذاتي.. من جهة.. واستشعار ظروف هذه الاتحادات من جهة أخرى..!
على أن هذا لا يعني التجاوز عن بعض الأخطاء الواضحة.. وتقويمها ومحاسبة المقصرين.. فما حصل من اتحاد البياردو والسنوكر ومشاركة مدربه مع منتخب بلاده ضد منتخبنا بعد وصوله إلى هناك وتسجيله ضمن وفدهم.. لا يمكن قبوله مهما كانت المبررات.. تلك المشاركة لم تأت من فراغ..لولا أن المدرب يدرك ما قام به.. والإداري الذي ينام ويتخلف لاعبه عن المشاركة في محفل دولي.. أو يتحجج بعدم إبلاغه بجدول مشاركاته.. أمر لايقل شأنا عن قصة المدرب..
الثانية:
التأكيد على دور الإعلام وأهميته سواء في عملية النقد والتقويم.. أو التوعية وتثقيف المتلقي.. مشيرا إلى أهمية مشاركة الإعلاميين الرياضيين وحضورهم لمثل هذه الدورات الرياضية ضمن الوفد الرسمي.. ليس كصحفيين ميدانيين منوط بهم عملية التغطية للأحداث.. ولكن أيضا ككتاب وأصحاب رأي لزيادة محصولهم الثقافي واستفادتهم من تجارب الآخرين بما ينعكس على أدائهم المهني ورؤاهم وبالتالي تثقيف المجتمع الرياضي.. والرفع من مستوى وعيه.
لا أريد أن أتوسع في الطرح عن حديثه وآرائه لأن كل نقطة منه تحتاج لمقالة خاصة.. لكنني وجدتها فرصة للدخول من هذا الحديث.. إلى مشاركتنا في دورة الألعاب الآسيوية الـ 16 التي اختتمت قبل أكثر من أسبوعين في قوانزو.. بالصين
نحن .. واسياد 16
والحديث عن هذه الدورة.. يعيدنا إلى ثلاثة عقود مضت يتذكر المتابعون للرياضة السعودية.. أننا في تلك الفترة وما بعدها.. نركز كثيرا على كرة القدم في مثل هذه المشاركات.. ورغم الأعداد الكبيرة التي تدخل خانة المئات من المشاركين في البعثة.. إلا أننا نعود بعد مشاركة سياحية في معظمها.. وكثر الحديث في الإعلام.. وأدرك المسئول أيضا أهمية الألعاب الفردية.. وأن لاعبا واحدا قد يحقق مالا يستطيع تحقيقه فريق مكون من خمسة عشر لاعبا بالإضافة إلى جهازهم الفني والإداري... إلخ.. كانت ألعاب القوى الأبرز في ذلك الوقت.. والدراجات فيما بعد.. وحاول الأمير فهد بن سلطان رئيس اتحاد ألعاب القوى آنذاك فتحركت اللعبة بعض الشيء.
لكن الحقيقة التي يجب أن تقال.. أن النقلة الكبرى في ألعاب القوى.. حدثت في عهد الأمير نواف بن محمد رئيس الاتحاد الحالي خلال العقدين الماضيين.. كما حدثت نقلة أخرى في بعض الألعاب في العقدين الأخيرين.. خاصة الألفية الثالثة. ورغم التذبذب الذي حصل في مستويات ألعاب القوى وبعض اللاعبين.. وبعض الأخطاء خلال الفترة الماضية إلا أن هذا لا يلغي نجاح الأمير نواف بن محمد في مهمته.. وهو نجاح لم يأت من فراغ لولا توفيق الله.. ثم الدعم والتوجيه الذي يجده من القيادة الرياضية ممثلة في الأمير سلطان بن فهد رئيس اللجنة الأولمبية ونائبه الأمير نواف بن فيصل.
و بالتالي فإن أي نجاح مرهون بعاملين أساسيين.. العمل.. والدعم..!!
و لكن..
هل ينجح كل من توفر له هذان العاملان..؟!
وتحديدا العامل الثاني.. مالم يكن مؤهلا لترجمة هذا الدعم وكيفية الاستفادة منه.؟!
ثم.. ما هي أسس التقويم..؟! خصوصا في ألعاب تعتمد على الأداء الفردي.. والمنافسة الفردية..؟! دعونا نتوقف عند هذا التساؤل..!! وندخل إلى مشاركتنا في دورة الألعاب الآسيوية مؤخرا.. ومن خلالها.. قد نجد الإجابة عليه..! شارك في هذه الألعاب 18 اتحادا بـ20 لعبة من أصل 28 اتحادا أعضاء في اللجنة الأولمبية.. انقسموا خلال مشاركتهم من وجهة نظري إلى ثلاثة مستويات..
نجح منهم ثلاثة هم: ألعاب القوى , الفروسية , الكاراتيه.
وقدم بعضهم ما هو مطلوب منهم وفق إمكاناتهم وظروفهم
ــ فشل – رغم قساوة هذا التعبير- آخرون..
ــ إما.. لعدم قدرتهم على التعامل مع الحدث إداريا وفنيا.
ــ أو.. لتراجع مستوياتهم بشكل لاقت للنظر عن دورات سابقة. وإذا ما أردنا أن تقوم مشاركتنا في الألعاب الآسيوية بصورة عامة وخلال البطولات الثلاث الأخيرة نجد :
بوسان 2002:
9 ميداليات منها 7 ذهبية.. وواحدة فضية ومثلها برونزية والمركز الحادي عشر.. والأول عربيا.
الدوحة 2006 :
14 ميدالية منها 8 ذهبية و6 برونزية والمركز الثالث عشر.. والثاني عربيا بعد قطر (التاسع).
قوانزو 2010:
13 ميدالية منها 5 ذهبية و3 فضية و5 برونزية والمركز الثالث عشر والأول عربيا.
هذه الاحصائيات تشير إلى أن مشاركتنا في الدوحة هي الأفضل.. حتى على مستوى ألعاب القوى فقد حققنا في الدوحة 5 ميداليات ذهبية , 2 برونزية.. في حين حققت نفس اللعبة في قوانزو 3 ذهبية , 2 فضية , 3 برونزية. وإذا كنا تراجعنا في حصيلة الميداليات الذهبية.. فقد تقدمنا في الفضية والبرونزية مما يعني اتساع قاعدة الأبطال في هذه اللعبة.. كما تؤكد هذه الإحصائيات.. أننا لا زلنا الأفضل عربيا خاصة على مستوى آسيا.. ومن الدول المتقدمة في هذه الرياضة آسيويا.. إذا ما أدركنا غياب العنصر النسائي وهو عامل مساعد لكثير من الدول.
أيضا تؤكد:
تميز منتخب الفروسية.. بمحافظته على ميداليته الذهبية التي حققها في الدوحة وتميز فريق ألعاب القوى 400×4 الذي حافظ على هذا اللقب وميداليته الذهبية منذ بوسان 2002.. وحتى الآن.. وسيطرتنا على هذا السباق.. وتحقيقه رقما آسيويا جديدا. وتميز بطل رمي الجلة الحبشي بتحقيقه رقما آسيويا جديدا في هذه اللعبة،
لكن
مراجعة لتلك المشاركة تبين تراجع منتخبات وعدم قدرتها على تحقيق المكاسب ذاتها التي حققتها في بطولات سابقة.. رغم أن بعضها يملك الإمكانات والقدرة على ذلك مثل رفع الأثقال.. السباحة.. الرماية.. البولينغ.. الطائرة وغيرها.
هل نجحنا في قوانزو ؟!
هذا هو السؤال..!! هل هذه النتائج والمقارنات تدل على نجاحنا في اسياد 16.. أم تراجعنا في المستوى ؟! الحقيقة من الصعب الإجابة على تساؤل كهذا إجابة قطعية.. فالألعاب الفردية.. لا يمكن تقويمها بهذا الشكل.. ووفق حصيلة الميداليات.
صحيح أن الميدالية مهمة.. ولها قيمتها الاعتبارية أولاً.. ودورها في الترتيب ورفع العلم...إلخ.. لكن إذا كانت الميدالية تدل على النجاح.. فهي ليست دليلا على التقدم والتطور.. وإن كانت مطلبا في حد ذاتها. لاعب الألعاب الفردية.. خاصة ألعاب القوى يحتاج إلى توافق عضلي وعصبي.. بالإضافة إلى العامل النفسي.. وكلها أمور تؤثر في أداء اللاعب.. وبالتالي نتيجته.. إلى جانب الخبرة وهي عامل مهم.. هادي صوعان على سبيل المثال خسر الميدالية الذهبية مكتفيا بالفضية في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني 2000 لأنه دخل النهاية بصدره.. فيما دخل منافسة بالرأس..! وضع القدم له دوره في الوثب الطويل أو الثلاثي ومن الصعب أن يراقب اللاعب موضع قدمه أثناء الوثب. بداية الانطلاق في سباقات الجري للمسافات القصيرة.. وتوافقها مع إشارة البدء. كل هذه الأمور تؤثر في نتيجة اللاعب لأن الجزء من الثانية يؤثر في النتيجة في ألعاب القوى.. بل ربما الجزء من العشر من الثانية.
وبالتالي.. فإن تقويم أداء اللاعب وتطور مستواه يعتمد على تقدمه ذاتيا في الأرقام والمستوى.. وتخطيه لهذه الحواجز.. إلى جانب عوامل أخرى يدركها القائمون على شؤون اللعبة.
على أنه.. كان من المتوقع.. أو المطلوب تحقيق عدد أكبر من الميداليات خصوصا ألعاب القوى وفقا لما تم تحقيقه في الدورة الماضية في قطر. وأعتقد أن عاملين رئيسين كان لهما الأثر في عدم تحقيق ذلك :-
الأول:
ما أشرت إليه قبل قليل من حيث متطلبات النجاح في لاعب القوى.. والمؤثرات المحيطة به.
الثاني: الاستعداد المتأخر للدورة.. (شهران فقط).. وكنت أحسب أنني أملك هذا السر.. حسب معلومات وصلتني في حينه إلا أن نشره عبر الصحف.. أكد عليه. والذي قد لا يعرفه كثيرون.. أن مشاركتنا في ألعاب القوى
الاعتذار خير من مشاركة محفوفة بالمخاطر في ظل استعداد لا يتناسب وحجم واسم المملكة العربية السعودية وألعاب القوى السعودية. وكان التجاوب كبيرا من الأمير نواف بن فيصل نائب رئيس اللجنة الأولمبية إدراكا منه بأن هذا المنتخب قادر على تحقيق بعض طموحاتنا في هذه الألعاب.. في ظل توجيه من الأمير سلطان بن فهد رئيس اللجنة بتوفير كافة سبل الدعم لمنتخب ألعاب القوى. فكانت هذه النتائج.. التي كان بالإمكان تحقيق ما هو أفضل.. فيما لوتم الإعداد مبكرا للدورة..! والنظرة كانت ذاتها من الأمير نواف بن فيصل لمنتخب الفروسية.. وهو الأقرب بصفته رئيسا للاتحاد.. فكان صانع الإنجاز الذهبي الآخر.!
النجاح
بين التخصص والإدارة
جاء الأمير نواف بن محمد لاتحاد ألعاب القوى.. وهو غير متخصص في هذه اللعبة.. بل كان قبل ذلك مشرفا على كرة السلة بنادي الهلال وقاد سلة الهلال لنجاحات عديدة.. لكنه كان إداريا ناجحا عرف كيف يختار فريق عمله بعناية ومن المتخصصين والأكفاء.. وكيف يدير هذا الفريق.. فكان النجاح. وجاء د.إبراهيم القناص وهو بطل الكاراتيه السابق وحامل أعلى الأوسمة في اللعبة.. وبعقلية إدارية ناضجة فصنع النجاح مع فريق عمله في الاتحاد.
و هذا يؤكد :
- أن الإدارة فن.. وأن التخصص مطلوب.. لأنه – أي المتخصص ــ هو الأدرى بشؤون اللعبة.. وهما عاملان مكملان لبعضهما البعض.!!
المشكلة.. عندما تتوفر لدى بعض الاتحادات الكفاءات المتخصصة.. وتكون ناجحة هذه الاتحادات.. ثم تتراجع.. لعدم قدرتها على صناعة النجاح
ــ إما.. لضعف إداري في كيفية القدرة على صناعة النجاح..
ــ أو.. لتهميش هذه الكفاءات والقدرات المتخصصة في المجال.
اتحاد رفع الأثقال..
على سبيل المثال كان ذات يوم من الاتحادات المتميزة أو على الأقل تساهم في نجاحنا في المحافل الدولية.. وتحصد الميداليات.. لكنه تراجع بشكل لافت للنظر.. فلم يعد له ذلك الحضور.. رغم وجود كفاءات إدارية متميزة ومتخصصة في اللعبة وجاءت من الأندية.. عن طريق الانتخاب.. مما يعني تأهيلها.. لأن الأندية هي الأدرى بشؤونها وشجونها.. هذه الكوادر ظلت بعيدة.. حتى عن المراكز المؤثرة في الاتحاد.. وربما كان هذا أحد أسباب تراجع اللعبة..
اتحادات أخرى تراجعت.. كما أشرت في البداية.. وأخرى غابت.. ويفترض ونحن في مرحلة تقييم الأداء في الأسياد.. أن تتم مساءلة هذه الاتحادات.. عن الأسباب..!! والتعامل معها بالواقع.. ووفق مبدأ الأخذ والعطاء.. كما قال الأمير نواف بن فيصل في حديثه قبل أسبوعين. سواء التي تراجعت.. أو التي غابت أو التي أخفقت في الحضور..!! كل وفق عطائه.. ومواقفه. فلندن 2012 على الأبواب وليس هناك متسع من الوقت للمراجعة والتصحيح.
للموضوع.. بقية
التميز الصيني.. والتفوق الكوري.. والياباني.. والنجاح الإيراني.. وأين نحن من هذا كله..؟! في منتصف أسبوع مقبل بإذن الله.. وفي حينه.
والله من وراء القصد
نواف بن فيصل بن فهد يأسرك
بحديثه فتنصت إلى كل كلمة يقولها..
أو يجبرك على أن تدخل ما بين السطور
لتسبر غوره..!
سبق أن قلت ذلك مشبها إياه بوالده الراحل فيصل بن فهد رحمه الله عندما تحدث (الأمير نواف) العام الماضي أمام منتدى السلام والرياضة العالمي.. وقد تحدث إلى المنتدى ذاته مرة رابعة قبل حوالي أسبوعين فأوجز وأبلغ.. واختصر وأفاد.. والأمر هنا ليس عن هذا المنتدى هذه المرة.. ولكنه عن حديثه لهذه الجريدة يوم الإثنين 29ـ11ـ2007م حول مشاركة المملكة في دورة الألعاب الآسيوية السادسة عشرة في قوانزو.. بالصين.
وقد تطرق لهذا الحديث عدد من الزملاء.. والكتاب مشيرين إلى أبرز النقاط التي وردت فيه كل من وجهة نظره.
والحقيقة.. أن الحديث كله يستحق التوقف.. عند كل نقطة من نقاطه.. فمن حديثه عن وزارة المالية.. وأهمية دعم الدولة للاتحادات الرياضية.. ومشاركاتها العالمية.. مشيرا إلى قلة هذا الدعم.. في ظل تضاعف عدد الاتحادات الرياضية.. وزيادتها من 14 اتحاد إلى 28.. إلى دور القطاع الخاص في دعم الرياضة كأحد روافد التنمية في بلادنا الحبيبة.. أو إلى تقويم مشاركة الاتحادات الرياضية في أسياد 16.. واعتبار هذه المشاركة لمعرفة موقع هذه الاتحادات ومكانها.. والتعرف على إمكاناتها. على أن ما لفت نظري بالإضافة إلى ذلك.. نقطتان هامتان :
الأولى:
أن محاسبة الاتحادات المقصرة.. أو ذات النتائج المتواضعة في هذه الدورة لا يأتي من باب العقاب.. أو بأسلوبه بقدر ما يأتي نتاج المواءمة بين ما أخذ الاتحاد من دعم.. وما قدمه من نتائج مقابل ذلك.. في إشارة ضمنية إلى نوع ممارسة النقد الذاتي.. من جهة.. واستشعار ظروف هذه الاتحادات من جهة أخرى..!
على أن هذا لا يعني التجاوز عن بعض الأخطاء الواضحة.. وتقويمها ومحاسبة المقصرين.. فما حصل من اتحاد البياردو والسنوكر ومشاركة مدربه مع منتخب بلاده ضد منتخبنا بعد وصوله إلى هناك وتسجيله ضمن وفدهم.. لا يمكن قبوله مهما كانت المبررات.. تلك المشاركة لم تأت من فراغ..لولا أن المدرب يدرك ما قام به.. والإداري الذي ينام ويتخلف لاعبه عن المشاركة في محفل دولي.. أو يتحجج بعدم إبلاغه بجدول مشاركاته.. أمر لايقل شأنا عن قصة المدرب..
الثانية:
التأكيد على دور الإعلام وأهميته سواء في عملية النقد والتقويم.. أو التوعية وتثقيف المتلقي.. مشيرا إلى أهمية مشاركة الإعلاميين الرياضيين وحضورهم لمثل هذه الدورات الرياضية ضمن الوفد الرسمي.. ليس كصحفيين ميدانيين منوط بهم عملية التغطية للأحداث.. ولكن أيضا ككتاب وأصحاب رأي لزيادة محصولهم الثقافي واستفادتهم من تجارب الآخرين بما ينعكس على أدائهم المهني ورؤاهم وبالتالي تثقيف المجتمع الرياضي.. والرفع من مستوى وعيه.
لا أريد أن أتوسع في الطرح عن حديثه وآرائه لأن كل نقطة منه تحتاج لمقالة خاصة.. لكنني وجدتها فرصة للدخول من هذا الحديث.. إلى مشاركتنا في دورة الألعاب الآسيوية الـ 16 التي اختتمت قبل أكثر من أسبوعين في قوانزو.. بالصين
نحن .. واسياد 16
والحديث عن هذه الدورة.. يعيدنا إلى ثلاثة عقود مضت يتذكر المتابعون للرياضة السعودية.. أننا في تلك الفترة وما بعدها.. نركز كثيرا على كرة القدم في مثل هذه المشاركات.. ورغم الأعداد الكبيرة التي تدخل خانة المئات من المشاركين في البعثة.. إلا أننا نعود بعد مشاركة سياحية في معظمها.. وكثر الحديث في الإعلام.. وأدرك المسئول أيضا أهمية الألعاب الفردية.. وأن لاعبا واحدا قد يحقق مالا يستطيع تحقيقه فريق مكون من خمسة عشر لاعبا بالإضافة إلى جهازهم الفني والإداري... إلخ.. كانت ألعاب القوى الأبرز في ذلك الوقت.. والدراجات فيما بعد.. وحاول الأمير فهد بن سلطان رئيس اتحاد ألعاب القوى آنذاك فتحركت اللعبة بعض الشيء.
لكن الحقيقة التي يجب أن تقال.. أن النقلة الكبرى في ألعاب القوى.. حدثت في عهد الأمير نواف بن محمد رئيس الاتحاد الحالي خلال العقدين الماضيين.. كما حدثت نقلة أخرى في بعض الألعاب في العقدين الأخيرين.. خاصة الألفية الثالثة. ورغم التذبذب الذي حصل في مستويات ألعاب القوى وبعض اللاعبين.. وبعض الأخطاء خلال الفترة الماضية إلا أن هذا لا يلغي نجاح الأمير نواف بن محمد في مهمته.. وهو نجاح لم يأت من فراغ لولا توفيق الله.. ثم الدعم والتوجيه الذي يجده من القيادة الرياضية ممثلة في الأمير سلطان بن فهد رئيس اللجنة الأولمبية ونائبه الأمير نواف بن فيصل.
و بالتالي فإن أي نجاح مرهون بعاملين أساسيين.. العمل.. والدعم..!!
و لكن..
هل ينجح كل من توفر له هذان العاملان..؟!
وتحديدا العامل الثاني.. مالم يكن مؤهلا لترجمة هذا الدعم وكيفية الاستفادة منه.؟!
ثم.. ما هي أسس التقويم..؟! خصوصا في ألعاب تعتمد على الأداء الفردي.. والمنافسة الفردية..؟! دعونا نتوقف عند هذا التساؤل..!! وندخل إلى مشاركتنا في دورة الألعاب الآسيوية مؤخرا.. ومن خلالها.. قد نجد الإجابة عليه..! شارك في هذه الألعاب 18 اتحادا بـ20 لعبة من أصل 28 اتحادا أعضاء في اللجنة الأولمبية.. انقسموا خلال مشاركتهم من وجهة نظري إلى ثلاثة مستويات..
نجح منهم ثلاثة هم: ألعاب القوى , الفروسية , الكاراتيه.
وقدم بعضهم ما هو مطلوب منهم وفق إمكاناتهم وظروفهم
ــ فشل – رغم قساوة هذا التعبير- آخرون..
ــ إما.. لعدم قدرتهم على التعامل مع الحدث إداريا وفنيا.
ــ أو.. لتراجع مستوياتهم بشكل لاقت للنظر عن دورات سابقة. وإذا ما أردنا أن تقوم مشاركتنا في الألعاب الآسيوية بصورة عامة وخلال البطولات الثلاث الأخيرة نجد :
بوسان 2002:
9 ميداليات منها 7 ذهبية.. وواحدة فضية ومثلها برونزية والمركز الحادي عشر.. والأول عربيا.
الدوحة 2006 :
14 ميدالية منها 8 ذهبية و6 برونزية والمركز الثالث عشر.. والثاني عربيا بعد قطر (التاسع).
قوانزو 2010:
13 ميدالية منها 5 ذهبية و3 فضية و5 برونزية والمركز الثالث عشر والأول عربيا.
هذه الاحصائيات تشير إلى أن مشاركتنا في الدوحة هي الأفضل.. حتى على مستوى ألعاب القوى فقد حققنا في الدوحة 5 ميداليات ذهبية , 2 برونزية.. في حين حققت نفس اللعبة في قوانزو 3 ذهبية , 2 فضية , 3 برونزية. وإذا كنا تراجعنا في حصيلة الميداليات الذهبية.. فقد تقدمنا في الفضية والبرونزية مما يعني اتساع قاعدة الأبطال في هذه اللعبة.. كما تؤكد هذه الإحصائيات.. أننا لا زلنا الأفضل عربيا خاصة على مستوى آسيا.. ومن الدول المتقدمة في هذه الرياضة آسيويا.. إذا ما أدركنا غياب العنصر النسائي وهو عامل مساعد لكثير من الدول.
أيضا تؤكد:
تميز منتخب الفروسية.. بمحافظته على ميداليته الذهبية التي حققها في الدوحة وتميز فريق ألعاب القوى 400×4 الذي حافظ على هذا اللقب وميداليته الذهبية منذ بوسان 2002.. وحتى الآن.. وسيطرتنا على هذا السباق.. وتحقيقه رقما آسيويا جديدا. وتميز بطل رمي الجلة الحبشي بتحقيقه رقما آسيويا جديدا في هذه اللعبة،
لكن
مراجعة لتلك المشاركة تبين تراجع منتخبات وعدم قدرتها على تحقيق المكاسب ذاتها التي حققتها في بطولات سابقة.. رغم أن بعضها يملك الإمكانات والقدرة على ذلك مثل رفع الأثقال.. السباحة.. الرماية.. البولينغ.. الطائرة وغيرها.
هل نجحنا في قوانزو ؟!
هذا هو السؤال..!! هل هذه النتائج والمقارنات تدل على نجاحنا في اسياد 16.. أم تراجعنا في المستوى ؟! الحقيقة من الصعب الإجابة على تساؤل كهذا إجابة قطعية.. فالألعاب الفردية.. لا يمكن تقويمها بهذا الشكل.. ووفق حصيلة الميداليات.
صحيح أن الميدالية مهمة.. ولها قيمتها الاعتبارية أولاً.. ودورها في الترتيب ورفع العلم...إلخ.. لكن إذا كانت الميدالية تدل على النجاح.. فهي ليست دليلا على التقدم والتطور.. وإن كانت مطلبا في حد ذاتها. لاعب الألعاب الفردية.. خاصة ألعاب القوى يحتاج إلى توافق عضلي وعصبي.. بالإضافة إلى العامل النفسي.. وكلها أمور تؤثر في أداء اللاعب.. وبالتالي نتيجته.. إلى جانب الخبرة وهي عامل مهم.. هادي صوعان على سبيل المثال خسر الميدالية الذهبية مكتفيا بالفضية في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني 2000 لأنه دخل النهاية بصدره.. فيما دخل منافسة بالرأس..! وضع القدم له دوره في الوثب الطويل أو الثلاثي ومن الصعب أن يراقب اللاعب موضع قدمه أثناء الوثب. بداية الانطلاق في سباقات الجري للمسافات القصيرة.. وتوافقها مع إشارة البدء. كل هذه الأمور تؤثر في نتيجة اللاعب لأن الجزء من الثانية يؤثر في النتيجة في ألعاب القوى.. بل ربما الجزء من العشر من الثانية.
وبالتالي.. فإن تقويم أداء اللاعب وتطور مستواه يعتمد على تقدمه ذاتيا في الأرقام والمستوى.. وتخطيه لهذه الحواجز.. إلى جانب عوامل أخرى يدركها القائمون على شؤون اللعبة.
على أنه.. كان من المتوقع.. أو المطلوب تحقيق عدد أكبر من الميداليات خصوصا ألعاب القوى وفقا لما تم تحقيقه في الدورة الماضية في قطر. وأعتقد أن عاملين رئيسين كان لهما الأثر في عدم تحقيق ذلك :-
الأول:
ما أشرت إليه قبل قليل من حيث متطلبات النجاح في لاعب القوى.. والمؤثرات المحيطة به.
الثاني: الاستعداد المتأخر للدورة.. (شهران فقط).. وكنت أحسب أنني أملك هذا السر.. حسب معلومات وصلتني في حينه إلا أن نشره عبر الصحف.. أكد عليه. والذي قد لا يعرفه كثيرون.. أن مشاركتنا في ألعاب القوى
الاعتذار خير من مشاركة محفوفة بالمخاطر في ظل استعداد لا يتناسب وحجم واسم المملكة العربية السعودية وألعاب القوى السعودية. وكان التجاوب كبيرا من الأمير نواف بن فيصل نائب رئيس اللجنة الأولمبية إدراكا منه بأن هذا المنتخب قادر على تحقيق بعض طموحاتنا في هذه الألعاب.. في ظل توجيه من الأمير سلطان بن فهد رئيس اللجنة بتوفير كافة سبل الدعم لمنتخب ألعاب القوى. فكانت هذه النتائج.. التي كان بالإمكان تحقيق ما هو أفضل.. فيما لوتم الإعداد مبكرا للدورة..! والنظرة كانت ذاتها من الأمير نواف بن فيصل لمنتخب الفروسية.. وهو الأقرب بصفته رئيسا للاتحاد.. فكان صانع الإنجاز الذهبي الآخر.!
النجاح
بين التخصص والإدارة
جاء الأمير نواف بن محمد لاتحاد ألعاب القوى.. وهو غير متخصص في هذه اللعبة.. بل كان قبل ذلك مشرفا على كرة السلة بنادي الهلال وقاد سلة الهلال لنجاحات عديدة.. لكنه كان إداريا ناجحا عرف كيف يختار فريق عمله بعناية ومن المتخصصين والأكفاء.. وكيف يدير هذا الفريق.. فكان النجاح. وجاء د.إبراهيم القناص وهو بطل الكاراتيه السابق وحامل أعلى الأوسمة في اللعبة.. وبعقلية إدارية ناضجة فصنع النجاح مع فريق عمله في الاتحاد.
و هذا يؤكد :
- أن الإدارة فن.. وأن التخصص مطلوب.. لأنه – أي المتخصص ــ هو الأدرى بشؤون اللعبة.. وهما عاملان مكملان لبعضهما البعض.!!
المشكلة.. عندما تتوفر لدى بعض الاتحادات الكفاءات المتخصصة.. وتكون ناجحة هذه الاتحادات.. ثم تتراجع.. لعدم قدرتها على صناعة النجاح
ــ إما.. لضعف إداري في كيفية القدرة على صناعة النجاح..
ــ أو.. لتهميش هذه الكفاءات والقدرات المتخصصة في المجال.
اتحاد رفع الأثقال..
على سبيل المثال كان ذات يوم من الاتحادات المتميزة أو على الأقل تساهم في نجاحنا في المحافل الدولية.. وتحصد الميداليات.. لكنه تراجع بشكل لافت للنظر.. فلم يعد له ذلك الحضور.. رغم وجود كفاءات إدارية متميزة ومتخصصة في اللعبة وجاءت من الأندية.. عن طريق الانتخاب.. مما يعني تأهيلها.. لأن الأندية هي الأدرى بشؤونها وشجونها.. هذه الكوادر ظلت بعيدة.. حتى عن المراكز المؤثرة في الاتحاد.. وربما كان هذا أحد أسباب تراجع اللعبة..
اتحادات أخرى تراجعت.. كما أشرت في البداية.. وأخرى غابت.. ويفترض ونحن في مرحلة تقييم الأداء في الأسياد.. أن تتم مساءلة هذه الاتحادات.. عن الأسباب..!! والتعامل معها بالواقع.. ووفق مبدأ الأخذ والعطاء.. كما قال الأمير نواف بن فيصل في حديثه قبل أسبوعين. سواء التي تراجعت.. أو التي غابت أو التي أخفقت في الحضور..!! كل وفق عطائه.. ومواقفه. فلندن 2012 على الأبواب وليس هناك متسع من الوقت للمراجعة والتصحيح.
للموضوع.. بقية
التميز الصيني.. والتفوق الكوري.. والياباني.. والنجاح الإيراني.. وأين نحن من هذا كله..؟! في منتصف أسبوع مقبل بإذن الله.. وفي حينه.
والله من وراء القصد