ربما كانت شهادتي مجروحة في أمسية جريدة الرياضية الرمضانية السنوية.. والتي أتمت هذا العام دورتها السابعة.. كوني أحد الذين يتشرفون بدعوتهم لحضورها والمشاركة فيها.. رغم أنني لا أحتاج لمثل هذه الدعوة باعتبار انتمائي لهذا المجتمع.. وبحكم علاقتي بالقائمين عليها.. لكنها دعوة يشكرون عليها في كل حال.. والسبب الآخر انتمائي لهذه الصحيفة.. كأحد كتابها.. وهي الجهة المنظمة وصاحبة الفكرة في هذه الأمسية.
لكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل.. وهو ما أكده الجميع أن هذه الأمسية باتت سمة واضحة.. وحدثاً ينتظره الوسط الرياضي في هذا الشهر الفضيل.. وكأنما هي ضمن أجندة الموسم كل عام.. فالأمسية ليست حدثاً عادياً يلتقي فيه عدد من الإعلاميين والمسؤولين للحوار والنقاش.. بقدر ما أصبحت حواراً مفتوحاً بين أطياف مختلفة.. أشبه ما تكون بورشة عمل.. ذات محاور متعددة.. تخرج بتوصيات!.
فعلاً..
إن المتابع لهذه الأمسية سواء بالحضور أو بالمشاهدة.. أو قراءة ملخصها عبر هذه الصحيفة يدرك أنها كذلك.. ويلمس من خلال الطرح الذي تتناوله.. ما يؤكد هذه الحقيقة.
لقد تجاوزت الأمسية الحدود بالأثر والتأثير.. وأصبحت تستهدف ضيوفاً من خارج المملكة ومشاركين أيضاً.. للتأكيد على أهميتها وسيرها ضمن برنامج محدد المعالم.. محققة بعض أهداف (الرياضية) كمطبوعة للشباب العربي تساهم في بلورة كثير من المفاهيم وملامح التطوير للرياضة المحلية والإقليمية.. متجاوزة ذلك إلى القارية..!
ولعل أكبر دليل على هذا التوجه أن هذه الأمسية ناقشت على مدى سنواتها السبع الماضية الكثير من القضايا.. وطرحت العديد من المقترحات كالخصخصة.. الاستثمار.. دوري المحترفين.. وغيرها.. قبل إقرارها بصورة رسمية وتنفيذها.. مما يدل على عمق الرؤية ونوعية الطرح الموجود في الأمسية..!.
وهي تنتقي متحدثيها الرسميين بعناية ووفقاً للمرحلة والحدث.. فاستضافت العام الماضي سعادة محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.. كونه رجل المرحلة.. ومحور حديثها في ذلك الوقت! ولأن الكرة الخليجية.. هي حديث الساعة.. بخروجها من تصفيات كأس العالم. وعلاقتها بالكرة الآسيوية.. وبدورة الخليج التي لازالت تتحرك في بحر لجي.. وكذلك بطولات مجلس التعاون.. فقد كان ضيف الأمسية لهذا العام الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم ورئيس اللجنة التنظيمية لكرة القدم بدول مجلس التعاون.
ولعلي هنا..
أتوقف قليلاً عند أمسية هذا العام.. وفارسها الشيخ سلمان..
دعوني بداية أتكلم بكل صراحة عن الشيخ سلمان الذي قدمته هذا الأمسية.. أو بلغة أخرى كشفت عن شخصيته.
هذا الرجل.. كان إلى فترة قريبة رئيساً للجنة الانضباط في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ونائباً لرئيس لجنة الانضباط في الاتحاد الدولي (الفيفا).. وهو الآن ومنذ سنتين رئيس للجنة التنظيمية لكرة القدم في دول مجلس التعاون.. هذه المناصب.. كافية لأن تجعل (صاحبها) في بؤرة الأحداث وبالتالي تقدمه للإعلام.
لكن الشيخ سلمان.. لم يكن معروفاً أو مطروحاً كشخصية أمام الإعلام بنفس الحضور الذي يتوازى ومناصبه وأهمية هذه المناصب..!.
ربّما لأنه ــ في نظري ــ رجل لا يسعى وراء الأضواء بمعنى ((Man show.. قدر سعيه للعمل.. وجاء دخوله منافساً لابن همام على منصب التمثيل الآسيوي في (الفيفا) العام الماضي.. ليقدمه لواجهة الأحداث.. وجاءت خسارته بفارق ضئيل من الأصوات لتؤكد قدرته على الحضور.. وأن صوته قوي..!.
وهناك فرق بين الصوت العالي.. والصوت القوي..
الصوت العالي.. يُسمع (بضم الواو).. لكنه قد لا يؤثر.. كجعجعة الرحى دون قمح أو حبوب.. أو كقرع الدفوف..!.
أما الصوت القوي.. فهو الذي يُسمع ويؤثر.. لأنه يمضي حسب الاتجاه المرسوم له..! ساعتان ونصف.. تحدث فيها الشيخ سلمان خلال الأمسية.. كان حديثه همساً.. لا تكاد تسمعه..!.
يوحي بالهدوء والثقة.. حاول البعض إثارته.. ونفض البعض الغبار عن أحداث ومواقف سابقة.. وتم تكرارها أكثر من مرة في الأمسية.. لكنه كان في كل مرة أكثر هدوءاً من سابقتها..!.
وكانت الابتسامة لا تفارقه.. تحدث للجميع.. وعن الجميع.. وأجاب الجميع.. ولم يعتذر عن أي سؤال.. كان ينتقي إجاباته.. وكان صريحاً إلى أبعد الحدود.. ودبلوماسياً عندما يتطلب الأمر ذلك..!.
قال عن خسارته لمقعد (الفيفا) أمام منافسه ابن همام:
إنه إذا كان قد خسر المقعد.. فقد كسبت آسيا التغيير.. وهذا ما ينشده ويهدف إليه وهو سماع الرأي الآخر.
مما يعني تهميش بعض الأصوات في الاتحاد في وقت سابق!..
وهو مالا يحقق العدالة بين الجميع..! لكن الشيخ سلمان الذي أكد على طيه لتلك الصفحة وتجاوزها.. ووضع يده في رئاسة الاتحاد الآسيوي.. ومساندتها في كل خطوة.. لم يخف شعوره أن أمام الكرة الآسيوية الكثير من الجهود لترتقي إلى مستوى الآمال والطموحات.. وأن غربها يحتاج إلى الجهد نفسه ليصل إلى مستوى شرقها من حيث التنظيم واحترافية العمل.. كما لم يخف تخوفه من دورة الخليج وعدم تنظيمها في وقتها..!.
والواقع..
أن الكرة في غرب آسيا.. لازالت متأخرة عن نظيرتها في الشرق الآسيوي من حيث التنظيم والاحترافية.. ولازال صوت هذه الدول غير مؤثر في الإتحاد.. وتحتاج هذه الدول المزيد من العمل والجهد المضاعف إذا ما أرادت المنافسة! والعمل الذي اعنيه هنا لا يتمثل فقط في البنى التحتية.. ولكن أيضاً في الأنظمة والقوانين ومحاولة التحرر من البيروقراطية.. واستقلالية العمل الرياضي.. وخصخصته.
سألت الشيخ سلمان قائلاً:
قبل بضعة عقود.. كانت السيطرة الميدانية والفنية لشرق آسيا.. عدا منتخب واحد من غربها.. كان ينافس أحياناً.. وكذلك القيادة الإدارية في الاتحاد لم تكن شرقية.. ومع ذلك كان الصوت الخليجي قوياً ومؤثراً في الاتحاد.. الآن وبعد أن أصبحت السيطرة الفنية والميدانية لهذه المنطقة.. وكذلك الإدارية.. بدأ الصوت أكثر انخفاضاً وأقل تأثيراً..
وسألته أيضاً:
حول التنافس بين أبناء المنطقة على المناصب القيادية في الاتحاد وأنه يجعل البعض ينظر إلينا كدول (متخالفة) بدلاً من أن نكون دولاً (متحالفة).. مما يؤثر في النهاية على قوة هذا الصوت وتأثيره.
كما تساءل الدكتور حافظ المدلج.. عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم.. عن معنى ودلالة.. تأهل ثمانية منتخبات من غرب آسيا من أصل 16 إلى نهائيات كأس الأمم الآسيوية.. وعدم تأهل أي منها إلى كأس العالم..!؟.
قال الشيخ سلمان:
إن ثلاث دول من شرق آسيا تأهلت للمونديال وقدمت مستويات جيدة خاصة اثنتين منها (يقصد اليابان وكوريا الجنوبية)، وتقدمتا للمرحلة الثانية.. وهذا يؤكد تطور الكرة لديهما بسب الاحترافية والخصخصة.. فنحن بحاجة لبرامج بمثل مستوى الاتحاد الياباني والاتحادات المتقدمة.. والمطلوب من بعض الاتحادات في غرب القارة تطوير برامجها.. وتفعيل الخصخصة وعدم الاعتماد على الدعم الحكومي.. مشيراً إلى أن هناك بعض الخطوات الجيدة في مجال الاستثمار الرياضي في المنطقة لكنها لازالت دون المستوى المطلوب منوهاً بتجربة المملكة العربية السعودية في هذا المجال ومجال الاحتراف إلى جانب قطر والإمارات العربية المتحدة. كما أكد على أهمية تكاتف دول المنطقة والعمل بروح الفريق الواحد.. ونبذ الخلافات من أجل توحيد الأصوات والرؤى والتعاون وتطوير ذاتها.. إذا ما أرادت المنافسة.. وتحقيق الأهداف التي تسعى إليها.
هذا جزء من حديث الشيخ سلمان في الأمسية والذي تطرق فيه أيضاً إلى أهمية تفعيل مكتب غرب آسيا أو اتحاد غرب آسيا في الأردن بعد انضمام دول الخليج إليه ليكون أكثر فاعلية.. مشيراً في هذا الصدد إلى أن اتحاد شرق آلقارة هو أكثر الاتحادات تنظيماً وفاعلية.. وأن هناك بعض الاتحادات الأهلية في آسيا مسيرة.. ومطالب بالعدالة بين الجميع..!.
على أنني..
ومن خلال ما دار في هذه الأمسية وغيرها.. لابد أن أشير هنا إلى نقاط ثلاث:
الأولى:
إن الاتحاد الآسيوي في عهد محمد بن همام أحدث نقلة كبرى في الكرة الآسيوية.. وأن ابن همام ألقى حجراً في بركة مياهها الراكدة.. وأصبح لها حضورها وتأثيرها وبرامجها المنظمة.. وهو ما أشار إليه الشيخ سلمان، وأكد على دور ابن همام في ذلك.. لكن يظل ــ أيّ محمد بن همام ــ كأيّ إنسان له إيجابياته وسلبياته.. وقد تحدثت شخصيا عن كثير من هذه الجوانب سلباً وإيجاباً في مقالات سابقة وقت الانتخابات لمقعد آسيا في (الفيفا) والمنافسة بين الشيخ سلمان وسعادة ابن همام.. ولازلت عند رأيي في أن الأستاذ محمد أحدث نقلة في الكرة الآسيوية وله دور كبير في تحريك الاتحاد.. ودفع عربته خطوات كبيرة إلى الأمام.
الثانية:
أن على أعضاء الاتحاد ولجانه.. مسؤولية كبرى في هذا التغيير وقيادته (أعني التغيير).. وسرعة تفعيله بالرأي الصادق والصريح.. والعدل والمساواة بين المنتمين للاتحاد.. حسب إشارة الشيخ سلمان.
الثالثة:
إذا كان الشيخ سلمان ضحى بمنصبه في (الفيفا) وفي الاتحاد الآسيوي.. من أجل انتخابات لم يوفق فيها.. وأنه ــ كما يقول ــ قرر التفرغ للرياضة البحرينية وشؤونه الخاصة وأن مسؤولياته لم تعد تسمح له بالعودة.. فأقول.. سواء كان هذا السبب مقنعا أم لا !؟.. فإننا هنا في هذه المنطقة.. وأيضاً على مستوى القارة في حاجة لأمثال الشيخ سلمان وفكره وثقافته.. ولابد أن يكون له حضوره ودوره الفاعل بطريقة أو بأخرى لأنه بحق أحد رجالات المرحلة.. في الرياضة الخليجية والآسيوية أيضاً.
دورة الخليج
ولكل حادث حديث
عندما سألت الشيخ سلمان عن المجاملات ودورها في تنظيم دورة الخليج.. وعدم وجود مرجعية واضحة وثابتة لها مثل بطولات الخليج الأخرى.. ومدى تأثير ذلك عليها.. لم يخف هذه الحقيقة بل أكد عليها.. مبدياً تخوفه من عدم إقامتها في موعدها المحدد في اليمن الشقيق بع ثلاثة أشهر من الآن.. إذ إن الرؤية ــ كما يقول ــ غير واضحة حتى الآن.. معلنا عن حرجه الشديد في الحديث عن بعض التفاصيل والبدائل.. كونه من البحرين.. والمعروف أن البحرين هي الدولة التي كان مقرراً لها أن تستضيف البطولة حسب الترتيب وقبل أن تسند إلى اليمن..!.
وقد سبق لي الحديث عن تنظيم البطولة القادمة وفي إسنادها إلى اليمن الشقيق.. كدولة لا تملك البنى التحتية وقد لا يسعفها الوقت لذلك.. فنحن نرى الاتحاد الدولي لكرة القدم سيقرر بعد بضعة أشهر وقبل نهاية العام.. من سينظم مونديال 2018 ومونديال 2022 !؟.
ويزور الدول للاطمئنان على مدى جاهزيتها.. واستلم أثناء مونديال 2010 تقريراً متكاملاً عن تنظيم البرازيل لمونديال 2014 واطمأن على جاهزيتها.
كأس الخليج كانت منتظمة وتعرف كل دولة متى تستضيف البطولة باعتبار الترتيب الذي كانت تسير عليه.. وكان يفترض أن يسري هذا بعد انضمام اليمن إليها.. وأعتقد أن عدم وجود مرجعية واضحة وثابتة أو دائمة.. تكون لديها الصلاحيات الكاملة في تنظيمها ومتابعتها يؤثر على ذلك.
عموماً..
لا أريد أن أكرر الحديث عن هذا الموضوع.. حتى لا يفهم على غير مقصده.. لكنني أتمنى.. ــ كما تمنى الشيخ سلمان وأكد عليه ــ أن تنجح اليمن في تنظيم البطولة وفي موعدها المحدد..!.. ولكل حادث حديث..!.
والله من وراء القصد
الأهلي.. وقيادة التغيير
قبل أسبوع هددت إدارة النادي الأهلي مدرب الفريق الأول لكرة القدم سوليد بإنهاء عقده إذا لم يقدم الفريق في مباراته أمام نجران ما يشفع له بالبقاء.. بمعنى أن يفوز الفريق في المباراة.. ثم أعلنت إنهاء عقده قبلها.. وجاءت المباراة وخسرها الأهلي.. وهي الخسارة الثالثة له على التوالي أمام كل من.. الاتفاق، الفتح، ثم نجران.. بعد فوز وحيد على الحزم في افتتاح الدوري..!.
لذلك لم يكن غريباً أن يخسر هذه المباراة.. ويجب أن يدرك الأهلاويون هذا.. مع احترامي وتقديري الشديدين لهم..! لنترك الأهلي جانباً بصورة مؤقتة.. ونتحدث عن تهديد المدربين.. فالأهلي ليس النادي الأول ولن يكون الأخير.. ومسألة تهديد المدرب وإعطاؤه الفرصة الأخيرة في مباراة الفريق القادمة تكررت وتتكرر مع أكثر من نادٍ..!
وكأن نجاح المدرب أو فشله مرتبط بنتيجة مباراة.. والكل يعرف أن الفوز والخسارة في أي مباراة.. لا ترتبط بخطة المدرب فقط..!
أو عمله.. لكن هناك منظومة عمل متكاملة. من الإدارة والجهاز الفني.. واللاعب داخل الملعب..!.
ثم..
كيف نريد من المدرب أن يعمل بهدوء.. ويخطط..!؟
وهو يدرك أن مصيره مرتبط بالمباراة المقبلة.. أو أيّ مباراة أخرى عطفاً على ذلك.. بمعنى أنه أدرك أن وضعه أو بقاءه أصبح مسألة وقت.. ثم.. ما الذي يهمه في هذا كله.. !؟ طالما أنه سيستلم كافة حقوقه.. والشرط الجزائي أيضاً.
لا أدري..
ما هي فلسفة الأندية لدينا في كيفية تعاقدها مع المدربين والخبرات الأجنبية عموما !؟.. ثم في كيفية تعاملها معهم.. وبالتالي استمرارهم من عدمه..!؟ وعلى أية حال.. فالحديث هنا يطول وربّما كان له وقت آخر.
وعودة للنادي الأهلي.. فقد قلنا مراراً وتكراراً.. أن علته ليست تدريبية..! كم من المدربين تعاقبوا على الفريق..!؟ شأنه شأن أندية أخرى..! لكن الأهلي لديه مشاكل أخرى.. البيت الأهلاوي أدرى بها..!.
وعلى الصعيد الفني.. أو العناصري يعاني الفريق من مشاكل كثيرة.. أبسطها.. كيفية اختيار العناصر المؤهلة لشغل المراكز في الفريق.. وقد تحدث كثيرون عن ذلك.. وتحدثت عنه في بداية الدوري قبل أربعة أسابيع.. عندما قلت إن الأهلي يعاني من العمود الفقري وتحديداً من الفقرات السفلى (الخطوط الخلفية).. خاصة مركز المحور ومتوسط الدفاع.. وأنه أيضاً يعاني من عدم وجود اللاعب القائد داخل الملعب.. وهي مشكلة أهلاوية أزلية عانى منها الفريق كثيراً في الفترة الأخيرة..!.
ثم أعدت الحديث (في منتصف الأسبوع الماضي) عندما قلت أن الأهلي مرشح ليكون أول الأندية في قيادة التبديل والتغيير في فترة التسجيل المقبلة.. وأنا أتحدث في مقال (وإن يناير لناظره لقريب).. لكن الأهلي خالف ظني وعجل بالتغيير في زمن قياسي.
والله من وراء القصد،،،،
لكن الحقيقة التي لا تقبل الجدل.. وهو ما أكده الجميع أن هذه الأمسية باتت سمة واضحة.. وحدثاً ينتظره الوسط الرياضي في هذا الشهر الفضيل.. وكأنما هي ضمن أجندة الموسم كل عام.. فالأمسية ليست حدثاً عادياً يلتقي فيه عدد من الإعلاميين والمسؤولين للحوار والنقاش.. بقدر ما أصبحت حواراً مفتوحاً بين أطياف مختلفة.. أشبه ما تكون بورشة عمل.. ذات محاور متعددة.. تخرج بتوصيات!.
فعلاً..
إن المتابع لهذه الأمسية سواء بالحضور أو بالمشاهدة.. أو قراءة ملخصها عبر هذه الصحيفة يدرك أنها كذلك.. ويلمس من خلال الطرح الذي تتناوله.. ما يؤكد هذه الحقيقة.
لقد تجاوزت الأمسية الحدود بالأثر والتأثير.. وأصبحت تستهدف ضيوفاً من خارج المملكة ومشاركين أيضاً.. للتأكيد على أهميتها وسيرها ضمن برنامج محدد المعالم.. محققة بعض أهداف (الرياضية) كمطبوعة للشباب العربي تساهم في بلورة كثير من المفاهيم وملامح التطوير للرياضة المحلية والإقليمية.. متجاوزة ذلك إلى القارية..!
ولعل أكبر دليل على هذا التوجه أن هذه الأمسية ناقشت على مدى سنواتها السبع الماضية الكثير من القضايا.. وطرحت العديد من المقترحات كالخصخصة.. الاستثمار.. دوري المحترفين.. وغيرها.. قبل إقرارها بصورة رسمية وتنفيذها.. مما يدل على عمق الرؤية ونوعية الطرح الموجود في الأمسية..!.
وهي تنتقي متحدثيها الرسميين بعناية ووفقاً للمرحلة والحدث.. فاستضافت العام الماضي سعادة محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.. كونه رجل المرحلة.. ومحور حديثها في ذلك الوقت! ولأن الكرة الخليجية.. هي حديث الساعة.. بخروجها من تصفيات كأس العالم. وعلاقتها بالكرة الآسيوية.. وبدورة الخليج التي لازالت تتحرك في بحر لجي.. وكذلك بطولات مجلس التعاون.. فقد كان ضيف الأمسية لهذا العام الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم ورئيس اللجنة التنظيمية لكرة القدم بدول مجلس التعاون.
ولعلي هنا..
أتوقف قليلاً عند أمسية هذا العام.. وفارسها الشيخ سلمان..
دعوني بداية أتكلم بكل صراحة عن الشيخ سلمان الذي قدمته هذا الأمسية.. أو بلغة أخرى كشفت عن شخصيته.
هذا الرجل.. كان إلى فترة قريبة رئيساً للجنة الانضباط في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ونائباً لرئيس لجنة الانضباط في الاتحاد الدولي (الفيفا).. وهو الآن ومنذ سنتين رئيس للجنة التنظيمية لكرة القدم في دول مجلس التعاون.. هذه المناصب.. كافية لأن تجعل (صاحبها) في بؤرة الأحداث وبالتالي تقدمه للإعلام.
لكن الشيخ سلمان.. لم يكن معروفاً أو مطروحاً كشخصية أمام الإعلام بنفس الحضور الذي يتوازى ومناصبه وأهمية هذه المناصب..!.
ربّما لأنه ــ في نظري ــ رجل لا يسعى وراء الأضواء بمعنى ((Man show.. قدر سعيه للعمل.. وجاء دخوله منافساً لابن همام على منصب التمثيل الآسيوي في (الفيفا) العام الماضي.. ليقدمه لواجهة الأحداث.. وجاءت خسارته بفارق ضئيل من الأصوات لتؤكد قدرته على الحضور.. وأن صوته قوي..!.
وهناك فرق بين الصوت العالي.. والصوت القوي..
الصوت العالي.. يُسمع (بضم الواو).. لكنه قد لا يؤثر.. كجعجعة الرحى دون قمح أو حبوب.. أو كقرع الدفوف..!.
أما الصوت القوي.. فهو الذي يُسمع ويؤثر.. لأنه يمضي حسب الاتجاه المرسوم له..! ساعتان ونصف.. تحدث فيها الشيخ سلمان خلال الأمسية.. كان حديثه همساً.. لا تكاد تسمعه..!.
يوحي بالهدوء والثقة.. حاول البعض إثارته.. ونفض البعض الغبار عن أحداث ومواقف سابقة.. وتم تكرارها أكثر من مرة في الأمسية.. لكنه كان في كل مرة أكثر هدوءاً من سابقتها..!.
وكانت الابتسامة لا تفارقه.. تحدث للجميع.. وعن الجميع.. وأجاب الجميع.. ولم يعتذر عن أي سؤال.. كان ينتقي إجاباته.. وكان صريحاً إلى أبعد الحدود.. ودبلوماسياً عندما يتطلب الأمر ذلك..!.
قال عن خسارته لمقعد (الفيفا) أمام منافسه ابن همام:
إنه إذا كان قد خسر المقعد.. فقد كسبت آسيا التغيير.. وهذا ما ينشده ويهدف إليه وهو سماع الرأي الآخر.
مما يعني تهميش بعض الأصوات في الاتحاد في وقت سابق!..
وهو مالا يحقق العدالة بين الجميع..! لكن الشيخ سلمان الذي أكد على طيه لتلك الصفحة وتجاوزها.. ووضع يده في رئاسة الاتحاد الآسيوي.. ومساندتها في كل خطوة.. لم يخف شعوره أن أمام الكرة الآسيوية الكثير من الجهود لترتقي إلى مستوى الآمال والطموحات.. وأن غربها يحتاج إلى الجهد نفسه ليصل إلى مستوى شرقها من حيث التنظيم واحترافية العمل.. كما لم يخف تخوفه من دورة الخليج وعدم تنظيمها في وقتها..!.
والواقع..
أن الكرة في غرب آسيا.. لازالت متأخرة عن نظيرتها في الشرق الآسيوي من حيث التنظيم والاحترافية.. ولازال صوت هذه الدول غير مؤثر في الإتحاد.. وتحتاج هذه الدول المزيد من العمل والجهد المضاعف إذا ما أرادت المنافسة! والعمل الذي اعنيه هنا لا يتمثل فقط في البنى التحتية.. ولكن أيضاً في الأنظمة والقوانين ومحاولة التحرر من البيروقراطية.. واستقلالية العمل الرياضي.. وخصخصته.
سألت الشيخ سلمان قائلاً:
قبل بضعة عقود.. كانت السيطرة الميدانية والفنية لشرق آسيا.. عدا منتخب واحد من غربها.. كان ينافس أحياناً.. وكذلك القيادة الإدارية في الاتحاد لم تكن شرقية.. ومع ذلك كان الصوت الخليجي قوياً ومؤثراً في الاتحاد.. الآن وبعد أن أصبحت السيطرة الفنية والميدانية لهذه المنطقة.. وكذلك الإدارية.. بدأ الصوت أكثر انخفاضاً وأقل تأثيراً..
وسألته أيضاً:
حول التنافس بين أبناء المنطقة على المناصب القيادية في الاتحاد وأنه يجعل البعض ينظر إلينا كدول (متخالفة) بدلاً من أن نكون دولاً (متحالفة).. مما يؤثر في النهاية على قوة هذا الصوت وتأثيره.
كما تساءل الدكتور حافظ المدلج.. عضو الاتحاد السعودي لكرة القدم.. عن معنى ودلالة.. تأهل ثمانية منتخبات من غرب آسيا من أصل 16 إلى نهائيات كأس الأمم الآسيوية.. وعدم تأهل أي منها إلى كأس العالم..!؟.
قال الشيخ سلمان:
إن ثلاث دول من شرق آسيا تأهلت للمونديال وقدمت مستويات جيدة خاصة اثنتين منها (يقصد اليابان وكوريا الجنوبية)، وتقدمتا للمرحلة الثانية.. وهذا يؤكد تطور الكرة لديهما بسب الاحترافية والخصخصة.. فنحن بحاجة لبرامج بمثل مستوى الاتحاد الياباني والاتحادات المتقدمة.. والمطلوب من بعض الاتحادات في غرب القارة تطوير برامجها.. وتفعيل الخصخصة وعدم الاعتماد على الدعم الحكومي.. مشيراً إلى أن هناك بعض الخطوات الجيدة في مجال الاستثمار الرياضي في المنطقة لكنها لازالت دون المستوى المطلوب منوهاً بتجربة المملكة العربية السعودية في هذا المجال ومجال الاحتراف إلى جانب قطر والإمارات العربية المتحدة. كما أكد على أهمية تكاتف دول المنطقة والعمل بروح الفريق الواحد.. ونبذ الخلافات من أجل توحيد الأصوات والرؤى والتعاون وتطوير ذاتها.. إذا ما أرادت المنافسة.. وتحقيق الأهداف التي تسعى إليها.
هذا جزء من حديث الشيخ سلمان في الأمسية والذي تطرق فيه أيضاً إلى أهمية تفعيل مكتب غرب آسيا أو اتحاد غرب آسيا في الأردن بعد انضمام دول الخليج إليه ليكون أكثر فاعلية.. مشيراً في هذا الصدد إلى أن اتحاد شرق آلقارة هو أكثر الاتحادات تنظيماً وفاعلية.. وأن هناك بعض الاتحادات الأهلية في آسيا مسيرة.. ومطالب بالعدالة بين الجميع..!.
على أنني..
ومن خلال ما دار في هذه الأمسية وغيرها.. لابد أن أشير هنا إلى نقاط ثلاث:
الأولى:
إن الاتحاد الآسيوي في عهد محمد بن همام أحدث نقلة كبرى في الكرة الآسيوية.. وأن ابن همام ألقى حجراً في بركة مياهها الراكدة.. وأصبح لها حضورها وتأثيرها وبرامجها المنظمة.. وهو ما أشار إليه الشيخ سلمان، وأكد على دور ابن همام في ذلك.. لكن يظل ــ أيّ محمد بن همام ــ كأيّ إنسان له إيجابياته وسلبياته.. وقد تحدثت شخصيا عن كثير من هذه الجوانب سلباً وإيجاباً في مقالات سابقة وقت الانتخابات لمقعد آسيا في (الفيفا) والمنافسة بين الشيخ سلمان وسعادة ابن همام.. ولازلت عند رأيي في أن الأستاذ محمد أحدث نقلة في الكرة الآسيوية وله دور كبير في تحريك الاتحاد.. ودفع عربته خطوات كبيرة إلى الأمام.
الثانية:
أن على أعضاء الاتحاد ولجانه.. مسؤولية كبرى في هذا التغيير وقيادته (أعني التغيير).. وسرعة تفعيله بالرأي الصادق والصريح.. والعدل والمساواة بين المنتمين للاتحاد.. حسب إشارة الشيخ سلمان.
الثالثة:
إذا كان الشيخ سلمان ضحى بمنصبه في (الفيفا) وفي الاتحاد الآسيوي.. من أجل انتخابات لم يوفق فيها.. وأنه ــ كما يقول ــ قرر التفرغ للرياضة البحرينية وشؤونه الخاصة وأن مسؤولياته لم تعد تسمح له بالعودة.. فأقول.. سواء كان هذا السبب مقنعا أم لا !؟.. فإننا هنا في هذه المنطقة.. وأيضاً على مستوى القارة في حاجة لأمثال الشيخ سلمان وفكره وثقافته.. ولابد أن يكون له حضوره ودوره الفاعل بطريقة أو بأخرى لأنه بحق أحد رجالات المرحلة.. في الرياضة الخليجية والآسيوية أيضاً.
دورة الخليج
ولكل حادث حديث
عندما سألت الشيخ سلمان عن المجاملات ودورها في تنظيم دورة الخليج.. وعدم وجود مرجعية واضحة وثابتة لها مثل بطولات الخليج الأخرى.. ومدى تأثير ذلك عليها.. لم يخف هذه الحقيقة بل أكد عليها.. مبدياً تخوفه من عدم إقامتها في موعدها المحدد في اليمن الشقيق بع ثلاثة أشهر من الآن.. إذ إن الرؤية ــ كما يقول ــ غير واضحة حتى الآن.. معلنا عن حرجه الشديد في الحديث عن بعض التفاصيل والبدائل.. كونه من البحرين.. والمعروف أن البحرين هي الدولة التي كان مقرراً لها أن تستضيف البطولة حسب الترتيب وقبل أن تسند إلى اليمن..!.
وقد سبق لي الحديث عن تنظيم البطولة القادمة وفي إسنادها إلى اليمن الشقيق.. كدولة لا تملك البنى التحتية وقد لا يسعفها الوقت لذلك.. فنحن نرى الاتحاد الدولي لكرة القدم سيقرر بعد بضعة أشهر وقبل نهاية العام.. من سينظم مونديال 2018 ومونديال 2022 !؟.
ويزور الدول للاطمئنان على مدى جاهزيتها.. واستلم أثناء مونديال 2010 تقريراً متكاملاً عن تنظيم البرازيل لمونديال 2014 واطمأن على جاهزيتها.
كأس الخليج كانت منتظمة وتعرف كل دولة متى تستضيف البطولة باعتبار الترتيب الذي كانت تسير عليه.. وكان يفترض أن يسري هذا بعد انضمام اليمن إليها.. وأعتقد أن عدم وجود مرجعية واضحة وثابتة أو دائمة.. تكون لديها الصلاحيات الكاملة في تنظيمها ومتابعتها يؤثر على ذلك.
عموماً..
لا أريد أن أكرر الحديث عن هذا الموضوع.. حتى لا يفهم على غير مقصده.. لكنني أتمنى.. ــ كما تمنى الشيخ سلمان وأكد عليه ــ أن تنجح اليمن في تنظيم البطولة وفي موعدها المحدد..!.. ولكل حادث حديث..!.
والله من وراء القصد
الأهلي.. وقيادة التغيير
قبل أسبوع هددت إدارة النادي الأهلي مدرب الفريق الأول لكرة القدم سوليد بإنهاء عقده إذا لم يقدم الفريق في مباراته أمام نجران ما يشفع له بالبقاء.. بمعنى أن يفوز الفريق في المباراة.. ثم أعلنت إنهاء عقده قبلها.. وجاءت المباراة وخسرها الأهلي.. وهي الخسارة الثالثة له على التوالي أمام كل من.. الاتفاق، الفتح، ثم نجران.. بعد فوز وحيد على الحزم في افتتاح الدوري..!.
لذلك لم يكن غريباً أن يخسر هذه المباراة.. ويجب أن يدرك الأهلاويون هذا.. مع احترامي وتقديري الشديدين لهم..! لنترك الأهلي جانباً بصورة مؤقتة.. ونتحدث عن تهديد المدربين.. فالأهلي ليس النادي الأول ولن يكون الأخير.. ومسألة تهديد المدرب وإعطاؤه الفرصة الأخيرة في مباراة الفريق القادمة تكررت وتتكرر مع أكثر من نادٍ..!
وكأن نجاح المدرب أو فشله مرتبط بنتيجة مباراة.. والكل يعرف أن الفوز والخسارة في أي مباراة.. لا ترتبط بخطة المدرب فقط..!
أو عمله.. لكن هناك منظومة عمل متكاملة. من الإدارة والجهاز الفني.. واللاعب داخل الملعب..!.
ثم..
كيف نريد من المدرب أن يعمل بهدوء.. ويخطط..!؟
وهو يدرك أن مصيره مرتبط بالمباراة المقبلة.. أو أيّ مباراة أخرى عطفاً على ذلك.. بمعنى أنه أدرك أن وضعه أو بقاءه أصبح مسألة وقت.. ثم.. ما الذي يهمه في هذا كله.. !؟ طالما أنه سيستلم كافة حقوقه.. والشرط الجزائي أيضاً.
لا أدري..
ما هي فلسفة الأندية لدينا في كيفية تعاقدها مع المدربين والخبرات الأجنبية عموما !؟.. ثم في كيفية تعاملها معهم.. وبالتالي استمرارهم من عدمه..!؟ وعلى أية حال.. فالحديث هنا يطول وربّما كان له وقت آخر.
وعودة للنادي الأهلي.. فقد قلنا مراراً وتكراراً.. أن علته ليست تدريبية..! كم من المدربين تعاقبوا على الفريق..!؟ شأنه شأن أندية أخرى..! لكن الأهلي لديه مشاكل أخرى.. البيت الأهلاوي أدرى بها..!.
وعلى الصعيد الفني.. أو العناصري يعاني الفريق من مشاكل كثيرة.. أبسطها.. كيفية اختيار العناصر المؤهلة لشغل المراكز في الفريق.. وقد تحدث كثيرون عن ذلك.. وتحدثت عنه في بداية الدوري قبل أربعة أسابيع.. عندما قلت إن الأهلي يعاني من العمود الفقري وتحديداً من الفقرات السفلى (الخطوط الخلفية).. خاصة مركز المحور ومتوسط الدفاع.. وأنه أيضاً يعاني من عدم وجود اللاعب القائد داخل الملعب.. وهي مشكلة أهلاوية أزلية عانى منها الفريق كثيراً في الفترة الأخيرة..!.
ثم أعدت الحديث (في منتصف الأسبوع الماضي) عندما قلت أن الأهلي مرشح ليكون أول الأندية في قيادة التبديل والتغيير في فترة التسجيل المقبلة.. وأنا أتحدث في مقال (وإن يناير لناظره لقريب).. لكن الأهلي خالف ظني وعجل بالتغيير في زمن قياسي.
والله من وراء القصد،،،،