في حديث خص به هذه الجريدة "الرياضية" يوم السبت الماضي قال الأمير سلطان بن فهد بن عبد العزيز الرئيس العام لرعاية الشباب موجهاً كلامه إلى رؤساء الأندية بعد أن أثنى على جهودهم والدور الذي يقومون به ما نصه : (ننتظر منهم المساهمة في تهيئة لاعبيهم وتثقيفهم حتى ننجح معاً في تقديم مستوى متميز للكرة السعودية) .
وفي موضع آخر موجها الحديث للمؤثرين في صناعة الرأي من أعضاء شرف ورؤساء أندية وإعلاميين وغيرهم قال ما معناه: (نطالب الجميع بطرح رؤاهم بشكل حضاري وأن يكون لهم هدف بناء يسهم في بناء شبابنا وإعدادهم وتنشئتهم على أسس سليمة.. تنطلق من العقيدة الإسلامية)
مختصر مفيد يفتح آفاقاً واسعة من الحوار، لكنني سأتوقف عندها مؤقتاً وأنتقل لموضوع آخر.
..عندما يتحدث (نواف بن فيصل) لا تملك إلا أن تصغي باهتمام كبير وعبر حواسك الممكنة لكل كلمة يقولها وحرف يتفوه به.
وعندما تقرأ ما قال لا تملك إلا أن تجمع هذه الحواس لتبحث بين ثنايا السطور وما تحمله طياتها من أبعاد..
(نواف) هو سليل (فيصل بن فهد) ولذا لا غرابة إن أخذ منه كثيرا من المزايا.. والحضور.. والقدرة في توصيل الرسالة عبر أقصر الطرق وأسرعها :
كلما شاهدته في محفل دولي.. تذكرت ذلك الرجل العظيم (والعظمة لله سبحانه) وترحمت عليه كثيرا وشعرت أنه لا يزال موجودا بيننا
لا أعتقد أن الأمير نواف بحاجة للتأكيد على هذه الحقيقة لكنها خيالات وحقائق تداعت وأنا أتابع (أخبار) المنتدى الدولي الثالث للسلام والرياضة بحضوره الكريم والكلمة التي ألقاها في المنتدى وقرأت بعضا من مقتطفاتها ـ كما تم نشرها ـ
وعندما خاطب (سفير السلام) أو (نواف بن فيصل) المؤتمر موجهاً رسالته للمجتمع العالمي وليس لشبابه فقط كان في الواقع يمثل (الرسول) الحقيقي للسلام المطلوب بين الأمم وبين الشعوب قولا وعملا من خلال هذا الحضور المتمثل في عدد من الساسة والرياضيين والمثقفين بمختلف أطيافهم
(نواف) وهو يتحدث وإن كان يعبر عن توجهاته وفكره وثقافته الخاصة فقد كان أيضا يمثل وجهة نظر السعودية ورأيها كبلد محب للسلام العالمي وداعم له وأحد واضعي أسس هذا السلام من خلال تأكيده على مواقف خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) في إرساء قواعد هذا السلام عبر الكثير من التوجهات التي تؤكد سياسة السعودية في هذا المجال مشيرا في هذا الصدد إلى أن السعودية تعمل مع منظمة السلام والرياضة العالمية على برنامج يترجم هذه التطلعات ويرسم سياستها مما يؤكد على مكانتها كعضو مؤسس في المنظمة وحرص ومكانة رعاية الشباب ودورها في هذا الجانب.
ولعل أبرز ما دار في المؤتمر من مناقشات هو ما أشار إليه الأمير نواف من أن المؤتمر أكد على أهمية الاستفادة من التجمعات الشبابية في بث الرسائل التوعوية والارتقاء بمستوى وفكر الشباب بما يساهم في نشر ثقافة السلام والتآخي بينهم ونشرها أيضا بين شعوب العالم بصورة عامة.
السؤال المطروح الآن
هذه الجزئية الهامة كيف تعاملنا معها وكيف نتعامل؟
لقد مر مؤتمر (السلام) هذا بـ(سلام) على إعلامنا.
أستثني هذه الصحيفة "الرياضية" وبعض (اللمم) هنا أو هناك.
وليس خافيا على أحد أننا كمجتمع رياضي مازلنا بحاجة لكثير من تنمية الوعي وزرع الثقافة الرياضية وثقافة التنافس الشريف بين جماهيرنا، بل والقائمين على الأندية الرياضية.. بالتالي كان يفترض تسليط الضوء على هذا المؤتمر وعلى هذه الجزئية بالذات كيف يمكن الاستفادة منها وتفعيلها؟
للأسف في هذا الوقت كان (بعض) من هذا الإعلام يمارس (ما يقوض) دعائم هذا السلام ويؤثر سلباً في ثقافته.
ولعلي هنا أعود لما بدأت به المقال وهو حديث الأمير سلطان بن فهد وكلامه للتأكيد على أن رعاية الشباب والقيادة الرياضية لدينا تسير على نهج واحد ووفق منهجية ثابتة وواضحة في ترسية قواعد السلام والرياضة وتنمية هذه الروح بين جيل الشباب والمنتمين إلى المجتمع الرياضي وواجبنا هو التفاعل مع هذا التوجه وهو أمر لا يتحقق إلا بتنمية هذه الثقافة ودعمها إعلاميا إذ تقع على الإعلام في المقام الأول المسؤولية في صناعة هذا الفكر وتنميته وكذلك مسؤولي الأندية والقائمين عليها إذ إنها المسؤولة عن هذا الجانب فيما يتعلق بالمنتمين إليها والمنفذين لبرامجها حتى نتمكن من إيجاد جيل قادر على النهوض بمسؤوليته ومسايرة الركب المتقدم ومحاكاته، والله من وراء القصد.
الشباب ـ الهلال
الفرق بن ثقافتين
دائما ما كنا نتحدث عن ثقافة اللاعب الكروية، والثقافة هنا لا تعني الكم المعلوماتي الذي يختزنه أو سلوكه فقط بقدر ما نعني قدرته على التصرف في المواقف أثناء اللعب ومعرفته لحدود واجباته ومسؤولياته.
إن افتقاده لمثل هذا النوع من الثقافة من شأنه أن يؤثر في عطائه وفي أحيان كثيرة يدفع الثمن من خلالها غاليا كما حصل في مباراة الشباب والهلال الأخيرة التي انتهت بتعادلهما 2ـ2 بعد أن كان الهلال متقدما 0ـ2 ، ونتيجة 0ـ2 تعتبر من أخطر النتائج وهو ما يحذر منه كثير من المدربين والخبراء فالفريق الفائز يعيش مرحلة انعدام وزن ـ إن صح التعبيرـ قد تؤدي إلى الركود في بعض الأحيان في حين يشعر الفريق الآخر بقدرته على تقليص الفارق ومتى ما تم ذلك تبدلت كثير من الأمور فيما يتعلق بمعنوية الفريق، وقليل من الفرق التي تستطيع المحافظة على توازنها في هذه الحالات.
ما حصل في المباراة المذكورة تجسيد حي لهذا الوضع والشباب كان الفريق الأكفأ.. في قدرته على التعامل مع الحدث والعودة من الصفوف الخلفية وعدم اليأس أو الاستسلام للنتيجة حتى وإن كانت الأهداف بسبب أخطاء هلالية تؤكد ما أشرت إليه في البداية
فالهدف الأول جاء نتيجة عدم متابعة الدفاع الهلالي أو لنقل حالة استرخاء واطمئنان خاصة وأن الشوط الأول على نهايته.
والهدف الثاني : ضربة جزاء.. ارتدت من الدعيع وتابعها كوماتشو ليسجل التعادل وهنا يكمن الفرق في ردة الفعل والمتابعة بين لاعب يضع كل الاحتمالات وآخر أو آخرين وضعوا احتمالا واحد مبنيا على اليأس والاستسلام..
في ضربة الجزاء الاحتمالات خمسة يمثل التسجيل إحداها ـ أي إنه الأقل عدداـ وإن كان الأقرب للتحقيق فهناك احتمالات أخرى تتمثل في خروج الكرة.. أو ارتطامها بالقائم أو العارضة أو إمساكها من قبل الحارس أو ارتدادها منه.
هذه الاحتمالات يجب أن تكون حاضرة في ذهن اللاعب.. سواء كان المستفيد.. أو الآخر
مباراة الشباب والهلال أكدت على ثقافتين مختلفتين، ثقافة القدرة على التعامل مع الحدث والانتصار على الذات وانعدام هذه الثقافة لدى فريق آخر
المباراة.. أيضا... أكدت على الروح الرياضية العالية لدى الفريقين سواء على المستوى الإداري أو اللاعبين أو الأداء الفني وهو ما نتمنى أن نراه سائدا في منافساتنا الكروية
هذا ما يحتاجه الأهلي
تقول الأخبار (لا أدري هل تأكدت قبل نشر هذا المقال أم لا.. ؟) الأهلي بصدد توقيع عقد مع المدرب الروماني الجنرال يوردانيسكو لعام ونصف بمبلغ مليون وسبعمائة ألف دولار.. ما يزيد عن مائة ألف شهريا... وهو ما يقارب أربعمائة ألف ريال مع شرط جزائي. يوردانيسكو كان عاطلا لمدة سنتين ويأتي عقد كهذا كافيا لتعويضه وهو ما يطرح علامة استفهام حول نجاحه وإن كان البعض يرى أن الغياب لا تأثير له في ذلك إلا أن السؤال المطروح
هل يوردانيسكو هو المدرب المناسب للأهلي وهل مثل هذه الميزانية كافية لإعادة مجد الأهلي على يديه ؟
أو لنقل إنه الحل و المنقذ.
الذي شاهد مباراة الاتحاد والأهلي الأخيرة التي انتهت بفوز الاتحاد 2ـ1 يدرك هذه الحقيقة وإذا كان الاتحاد انتصر على ظروفه ـ كما يقول البعض ـ فإن الحقيقة أن الوضع الذي كان علية الأهلي ساهم في هذه النتيجة أكثر من كونه تفوقا فنيا اتحاديا في هذه المباراة.. بقدر ما هو تفوق سابق.
أداء الفريق لم يكن مقنعا والهدفان جاءا بطريقة واحدة ومن نفس المكان وهدف الأهلي جاء مع صافرة النهاية
ويحسب للمشرف على الفريق الأمير فهد بن خالد ولإدارة النادي التعامل مع الحدث بواقعية فرغم أخطاء الحكم إلا أنهم لم يرموا بأسباب الخسارة عليه.. بقدر ما أدركوا حقيقة الفريق ووصفه.
الأهلي ـ يا سادتي الكرام
يفتقد للقائد (رئيس الفريق) ويفتقد للقائد داخل الملعب الذي يضبط إيقاعه.
الأهلي.. يفتقد لكثير من المقومات.
في المقابل الأهلي يملك مقومات النجاح من إدارة ودعم شرفي خاصة من الأمير خالد بن عبد الله، وبنية تحتية.. متمثلة في أكاديمية الأهلي لكنه يفتقد للقدرة على ترجمة هذه المقومات لعمل ناجح.
الأهلي لا يحتاج لمدرب مشهور أو سبق له النجاح مع فرق محلية بقدر حاجته لمدرب قادر على التعامل مع واقع الفريق.
الأهلي وهذا هو المهم بحاجة إلى أن يقتنع ويقنع ذاته بقدرته على التفوق والنجاح بعيدا عن النظرات الأخرى ..
الأهلي ابتعد عن الدوري ربع قرن لكنه فاز خلال تلك الفترة بكأس ولي العهد.. وبالبطولة العربية.. والخليجية.. وغيرها.. عندما توفرت له عوامل النجاح وترجم إمكانات التفوق وهو ما يحاجه الآن.
نور.. ضحية من؟
تحسب لمحمد نور غيرته وشعوره بمسؤوليته كقائد للفريق (وإن غاب عنه) وحرصه على سلامة زملائه، لكن هذا الحرص يجب أن يكون في الأطر النظامية والمقبولة.
محمد نور دفع ثمن عدم وعيه وثقافته في التعامل مع الأحداث والمواقف وفهمه للأنظمة من خلال نزوله غير المبرر لمتابعة حال زميله مبروك زايد وهي في كل الأحوال ليست مسؤوليته بقدر ما هي مسؤولية أجهزة أخرى مما قد يعرضه للعقوبة وهو الذي سبق وأن تلقى عقوبة أخرى بالإيقاف أربع مباريات لأسباب تصب في ذات الإطار ليغيب عن فريقه عددا من مباريات الدوري تقريبا وهو لم ينتصف بعد.
وإذا كنا نلوم نور على ذلك فإنني أعتقد أن اللوم الأكبر يقع على إدارة الملعب والمنظمين للمباراة وكيف تم السماح له بالقفز والنزول.
أما مسألة النواحي الإنسانية أو الاعتبارات الأخرى لا يمكن أن تكون مقبولة في ظل مخالفة الأنظمة الصريحة والقوانين
ولو (وأعوذ بالله من لو..) تم تطبيق الأنظمة والقوانين وعدم المجاملة معه لكان في مأمن من العقوبة وفي غنى عنها وهذا كله يصب في مصلحته ومصلحة فريقه الاتحاد.
وإذا كان نور بطل هذه الحادثة فإنه ليس الوحيد.
كثير من اللاعبين في أندية أخرى يضعون أنفسهم في مواقف هم في غنى عنها نتيجة افتقادهم للثقافة الرياضية وهذا يعود بنا لما بدأنا به وهو كلام الأمير سلطان بن فهد.
والله من وراء القصد.
وفي موضع آخر موجها الحديث للمؤثرين في صناعة الرأي من أعضاء شرف ورؤساء أندية وإعلاميين وغيرهم قال ما معناه: (نطالب الجميع بطرح رؤاهم بشكل حضاري وأن يكون لهم هدف بناء يسهم في بناء شبابنا وإعدادهم وتنشئتهم على أسس سليمة.. تنطلق من العقيدة الإسلامية)
مختصر مفيد يفتح آفاقاً واسعة من الحوار، لكنني سأتوقف عندها مؤقتاً وأنتقل لموضوع آخر.
..عندما يتحدث (نواف بن فيصل) لا تملك إلا أن تصغي باهتمام كبير وعبر حواسك الممكنة لكل كلمة يقولها وحرف يتفوه به.
وعندما تقرأ ما قال لا تملك إلا أن تجمع هذه الحواس لتبحث بين ثنايا السطور وما تحمله طياتها من أبعاد..
(نواف) هو سليل (فيصل بن فهد) ولذا لا غرابة إن أخذ منه كثيرا من المزايا.. والحضور.. والقدرة في توصيل الرسالة عبر أقصر الطرق وأسرعها :
كلما شاهدته في محفل دولي.. تذكرت ذلك الرجل العظيم (والعظمة لله سبحانه) وترحمت عليه كثيرا وشعرت أنه لا يزال موجودا بيننا
لا أعتقد أن الأمير نواف بحاجة للتأكيد على هذه الحقيقة لكنها خيالات وحقائق تداعت وأنا أتابع (أخبار) المنتدى الدولي الثالث للسلام والرياضة بحضوره الكريم والكلمة التي ألقاها في المنتدى وقرأت بعضا من مقتطفاتها ـ كما تم نشرها ـ
وعندما خاطب (سفير السلام) أو (نواف بن فيصل) المؤتمر موجهاً رسالته للمجتمع العالمي وليس لشبابه فقط كان في الواقع يمثل (الرسول) الحقيقي للسلام المطلوب بين الأمم وبين الشعوب قولا وعملا من خلال هذا الحضور المتمثل في عدد من الساسة والرياضيين والمثقفين بمختلف أطيافهم
(نواف) وهو يتحدث وإن كان يعبر عن توجهاته وفكره وثقافته الخاصة فقد كان أيضا يمثل وجهة نظر السعودية ورأيها كبلد محب للسلام العالمي وداعم له وأحد واضعي أسس هذا السلام من خلال تأكيده على مواقف خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) في إرساء قواعد هذا السلام عبر الكثير من التوجهات التي تؤكد سياسة السعودية في هذا المجال مشيرا في هذا الصدد إلى أن السعودية تعمل مع منظمة السلام والرياضة العالمية على برنامج يترجم هذه التطلعات ويرسم سياستها مما يؤكد على مكانتها كعضو مؤسس في المنظمة وحرص ومكانة رعاية الشباب ودورها في هذا الجانب.
ولعل أبرز ما دار في المؤتمر من مناقشات هو ما أشار إليه الأمير نواف من أن المؤتمر أكد على أهمية الاستفادة من التجمعات الشبابية في بث الرسائل التوعوية والارتقاء بمستوى وفكر الشباب بما يساهم في نشر ثقافة السلام والتآخي بينهم ونشرها أيضا بين شعوب العالم بصورة عامة.
السؤال المطروح الآن
هذه الجزئية الهامة كيف تعاملنا معها وكيف نتعامل؟
لقد مر مؤتمر (السلام) هذا بـ(سلام) على إعلامنا.
أستثني هذه الصحيفة "الرياضية" وبعض (اللمم) هنا أو هناك.
وليس خافيا على أحد أننا كمجتمع رياضي مازلنا بحاجة لكثير من تنمية الوعي وزرع الثقافة الرياضية وثقافة التنافس الشريف بين جماهيرنا، بل والقائمين على الأندية الرياضية.. بالتالي كان يفترض تسليط الضوء على هذا المؤتمر وعلى هذه الجزئية بالذات كيف يمكن الاستفادة منها وتفعيلها؟
للأسف في هذا الوقت كان (بعض) من هذا الإعلام يمارس (ما يقوض) دعائم هذا السلام ويؤثر سلباً في ثقافته.
ولعلي هنا أعود لما بدأت به المقال وهو حديث الأمير سلطان بن فهد وكلامه للتأكيد على أن رعاية الشباب والقيادة الرياضية لدينا تسير على نهج واحد ووفق منهجية ثابتة وواضحة في ترسية قواعد السلام والرياضة وتنمية هذه الروح بين جيل الشباب والمنتمين إلى المجتمع الرياضي وواجبنا هو التفاعل مع هذا التوجه وهو أمر لا يتحقق إلا بتنمية هذه الثقافة ودعمها إعلاميا إذ تقع على الإعلام في المقام الأول المسؤولية في صناعة هذا الفكر وتنميته وكذلك مسؤولي الأندية والقائمين عليها إذ إنها المسؤولة عن هذا الجانب فيما يتعلق بالمنتمين إليها والمنفذين لبرامجها حتى نتمكن من إيجاد جيل قادر على النهوض بمسؤوليته ومسايرة الركب المتقدم ومحاكاته، والله من وراء القصد.
الشباب ـ الهلال
الفرق بن ثقافتين
دائما ما كنا نتحدث عن ثقافة اللاعب الكروية، والثقافة هنا لا تعني الكم المعلوماتي الذي يختزنه أو سلوكه فقط بقدر ما نعني قدرته على التصرف في المواقف أثناء اللعب ومعرفته لحدود واجباته ومسؤولياته.
إن افتقاده لمثل هذا النوع من الثقافة من شأنه أن يؤثر في عطائه وفي أحيان كثيرة يدفع الثمن من خلالها غاليا كما حصل في مباراة الشباب والهلال الأخيرة التي انتهت بتعادلهما 2ـ2 بعد أن كان الهلال متقدما 0ـ2 ، ونتيجة 0ـ2 تعتبر من أخطر النتائج وهو ما يحذر منه كثير من المدربين والخبراء فالفريق الفائز يعيش مرحلة انعدام وزن ـ إن صح التعبيرـ قد تؤدي إلى الركود في بعض الأحيان في حين يشعر الفريق الآخر بقدرته على تقليص الفارق ومتى ما تم ذلك تبدلت كثير من الأمور فيما يتعلق بمعنوية الفريق، وقليل من الفرق التي تستطيع المحافظة على توازنها في هذه الحالات.
ما حصل في المباراة المذكورة تجسيد حي لهذا الوضع والشباب كان الفريق الأكفأ.. في قدرته على التعامل مع الحدث والعودة من الصفوف الخلفية وعدم اليأس أو الاستسلام للنتيجة حتى وإن كانت الأهداف بسبب أخطاء هلالية تؤكد ما أشرت إليه في البداية
فالهدف الأول جاء نتيجة عدم متابعة الدفاع الهلالي أو لنقل حالة استرخاء واطمئنان خاصة وأن الشوط الأول على نهايته.
والهدف الثاني : ضربة جزاء.. ارتدت من الدعيع وتابعها كوماتشو ليسجل التعادل وهنا يكمن الفرق في ردة الفعل والمتابعة بين لاعب يضع كل الاحتمالات وآخر أو آخرين وضعوا احتمالا واحد مبنيا على اليأس والاستسلام..
في ضربة الجزاء الاحتمالات خمسة يمثل التسجيل إحداها ـ أي إنه الأقل عدداـ وإن كان الأقرب للتحقيق فهناك احتمالات أخرى تتمثل في خروج الكرة.. أو ارتطامها بالقائم أو العارضة أو إمساكها من قبل الحارس أو ارتدادها منه.
هذه الاحتمالات يجب أن تكون حاضرة في ذهن اللاعب.. سواء كان المستفيد.. أو الآخر
مباراة الشباب والهلال أكدت على ثقافتين مختلفتين، ثقافة القدرة على التعامل مع الحدث والانتصار على الذات وانعدام هذه الثقافة لدى فريق آخر
المباراة.. أيضا... أكدت على الروح الرياضية العالية لدى الفريقين سواء على المستوى الإداري أو اللاعبين أو الأداء الفني وهو ما نتمنى أن نراه سائدا في منافساتنا الكروية
هذا ما يحتاجه الأهلي
تقول الأخبار (لا أدري هل تأكدت قبل نشر هذا المقال أم لا.. ؟) الأهلي بصدد توقيع عقد مع المدرب الروماني الجنرال يوردانيسكو لعام ونصف بمبلغ مليون وسبعمائة ألف دولار.. ما يزيد عن مائة ألف شهريا... وهو ما يقارب أربعمائة ألف ريال مع شرط جزائي. يوردانيسكو كان عاطلا لمدة سنتين ويأتي عقد كهذا كافيا لتعويضه وهو ما يطرح علامة استفهام حول نجاحه وإن كان البعض يرى أن الغياب لا تأثير له في ذلك إلا أن السؤال المطروح
هل يوردانيسكو هو المدرب المناسب للأهلي وهل مثل هذه الميزانية كافية لإعادة مجد الأهلي على يديه ؟
أو لنقل إنه الحل و المنقذ.
الذي شاهد مباراة الاتحاد والأهلي الأخيرة التي انتهت بفوز الاتحاد 2ـ1 يدرك هذه الحقيقة وإذا كان الاتحاد انتصر على ظروفه ـ كما يقول البعض ـ فإن الحقيقة أن الوضع الذي كان علية الأهلي ساهم في هذه النتيجة أكثر من كونه تفوقا فنيا اتحاديا في هذه المباراة.. بقدر ما هو تفوق سابق.
أداء الفريق لم يكن مقنعا والهدفان جاءا بطريقة واحدة ومن نفس المكان وهدف الأهلي جاء مع صافرة النهاية
ويحسب للمشرف على الفريق الأمير فهد بن خالد ولإدارة النادي التعامل مع الحدث بواقعية فرغم أخطاء الحكم إلا أنهم لم يرموا بأسباب الخسارة عليه.. بقدر ما أدركوا حقيقة الفريق ووصفه.
الأهلي ـ يا سادتي الكرام
يفتقد للقائد (رئيس الفريق) ويفتقد للقائد داخل الملعب الذي يضبط إيقاعه.
الأهلي.. يفتقد لكثير من المقومات.
في المقابل الأهلي يملك مقومات النجاح من إدارة ودعم شرفي خاصة من الأمير خالد بن عبد الله، وبنية تحتية.. متمثلة في أكاديمية الأهلي لكنه يفتقد للقدرة على ترجمة هذه المقومات لعمل ناجح.
الأهلي لا يحتاج لمدرب مشهور أو سبق له النجاح مع فرق محلية بقدر حاجته لمدرب قادر على التعامل مع واقع الفريق.
الأهلي وهذا هو المهم بحاجة إلى أن يقتنع ويقنع ذاته بقدرته على التفوق والنجاح بعيدا عن النظرات الأخرى ..
الأهلي ابتعد عن الدوري ربع قرن لكنه فاز خلال تلك الفترة بكأس ولي العهد.. وبالبطولة العربية.. والخليجية.. وغيرها.. عندما توفرت له عوامل النجاح وترجم إمكانات التفوق وهو ما يحاجه الآن.
نور.. ضحية من؟
تحسب لمحمد نور غيرته وشعوره بمسؤوليته كقائد للفريق (وإن غاب عنه) وحرصه على سلامة زملائه، لكن هذا الحرص يجب أن يكون في الأطر النظامية والمقبولة.
محمد نور دفع ثمن عدم وعيه وثقافته في التعامل مع الأحداث والمواقف وفهمه للأنظمة من خلال نزوله غير المبرر لمتابعة حال زميله مبروك زايد وهي في كل الأحوال ليست مسؤوليته بقدر ما هي مسؤولية أجهزة أخرى مما قد يعرضه للعقوبة وهو الذي سبق وأن تلقى عقوبة أخرى بالإيقاف أربع مباريات لأسباب تصب في ذات الإطار ليغيب عن فريقه عددا من مباريات الدوري تقريبا وهو لم ينتصف بعد.
وإذا كنا نلوم نور على ذلك فإنني أعتقد أن اللوم الأكبر يقع على إدارة الملعب والمنظمين للمباراة وكيف تم السماح له بالقفز والنزول.
أما مسألة النواحي الإنسانية أو الاعتبارات الأخرى لا يمكن أن تكون مقبولة في ظل مخالفة الأنظمة الصريحة والقوانين
ولو (وأعوذ بالله من لو..) تم تطبيق الأنظمة والقوانين وعدم المجاملة معه لكان في مأمن من العقوبة وفي غنى عنها وهذا كله يصب في مصلحته ومصلحة فريقه الاتحاد.
وإذا كان نور بطل هذه الحادثة فإنه ليس الوحيد.
كثير من اللاعبين في أندية أخرى يضعون أنفسهم في مواقف هم في غنى عنها نتيجة افتقادهم للثقافة الرياضية وهذا يعود بنا لما بدأنا به وهو كلام الأمير سلطان بن فهد.
والله من وراء القصد.