|


عبدالله الضويحي
فرح .. وربيع .. ومطر وفعلٌ .. أم ردة فعل؟!
2009-03-31
ـ قال لي..
مبارك هالخير..!!
ـ قلت:
على الجميع.!!
ثم أردفت:
إذا جا الخير.. جا جميع!!
ـ كان يوم السبت الماضي.. يوما جميلا.. في كل شيء.. منذ أن أشرقت شمسه!!
إشراقها ذلك اليوم.. كان فلكيا.. لكنها لم تكن حاضرة في معظمه عملياً..!!
سماء ملبدة بالغيوم..!!
تنذر بالبرق والرعود..!!
بعد أن رفعت الناس أكف الضراعة لخالقها بأن يغيثها غيثا هنيئا.. مريئا..!! يسقي به الزرع.. ويدر به الضرع.. وتخضر به الأرض.!!
لم يفقدوا الأمل في خالقهم.. ورحمته التي وسعت كل شيء.. بعد شهور من الجدب!!
ـ في طهران..
بعيداً عن الأنظار.. قريباً من القلوب كان المنتخب السعودي الأخضر.. يحاكي الحالة ذاتها كوريا..!!
جدب نقطي..
وآمال معلقة..!!
ببارئها.. ثم بلاعبيها..!!
فأمطر الأخضر.. عطاء.. وروحا.. وإخلاصاً.. فكان غيثاً سقى به رصيده..!!
فاعشوشب.. واخضر..!!
غابت شمس الرياض..
فأشرقت شمس المنتخب.. من طهران..
وتأخر (مرباع) الرياض..
فحضر (ربيع) المنتخب.. بخضرته.. وجماله..!!
ـ دعونا نتوقف قليلاً..
ونعلق أفراحنا بعض الوقت.!!
فالمرحلة.. لا تحتمل أكثر..!!
وليس لدينا متسع من الوقت..!!
ـ بالأمس..
فرح.. وربيع.. ومطر..!!
ـ وغداً..
أمرٌ.. أدهى.. وأمر.!!
ـ ولا أعتقد ـ أحبتي الكرام ـ أنني أخالف الواقع.. أو أجافي الحقيقة.. لو قلت إن أكثر المهتمين.. والمتابعين.. تفاؤلاً.. لم يكن يتوقع أن تنتهي مباراة المنتخب السعودي مع المنتخب الإيراني ضمن تصفيات كأس العالم 2010 عن قارة آسيا والتي أقيمت في طهران السبت الماضي وكسبها منتخبنا 2ـ1.. إلى ما انتهت إليه.!!
كما هم الذين (باعوا عباءاتهم) في هذه الأيام من فصول السنة..!!
وطووا خيامهم..!!
وأغمدوا مظلاتهم..!!
وعندما أقول..!
(إلى ما انتهت إليه).. فإنني لا أعني النتيجة فقط..!! بقدر ما أعني لفظاً عاماً..
ودلالة شمولية لما له علاقة.. أو ارتباط وثيق بالمباراة.. من أداء فني.. وروح عالية.. ومن ثم نتيجة..!!..إلخ..!!
وتراوحت الآمال.. والتطلعات.. بين التعادل..!! أو استعادة الثقة (على الأقل) عبر مستوى يجدد الأمل في الكرة السعودية وحضورها!!
كان ذلك واضحاً في نبض الشارع.. وفي طروحات الإعلام.. وحتى في تصريحات المسؤول.. التي اتسمت بالمنطق.. وكيفية التعامل مع الواقع..!!
وقد كان لهذا ما يبرره..!!
فالمنتخب السعودي دخل هذه المباراة بظروف صعبة..
وحسابات معقدة..!!
ورصيد نقطي.. لم يتجاوز ثلث ما هو مقرر في هذه المرحلة..
ومركز.. لا يتناسب مع سمعته.. ولا تاريخه.!!
ـ وعلى الصعيد الفني:
مدرب جديد.. لم يتعرف بعد على إمكانات لاعبيه.. وقدراتهم..!!
وغيابات طالت ثلث الفريق.. بعضها خارج عن الإرادة.. كالإصابات!!
وبعضها.. كان بالإمكان تلافيها.. كالإنذارات!!
كل هذه الظروف.. كانت تشوب نظرة التفاؤل.. وتؤثر فيها.!!
ـ وإذا كان علماء الفلك.. واختصاصيو الأرصاد يستطيعون قراءة المناخ وتنبئ توقعاتهم عن حالة الطقس..!! فإن خبراء الكرة.. والعارفين بأسرارها.. لا يستطيعون قراءة مناخها.. ولا يتوقعون تقلبات طقوسها..!!
الكرة ليست حالة كونية ترتبط بنواميس الكون وسننه.. وبالتالي يسهل قراءتها.. وتوقعات أحداثها.. لكنها حالة خاصة ترتبط بأحداث آنية تؤثر في تشكيلها.!!
اثنان فقط..!! خالفا كل التوقعات.. وكانا الأكثر جرأة في إعلانها.. وإن كانت لا تخلو من خوف مشوب بالحذر.. يتظلل بعباءة التفاؤل:
ـ الأول:
المتعلقون ببصيص الأمل (وهم قلة).. ممن يملكون بعد النظر..!! والقدرة على التطلع إلى الأفق البعيد.
ـ الثاني:
مدرب المنتخب (بسيرو).. الذي أعلنها مراراً وتكرارا.. منذ أن وطأت قدماه أرض الرياض.. بأنه قادر على قيادة الفريق للتأهل بدءا من هذه المباراة.. بل وذهب لأكثر من ذلك عندما قرن ذلك ببطاقة التأهل الأولى.
وإعلان (بسيرو) التحدي.. والثقة بهذه الصورة لا يخلو من أحد أمرين:
ـ إما..
أنه مناورة إعلامية يهدف من خلالها.. إلى رفع الروح المعنوية لدى لاعبيه.. والمحيطين بهم لصناعة رأي عام في هذا الاتجاه.. وفي المقابل التأثير النفسي على الخصم.
ـ أو..
أنه يملك معلومات دقيقة ومفصلة عن المنتخبات الأخرى.. كما يملك ذلك عن لاعبي المنتخب السعودي.. ويدرك إمكاناتهم وبالتالي يثق من قدرته في توظيف هذه الإمكانات!!
وأيا كانت..
فقد نجح بسيرو في مهمته..!! في تجربته الأولى..:
وهي التجربة الأصعب.. لأنها البداية.. ولأن الفريق يحتاج لهذه الخطوة.!!
على أن نجاح (بسيرو) في الخطوة الأولى لا يعني الحكم له.!! فأمامه مشوار طويل يمكن على ضوئه تقييمه.!! يبدأ من مباراة الإمارات يوم غد الأربعاء.!! وهي مباراة لا تقل صعوبة وخطوة لا تقل أهمية.!! يتوقف بعدها المنتخب عن المشاركة سبعين يوماً (أكثر من شهرين).. كافية ليضع كافة تصوراته.. وخبراته.. ورؤيته الواقعية..
هذه الفترة.. وما بعدها.. هي فترة الحكم والتقييم لبسيرو!
ويجب أن نكون واقعيين في نظرتنا للأمور.. وتقييمنا لها.. بل ومنطقيين أيضاً..
فالفوز على إيران.. لم يكن نتيجة عمل بضعة أيام للمدرب بسيرو مع المنتخب.
إذ أن هناك عوامل عدة ساهمت في ذلك.. أحدها هذا المدرب.. لكنه ليس الأهم.!!
ولعل من أبرز هذه العوامل:
ـ أن الفريق.. كان جاهزا عناصريا.. وانسجاماً.. نتيجة عمل وإعداد من المدرب السابق ناصر الجوهر.. وربما كان يحتاج لبعض الأمور.. والتعديلات التي ساهم فيها بسيرو.. فنية كانت.. أو معنوية.
ـ التغيير الذي طال الجهاز الفني ساهم بشكل كبير في رفع الروح المعنوية للفريق.. ومعروف أن التغيير عادة.. ما يكون مصحوباً بالنتائج الإيجابية في بدايته كردة فعل عليه.
ـ الدعم الإعلامي للفريق.. وتوحده في هذه الفترة الضيقة.. إذ أنها لا تساعد على تعدد الآراء.. وتباين الرؤى.. بعد أن كان هذا الإعلام مساهما في خلق فجوة بين المدرب السابق ناصر الجوهر.. واللاعبين.. وإن كانت غير معلنة.. إلا أنها كانت واضحة.. في عامل الثقة.. الذي كان معلقاً بشعرة معاوية.!!
ـ المرحلة التي وصل إليها الفريق.. حيث كان يقف على مفترق طرق.. وكانت هذه المباراة بمثابة نقطة تحول.. إلى الوراء.. أو الأمام.. وبالتالي لم يكن لديه خيار.. أكثر من التفاني.. وتحقيق الهدف.
ـ دخول عناصر جديدة.. بديلة.. أو مستجدة.. تبحث عن إثبات ذاتها.. وحضورها.. خاصة وأنها تتمتع بروح الشباب.. وفورته.!!
هذه العوامل.. كان لها الدور الأكبر في تحقيق هذه النتيجة.. دون إغفال لدور المدرب بسيرو.. في استثماره لهذه الظروف والعوامل وقدرته على توظيف إمكانات اللاعبين.. وتفجير طاقاتهم.
وعلى هذا الأساس..
فإن الاختبار الحقيقي لاستمرار الفريق.. وعطائه.. يبدأ غداً.. أمام الإمارات.. ومن ثم أمام الكوريتين..!
وعندما أقول هذا الكلام.. فإنني لا أقلل من جدارة الفريق بالفوز على المنتخب الإيراني.. أو أعزوه.. لأسباب معينة..
لقد قدم هذا المنتخب.. مباراة رائعة.. وعطاءً متميزاً..
امتزجت فيه الروح العالية.. مع الشعور بالمسؤولية مع الأداء الفني الراقي.. وأعادت لنا الزمن الجميل للكرة السعودية..
أن تنتصر على إيران.. (يكفي اسمها.. وتاريخها) صاحبة التنافس الثنائي المثير.. والانتصارات المتبادلة.. وعراقتها الكروية.. على أرضها وأمام أكثر من مائة ألف متفرج.. وبحضور رئيس دولتها.. فهذا يعني أنك تملك الشجاعة.. والثقة بالنفس..!
وأن تنتصر.. بعد أن كنت قاب قوسين من الخسارة.. ومغادرة التصفيات فهذا يعني عدم اليأس.. والقدرة على العودة من الصفوف الخلفية.!!
أن تنتصر.. برغم بعض الأخطاء التحكيمية المؤثرة في مجرى المباراة.. فهذا يعني.. أنك أصبحت تملك حصانة ذاتية.. وخبرة في التعامل مع المواقف..!!
نعم..
الفوز على إيران.. لم يكن سهلاً.. لكن الأصعب منه.. هو مواصلة المشوار.!!
مباراة الغد أمام الإمارات.. هي الأصعب في نظري.. ومن بعدها لكل حادث حديث..
الإمارات تملك نقطة واحدة فقط.. من أصل 15.. تعادل واحد.. وأربع خسارات.. وكسبناها على أرضها..!! وهي الحلقة الأضعف في المجموعة!!
نعم..
لكن كل هذه الأمور.. لا تعني شيئاً في كرة القدم!!
الإمارات..
بيننا وبينها تنافس شريف.. ودربي عنيف.. وتنافس ثنائي يتطلب من كل فريق أن يكسر حاجزه أمام الآخر..!! وبالتالي يتحول عبره من حمل وديع.. إلى أسد هصور.
ـ تبقى النقطة الأكثر أهمية.. وقد سبق أن ذكرتها بعد نهاية المرحلة الأولى.. وقبل مباراة إيران وبعد أن أصبح منتخبنا في وضع حرج.. وهي أن المرحلة المقبلة (والتي بدأت أمام إيران).. لا تحتمل المزيد من الأخطاء..!!
وكنت أعني الأخطاء الفنية..
والأخطاء على الصعيد الشخصي.. التي تؤدي إلى الإنذارات..
لقد فقد الفريق الكثير من العناصر..
ولديه الآن سبعة لاعبين مؤثرين.. مهددين بالإيقاف..
والمرحلة.. لا تحتمل..
والمشكلة.. أن بعضا من هذه الإنذارات لأمور لا تصدر عن لاعب عادي.. فكيف.. وهو دولي.. وخبير؟!
وأعتقد.. أن إدارة المنتخب.. مسؤولة عن إعداد الفريق وتهيئته لتجاوز هذه الأخطاء والابتعاد عنها..
وتقع على اللاعب المسؤولية الأكبر.. في التعامل مع أحداث المباراة.. وبالتالي تلافي الأخطاء والوقوع فيها.
والله من وراء القصد.