|


عبدالله الضويحي
عام المنصّة
2009-03-10
أذكر أنني كتبت زاوية تحت عنوان (حتى لا نلعب وسط حراسة أمنية مشددة)، المقال كان بناء على صفعة قوية تلقاها حكم من نائب رئيس ناد كبير أثناء خروج طاقم التحكيم.. ومرورهم بجانب المنصة..! بعد أن انتهت المباراة بالتعادل، وألغى الحكم هدفا لصالح فريق ذلك العضو بداعي التسلل بناء على إشارة رجل الخط.!!
بعد هذه الحادثة.. أصبح للحكام مخرج خاص بدلاً من مرورهم من المنصة وبين الجماهير.. والحضور.!!
لا أقول إن هذا الإجراء كان نتيجة المقال بقدر ما هو اكتشاف من الاتحاد السعودي لكرة القدم لهذا الخطأ.. وتعديله..!
كان ذلك قبل أكثر من ثلاثين عاماً.. وتحديداً في أول موسم للدوري الممتاز.. عندما كنت أتشرف برئاسة القسم الرياضي في جريدة الرياض.
وقبل خمسة أسابيع بالتمام كتبت هنا مقالاً قلت في مقدمته:
(يبدو أننا لا نتحرك في كثير من أمورنا الحياتية إلا في الوقت الضائع..
لا نعالج كثيرا من الأخطاء..
أو نجري عمليات تصحيحية..
أو نضع الحلول..
لا نعمد إلى أي من ذلك.. أو غيره إلا بعد أن يقع الخطأ وندرك حجمه ومقداره.. وربما يصل في بعض الأحيان إلى أخطاء كوارثية حتى نفيق أو ندرك خطأ ما كان سائداً قبل وقوع الأمر.. ويزداد الأمر خطورة أو تصبح المشكلة أكبر عندما يكون بإمكاننا درء الخطر وتلافي وقوعه إما باحتياطات معينة.. أو تعليمات وقوانين مكتوبة.. إلخ).
هذا الموضوع كان بناء على ما حدث في ملعب الأمير عبدالله الفيصل بجدة، عندما كانت ساعة الملعب تعرض أهدافاً لفريق معين.. أثناء سير المباراة.. كان لها تأثيرها عليها...!!
بعد الحادثة صدر تعميم بذلك.. بعد تهوين للأمر.. رغم خطورته.. ورغم أن التعليمات أساساً تنص على ذلك!!
وهكذا.. في أكثر من حدث..
وقد تطرقت لأسباب ذلك.. ومسبباته وانعكاسه بشيء من التفصيل في المقال المذكور.!!
مساء الخميس الماضي وفي مباراة الشباب والهلال ضمن دوري (المحترفين..!!!!) حدث ما كنا نخشاه.. وما نخشى أن يحدث أكبر منه.. فيما أسماه البعض بـ(حادثة المنصة).
وإن كانت التسمية مسبوقة.. إلى ما قبل ثمانية وعشرين عاماً تقريباً.. وتحديداً 6 أكتوبر 1981م، عندما اغتيل الرئيس المصري أنور السادات.. أثناء عرض عسكري وهو في المنصة يشاهد العرض وعلى يد أحد المشاركين فيه.!!
على أن ثمة رابطاً بين الحدثين..!! وهو الاغتيال وإزهاق الروح.. على المنصة.!!
في الأولى.. اغتيل السادات.. وأزهقت روحه.
وفي الثانية.. اغتيلت القيم.. وأزهقت الروح الرياضية.
نعود إلى الخميس الماضي.. و"حادثة المنصة" التي يبدو أنها ستدخل تاريخنا الرياضي كإحدى علاماته.. ومراحله، والبعض بدأ يطلق عليها "سنة المنصة"!! و"عام المنصة".
هنا.. لن أتطرق إلى أحد بعينه.. أو أسعى لتثبيت التهمة.. وتحديد المتسبب.. لكنني سأقرأ ما صدر رسمياً وعلى لسان مسؤولين.. للتأكيد على ما ذهبت إليه في مقدمة هذا الموضوع.. ومن أننا لا زلنا نعيش المجاملة.. والتساهل على حساب الأنظمة والتعليمات وأننا لا نقدر خطورة بعض الممارسات والأخطاء.
هنا.. لنا وقفتان:
الأولى:
ما صرح به مدير عام المكتب الرئيسي لرعاية الشباب بالمنطقة عندما قال (هناك أماكن مخصصة لرئيس النادي وأعضاء الإدارة وأن رئيس نادي الشباب (البلطان) اختار مكاناً آخر غير المخصص له!!).
طبعا للرئيس مرافقون وسيجلسون معه أو حواليه..!!
جلوس هؤلاء.. وبالقرب من جماهير الهلال كان الخطأ الأكبر بعينه.. كما لو جلس إداريو الهلال بجانب المدرج الشبابي..!! لأنها تدخل ضمن أساليب الاستفزاز لمشاعرهم في ظروف كهذه!!
والخطأ خطأ إدارة الملعب.. والمنظمين ومجاملتهم بالسماح للأستاذ خالد ومرافقيه بعدم الجلوس في الأماكن المخصصة لهم وتطبيق النظام.. حتى وإن كان هناك من احتل مقاعدهم أن يتم التفاهم معه ومنعه من البداية.
أعرف الأستاذ خالد البلطان ومثاليته وعلاقاته مع الهلاليين ولذلك لن أذهب إلى ما ذهب إليه البعض باتهامه المباشر بأنه السبب في الأحداث دون مستند مادي أقف عليه، حتى وإن دارت هناك أحاديث في الأفق.. حوله وحول الحدث، لكن المؤكد أنه أخطأ في اختيار المكان.. وأنه ـ وهذا هو المهم - وقع ضحية آخرين لم يرتقوا بفكرهم وثقافتهم إلى معنى التنافس الشريف.
وكان يفترض فيه وهو الرجل الواعي والمسؤول أن يبتعد عن الحدث.. وموقعه.. دون تدخل مباشر حتى في بعض التصريحات التي لم نعهدها من مثله واختياره للمفردات ونوعية العبارات.. بسبب الموقف الذي كان فيه!!
ـ الوقفة الثانية:
ما يتعلق بالمقاعد.. حيث أكد مدير الملعب أن العدد المخصص هو 312 مقعدا.. وأن نادي الشباب (المباراة على ملعبه) قام بطباعة 400 تذكرة بزيادة 88 تذكرة (ما يعادل 30%). مما اضطرهم إلى وضع كراسي متحركة!
في المقابل أكد مدير إدارة الاستثمار بنادي الشباب أنهم طبعوا 400 تذكرة لأن الدفتر (البوك) يحتوي على 100 تذكرة لكنهم باعوا فقط 312 تذكرة.
والسؤال الآن:
من أين أتت هذه الزيادة الجماهيرية؟!
وهو تساؤل لا يحتمل أكثر من إجابتين:
ـ إما:
عدم مصداقية نادي الشباب!
ـ أو:
أن هناك جماهير دخلت بدون تذاكر!
ورغم تصريح مدير الملعب وتأكيده على أنه لم يتم السماح بالدخول لأي شخص لا يحمل تذكرة إلا أنني لن أتبنى وجهة نظر كهذه.. لكن المؤكد.. أن التوصل إلى الذي خالف الدور المنوط به.!! أمر في غاية السهولة.. ويجب أن يتم كجزء من تحديد المسؤولية فيما حدث!
أما دخول كراسي متحركة.. بهذه الصورة.. فإنني أتساءل..
ماذا لو أن الحدث كان مبكراً بعض الشيء.. أو أنه امتد ليشمل أطرافاً أخرى..؟! ما هو الدور الذي ستلعبه هذه الكراسي..؟! وأين سنراها؟!
أثق.. ومعي كثيرون.. لو أن جميع هذه المخالفات (جلوس رئيس الشباب ومرافقيه.. والتجاوز في طباعة التذاكر.. أو دخول جماهير مجاناً.. أو وجود الكراسي.. وغيرها..) لو حدث كله في مباراة الفريقين في الدور الأول.. لما حدث.. ما حدث.. ولسارت الأمور طبيعية أيا كانت النتيجة!!
إذاً..
ما حدث لا علاقة له بتنافس تقليدي بين فريقين..!
ولا بحساسية المباراة وأهميتها..
بدليل إقامة العديد من اللقاءات المنضوية تحت هذه الظروف دون أن يصاحبها مثل هذه المشاكل!
لنكن واضحين.. وصريحين.. إن ما حدث لا يمكن عزله بأي حال من الأحوال عما حدث في لقاء الفريقين على نهائي كأس ولي العهد الذي كسبه الهلال قبل أسبوع.. وما صدر من قرارات وهو ما تحدثت عنه في منتصف الأسبوع الماضي.
ووصف جمهور الهلال بأنه (محتقن) وصف صحيح.. لا غبار عليه.!
لكن هذا الاحتقان يظل كامنا.. ولا يمكن أن ينفجر.. ما لم يكن هناك مؤثر يؤدي إلى هذا الانفجار..!! وهو ما حدث.. وأثبتته التحقيقات!!
وقضية أن الجمهور الهلالي كان يطلب من الشبابيين (فتح المرمى)..!! وأن عدم تحقيق هذه الرغبة أدى على انفجاره.. قضية خاسرة!!
فهي ليست الأولى التي يخسر فيها الهلال نقطة أو أكثر في مباراة هامة وحساسة.. بل وخسر ما هو أهم. وهي بطولات.. وفي مواقف كثيرة دون أن يتسبب ذلك في خروجه عن صمته أو تجاوزه الخطوط الحمراء.
وجمهور الهلال.. كأي جمهور آخر مثل النصر أو الاتحاد.. أو الأهلي.. أو الشباب.. الاتفاق.. وغيرهم.. لا يمكن أن يثور أو ينفجر.. أو حتى مجرد أن يعبر عن سخطه على الآخر.. لأنه لم يتنازل له عن مباراة.. أو نتيجة.. لأن المنافسة حق مشروع للجميع لكن الجمهور أيا كان انتماؤه يعبر عن موقفه.. عندما يشعر أن المنافسة خرجت عن إطارها الشريف.. وأن المسألة لم تعد فوزا أو خسارة.. بقدر ما تتجاوز ذلك إلى أمور أخرى!
والربط بين الحدثين.. أو احتقان الجمهور لم يكن خافيا.. أو مسألة تحتاج إلى حصافة.. فالأسبوع الماضي.. والذي سبق المباراة.. كان ينبئ بذلك!!
المسألة كانت تحتاج لنوع من الحصافة.. وقراءة تعتمد على بعد النظر لدى المسؤول!!
ما حدث يؤكد أننا لا زلنا بعيدين عن ذلك.. وأننا لا نقرأ الأحداث.. ولا نستقرئها.!!
هكتور والإيقاف

هذه الأحداث صرفت الأنظار عن حدث آخر لا يقل خطورة.. وله انعكاسه على المدى البعيد.. وهو تصرف مدرب الشباب هيكتور.!!
الذي دخل الملعب أثناء سير المباراة.. دون رصد من الكاميرا (لسبب أو لآخر).. ثم انطلق بعد نهاية المباراة لمهاجمة الحكم لولا لطف الله.. ثم تدخل لاعبي الشباب.!!
ولم يكن القرار المتخذ بحقه.. متناسباً مع حجم الخطأ.. إذا قارناه بأحداث سابقة.!!
كوزمين مدرب الهلال.. في الموسم الماضي أوقف مباراة واحدة.. لتلفظه على الحكم.. وهو في مكانه (أي دون دخول لأرض الميدان).. وبعد أن طرده الحكم.
ثم كرر نفس الخطأ.. فأوقف مباراتين..
ولا اعتراض.. فهو يستحق ذلك!
وغيره آخرون.. أيضاً..
في حين تم إيقاف هيكتور مباراتين فقط.. قد تنخفض إلى واحدة.!! إذا عفي عنه بنصف المدة.. وغرامة.. تقل عن 1% من مرتبه الشهري!!
هذا التفاوت في القرارات.. هو الذي يؤدي إلى عدم الرضى.. أو القناعة من جماهير الأندية.. وكوزمين وهيكتور مثال حي، والأمثلة كثيرة.. قد نتطرق لها في مقال مقبل.
الضائع
من بدل الضائع

ثمة من يعتقد أن الوقت الذي يضيفه الحكم بعد نهاية الشوط كبدل ضائع.. وهو ما يشير به الحكم الرابع.. لا يمكن تمديده أو إضافة وقت بدل ضائع عليه.. وهذه نظرة خاطئة..!!
فالوقت (بدل الضائع).. هو جزء من الوقت الأصلي ضاع أثناءه أو توقفت المباراة بسببه.. لأسباب نص عليها القانون مثل إصابة حارس المرمى.. أو تبديل لاعب أو تعمد إضاعة الوقت.. ويعود تقديره لحكم المباراة.. عدا التبديل الذي ينص على احتساب 30 ثانية عند كل تبديل.
على سبيل المثال:
لو أن حكم المباراة احتسب 3 دقائق كوقت بدل ضائع.. وأصيب حارس المرمى عند الدقيقة 2 من هذا الوقت واستغرق علاجه 5 دقائق هل يطلق الحكم صافرته لمجرد انتهاء الدقائق الثلاث بحجة انتهاء الوقت؟! أم يحتسب الدقيقة المتبقية..! أم 5 دقائق؟!
من الطبيعي.. والمنطقي أن يحتسب دقيقة.. وبالتالي يطلق صافرته عند الدقيقة 8.!! فهل نقول إنه احتسب 8 دقائق.؟!
ولو أنه أطلق الصافرة عند الدقيقة 3 (أثناء علاج اللاعب) فمعنى ذلك أن الشوط أصبح 44 دقيقة!!
هذه ناحية.
والأخرى.. التي يخطئ فيها كثيرون أو لا يدركها البعض أن الجزء من الدقيقة إما أن يجبر إذا زاد عن النصف أو يحذف إذا كان أقل في اللوحة المرفوعة من قبل الحكم الرابع.. لأنها لا تحتوي على أجزاء الدقيقة.
على سبيل المثال:
إذا كان الوقت بدل الضائع ثلاث دقائق ونصف أو 3 دقائق و40 ثانية ترتفع اللوحة بـ4 دقائق وإذا كان بين 3 و3.5 توضح اللوحة 3 دقائق فقط! وهذا ما يوجد كثيرا من الإشكالات لدى الجماهير ومسؤولي الأندية.
في مباراة الشباب والهلال الأخيرة كان الوقت بدل الضائع في الشوط الأول حسب اللوحة 2 (دقيقتان) إلا أن الحكم أطلق صافرته عند دقيقة ونصف.
وفي الشوط الثاني احتسب 3 دقائق وأثناء هذه الدقائق أصيب لاعب شبابي واستغرق علاجه 50 ثانية. وتم تبديل آخر 30 ثانية. أي أن هناك وقت بدل ضائع قدره 80 ثانية (عدا محاولات إضاعة الوقت من الحارس).
لهذا من الطبيعي أن يطلق صارفته عند الدقيقة الخامسة وهذا ما جعل البعض يعتقد أنه مدد الوقت بصورة غير قانونية.. لكنهم لم يتحدثوا عن الشوط الأول عندما أطلق صافرته قبل الدقيقة 2.
للأسف.. أن عدم فهم هذه الأمور.. أو محاولة استغلالها يحدث الكثير من الإشكالات لدى الجماهير.. والمتابع للمباريات.. يلمس مثل هذه الحقائق!
للحديث بقية

(عام المنصة).. قصة لم تكتمل بعد..
وأرجو أن لا تتحول إلى رواية.!!
للحديث بقية..!!
والله من وراء القصد.