أعترف أن موضوع اليوم.. أو بالأحرى هذا الأسبوع من أصعب المواضيع التي واجهتها خلال مسيرتي الصحفية.. وتحديداً الكتابة الصحفية..
صعوبة الموضوع ليست في تحديد وجهة نظري.. أو اتخاذ قرار بشأنها..
وليست في تحديد توجهي.. وموقفي..!
فهذه أمور مفروغ منها.. وقد انتهيت منها قبل كتابة الموضوع.. بل وبمجرد التفكير فيه.
صعوبة الموضوع تكمن في ناحيتين:
ـ الأولى:
أنه لا يمكن تجاوزه.. والاكتفاء بما تم طرحه وتداوله، فهو حديث الساعة.. والساحة أيضا.. ناهيك عن تشعب البعض.. والخروج عن النص في تناوله.. والتطرق لذات الأشخاص والمساس بها..! سواء كانوا المعنيين به مباشرة.. ومصدر توجهنا.. أو كفاءات سعودية مارست أدواراً مناطة بها.. أو كانت بعيدة عن الموضوع.
ـ الثانية:
لملمة شتات الموضوع.. والإمساك بأطرافه.. فالموضوع متشعب.. ودخلت فيه أطراف مختلفة.!
كما أنه لم يكن نتاج حدث معين أو طارئ.. بقدر ما هو امتداد لخلفيات سابقة.. ربما كانت مطمورة.. تحت بركان خامد.. ما لبثت أن تفجرت فوهته.. إما لعوامل جغرافية.. أو بيئية مختلفة.. لعبت فيها الطبيعة الدور المهم.
ـ الموضوع ..
أما الموضوع.. فلا أعتقد أنه بحاجة لتعريف بعد هذه المقدمة..! فهو يتعلق بموقفنا كسعوديين سواء على المستوى الرسمي الرياضي.. أو على صعيد الإعلام.. من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.. وتحديداً من رئيسه سعادة الأخ محمد بن همام.. في الأيام الأخيرة.. وانسحاب ذلك على ترشيح الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم رئيس لجنة الانضباط في الاتحاد الآسيوي ونائب رئيس لجنة الانضباط في الفيفا كمنافس لابن همام لعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم ...إلخ.
هذه العلاقة في نظري مرت بعدة مراحل:
ـ أخطاء التحكيم ضد المنتخب السعودي في تصفيات آسيا المؤهلة للمونديال، وآخرها مباراة المنتخب السعودي أمام كوريا الجنوبية في الرياض قبل حوالي خمسين يوماً.
ـ تصريح الأمير سلطان بن فهد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي أعقب تلك المباراة، وتهجم فيه على الاتحاد الآسيوي ورئاسته ولجنة الحكام وفند أخطاءه تجاه الكرة السعودية.
ـ رد الاتحاد الآسيوي على ذلك بتجديد الثقة في لجانه وحكامه، واعتبار الموضوع منتهٍ عند ذلك.
ـ رفع الاتحاد السعودي الموضوع للفيفا وتقديم شكوى رسمية على الاتحاد الآسيوي.
ـ اجتماع السيد جوزيف بلاتر رئيس الفيفا بالأمير سلطان وبالسيد محمد بن همام على هامش دورة الخليج العربي التاسعة عشرة في مسقط الشهر الماضي.
ـ البيان الذي صدر مؤخراً (الأسبوع الماضي) عن المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي والذي أدان فيه تصريحات الأمير سلطان (قبل شهر ونصف) وإذا ما كان صادراً من المكتب أو من رئيسه.. وهو محور القضية.
ـ توضيح رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام.. بعد البيان واحترامه لشخصية الأمير سلطان وللمسؤولين السعوديين ...إلخ.
ـ وفي نظري أن الموضوع كان يفترض أن ينتهي أو يتوقف في إحدى مرتين.
أولاهما:
عندما جدد الاتحاد الآسيوي ثقته في حكامه في المرة الأولى.
والثانية:
بعد اجتماع بلاتر مع الأمير سلطان والسيد ابن همام.
في نظري.. أنه كان من المفروض أن يتوقف عند هذا الحد.. ويأخذ الحوار العقلاني.. والعلاقات الشخصية بين الأطراف دوره في إنهاء الموضوع.. بدلا من التصعيد الإعلامي الذي لا يخدم القضية.. ولا أطرافها.
لكن.. طالماً أنه وصل لهذه المرحلة.. دعونا نأخذه خطوة خطوة.. ومن حيث انتهى إليه البيان الذي أشعل الفتيل والمنسوب للمكتب التنفيذي.
فمن خلال تصريحات الدكتور حافظ المدلج العضو السعودي في المكتب ومداخلته مع قناة العربية بين نفي لعرض الموضوع.. ثم الإشارة تلميحاً إليه.. ثم تصريحه لمعد البرنامج (دون مداخلة) أن المكتب فوض رئيس الاتحاد بإصدار بيان حول التحكيم ...إلخ (حسب قول معد البرنامج) أعتقد من وجهة نظر شخصية أن الموضوع يمكن أن يفهم بالطريقة التالية:
ـ إما أنه لم يناقش نهائياً.. وأن البيان صادر بصفة شخصية من رئيس الاتحاد، ولكن هل يرضى أعضاء المكتب أن ينسب لهم ما لم يقولوه.. أو يناقشوه؟!
ـ أو.. وهذا الأقرب:
أن الموضوع تمت مناقشته بطريقة أو بأخرى.. وأن أعضاء المكتب فوضوا الرئيس محمد بن همام بإصدار البيان ربما لمشاغلهم.. أو حجوزاتهم ...إلخ، وهذه مشكلة نعاني منها كثيراً في اتحاداتنا.
وهنا أخطأ أعضاء المكتب لأن المفوض طرف في القضية ربما استغلها ـ إذا فرضنا سوء النية ـ وصاغه بهذه الطريقة وقد يكون ساهم في تخفيفه على حد قوله.. وربما أشرف عليه.. أو لم يجر عليه تعديل.. كل هذه الأمور انتهت الآن مع صدوره.. طالما تم تفويضه.
كان من المفروض تشكيل لجنة من أطراف مختلفة لإعداد البيان وعرضه على الأعضاء في زمن لا يتجاوز ثلاثين دقيقة.. لإبداء الرأي بالموافقة.. أو الاعتراض.. والتحفظ!! لأنه في النهاية قرار جماعي.. لا يملك أي عضو نقضه لكنه يملك حق ما أشرت إليه.
المؤكد أن هناك حلقة مفقودة في الموضوع.
والمؤكد أن هناك العديد من التساؤلات التي تدور حول البيان.. وربما الشبهات كما يرى البعض.. وتحديداً حول توقيته.. لماذا تأخر 45 يوماً؟ ولماذا جاء بعد أن كان الموضوع في حكم المنتهي؟! ومن ثم فتح ملف يفترض أنه تم غلقه سواء على لسان رئيس الاتحاد الآسيوي.. أو بحضور رئيس الفيفا..!
ولماذا تم طرحه فجأة مع جدول الأعمال الذي لم يعرض على الأعضاء ـ كما أشار البعض ـ قبل الاجتماع بوقت كاف كما هو معمول به في كل الاجتماعات.
هذه هي الأسئلة التي يجب أن تطرح.. ونبحث من خلالها عن إجابات محددة وصريحة ننطلق من خلالها.!
هل كان ابن همام فعلا مغلقاً للملف؟! لكنه عاد لفتحه كنوع من (الضرب تحت الحزام) بين الأطراف بعد أن شعر بأن ثمة تحركات تستهدفه وموقعه في الفيفا؟!
ولماذا أصبح شخصا غير مرغوب فيه من هذه الأطراف؟!
مبعث هذه التساؤلات.. ليس البيان فقط.! ولكن أيضاً.. ما ورد فيه من عبارات وأساليب.!
لو أن البيان اكتفى بتجديد الثقة بحكام الاتحاد ولجنة التحكيم.. لكان مقبولا.. حتى وإن كان هناك تحفظ على التحكيم.. وأخطائه.
لكن تجاوزه إلى النيل من أشخاص لهم قيمتهم الاجتماعية وقبل ذلك الاعتبارية كأحد قادة الرياضة في آسيا.. بل أبرزهم وأكثرهم دعماً للكرة الآسيوية، ومنتخب بلاده من أقوى المنتخبات وأكثرها تشريفا لهذه الكرة.. وهو العنصر الثابت في الترشيح لكأس العالم ولنهائي آسيا هو مبعث الاعتراض والتحفظ.. ليس من قبلنا كسعوديين ولكن حتى من العقلاء
الذين يهمهم شأن الكرة الآسيوية!! شأن هذه الشخصية شأن أي شخصية اعتبارية أخرى في الاتحاد الياباني أو الكوري.. أو غيرهما من الاتحادات الداعمة والمؤثرة سواء على الصعيد الفني أو المادي.
والحقيقة التي ربما تخفى على الكثيرين من الجيل الحالي وربما السابق من غير المتابعين لشأن الكرة الآسيوية أننا نحن الذين أتينا بمحمد بن همام.. وأننا الذين قدنا التحرك ضد الاتحاد السابق.. (وأننا) هذه لا تعني (نحن كسعوديين) فقط!!
والذي تابع الكرة الآسيوية ويدرك خفاياها قبل مجيء الاتحاد الحالي يدرك سوء الاتحاد السابق الذي كان يطلق عليه اتحاد (فيلبان) نسبة لسكرتيره بيتر فيلبان وكان يرأسه الماليزي داتو حمزة.. وقد تطرقت لذلك في موضوع سابق وقلت فيه اتحاد فيلبان.. واتحاد ابن همام.. وكيف تسمى الاتحادات بالأشخاص؟!
والمتابع للكرة الآسيوية يدرك كم عانينا من ذلك الاتحاد قبل عقود؟!
وكيف كان يدار الاتحاد في السبعينيات والثمانينيات الميلادية..؟! ولا أريد التوسع حتى لا أقع في المحظور بالحديث عن ماض طويت صفحته.!!
لهذا.. حملنا ابن همام.. عام 2002 بالتزكية!! وبالتزكية أيضا جددنا له دورة أخرى في عام 2007..!!
السؤال الأكثر أهمية الآن:
من أخطأ بحق من؟!
هل أخطأ ابن همام في عدم قدرته على احتواء الاتحادات الآسيوية والتعامل معها كالأم الحنون... والأب المسؤول عن رعيته؟!
وهل أخطأ في عدم قدرته على التعامل مع مراكز القوى في الاتحاد الآسيوي.. والسند القوي له.. وهي التي حملته لهذا المقعد.؟! وللفيفا والتي يحسب له اعترافه بهذا الفضل.. واكتفى بعلاقاته مع الفيفا.. ورئيسها كداعم له.. وسند في تحركاته.!!
هل أخطأ الآخرون بحق ابن همام واستهداف شخصه لأخطاء ارتكبت تجاههم.. ربما لم يكن له التأثير المباشر فيها.. أو أنهم يدركون أن له ذلك التأثير.!!
تساؤلات عديدة.. تدور حول الموضوع وتحتاج لإجابات واضحة تحدد اتجاه البوصلة.. ولعل أبرزها لماذا تغيرت المواقف بعد هذه السنوات من ترشيح ابن همام ودعمه في الاتحاد الآسيوي.؟!
وما الذي كان يدور خلال الدورة الماضية.. وهذه الدورة.؟!
هل كنا غافلين عن ذلك.؟!
هل كانت الأمور على ما يرام.؟!
من الذي تغير تجاه الآخر.؟! نحن..؟!
أم هو..؟!
و(نحن) هذه لا تعنينا كسعوديين فقط!! ولكن حتى الاتحادات الآسيوية الأخرى في شرق القارة أو غربها التي بدأت تتحدث في العلن عن سلبيات ابن همام..!!
أتساءل:
كم جمعية عمومية عقدها الاتحاد الآسيوي حتى الآن.. منذ تنصيب ابن همام.. رئيسا له.؟!
ما دور هذه الجمعيات؟!
هل كانت تناقش الاتحاد في أخطائه.؟!
وتتبنى التعديل عبر تحركات جماعية.. أم أنها توافق على كل ما يطرح.. وكل ما يقول.!! لسبب أو لآخر..!!
على سبيل المثال:
عندما تم طرح انضمام أستراليا للاتحاد الآسيوي والتي يرى البعض أنها إحدى سلبياته.. ومعروف أسباب ذلك وخلفياته.. على الجمعية العمومية المكونة من 46 عضوا (الاتحادات المحلية الأعضاء) لم يعترض أي من هؤلاء على ذلك القرار رغم أن بعضهم يدرك داخل نفسه سلبية ذلك.. وتحفظه عليه.!!
هذا أحد القرارات الهامة..
صحيح أن الغالبية كانت تؤيد.. وأن الاتجاه في صالح القرار.. وأن المعارضة لا تجدي.. لكن هذا لا يمنع من تسجيل موقف.. لإشعار الجميع أن الصوت موجود!!
والحقيقة..
وإننا وإن اختلفنا مع الأخ محمد بن همام.. أو لم نتفق إلا أنه وللحق كان بمثابة من ألقى حجرا في بركة الكرة الآسيوية الراكدة!! فأجرى فيها الكثير من الحراك.. انضمام أستراليا.. تغير لجان الاتحاد.. ضم عناصر جديدة.. تعديل موعد كأس أمم آسيا.. روزنامة ثابتة للاتحاد.. إلخ!! وإذا كنا نختلف حول بعض هذه التغييرات.. سلبا.. وإيجابا.. إلا أن هذا لا يلغي الاعتراف بأن لها دوراً في تغيير مسيرة الاتحاد.
لنترك هذا جانبا.!!
الآن:
وبعد أن نهضنا من مقامنا لنتحرك.. ما هي خطوتنا المقبلة.؟!
وقبل أن نخطو.. لا بد أن نسأل:
هل نحن ضد ابن همام؟!
أم ضد الاتحاد الآسيوي؟!
قلت في مقال سابق عقب ردة الفعل التي حصلت بعد مباراتنا مع كوريا الجنوبية هنا في الرياض.. إن الصوت العالي لا يصل.. وإن الصوت القوي هو الذي يصل.. لأنه يعتمد على الفعل وليس على ردة الفعل.. ولا زلت عند هذا الرأي.
والمتابع يلمس أن لدينا تحركين أحدهما (فعل) ومصدره رسمي.. يعرف ماذا يريد.. وما هو هدفه.. والآخر على صعيد الإعلام.. وللأسف يعتمد (ردة الفعل).. وهو (صدى) لبعضه.
الأول:
الموقف الرسمي.. والذي قرر السير في اتجاه ترشيح الشيخ سلمان آل خليفة لعضوية المكتب التنفيذي للفيفا كمنافس لابن همام.. وأمامنا ثلاثة أشهر كافية لرسم برنامج واضح ومحدد.. لتحقيق هذا الهدف.. ومدى النجاح فيه.. ومن ثم السير نحو الهدف.. وعلينا أن ندرك أن المواقف المعلنة سواء على الصعيد الرسمي.. أو بعيداً عن الإعلام ليست كافية لضمان الأصوات.
الكل يدرك الاقتراع السري.. وأسلوبه.. وكيف يتحدد توجه الناخب.. وسياسته!! وربما تحدث مفاجآت غير واردة في الحسبان.
والذي يجب أن يدركه الجميع في مختلف التوجهات أن الذي مع سلمان.. ليس ضد ابن همام.. والعكس..!! هناك منطقة خالية.. بين (مع) و(ضد)!! وهذه الثقافة التي يجب أن تسود!
إن الترشيح والدعم حق مكفول للجميع.. ويجب أن لا تخرج بنا عن هذه الدائرة!!
وسواء فاز الشيخ سلمان.. أو سعادة ابن همام.. فإن ما يجب أن ندركه جميعا.. نحن.. أو كأعضاء آسيويين يدعمون الشيخ سلمان.. أن فوزه (لو حدث) لا يعني إقصاء ابن همام عن رئاسة الاتحاد الآسيوي، فالتعامل معه قائم على الأقل إلى عام 2011.. وربما بعده!!
ومن هنا يجب على الجميع بما فيهم الأخ محمد بن همام أخذ هذا في الاعتبار.. والعمل على رأب الصدع في هذه المنظومة.. والتعاون بما يخدم الكرة الآسيوية بعيدا عن الخلافات الشخصية.. أو الاختلاف في وجهات النظر!!
الثاني:
على صعيد التعاطي الإعلامي مع الحدث.. وللأسف إن بعضا ممن تعاطوا معه.. تناولوه من جوانب شخصية بعيدة عن النقاش الموضوعي.. سواء ممن اتجهوا نحو ممثلينا في الاتحاد الآسيوي.. حتى ممن لا ناقة له ولا جمل في الموضوع أو الذين تحدثوا عن ابن همام نفسه.
ما يتعلق بممثلينا له حديث آخر..
أما الجانب الآخر.. فللأسف أنه خرج عن الجانب الموضوعي إلى تناول الشخص لذاته.. بعيداً عن عمله!! مما يفقد الكاتب المصداقية حتى لدى ابن همام نفسه!! ويفقد الموضوع أهميته.
فالذين امتدحوا ابن همام.. ووصفوه بأنه رجل آسيا ومطور الكرة الآسيوية.. والرجل الحيادي والمثالي عندما تم منح مواطنه إبراهيم خلفان جائزة أفضل لاعب في آسيا على حساب السعودي ياسر القحطاني... هم الذين جردوه الآن من حياديته ومثاليته.. علما أنه يمكن مناقشة الموضوعين.. والاعتراض على أي منهما.. أو تأييده، بعيدا عن الشخص نفسه!
والذين صمتوا أمام خطأ الأمانة العامة في الاتحاد السعودي عندما أشعرت الأهلي بأنه ممثلنا في آسيا بدلا من الهلال.. هم الذين أدانوا الاتحاد الآسيوي وأمانته عندما أخطأ في إنذار أنديتنا لعدم حضورها ورشة العمل، ثم اعتذر عن هذا الخطأ.
وشخصيا.. أرى أن الخطأ هو نفسه في الحالتين.. ولا أدين أيا منهما... طالما أنه اعتذر وتراجع عن الخطأ.. أو أن أحاسب الطرفين بالطريقة ذاتها!!
والذين اتهموا محمد بن همام بأنه يسعى لتدمير الكرة الخليجية مسترجعين رأيه بأن تكون دورة الخليج كل أربع سنوات إنما مارسوا بهذا نوعا من إقصاء الرأي.. رغم أن هذا المقترح سبق طرحه من غير ابن همام... ويظل هو أو غيره حرا في إبداء رأيه، ومن حق دورة الخليج قبول الرأي أو رفضه بلغة المنطق والحوار!
بلاتر.. على سبيل المثال.. عندما تسنم سدة الاتحاد الدولي لكرة القدم اقترح أن تكون كأس العالم كل سنتين، ولم يتم قبول المقترح لأسباب منطقية.. دون أن يتهم بتدمير كرة القدم العالمية.. أو يتهم بالقصور في تفكيره.
وبلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي يسعى ويقاتل منذ تسلمه الرئاسة لإبعاد الفرق الكبيرة عن الهيمنة على الكرة الأوروبية حتى وإن كانت من بلده فرنسا.
مشكلتنا في خلط الرؤى والمفاهيم.. وأننا لا نتعامل معها.. كرؤى وطروحات قابلة للرأي والرأي الآخر.. وإنما نتعامل معها وفق مصادرها.. وموقفنا من هذا المصدر.. أو ذاك.
ومن هنا... يصبح صوتنا عاليا.. يرتد إلينا صداه.. متمثلا في ردود أفعال فقط!!
والمفروض.. أن يكون صوتنا قويا.. نابعاً من الفعل.. حتى يصبح له صداه لدى الآخرين.
والله من وراء القصد.
صعوبة الموضوع ليست في تحديد وجهة نظري.. أو اتخاذ قرار بشأنها..
وليست في تحديد توجهي.. وموقفي..!
فهذه أمور مفروغ منها.. وقد انتهيت منها قبل كتابة الموضوع.. بل وبمجرد التفكير فيه.
صعوبة الموضوع تكمن في ناحيتين:
ـ الأولى:
أنه لا يمكن تجاوزه.. والاكتفاء بما تم طرحه وتداوله، فهو حديث الساعة.. والساحة أيضا.. ناهيك عن تشعب البعض.. والخروج عن النص في تناوله.. والتطرق لذات الأشخاص والمساس بها..! سواء كانوا المعنيين به مباشرة.. ومصدر توجهنا.. أو كفاءات سعودية مارست أدواراً مناطة بها.. أو كانت بعيدة عن الموضوع.
ـ الثانية:
لملمة شتات الموضوع.. والإمساك بأطرافه.. فالموضوع متشعب.. ودخلت فيه أطراف مختلفة.!
كما أنه لم يكن نتاج حدث معين أو طارئ.. بقدر ما هو امتداد لخلفيات سابقة.. ربما كانت مطمورة.. تحت بركان خامد.. ما لبثت أن تفجرت فوهته.. إما لعوامل جغرافية.. أو بيئية مختلفة.. لعبت فيها الطبيعة الدور المهم.
ـ الموضوع ..
أما الموضوع.. فلا أعتقد أنه بحاجة لتعريف بعد هذه المقدمة..! فهو يتعلق بموقفنا كسعوديين سواء على المستوى الرسمي الرياضي.. أو على صعيد الإعلام.. من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.. وتحديداً من رئيسه سعادة الأخ محمد بن همام.. في الأيام الأخيرة.. وانسحاب ذلك على ترشيح الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة رئيس الاتحاد البحريني لكرة القدم رئيس لجنة الانضباط في الاتحاد الآسيوي ونائب رئيس لجنة الانضباط في الفيفا كمنافس لابن همام لعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم ...إلخ.
هذه العلاقة في نظري مرت بعدة مراحل:
ـ أخطاء التحكيم ضد المنتخب السعودي في تصفيات آسيا المؤهلة للمونديال، وآخرها مباراة المنتخب السعودي أمام كوريا الجنوبية في الرياض قبل حوالي خمسين يوماً.
ـ تصريح الأمير سلطان بن فهد رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي أعقب تلك المباراة، وتهجم فيه على الاتحاد الآسيوي ورئاسته ولجنة الحكام وفند أخطاءه تجاه الكرة السعودية.
ـ رد الاتحاد الآسيوي على ذلك بتجديد الثقة في لجانه وحكامه، واعتبار الموضوع منتهٍ عند ذلك.
ـ رفع الاتحاد السعودي الموضوع للفيفا وتقديم شكوى رسمية على الاتحاد الآسيوي.
ـ اجتماع السيد جوزيف بلاتر رئيس الفيفا بالأمير سلطان وبالسيد محمد بن همام على هامش دورة الخليج العربي التاسعة عشرة في مسقط الشهر الماضي.
ـ البيان الذي صدر مؤخراً (الأسبوع الماضي) عن المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي والذي أدان فيه تصريحات الأمير سلطان (قبل شهر ونصف) وإذا ما كان صادراً من المكتب أو من رئيسه.. وهو محور القضية.
ـ توضيح رئيس الاتحاد الآسيوي محمد بن همام.. بعد البيان واحترامه لشخصية الأمير سلطان وللمسؤولين السعوديين ...إلخ.
ـ وفي نظري أن الموضوع كان يفترض أن ينتهي أو يتوقف في إحدى مرتين.
أولاهما:
عندما جدد الاتحاد الآسيوي ثقته في حكامه في المرة الأولى.
والثانية:
بعد اجتماع بلاتر مع الأمير سلطان والسيد ابن همام.
في نظري.. أنه كان من المفروض أن يتوقف عند هذا الحد.. ويأخذ الحوار العقلاني.. والعلاقات الشخصية بين الأطراف دوره في إنهاء الموضوع.. بدلا من التصعيد الإعلامي الذي لا يخدم القضية.. ولا أطرافها.
لكن.. طالماً أنه وصل لهذه المرحلة.. دعونا نأخذه خطوة خطوة.. ومن حيث انتهى إليه البيان الذي أشعل الفتيل والمنسوب للمكتب التنفيذي.
فمن خلال تصريحات الدكتور حافظ المدلج العضو السعودي في المكتب ومداخلته مع قناة العربية بين نفي لعرض الموضوع.. ثم الإشارة تلميحاً إليه.. ثم تصريحه لمعد البرنامج (دون مداخلة) أن المكتب فوض رئيس الاتحاد بإصدار بيان حول التحكيم ...إلخ (حسب قول معد البرنامج) أعتقد من وجهة نظر شخصية أن الموضوع يمكن أن يفهم بالطريقة التالية:
ـ إما أنه لم يناقش نهائياً.. وأن البيان صادر بصفة شخصية من رئيس الاتحاد، ولكن هل يرضى أعضاء المكتب أن ينسب لهم ما لم يقولوه.. أو يناقشوه؟!
ـ أو.. وهذا الأقرب:
أن الموضوع تمت مناقشته بطريقة أو بأخرى.. وأن أعضاء المكتب فوضوا الرئيس محمد بن همام بإصدار البيان ربما لمشاغلهم.. أو حجوزاتهم ...إلخ، وهذه مشكلة نعاني منها كثيراً في اتحاداتنا.
وهنا أخطأ أعضاء المكتب لأن المفوض طرف في القضية ربما استغلها ـ إذا فرضنا سوء النية ـ وصاغه بهذه الطريقة وقد يكون ساهم في تخفيفه على حد قوله.. وربما أشرف عليه.. أو لم يجر عليه تعديل.. كل هذه الأمور انتهت الآن مع صدوره.. طالما تم تفويضه.
كان من المفروض تشكيل لجنة من أطراف مختلفة لإعداد البيان وعرضه على الأعضاء في زمن لا يتجاوز ثلاثين دقيقة.. لإبداء الرأي بالموافقة.. أو الاعتراض.. والتحفظ!! لأنه في النهاية قرار جماعي.. لا يملك أي عضو نقضه لكنه يملك حق ما أشرت إليه.
المؤكد أن هناك حلقة مفقودة في الموضوع.
والمؤكد أن هناك العديد من التساؤلات التي تدور حول البيان.. وربما الشبهات كما يرى البعض.. وتحديداً حول توقيته.. لماذا تأخر 45 يوماً؟ ولماذا جاء بعد أن كان الموضوع في حكم المنتهي؟! ومن ثم فتح ملف يفترض أنه تم غلقه سواء على لسان رئيس الاتحاد الآسيوي.. أو بحضور رئيس الفيفا..!
ولماذا تم طرحه فجأة مع جدول الأعمال الذي لم يعرض على الأعضاء ـ كما أشار البعض ـ قبل الاجتماع بوقت كاف كما هو معمول به في كل الاجتماعات.
هذه هي الأسئلة التي يجب أن تطرح.. ونبحث من خلالها عن إجابات محددة وصريحة ننطلق من خلالها.!
هل كان ابن همام فعلا مغلقاً للملف؟! لكنه عاد لفتحه كنوع من (الضرب تحت الحزام) بين الأطراف بعد أن شعر بأن ثمة تحركات تستهدفه وموقعه في الفيفا؟!
ولماذا أصبح شخصا غير مرغوب فيه من هذه الأطراف؟!
مبعث هذه التساؤلات.. ليس البيان فقط.! ولكن أيضاً.. ما ورد فيه من عبارات وأساليب.!
لو أن البيان اكتفى بتجديد الثقة بحكام الاتحاد ولجنة التحكيم.. لكان مقبولا.. حتى وإن كان هناك تحفظ على التحكيم.. وأخطائه.
لكن تجاوزه إلى النيل من أشخاص لهم قيمتهم الاجتماعية وقبل ذلك الاعتبارية كأحد قادة الرياضة في آسيا.. بل أبرزهم وأكثرهم دعماً للكرة الآسيوية، ومنتخب بلاده من أقوى المنتخبات وأكثرها تشريفا لهذه الكرة.. وهو العنصر الثابت في الترشيح لكأس العالم ولنهائي آسيا هو مبعث الاعتراض والتحفظ.. ليس من قبلنا كسعوديين ولكن حتى من العقلاء
الذين يهمهم شأن الكرة الآسيوية!! شأن هذه الشخصية شأن أي شخصية اعتبارية أخرى في الاتحاد الياباني أو الكوري.. أو غيرهما من الاتحادات الداعمة والمؤثرة سواء على الصعيد الفني أو المادي.
والحقيقة التي ربما تخفى على الكثيرين من الجيل الحالي وربما السابق من غير المتابعين لشأن الكرة الآسيوية أننا نحن الذين أتينا بمحمد بن همام.. وأننا الذين قدنا التحرك ضد الاتحاد السابق.. (وأننا) هذه لا تعني (نحن كسعوديين) فقط!!
والذي تابع الكرة الآسيوية ويدرك خفاياها قبل مجيء الاتحاد الحالي يدرك سوء الاتحاد السابق الذي كان يطلق عليه اتحاد (فيلبان) نسبة لسكرتيره بيتر فيلبان وكان يرأسه الماليزي داتو حمزة.. وقد تطرقت لذلك في موضوع سابق وقلت فيه اتحاد فيلبان.. واتحاد ابن همام.. وكيف تسمى الاتحادات بالأشخاص؟!
والمتابع للكرة الآسيوية يدرك كم عانينا من ذلك الاتحاد قبل عقود؟!
وكيف كان يدار الاتحاد في السبعينيات والثمانينيات الميلادية..؟! ولا أريد التوسع حتى لا أقع في المحظور بالحديث عن ماض طويت صفحته.!!
لهذا.. حملنا ابن همام.. عام 2002 بالتزكية!! وبالتزكية أيضا جددنا له دورة أخرى في عام 2007..!!
السؤال الأكثر أهمية الآن:
من أخطأ بحق من؟!
هل أخطأ ابن همام في عدم قدرته على احتواء الاتحادات الآسيوية والتعامل معها كالأم الحنون... والأب المسؤول عن رعيته؟!
وهل أخطأ في عدم قدرته على التعامل مع مراكز القوى في الاتحاد الآسيوي.. والسند القوي له.. وهي التي حملته لهذا المقعد.؟! وللفيفا والتي يحسب له اعترافه بهذا الفضل.. واكتفى بعلاقاته مع الفيفا.. ورئيسها كداعم له.. وسند في تحركاته.!!
هل أخطأ الآخرون بحق ابن همام واستهداف شخصه لأخطاء ارتكبت تجاههم.. ربما لم يكن له التأثير المباشر فيها.. أو أنهم يدركون أن له ذلك التأثير.!!
تساؤلات عديدة.. تدور حول الموضوع وتحتاج لإجابات واضحة تحدد اتجاه البوصلة.. ولعل أبرزها لماذا تغيرت المواقف بعد هذه السنوات من ترشيح ابن همام ودعمه في الاتحاد الآسيوي.؟!
وما الذي كان يدور خلال الدورة الماضية.. وهذه الدورة.؟!
هل كنا غافلين عن ذلك.؟!
هل كانت الأمور على ما يرام.؟!
من الذي تغير تجاه الآخر.؟! نحن..؟!
أم هو..؟!
و(نحن) هذه لا تعنينا كسعوديين فقط!! ولكن حتى الاتحادات الآسيوية الأخرى في شرق القارة أو غربها التي بدأت تتحدث في العلن عن سلبيات ابن همام..!!
أتساءل:
كم جمعية عمومية عقدها الاتحاد الآسيوي حتى الآن.. منذ تنصيب ابن همام.. رئيسا له.؟!
ما دور هذه الجمعيات؟!
هل كانت تناقش الاتحاد في أخطائه.؟!
وتتبنى التعديل عبر تحركات جماعية.. أم أنها توافق على كل ما يطرح.. وكل ما يقول.!! لسبب أو لآخر..!!
على سبيل المثال:
عندما تم طرح انضمام أستراليا للاتحاد الآسيوي والتي يرى البعض أنها إحدى سلبياته.. ومعروف أسباب ذلك وخلفياته.. على الجمعية العمومية المكونة من 46 عضوا (الاتحادات المحلية الأعضاء) لم يعترض أي من هؤلاء على ذلك القرار رغم أن بعضهم يدرك داخل نفسه سلبية ذلك.. وتحفظه عليه.!!
هذا أحد القرارات الهامة..
صحيح أن الغالبية كانت تؤيد.. وأن الاتجاه في صالح القرار.. وأن المعارضة لا تجدي.. لكن هذا لا يمنع من تسجيل موقف.. لإشعار الجميع أن الصوت موجود!!
والحقيقة..
وإننا وإن اختلفنا مع الأخ محمد بن همام.. أو لم نتفق إلا أنه وللحق كان بمثابة من ألقى حجرا في بركة الكرة الآسيوية الراكدة!! فأجرى فيها الكثير من الحراك.. انضمام أستراليا.. تغير لجان الاتحاد.. ضم عناصر جديدة.. تعديل موعد كأس أمم آسيا.. روزنامة ثابتة للاتحاد.. إلخ!! وإذا كنا نختلف حول بعض هذه التغييرات.. سلبا.. وإيجابا.. إلا أن هذا لا يلغي الاعتراف بأن لها دوراً في تغيير مسيرة الاتحاد.
لنترك هذا جانبا.!!
الآن:
وبعد أن نهضنا من مقامنا لنتحرك.. ما هي خطوتنا المقبلة.؟!
وقبل أن نخطو.. لا بد أن نسأل:
هل نحن ضد ابن همام؟!
أم ضد الاتحاد الآسيوي؟!
قلت في مقال سابق عقب ردة الفعل التي حصلت بعد مباراتنا مع كوريا الجنوبية هنا في الرياض.. إن الصوت العالي لا يصل.. وإن الصوت القوي هو الذي يصل.. لأنه يعتمد على الفعل وليس على ردة الفعل.. ولا زلت عند هذا الرأي.
والمتابع يلمس أن لدينا تحركين أحدهما (فعل) ومصدره رسمي.. يعرف ماذا يريد.. وما هو هدفه.. والآخر على صعيد الإعلام.. وللأسف يعتمد (ردة الفعل).. وهو (صدى) لبعضه.
الأول:
الموقف الرسمي.. والذي قرر السير في اتجاه ترشيح الشيخ سلمان آل خليفة لعضوية المكتب التنفيذي للفيفا كمنافس لابن همام.. وأمامنا ثلاثة أشهر كافية لرسم برنامج واضح ومحدد.. لتحقيق هذا الهدف.. ومدى النجاح فيه.. ومن ثم السير نحو الهدف.. وعلينا أن ندرك أن المواقف المعلنة سواء على الصعيد الرسمي.. أو بعيداً عن الإعلام ليست كافية لضمان الأصوات.
الكل يدرك الاقتراع السري.. وأسلوبه.. وكيف يتحدد توجه الناخب.. وسياسته!! وربما تحدث مفاجآت غير واردة في الحسبان.
والذي يجب أن يدركه الجميع في مختلف التوجهات أن الذي مع سلمان.. ليس ضد ابن همام.. والعكس..!! هناك منطقة خالية.. بين (مع) و(ضد)!! وهذه الثقافة التي يجب أن تسود!
إن الترشيح والدعم حق مكفول للجميع.. ويجب أن لا تخرج بنا عن هذه الدائرة!!
وسواء فاز الشيخ سلمان.. أو سعادة ابن همام.. فإن ما يجب أن ندركه جميعا.. نحن.. أو كأعضاء آسيويين يدعمون الشيخ سلمان.. أن فوزه (لو حدث) لا يعني إقصاء ابن همام عن رئاسة الاتحاد الآسيوي، فالتعامل معه قائم على الأقل إلى عام 2011.. وربما بعده!!
ومن هنا يجب على الجميع بما فيهم الأخ محمد بن همام أخذ هذا في الاعتبار.. والعمل على رأب الصدع في هذه المنظومة.. والتعاون بما يخدم الكرة الآسيوية بعيدا عن الخلافات الشخصية.. أو الاختلاف في وجهات النظر!!
الثاني:
على صعيد التعاطي الإعلامي مع الحدث.. وللأسف إن بعضا ممن تعاطوا معه.. تناولوه من جوانب شخصية بعيدة عن النقاش الموضوعي.. سواء ممن اتجهوا نحو ممثلينا في الاتحاد الآسيوي.. حتى ممن لا ناقة له ولا جمل في الموضوع أو الذين تحدثوا عن ابن همام نفسه.
ما يتعلق بممثلينا له حديث آخر..
أما الجانب الآخر.. فللأسف أنه خرج عن الجانب الموضوعي إلى تناول الشخص لذاته.. بعيداً عن عمله!! مما يفقد الكاتب المصداقية حتى لدى ابن همام نفسه!! ويفقد الموضوع أهميته.
فالذين امتدحوا ابن همام.. ووصفوه بأنه رجل آسيا ومطور الكرة الآسيوية.. والرجل الحيادي والمثالي عندما تم منح مواطنه إبراهيم خلفان جائزة أفضل لاعب في آسيا على حساب السعودي ياسر القحطاني... هم الذين جردوه الآن من حياديته ومثاليته.. علما أنه يمكن مناقشة الموضوعين.. والاعتراض على أي منهما.. أو تأييده، بعيدا عن الشخص نفسه!
والذين صمتوا أمام خطأ الأمانة العامة في الاتحاد السعودي عندما أشعرت الأهلي بأنه ممثلنا في آسيا بدلا من الهلال.. هم الذين أدانوا الاتحاد الآسيوي وأمانته عندما أخطأ في إنذار أنديتنا لعدم حضورها ورشة العمل، ثم اعتذر عن هذا الخطأ.
وشخصيا.. أرى أن الخطأ هو نفسه في الحالتين.. ولا أدين أيا منهما... طالما أنه اعتذر وتراجع عن الخطأ.. أو أن أحاسب الطرفين بالطريقة ذاتها!!
والذين اتهموا محمد بن همام بأنه يسعى لتدمير الكرة الخليجية مسترجعين رأيه بأن تكون دورة الخليج كل أربع سنوات إنما مارسوا بهذا نوعا من إقصاء الرأي.. رغم أن هذا المقترح سبق طرحه من غير ابن همام... ويظل هو أو غيره حرا في إبداء رأيه، ومن حق دورة الخليج قبول الرأي أو رفضه بلغة المنطق والحوار!
بلاتر.. على سبيل المثال.. عندما تسنم سدة الاتحاد الدولي لكرة القدم اقترح أن تكون كأس العالم كل سنتين، ولم يتم قبول المقترح لأسباب منطقية.. دون أن يتهم بتدمير كرة القدم العالمية.. أو يتهم بالقصور في تفكيره.
وبلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي يسعى ويقاتل منذ تسلمه الرئاسة لإبعاد الفرق الكبيرة عن الهيمنة على الكرة الأوروبية حتى وإن كانت من بلده فرنسا.
مشكلتنا في خلط الرؤى والمفاهيم.. وأننا لا نتعامل معها.. كرؤى وطروحات قابلة للرأي والرأي الآخر.. وإنما نتعامل معها وفق مصادرها.. وموقفنا من هذا المصدر.. أو ذاك.
ومن هنا... يصبح صوتنا عاليا.. يرتد إلينا صداه.. متمثلا في ردود أفعال فقط!!
والمفروض.. أن يكون صوتنا قويا.. نابعاً من الفعل.. حتى يصبح له صداه لدى الآخرين.
والله من وراء القصد.