|


عبدالله الضويحي
كلفوا فلان .. وفكونا!
2008-09-16
عندما تعايش الحدث وتكون جزءا منه فإنك لا تلحظ بعضاً أو كثيراً من التغييرات فيه، خاصة الجذرية منها.. بل إنك قد تنظر لما يحدث على أنه جزء منه وتقنع بكل تفاصيله.
تغيب عن مدينتك فترة قصيرة فتلحظ الكثير من التغيير في هذا الموقع أو ذاك.
وتغيب عن بني جنسك فتلحظ التغيير في هذا الطفل أو ذاك المراهق.
شخصيا.. أعطيت نفسي إجازة ناهزت الأسابيع الثلاثة، وبتنسيق مع رئيس التحرير الذي أيد ذلك بقوة، بل وشجع عليه وهي نظرة صحيحة وصائبة، قالها لي وتحدثنا حولها كثيرا.. الإنسان مثل الآلة تحتاج لصيانة دورية.
والإنسان.. يحتاج للراحة ومراجعة الذات والابتعاد عن الجو العام وتجديد نشاطه حتى وإن كانت الظروف والأحداث قائمة، ومصدر إلهام بالنسبة له، مثل الكاتب ومن في حكمه حتى يستريح ويريح أيضا.
الأيام الماضية كانت حبلى بالأحداث، خاصة الأولمبياد وما صاحبها.. وأحداث الأندية واتحاد القدم.. إلخ.
وكلها مصدر لبلورة الكثير من الأفكار والطروحات، ومع ذلك جاءت هذه الإجازة وأعتقد أنها يجب أن تتم بين فترة وأخرى.
في القطاع الخاص وفي الغرب هي جزء من النظام ولا بد من منحها لمستحقها، وأصبحت الإجازة جزءا من ثقافة الإنسان هناك.
ولم نسمع أن (فلانا من الناس) تقاعد بعد خدمة أربعين عاما أو ثلاثين قضاها في خدمة الدولة دون أن يحصل على إجازة، مما يدل على إخلاصه وتفانيه.
علما بأن (فلانا هذا) قد تمتع بالعديد من الانتدابات داخل وخارج المملكة طوال هذه الفترة، بمعنى أنه قد تمتع بالعديد من الإجازات غير المحسوبة في سجله المدني، وإن كانت واردة في حياته الوظيفية.
اللهم إني صائم.. ما لنا ولهؤلاء وإن كان (لا غيبة لمجهول).. ولنعد إلى إجازتي.
عندما آثرت الابتعاد قررت أيضا عدم متابعة الأحداث إلا اللمم، حتى أشعر بالإجازة الحقيقية، عندما ابتعدت كان هناك العديد من المواضيع والأحداث الساخنة.
ـ المشاكل الإدارية في نادي الاتحاد، والتجديد لجمال أبو عمارة من عدمه والكرسي الساخن والمشاكل المادية ومرشح الرئاسة.. إلخ.
ـ ونفس الحال ينطبق على إدارة نادي الوحدة وجمال التونسي المكلف.
ـ والنصر لا زال يجدد الثقة في مدربه رادان.
ـ والهلال في مد وجزر مع الشركة الراعية موبايلي ودخول الاتصالات على الخط.
وجماهيره وضعت يدها على قلبها مرة أخرى حيال اللاعب السويدي ويلهامسون بعد تجدد إصابته.
ـ والقادسية التي ذاقت مرارة الهبوط، لا زالت تتجرع المرارة ذاتها وربما أكثر من الفراغ الإداري ومشاكل الكرسي الساخن.
كنت أتوقع أنني سأعود وقد انتهت جميع هذه المشاكل خاصة أنها لا تستدعي كل هذا، لكن شيئا من هذا لم يحدث.
ـ فالاتحاد.. الذي طوى صفحة اللاعبين الأجانب رغم مرارتها، والهدر المالي الذي ضاع بسبب بعض القرارات أو التصرفات الفردية، وعدم التأني والمشورة في اتخاذ القرارات الخاصة بهؤلاء اللاعبين، وما أثير عن مواقف كالديرون حيالهم وموقفه منهم قبل وبعد.
هذا الاتحاد الغني برجاله فكرا ومالا وحبا وإخلاصا يقف مكتوف الأيدي أمام اختيار من يقود دفة النادي في المرحلة المقبلة، بعد أن ارتفعت درجة حرارة الكرسي لدرجة الانصهار، فأصبح من الطبيعي أن يبتعد البعض خوفا منه، وبعد أن انصهر معه أيضا كثير من السيولة التي جاءت من عقد الشركة الراعية (الاتصالات) في ملف اللاعبين الأجانب، وتم طيها مع الملف وإغلاقه.
ـ الوحدة.. عاد من معسكر إعدادي في تونس، وصفه رئيس النادي جمال تونسي بأنه كان ناجحا (وهو البعيد عنه)، وكذلك رئيس البعثة عابد قزاز.. ويبدو أن التونسي اعتمد على رأي القزاز.
في حين أن مدرب الفريق بوكير وهو الأقرب والأعرف وصفه بالفشل وأن الجو كان حارا، وأن المباريات غير مفيدة عدا مباراة واحدة، وهو ما أيده عليه إداري الفريق محمد الهيج.
وفي شأن آخر يتناقض الرئيس جمال مع العضو قزاز حول قرارات المجلس وأنها جميعها متفق عليها، في حين يعترض قزاز على ذلك، ويدلل بإدارة الفريق.
ـ والنصر.. الذي تأهل للدور قبل النهائي لبطولة مجلس التعاون للأندية وهي بداية خير، ولعلها عهد جديد مع البطولات، رغم صعوبة التأهل، لا زال حتى الآن لم يحدد موقفه الواضح والنهائي من مدربه رادان.
هذا المدرب الذي بدأ عمله بعدم قناعة، واختلاف مع اللاعب الأجنبي رزاق، ولاعبين آخرين أصبح حديث الأوساط.
أكثر التصريحات والأحاديث التي قرأتها حول هذا المدرب هو (تجديد الثقة فيه).. فهل انعدمت هذه الثقة من الأساس؟
ولماذا يتم التجديد بمناسبة وبدون مناسبة؟
إذا كان المدرب جيدا والإدارة واللاعبون على قناعة به.. فلماذا إذا هذا التجديد؟
وآخر الأخبار أن هناك اتصالات مع المدرب البرازيلي (كارلوس بيريرا) للبحث عن مدرب ليكون بديلا جاهزا عند الحاجة.
وخطوة كهذه تعني أن قرار الاستغناء يطبخ على نار هادئة.
وتعني أيضا أن البديل سيكون من النوع (العاطل) الباحث عن عمل وقادم من البرازيل.
ـ والهلال.. الذي أثار الجميع بإلغائه عقد (الاتصالات) كراع رسمي، وعقد صلة وتعاقد مع شركة موبايلي في صفقة (شئنا أم أبينا) كانت المفتاح لجميع الأندية بدخول عالم الاستثمار من أوسع أبوابه، وبمثابة دعوة الشركات الأخرى، لتدرك معنى الاستثمار الحقيقي، وأن في الأندية من يملك الفكر الاستثماري والتفاوضي الذي يجعل منها قنوات استثمارية جيدة لم تطرق بعد.
هذا الهلال أثار الجميع مرة أخرى برغبته في إنهاء الشراكة مع موبايلي والعودة للاتصالات بعد مفاوضات مبدئية إذا ما رأى أن مصلحته تسير في هذا الاتجاه خاصة وأنه يملك مفاوضا جيدا وفكرا قياديا في هذا المجال هو الأمير عبد الله بن مساعد.
لكن هذه الخطوة تحولت إلى (ماراثون) وهذا أمر طبيعي وهي جزء من لعبة المفاوضات كل يديرها حسب توجهه ووجهة نظره ومكمن مصلحته.. طول المدة في المفاوضات، وإن كان في مصلحة موبايلي لكنه لم يضر بالهلال.
شخصيا إذا كنت أميل إلى أن من حق أي ناد البحث عن مصلحته مع هذا الشريك أو ذاك طالما أنه يسير وفق اللوائح والأنظمة، ويدرك الأبعاد المادية والمعنوية لاتخاذ القرار، إلا أنني في الوقت نفسه أميل أيضا إلى استمرار العقد مع الشريك الحالي بعد التفاهم، والتوصل إلى ما يحفظ حق كل من الطرفين، بما يساهم أيضا في استغناء النادي بالبحث عن شريك آخر..
ولا زلنا في إثارة الهلال..
فالهلال الذي أثار الجماهير بالتعاقد مع ويلهامسون في أكبر صفقة في تاريخ الكرة السعودية ظلت حديث الأوساط بين مؤيد ومتحفظ سواء على قيمة الصفقة أو مردودها
وإمكانية نجاح اللاعب واستمراره.. هو الآن يثير جماهيره بتعرض اللاعب لإصابة قبل بداية الموسم.. قيل إنها (غير مزعجة!!) وسيكون الموسم كفيلا بالحكم على ذلك.
كنت سأتحدث عن هذا اللاعب.. وآخرين ضمن حديث عام عن اللاعبين الأجانب هذا الموسم.. حيث طرحت مقالاً بعنوان (الأندية وتوزيع الثروة).. تم نشره خلال إجازتي.. ووعدت بأن أتطرق لمواضيع أخرى.. من الملايين المهدرة.. ويبدو أن الإجازة وتوالي الأحداث حال دون ذلك.. لكن هذا لا يمنع من التطرق لها.. في وقت آخر.
لكن وباختصار.. فيما يتعلق بالدولي السويدي ويلهامسون.. فإن الملاحظ أنه تنقل خلال الموسمين الأخيرين بين خمسة أندية آخرها الهلال.. حيث لعب في موسم 2006 لناديين هما نانت الفرنسي وروما الإيطالي.. وفي موسم 2007 بولتون الإنجليزي ثم ديبورتيفو لاكارونا الإسباني وجميعها بنظام الإعارة.
واللاعب أصيب في بداية شهر يونيو 2008 في كأس أمم أوروبا ولم يكمل مع منتخب بلاده.. وتعاقد معه الهلال فترة النقاهة والشفاء من الإصابة.
ويقول مدربه تعليقاً على الصفقة:
(أن يلعب أساسياً في آسيا.. خير له من البقاء احتياطياً في أوروبا).
فاللاعب معظم فترات مشاركته كان على دكة الاحتياط لكن هذا لا يمنع أن اللاعب لديه الإمكانات التي تبينت من خلال بداية مشاركته.. وقد ينجح.. ولا يمنع ذلك أيضا من التحفظ ووضع اليد على القلب.. وربما كان هناك حديث أكثر توسعاً حول الموضوع في مقال مقبل..

ـ والقادسية.. هذا النادي الذي كان مضرب المثل في الوداعة والمثالية والنشاط.. دخل عالم (المشاكل الإدارية) في العقدين الأخيرين.. وانتقلت هذه المشاكل من تحت الطاولة.. إلى السطح والضرب تحت الحزام..!
وأثرت هذا العام على نشاطه الرمضاني المتميز الذي ارتبط به (على ما أظن)!!
بعد ابتعاد إدارة جاسم الياقوت.. تنافس كل من عادل المقبل وخالد الدوسري.. أو بالأحرى انحصرت المنافسة بينهما، وجرت محاولات لثني أحدهما وتنازله للآخر.. وكان كل من الطرفين مصرا على موقفه ومتمسكا به.. وأن الانتخابات ستكون الفيصل!
المفاجأة.. انسحاب كل من المرشحين أحدهما تلو الآخر..!
(وكل واحد يصلح سيارته)!!
والذين طالبوا إدارة الياقوت بالرحيل وأعلنوا استعدادهم لتولي المسؤولية فور رحيلها.. لا وجود لهم!!
لست هنا مدافعاً.. أو مؤيداً لجاسم الياقوت.. بقدر ما أتساءل عن أبناء القادسية.. ورجالات الخبر.!
ويبدو أن الاتجاه يسير إلى تكليف من يقوم بقيادة النادي في المرحلة المقبلة.
وبمناسبة التكليف..
يبدو أن الأمور لدينا تسير بالتكليف!!
فرئاسة نادي الاتحاد بالتكليف من منصور البلوي في العام الماضي.. إلى جمال أبو عمارة الآن..
ونادي الوحدة كذلك مع جمال تونسي..
وجاسم الياقوت في القادسية كان مكلفاً في الموسم الماضي.. ويبدو أن الأمور تتجه كذلك هذا الموسم.
وغيرهم في أندية أخرى.. عبر فترات مختلفة..!
ـ والسؤال المطروح:
لماذا تعصف المشاكل الإدارية بالأندية لدينا بهذه الصورة؟!
ولماذا تعاني الفراغ الإداري.
توقعت أن تحدث بعض المشاكل الإدارية في نادي الوحدة.. وقلت ذلك لبعض الزملاء نهاية الموسم الماضي.. سألني عن السبب خاصة وأن فريق كرة القدم حقق نتائج ممتازة ولامس بطولة الدوري.. قلت له:
هذا أحد الأسباب.. والآخر عودة بوكير..!
.. وكان نادي القادسية وديعاً مثالياً، حتى حقق كأس ولي العهد ثم كأس آسيا عام 1992م.
وغيره..
والأندية التي تغيب عن البطولات.. أو لم تعتد عليها تكون سبباً في مشاكلها الإدارية عندما تحصل عليها أو تلامسها.. لأن أرباب النجاح كثيرون.. وللفشل رب واحد..!
المشاكل الإدارية في الأندية لدينا لها مصدران:
ـ نجاحات يحققها النادي بعد غيبة!!
ـ أو الأمور المالية..!!
وستظل الأندية لدينا تعاني من المشاكل الإدارية طالما أنها تدار بعقليات كهذه..!
وستظل تعاني طالما أن (البحث عن الذات) هو شعار البعض من القائمين عليها.. أكثر من البحث عن مصلحة النادي..!
وستظل تعاني طالما أن البعض يرى أن النادي هو جزء من ممتلكاته الشخصية.. وأن خروجه من كرسي الرئاسة يخالف نواميس الكون وسنن الحياة!!
وعندما أشير إلى أندية الاتحاد.. الوحدة.. القادسية.. ..إلخ فإن هذا لا يعني أنني أقصد هذه الأندية فقط.. بقدر ما أضربها كأمثلة..!
والمشاكل الإدارية في الأندية هم عام.. يعاني منه الجميع حتى في المدن البعيدة عن الأضواء!!
لكننا في الوقت نفسه لابد أن نشير إلى الأهلي، الشباب، الهلال، والاتفاق.. كأندية نموذجية في تعاملها الإداري وسلاسة التغيير لديها.. وقدرتها على احتواء مشاكلها داخل بيتها.. وبعيداً عن الإعلام!
لقد قام اتحاد كرة القدم بتغيير الكثير من لوائحه وفق متطلبات المرحلة..
وتم تشكيل هيئة مستقلة لدوري المحترفين..
وتم اعتماد الدوري..
ودخلنا هذا العالم من أوسع أبوابه.. وأصبحنا جزءاً منه وبالتالي.. لم يعد ممكنا أن نتعامل معه بعقليات وفكر يخالف توجهه..!
علينا.. أن نصلح شأن الأندية..
وأنظمتها.. ولوائحها..
بما يتماشى وروح العصر.. ومتطلباته..
وبما يضمن استمراريتها في تأدية رسالتها بغض النظر عمن يتولى إدارتها.. أو قيادتها.. وأن تكون إدارات الأندية واضحة المعالم.. ومحددة الرؤى في أسلوب عملها.. وكيفية مزاولته.. وتاريخ بقائها.. بمعنى أن تتحول هذه الأندية إلى مؤسسات حقيقية تدير نفسها ذاتياً.. وتمول نفسها ذاتياً.. بعيداً عن تأثيرات خارجية.. تؤثر في سياساتها.. أو قراراتها.. دون أن نغفل الإشراف المباشر من الرئاسة العامة لرعاية الشباب.. لضمان نجاح الأندية في تحقيق رسالتها وسيرها في الطريق الصحيح..!
والله من وراء القصد