|


عبدالله الضويحي
وفي أنفسكم.. أفلا تبصرون
2008-08-05
تنطلق في بكين يوم الجمعة المقبل دورة الألعاب الأولمبية في دورتها الخامسة والعشرين.
والألعاب الأولمبية حدث غير عادي ظل العالم ولازال يرقبه ويترقبه على مدى يزيد عن المائة وعشرة أعوام وهو الحديث الوحيد عالميا الذي عايش ثلاثة قرون أو حدث في ثلاثة قرون ناهيك عن أن تاريخها يعود إلى ما قبل ذلك بمئات بل آلاف السنين وقبل ميلاد المسيح عليه السلام.
ويحسب لدي كوبرثان هذا الرجل العظيم.. والعظمة لله سبحانه ـ أقول هذا العظيم في فكره وثقافته وتوجهاته بعث هذه الألعاب من جديد.. حيث انطلقت في عام 1896 ولازالت منتظمة كل أربع سنوات.. وبدقة متناهية (عدا فترات الحربين العالميتين)..
ـ إذاً في الحدث المعاصر الوحيد الذي مر على ثلاثة قرون التاسع عشر (دورتان) والعشرين والحادي والعشرين (دورتان حتى الآن).
ـ وهي الحدث المعاصر الوحيد الذي مرت عليه الحربان العالميتان..
ـ وهو الحدث الوحيد الذي عايش وعاصر تطورات العالم.. وتقلباته.. ونقلاته الحضارية والتقنية.. ومن خلالها أيضا تطور هذا العالم... وطور نفسه في أمور كثيرة..!
لقد استطاع دي كوبرتاث.. أن يوحد العالم عبر حلقات ست تمثل قارات العالم الست.. وفق ألوانها.. في تعبير إنساني.. عن نبذ الأعراق.. ونبذ التعصب.. والانضواء تحت راية واحدة من المحبة والسلام... وأن يكون شعار الدورة الأولمبية منطلقا من هذه المفاهيم..
ورغم أن السياسة حاولت في بعض المرات أن تؤثر على مسيرة الألعاب.. إلا أنها.. ما لبثت أن تراجعت وأدركت خسارة حربها.. أمام التوحد الرياضي.. والفكر الرياضي.. وأكدت الرياضة في كثير من الأحيان أنها الأقوى.. والأكثر صمودا وبقاء.. بل إن الرياضة مهدت لكثير من العلاقات السياسة.. وحرارة الرياضة.. أذابت الكثير من جليد السياسة.. بين عدد من الشعوب.. أو بالأحرى الدول!
لقد كان للألعاب الأولمبية دورها الكبير في أن يلتفت العالم إلى أمور اخرى يطور نفسه من خلالها.. ويتقدم من خلالها.. في صناعة الآلة.. وفي تطوير الإنسان وقدراته والرفع من كفاءته.
عندما نتأمل في الرياضي المشارك في هذه الدورات وكيف يطور نفسه ويطور ذاته ويخضع قدراته لهذه الإمكانات.
عندما نشاهد بطل سباق المائة متر وهو يقطع هذه المسافة في تسع ثوان وهو زمن يتلاشى (حسب نظرية أنشتاين النسبية) أو غير محسوب في عمر الإنسان بل وربما قدرته على حسابه والتوقف عنده..
وعندما نرى أبطال القفز ورفع الأثقال وقدراتهم في ذلك.
وعندما نرى أبطال الماراثون وتوافقهم العضلي والعصبي..
وعندما نتأمل أبطال السباحة
وغيرهم من الأبطال في جميع الألعاب
عندما نتأمل هؤلاء الأبطال
ونتأمل نجاحاتهم
ونتأمل قدراتهم وطاقاتهم
ندرك.. أن هناك قوة حفية وراء هذا كله
التدريب وحده.. لا يصنع شيئا
والعمل الشاق ما لم يكن هناك قوة أخرى داخل الإنسان ذاته تتجاوب مع هذا كله
هذه القوة وراءها عظيم أعظم من هؤلاء جميعا إنه خالق هذا الإنسان الذي وضع فيه كل هذه القدرات والإمكانات
خالق دعانا لأن نتبصر في أنفسنا ونتأمل في طاقاتنا ونتأمل أيضا في ذواتنا (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)..
في ذواتنا الكثير من القدرات
وفي أنفسنا الكثير من الإمكانات
وفي أنفسنا الكثير.. والكثير..
وبيدنا أن نستثمر هذا كله في الخير إن أردنا
وفي الشر إذا ما حدنا عن الصراط المستقيم (وهديناه النجدين).
هذا جانب مهم في الألعاب الأولمبية نغفل عنه كثيرا.. وليتنا نتذكره ونتأمله ونحن نتابع هذه الألعاب لنكون أكثر قربا وإيمانا بخالق هؤلاء.. وواضع هذه القدرات فيهم.. وباعثها للتعبير عن قواهم الخفية!
هذه القوة الخفية.. مرتبطة في الحقيقة بقوة غيبية ونؤِمن بها... وإن لم ندرك كنهها.. (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا)!
ولم نؤت بعد.. من علم الدورات الأولمبية.. وعلم بني الإنسان.. وقدراته.. إلا القليل..!!
وإذا ما تأملنا قدرات هذا الإنسان.. وتطورها عبر الدورات الأولمبية.. وكسر الأرقام القياسية.. أدركنا هذه الحكمة.. وهذا القليل الذي أوتيناه.!! ونؤتاه كل يوم.!!
هذا جانب وهو جانب مهم لكن دعونا ننظر للجانب الآخر من هذه الألعاب وهو الجانب الدنيوي ونظرة الدول لهذه الألعاب.
إن النظرة إلى الدورات الأولمبية تتجاوز إطار النظر للفوز والخسارة..
صحيح أن الكل يتمنى الفوز بميدالية في هذه الألعاب لأن هذا الفوز يعني تخليد اسمه على الصعيد الشخصي وتخليد اسم الوطن.. وعزف النشيد أمام الملايين
وصحيح أن الكل يدرك أن المراكز المتقدمة محددة ومحصورة في أبطال يدرك الجميع قدراتهم وأهليتهم مسبقا..
لكن هذا كله لا يمنع النظرة إلى الأولمبياد.. على أنها حدث فريد.. يتكرر كل أربع سنوات.. تتوقف عنده عقارب الزمن.
وأن الأولمبياد.. أصبحت ثقافة مستقلة بذاتها.. وأن حضور الأولمبياد والمشاركة فيه شرف وحدث عظيم.
والمشاركة لا تعني المنافسة.. فقد تأتي إدارية أو عملية.. أو تظوعية..
ولهذا.. أصبحت المدن تتنافس على استضافة هذه الألعاب
وأقول (المدن) لأن هذه الألعاب مرتبطة بالمدن وليس بالدول.
وقد تنافس عليها مدينتان من دولة واحدة!
وأصبحت الدورات مراكز إشعاع حضاري وتبادل ثقافي بين الشعوب.. لتقديم الصورة الحقيقية لها!
وتحولت هذه الألعاب إلى مراكز جذب سياحي ومراكز دعم اقتصادي!
في دورة بكين التي ستنطلق بعد أيام وتحديدا يوم 8ـ8ـ2008م وهو تاريخ مميز ولأن رقم 8 رقم تفاؤل لدى الصينيين قرر الآلاف من الصينيين عقد قرانهم في ذلك اليوم.. تزامنا مع الألعاب.
وأعتقد بل إنني أثق أن المواليد الذين سيرون النور ذلك اليوم سيحظى كثير منهم باسم أولمبياد أو باسم قريب منه ودلالة عليه
العالم هناك وفي كل أنحاء العالم يتفاعل مع هذه الأحداث ويتعامل معها. وتخلد في ذاكرته.
وفي دورة بكين على سبيل المثال ـ دفعت شركة إن بي سي N B C ما يقارب 900 مليون دولار وتحديدا (894 مليون) وهو رقم يلامس المليار مقابل شراء حقوق النقل التلفزيوني والتغطية الإعلامية للحدث.. وستبث هذا المحطة (3600) ساعة من التغطية المباشرة للمناسبات.. وهو رقم يزيد بألف ساعة عن دورة أثنيا 2004
وفي بكين كلف المركز الوطني للألعاب المائية.. المسمى مكعب الماء والمخصص للألعاب المائية (145) مليون دولار تكفل بها الصينيون في الخارج دعما منهم لدولتهم وشعورا وطنيا منهم تجاهها.. ودعما للحدث.
أما الملعب الرئيسي فقد تكفلت الحكومة بـ58% من تكلفته الاجتماعية.. في حين تكفلت (شركة الملعب الوطني) بالباقي (42%) مقابل حق إدارة واستثمار المنشأة لمدة ثلاثين عاما تبدأ بعد انتهاء الدورة الأولمبية.
ولعل هذا ما عنيته وتطرقت إليه في (منتصف أسبوع) سابق حول وزارة التربية والتعليم.. وأهمية استثمار المباني المدرسية.. وتسليم الأراضي الخام للقطاع الخاص لبنائها على أحدث طراز وبكافة المرافق مقابل استثمارها عددا معينا من السنوات.
الدورات الأولمبية
فكر.. وثقافة..
نكتفي فقط بالفرجة عليه.. والاستمتاع بأحداثه... وآن الأوان لنستفيد من مضامينه.. ومكنوناته!!
الأولمبياد.. ونحن
على مدى عدة حلقات نشرت "الرياضية" ولازالت سردا تاريخيا ألقت الضوء فيه على الأولمبياد تاريخا.. وحاضرا..
مصدر هذه الحلقات هو وكالة الأنباء الألمانية (د ب أ) والحقيقة أن المتابع لهذه الحلقات وجد فيها المتعة والفائدة ولمس فيها الجهد المبذول..
وأنا أتابع هذه الحلقات.. حتى ولو أبحر فيها ومن خلالها.. كنت أتساءل:
متى ستصل صحافتنا ووكالات الأنباء لدينا إلى هذه المرحلة..؟!
بل هل سنصل..؟!
متى نستطيع التعامل مع الأحداث.. وتغطيتها باحترافية ومهنية عالية..؟!
حتى على مستوى الأحداث المحلية.. عند حلول مسابقة أو نهائي كبير.. تعتمد الصحف على مصادر واحدة.. أو تنقل من بعضها وأحياناً تتكرر الأخطاء..!
صحيح هناك محاولات من بعض الزملاء على الرصد والمتابعة وهي محاولات فردية، أذكر منهم على سبيل المثال الزميل عبد الله المالكي (الجزيرة) في تقريره السنوي عن حصاد الموسم كأفضل الأعمال الصحفية ـ في نظري ـ والزميل خالد الشايع في هذه الجريدة في بعض الاحصائيات والتحليلات.. وسلمان العنقري وزملاء آخرون.. لكنني هنا أتحدث عن الفكر الصحفي العام لدينا وفكر وثقافة المعلومة.
اتحاداتنا الرياضية جميعها ودون استثناء.. هل تملك مركزاً للمعلومات؟!
لو أردنا تاريخ لعبة من الألعاب.. ومشاركة المنتخبات والمناسبات المحلية.. وغيرها.. هل يمكن الحصول على مثل هذه المعلومات بسهولة؟!
أتكلم هنا عن الاتحادات الفنية.. أكثر مما أتحدث عن الاتحادات الأخرى..!
لنعد إلى الأولمبياد.
بقي من الزمن ثلاثة أيام.. لكننا لم نلمس أي تحرك من الإعلام! ولا عن التغطية.. ومواكبة الحدث.. والوفود الإعلامية.. وغيرها!
بقي من الزمن ثلاثة أيام.. وليس لدى المتلقي.. إحساس بأن هناك منتخبات ووفود سعودية ستشارك في الأولمبياد.
دعوني أسأل وبصراحة:
هل غياب منتخب كرة القدم عن الأولمبياد يعني غياب المتابعة الإعلامية..؟!
إن كرة القدم هي إحدى الألعاب، وهي هامشية بالنسبة للأولمبياد.. لكننا ننظر لها.. وكأنها لعبة أساسية!!
ومع ذلك نرى اهتمام الإعلام.. عندما نشارك في هذه اللعبة.
إننا نظلم الألعاب الأخرى بهذه النظرة.. وهي الألعاب.. التي حققنا من خلالها نجاحات أكبر من القدم على صعيد الأولمبياد.. وقد نحقق.
ونحن حتى الآن.. رغم تاريخينا الطويل ومشاركاتنا في الأولمبياد.. وكأس العالم.. لم نرتق بمفهومنا.. وثقافتنا إلى مستوى هذه التطلعات والمشاركات.!
كثير من الإعلاميين لدينا يذهب لهذه الدورات من باب النزهة والسياحة.!
وقليل.. قليل منهم من يدخل المراكز الإعلامية.. ويتعامل مع الأحداث عن قرب!
والأقل من يحضر المنافسات.. في الأماكن المخصصة لها.
وربما ولو على شاشات التلفزيون..!
ووكالات الأنباء العالمية تقوم بالتغطية اللازمة للأحداث نيابة عنه!
أتفق مع الجميع في هذا..
وإننا لم نصل بعد إلى هذه الاحترافية..
لكن هذا.. لا يعني ألا نستفيد من هذه الفرص لتطوير ذاتنا.. وتنمية ثقافتنا في هذا المجال..!

الأولمبياد.. والزي الوطني

قرأت قبل فترة خبراً عن اتفاق الرئاسة العامة لرعاية الشباب مع مصمم أزياء سعودي لتصميم الزي السعودي في أولمبياد بكين..! شخصياً.. فوجئت بالخبر..
وتساءلت.. وهل الزي السعودي بحاجة لتصميم؟! إن الزي السعودي الرسمي.. هو الثوب.. والغترة والعقال.. وهو زي معروف ومعتبر.. وهو الذي نشارك فيه ونفتخر.. ويفترض أن يكون اللباس الرسمي في طابور العرض.. نعم..
قد أتفق مع الخبر.. إذا كان التصميم لملابس الفرق الشعبية.. والفنون.. والتي ستشارك في المعارض.. وغيرها.
أما طابور العرض.. فأعتقد أن المفروض هو ارتداء زينا السعودي المعروف.. لأننا سنظهر أمام العالم.. ويجب أو يفترض أن يرانا العالم على حقيقتنا.. ويتعرف على هويتنا الحقيقية.
أرجو أن يكون هناك لبس في الخبر.. وألا يكون المقصود تصميم الزي كاملا.. بقدر ما يختص بفرق الفنون.. والمشاركات الفلكلورية..!
أما طابور العرض.. فكما أشرت هو التعبير الحقيقي والواجهة الحضارية لثقافتنا وزينا الرسمي المعروف.

كماتشو.. مرة أخرى

لم يكن بودي العودة لموضوع كماتشو.. والموضوع اليوم عن الأولمبياد..!
وكما هو معروف فقد نشرت الصحف البرازيلية قبل أسبوعين تصاريح نسبت إليه ينتقد فيها الوضع في السعودية.. وأن زوجته تعاني من ذلك.. وهو ما علقت عليه في منتصف الأسبوع الماضي.
في جريدة (الجزيرة).. والتي نشرت الموضوع الأصل عاد كماتشو وعبر مقابلة طويلة ينفي كل ما قيل ويثني على السعودية والإقامة فيها.. وارتياح زوجته.. وأن ما كتبته الصحافة البرازيلية مكذوب عليه!!

شيء جيد.. لكن لدي ملحوظتان

الأولى :
أن نفي كماتشو.. جاء بعد أسبوع من نشر الموضوع.. وعبر مقابلة معه.. لا أدري هل هي بطلب منه..؟! أم العكس..؟!
ولماذا لم يتم في حينه.. وفي اليوم التالي؟!
الثانية :
نحن ندرك حقيقتنا.. ووضعنا.. والموضوع الأصل لم ينشر في الصحافة السعودية.. لذلك ما هو المردود الذي نستفيده من هذا النفي.؟!
لماذا.. لم يصدر كماتشو نفياً رسمياً وعبر السفارة ويتم نشره في نفس الجريدة البرازيلية وبنفس المساحة والإثارة لتوضيح وجهة نظره..!
أنا لا أتهم كماتشو بأنه وراء ما حدث.. لكنني لا أنفي سوء فهم.. أو مبالغة.. أو استغلال حدث وموقف من قبل الصحافة هناك للإساءة للسعودية.. ويظل كماتشو يتحمل جزءاً من نفي الخبر.. وتوضيحه للبرازيليين هناك.. وليس لنا كسعوديين..
والله من وراء القصد