علي الزهراني
ما يطلبه الجمهور
2016-08-19

علاقة الكاتب مع الجمهور علاقة لا تخلو من المنغصات، مرة تسمو هذه العلاقة بالود والاحترام وتارة تنسفها ردة فعل الغضب لمجرد أن هذا الكاتب أو ذاك قال رأيا يتعارض مع من يرون الإعلام في ثوب الأندية وألوانها لا في ثوب الحياد والإنصاف والمصداقية.

قلت رأيي في التحكيم قبل موسمين فغضب جمهور النصر، وقلت رأيي اليوم في ذات القضية فتبدل مديح بعض الهلاليين إلى قدح وذم هكذا لمجرد أن تلك الهفوة من مساعد الحكم عبدالرحيم الشمري لم تمر عبر سطور طرحي مرور الكرام، وبالتالي فهؤلاء الأحبة أو بالأحرى كل من ينتمي لمجال الرياضة لا يقبل من الإعلام أن يكون حياديا بل على النقيض يريده أن يكون بوقا يلبي ما يطلبه الجمهور من تضليل الحقائق والقفز عليها وترسيخ مفهوم النادي المفضل أولا حتى ولو كلف ذلك الخروج عن المألوف في المهنية.

نتفهم من الجمهور عاطفته الجياشة تجاه الأندية لكننا مع ذلك يجب أن نتفهم أكثر بأن الانتقائية في سرد أخطاء التحكيم تعد من المرفوض الذي لا يقبله العاقل، وبالتالي لا يجب أن نغض الطرف عنها حين يكون المستفيد النادي المفضل من جهة ونغضب ونحتج ونرفع وتيرة الصوت المحتقن أمامها حين يكون العكس.

شخصيا سأبذل ما بوسعي لكي أكون حياديا ما استطعت، وعندما أرى الخطأ سأتناول الحديث عنه دون الاهتمام بمن هو المستفيد ومن هو المتضرر.

المساحة الممنوحة أمام أي كاتب أو ناقد هي مسؤولية بل هي أمانة، وإذا لم نراع الله أولا فيما تخطه أقلامنا فنحن بذلك جنينا على أنفسنا وارتكبنا بالتالي ما يدين ضمائرنا قبل أقلامنا.

للجمهور أهميته وللإعلام أهميته، لكن الأهمية الكبرى هي في أن نرى هذا الأخير وقد تجرد من عواطفه وميوله وارتمى في أحضان المهنية الصادقة التي لا تتعامل مع مجريات الأحداث الرياضية وقضاياها بألوان (قوس قزح).

هذا ما نتمناه، أما الذين يمدحون اليوم بذريعة أن الرأي انسجم وتماشى مع فريقهم المفضل هم عندي كالذي ذم بالأمس فكلاهما على العين والرأس، لكن سأكتب ما أراه الأقرب للصواب حتى وإن تعارض مع الميول المتعصبين أو خالف توجهاتهم ، فالكلمة مسؤولية وأمانة ونسأل الله أن نكون ممن حملوها بكل حياد ومصداقية.

ختاما التوقفات المبالغ فيها تضر ولا تنفع.

هذا دورينا بدأ بجولتين وتوقف.

دورينا كنبضات القلب المريض غير المنتظمة، وطالما هو كذلك فلا مجال في أن يسهم في تطوير أمثل لكرتنا.. وسلامتكم.