نخوض في ملفات الرياضة.. نحلل.. نناقش.. وفي معظم الأحيان نتحول إلى منظرين نسرد العبارات ونمارس تحديد اتجاهاتها على السطور لكننا في النهاية نجد البون شاسعا بين ما تقوله الحقائق وبين ما تقودنا إليه عواطفنا. ـ فأي قضية رياضية حتى وإن اقتصرت في حالة الفوز والخسارة نتعاطى الحديث عنها على طريقة المتعصب في المدرجات ننسف كل النجاحات وننكفئ خلف تلك الخسارة هكذا لمجرد أننا وقتيون سرعان ما تعبث بنا اللحظة فتجعل من أقلامنا معاول للهدم لا سواعد للبناء. ـ منذ زمن ونحن نعزف على وتيرة نقد العاطفة والنتيجة تظهر في إطار التكرار ولا نهتم بأي خيار بديل سوى أن يكون صوت التشنج طاغيا على كل المشاهد.. في الصحف.. في المنتديات.. وحتى وإن قلت في الفضائيات فهذه الأخيرة بالتحديد باتت مرتعا يرتاده الحادون في نقد التشويه يوما تلو أخيه. ـ لن أقتبس الدليل على مثل هكذا طرح من سنوات الماضي وما حفلت به ولن أمتهن التذكير بهذا والإفصاح عن فكر ذاك لكنني ببساطة أقول نحن اليوم أمام مرحلة مختلفة تحتم متغيراتها القيام بتعديل الكثير من المفاهيم الإعلامية التي طرقنا أبوابها عنوة ولم نغادرها إلا ونحن في قائمة المدان والمتهم والمخطئ والسبب أننا تعمدنا إرضاء عواطفنا على حساب المنطق والموضوعية والحياد. ـ نعم لا ضير في أن تعلن ميولك ولا خلاف في أن تجاهر بفريقك المفضل ولكن في حدود ألا يؤثر ذلك في حياديتك وإنصافك فالقلم قلمك أما المساحة الإعلامية التي منحت لك فهي للجميع ولم ولن تصبح في يوم من أملاكك حتى تطوعها وفقاً لعواطفك. ـ الإعلام رسالة معالمها واضحة، فهل نعي ونستوعب من متن هذا التعريف الصادق للمهنة والرسالة الإعلامية وأدوارها؟ ـ أسأل فقط مع يقيني بأن هذه المتغيرات التي طرأت على رياضتنا اليوم تأتي بمثابة اختبار حقيقي لنا جميعا معشر الإعلاميين فإما أن نواكب التغيير بتغيير جاد نمتثل فيه لشروط واشتراطات المهنة وإما نستمر في ذات المكان فنخسر حتى هؤلاء الذين يتعشمون في أقلامنا وأصواتنا الشيء الكثير. ـ وبما أن حديثي هنا عن النقد والعاطفة ومصادرة حقوق الناجح بودي أن أذهب إلى حيث الهلال متسائلا عن سر هذا الغضب الذي اجتاح أروقته لمجرد مباراة خسرها الهلال؟ ـ بالطبع مسألة أن يخسر الزعيم على أرضه وبرباعية تعد مسألة يصعب على القريب والبعيد تبريرها لكن الذي أراه أن هذا الفريق كبير وعملاق وإدارته مؤهلة ومتمكنة وإذا ما حاولت أن أقيمه فالتقييم هنا يجب أن يشتمل على معطيات ما حققه خلال أربع سنوات لا على ما خرج به في تسعين دقيقة، ومن هنا أقول الهلال لايزال هو الهلال كبير حتى وإن غادر الآسيوية. ـ على الهلاليين أن يحتكموا إلى لغة المنطق لا إلى العواطف الجياشة، كما عليهم أن يغلقوا ملف الآسيوية ويفكروا جادين في كيفية استمراريتهم في دائرة المنافسة على الألقاب المحلية، فذلك هو الأجدى والأنفع.. وسلامتكم.