|




عدنان جستنية
من عز لعز يا مملكة العز
2017-05-23

 

لم أكن يوماً ولن أكون كاتباً سياسياً ولكن الملك فيصل يرحمه الله بروح الوطنية التي كان يغرسها في شعبه، والعزة والكرامة التي كان ينشدها للأمتين العربية والإسلامية حببني وأنا في سن الصغر بالسياسة عبر العمق الأدبي والفكري والسياسي لخطاباته القوية المؤثرة جداً التي كان يلقيها بين حين وآخر، إذ كنت أصغي واستمع إليه جيداً أو من خلال مواقفه الشجاعة الداعمة بقوة للتضامن الإسلامي ونصرة القومية العربية، وشعور بالفخر والاعتزاز يثلج الصدر بأنني أنتمي إلى وطن غالٍ ملكه فيصل بن عبدالعزيز كيف لا.. وهو صاحب القرار التاريخي بمنع إمداد أمريكا بالبترول، الذي هز العالم أجمع أثناء حرب "أكتوبر" ونصرٌ كان له دور كبير في تحقيقه لمصر وللعرب بصفة عامة.

 

ـ كرهت السياسة مع تداعيات ما تسمى بحرب أفغانستان وما نتج عنها من تضليل وتخريب لعقول الشباب في ذلك الوقت، إذ كانت النظرة لها بأنها حرب عقائدية، بينما كنت رافضاً لهذه التسمية مؤكداً لأصدقائي وزملائي أنها حرب "سياسية" وأبعادها الدنيئة ستنكشف في المستقبل القريب، وكرهت السياسة أكثر وعالمها المتقلب مع حرب الخليج الأولى ثم جريمة "11 سبتمبر" والتي كان هدفها الرئيسي تشويه صورة الإسلام والمسلمين والنيل من سمعة ومدخرات هذا البلد حكومة وشعباً.

 

ـ المواقف الصادقة والحكيمة للملك عبدالله بن عبدالعزيز "رحمه الله" من المشروع "الصهيوني" المسمى بـ"الربيع العربي" أعاد للمملكة العربية السعودية هيبتها ومكانتها المرموقة في العالمين العربي والإسلامي ودورها القيادي في إفشال مخطط كبير يهدف إلى تغيير خريطة العالم العربي لخدمة إسرائيل ومشروعها الصهيوني بدعم وجدته من تحالفات دولية لم يكتب لها "النجاح" بعدما تصدى لها بقوة وصرامة "الملك عبدالله" وأحبط بحنكته السياسية كل ما كان يدبر في الخفاء من مؤامرات دنيئة لتفكيك العالم العربي وإثارة الفتن بين شعوبه وأبنائه. 

 

ـ بعدما فشل المخطط الصهيوني توجهت السياسة "اللعينة" إلى لعبة أكثر قذارة كان يديرها بدهاء الماكر الرئيس الأمريكي الأسبق "أوباما" لتحل دولة "إيران" المجوسية" مكان "إسرائيل" ضمن تبادل الأدوار بينهما واللذين كانا ولا يزالان يقومان به في منطقة الشرق الأوسط مكملاً لبداياتها الحقيقية واتفاق غير معلن انطلقت شرارته الأولى قبل أكثر من "35" عاماً في الحرب "العراقية الإيرانية" التي دامت "8" سنوات مستنزفة هذه الحرب الكثير الكثير من مدخرات دول الخليج.

 

ـ المؤامرة "الكبرى" التي كانت تستهدف أمن المملكة واستقرار أراضيها تصدى لها بحزم ملك" الحزم" والعزم الملك سلمان "حفظه الله" بقراره التاريخي الحكيم عندما وقف وقفته الشجاعة مع حكومة اليمن "الشرعية" معلناً الحرب على الحوثيين ورأس الحربة "إيران" كما وصفها في خطابه الأخير الذي ألقاه في مؤتمر أمريكا والدول الإسلامية ليقضي على تلك المؤامرة ويدحض شر نوايا من وقف وراءها ومدبريها في السر والعلن ظاهراً وباطناً، وبتواجد جيش إسلامي مكون من غالبية دول العالم الإسلامي استجابة لنداء خادم الحرمين الشريفين دعماً في حرب السعودية ضد الحوثيين وأعوانهم من المجوس، حينها تنبه العالم بما فيه الدول العظمى وفي مقدمتها بريطانيا وأمريكا حجم القوى المؤثرة التي تملكها المملكة العربية السعودية في دول العالم الإسلامي لتمثل لها وللعالم أجمع بمواقفها وسياستها أنها هي دولة عظمى لا تقل عنها ولا يستهان بها.

 

ـ زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للرياض والوفد الذي حضر بمعيته ثم البرامج التي صاحبت هذه الزيارة وما أقيم من مؤتمرات ثنائية وخليجية وإسلامية وما نظم من فعاليات وما حققته من نتائج قيمة ومبهرة على المستوى السياسي والاقتصادي والإعلامي، قدمت السعودية من خلال ملكها وأبنائها البررة رسائل قوية وعميقة لإيران وأعوانها ولدول العالم من بينها حجم "الثقل" الإسلامي لبلد الحرمين الشريفين وما تتمتع به قيادته من حنكة سياسية في إدارة كل الأزمات عبر "دروس" عظيمة جعلت من أمريكا تعيد حساباتها من جديد في المنطقة عامة ومع المملكة خاصة لتأتي زيارة ترامب وتشكل "منعطفاً" مهماً في تحديد نوعية العلاقات السعودية الأمريكية على وجه الخصوص وبقية الدول العربية والإسلامية بوحه عام، وتحولاً كبيراً وصريحاً في مواجهة الاٍرهاب بكافة أصنافه ومصادر تمويله ومنابعه.

 

ـ يومان من أيام "التاريخ" العظيمة لن تنساهما أمريكا رئيساً وحكومة وشعباً وكذلك رؤساء وممثلو أكثر من"50" دولة إسلامية، سيبقى هذا التجمع بكل ما قدم فيه من حسن استقبال وضيافة وما تحقق من نجاحات في الذاكرة على مدى العصور والأجيال المقبلة لما حمل في طياته وأجوائه من إشراقة وتفاؤل وأمل لمستقبل زاهر لمملكة الحضارة والسلام ودوّل أشقاء احتضنها "البيت الكبير" الذي بات هو اليوم يمثل قوى عظمى حفظت لبلد الحرمين الشريفين والمسلمين عزهم وكرامتهم وقوة تأمن مكر الماكرين وحقد الحاقدين.

 

ـ كلي فخر وشموخ بملك "العز" سلمان، وسياسة تدعو كل مواطن إلى التباهي بها وبحنكة قائد داهية، سائلاً المولى القدير أن يحفظه ويسدد خطاه لنصرة دينه ووطنه، ومن عز لعز يا مملكة العز، اللهم آمين.