بقدر ما نال إعجابي قبل شهر الحوار الذي أجراه مقدم برنامج (صدى الملاعب) الزميل مصطفى الأغا مع المدرب الوطني سامي الجابر والذي حاول من خلال أسئلته (الملغمة) وضع النقاط على الحروف لتجربة مدرب (سنة أولى) تدريب والمعاناة التي واجهها في مهمته الصعبة مع ناديه الهلال، ثم ردة فعله حول قرار إقالته إلا أن الصورة التي غرد بها (أبو كرم) على حسابه الشخصي والتي تجمعه مع صديقه وضيفه في البرنامج وهما يرتديان (الفانلة العلاقي) نالت إعجابي أكثر مما جاء في الحوار على اعتبار أن تلك الصورة حملت في مضامينها بالنسبة لي أثناء اطلاعي عليها معاني كبيرة حيث اعتبرتها رسالة بليغة جدا ترمز لـ(الحرية) المكملة تماما لما جاء على لسان سامي نفسه حينما أعلن (استقلاليته) عن نادي الهلال معتمدا على ذاته وقدراته واسم كبير بناه بذكائه الشديد ونجوميته في الملاعب السعودية كلاعب مع ناديه ومنتخب بلاده وإعلام وقف معه وسانده ودعمه طيلة مشواره الرياضي.
ـ الفانلة العلاقي التي جمعت (الاثنين) معا في مناسبة عائلية كان الغاية من نشرها عبر تويتر رغبة في توضيح علاقة الصداقة الحميمة التي تربط بينهما إذ فضل زميلنا مصطفى كشف النقاب عنها عن طريق تلك التغريدة المعبرة، وليوضح في نفس الوقت أن عمق هذه العلاقة هي التي جعلته ينفرد بحوار كـ(سبق صحفي) حققه لنفسه ولبرنامجه ولقناة الـ(mbc) ليذكرني بالسبق الصحفي الذي حققته حينما كنت رئيس قسم الفنون بجريدة (المدينة) الذي حصلت عليه مع الفنان الكبير (محمدعبده) عندما أعلن مع بداية حرب الخليج الأولى (اعتزاله) الفن، ولعل تذكري لهذه المناسبة يأتي (صدفة) لمقارنة متكافئة جدا بين الرياضي سامي الجابر والفنان محمدعبده لما يتمتعان حقيقة من حدة (ذكاء) خارق ساهم فيما وصلا إليه من نجومية وما يحظيان به من (شعبية) جماهيرية لا ينكرها إلا جاهل وحاقد.
ـ تمثل بطبيعة الحال تلك الفانلة العلاقي لي ولكل من اطلع عليها بمثابة (هروب) من حرارة الجو، ولكن من الممكن جدا قراءة تلك الصورة كقراءة لوحة تشكيلية فيها من الإبداع الذي يسمح لخياله الخصب أن يغوص في أعماق (الحرية) كما حلقت بي أنا ولمستها أيضا لأول مرة في منطق وأسلوب تعامل وتفاعل الهلاليين "جمهور وإعلام وأعضاء شرف" مع حالة أوجدت مناخاً (صحياً) لا غبار عليه عبّر من خلاله كل طرف عن رأيه الشخصي وفقاً لـ(قناعات) لم يجبر عليها كمحب لنادي الهلال ولأحد رموزه ابناً باراً من أبنائه الأوفياء، فلم يؤدِ اختلاف الرأي بينهم إلى ما يفسد للود قضية إنما أرى من وجهة نظري أن أهم مكسب حققه سامي الجابر لناديه حول قرار إقالته بين مؤيد ورافض هي (الحرية) في أن تطرح رأيك كمشجع منتمٍ لهذا الكيان الكبير "مسؤول، عضو شرف، إعلامي، جمهور"، لا أن تكون (تابعا) تحت مظلة تفرض عليك (الصمت) عبر وهم (المثالية) المصطنعة.
ـ ومن شاهد سامي قبل أيام مع الزميل علي العلياني في برنامجه الناجح (ياهلا) وحجم الثقة التي كان يتمتع ويتحدث بها وكيف تمكن من تحويل (الصدمة) التي مازال غير فائق منها لقرار لم يجد له مبرراً ثم الانتقادات (الذكية) جدا التي وجهها لرئيس هيئة أعضاء الشرف الأمير بندر بن محمد وهو يقدم بكل شجاعة وبمبادئ الأدب صورة حقيقية لمعنى الحرية (المسؤولة) التي شعر بها، فجعل من النقد لغة (عتاب) تحمل معاني كبيرة تعود بنا إلى جمال صوت كوكب الشرق وهي تشدو بصوتها العذب:
أَعْطِنِي حُرِّيَّتِي أَطْلِقْ يَدَيَّا ... إِنَّنِي أَعْطَيْتُ مَا ٱسْتَبْقَيْتُ شَيَّئا
آهِ مِنْ قَيْدِكَ أَدْمَى مِعْصَمِي ..... لِمَ أُبْقِهِ وَمَا أَبْقَى عَلَيَّا
ـ في تلك الليلة الرمضانية الأجواء شعرت أن سامي مازال بتلك الفانلة العلاقي متحررا يناجي الحرية بطلاقة ويداعب جماهير الهلال بأبيات من نفس قصيدة الشاعر إبراهيم ناجي أيضاً من خلال حنجرة أم كلثوم وهي تغني:
أَيُّهَا ٱلسَّاهِرُ تَغْفُو ...... تَذْكُرُ ٱلْعَهْدَ وَتَصْحُو
وَإِذَا مَا ٱلْتَأمَ جُرْحٌ ...... جَدَّ بِٱلتِّذْكَارِ جُرْحٌ
فَتَعَلَّمْ كَيْفَ تَنْسَى ...... وَتَعَلَّمْ كَيْفَ تَمْحُو
فهل وصلت الرسالة لصاحب مقولة (اللاعب الخفي) ولغيره؟
ـ مع خطوة انتقاله لنادي العربي القطري أرى عن طريقة صيغة العقد الذي تم الاتفاق عليه أن سامي الجابر عبر تلك الصدمة اكتشف ذاته من جديد فيما يخص قدراته كمدرب، وهذا موضوع آخر لتجربة جديدة سأتطرق إليها في وقت لاحق وبنفس الفكر (المتحرر) الذي أكد في ذلك المساء الصباحي أنه بطريقة وأخرى لم يصل لمستوى لقب (الأسطورة)، وأن من يستحقه هو يوسف الثنيان، وهو اعتراف جعلني أترك بقية السحور وأمد رجلي على طريقة (أبوحنيفة) وأيضاً على طريقة حبيبنا أبو كرم وأبو عبدالله وهما يستمتعان بمظهر من مظاهر الحرية.