|




عدنان جستنية
البطيخ (الأزرق) والتربة (المثمرة) ‎
2011-04-23
بعض المواقف التي تواجهك في حياتك العملية التي لها علاقة مباشرة بـ(شرف) الكلمة ومهنة (المتاعب) تؤدي إلى (نبش) ذاكرتك لأحداث مرت بك في مسيرتك الصحافية والإعلامية عموما مضى على عمرها الزمني فترة طويلة فتستعجب (سر) هذه الذاكرة التي تحركت فجأة لتسترجع ماضيا انتهى وتربطه بحاضر أنت (عايش) فيه وكأنها بذلك (تجدد) أفراحك أو آلامك لتقول لك (لا تيأس) واصل في أداء (رسالتك) مهما وجدت من عوائق تحاول أن تغير توجهك ليصبح لها الطريق سالكا (ممهدا) لممارسة (عبثها) في الساحة وتضليلها.
ـ قبل أكثر من (20) عاما حينما كنت محررا في صفحات الفنون بجريدة (المدينة) اخترت لأكون الممثل الإعلامي للجمعية السعودية للثقافة والفنون في مهرجان مسرحي أقيم في دولة العراق الشقيقة وذلك بناءا على ترشيح من رئيس التحرير آنذاك عبدالله الحصين (يرحمه الله) الذي رفض المرشح الذي اختاره رئيس الجمعية من نفس الجريدة على اعتبار أنه غير سعودي وبدعم من الأمير الراحل (فيصل بن فهد) وكانت المملكة العربية السعودية مشاركة في هذا المهرجان بمسرحية (البطيخ الأزرق) ولحرصي الشديد على أن أكون على قدر (ثقة) ولاة الأمر ومسؤولية (وطنية) كلفت بها كانت تغطيتي الصحافية تلتزم بنقل وقائع الاهتمام بالعمل المسرحي السعودي بـ (مصداقية) ردود أفعال المشاهدين له من جماهير وصحافة ونقاد متخصصين والذي للأسف الشديد وجدت أن الحضور الجماهيري كان ضئيلا جدا والمتابعة الصحافية ضعيفة جدا والأسوأ من ذلك كله رفض من جميع النقاد بعدم الإدلاء بآرائهم النقدية وحينما سألت عن السبب،جاءت إجاباتهم أنكم كجهة مشاركة لديكم (حساسية) بالغة جدا من النقد وكصحافة لاحظنا في مهرجانات سابقة لا تنشرون إلا (المدح) وتتجاهلون النقد وبعد إصرار شديد مني وتعهد بنشر آرائهم حرفيا لقناعتي بأن رسالة (النقد) مهمة جدا للارتقاء بالممثل والنص السعودي وتطور المسرح عندنا بصفة عامة.
ـ وبعدما نشرت آراء أولئك النقاد المعروفين في ساحة النقد المسرحي من دول عربية مختلفة مدعومة برأي لي متوافق إلى حد ما مع آرائهم جاءت ردة الفعل لدى بعض مسؤولي جمعية الثقافة والفنون والممثلين بعدم (الرضا) عن هذه التغطية حتى أن أحد أبطال المسرحية (تهجم) على شخصي بكلام (سوقي) وألفاظ (بجحة) أمام رئيس الجمعية مما أدى بي في اليوم التالي وبعد مرور أربعة أيام على تواجدي في مدينة بغداد إلى حمل حقائبي والعودة إلى بلدي في الوقت الذي من المفترض أن يكون بقائي طيلة أيام المهرجان لمدة (10) أيام.
ـ عودتي لم تكن (هروبا) إنما وجدت أنني لا أستطيع (التعايش) مع مناخ غير (صحي) وأجواء لن تحقق الهدف الذي حضرت من أجله وربما قد يؤثر بقائي على تفاقم الخلاف بيني وبين من لا يرغبون توجيه النقد لهم فيحولون اختلاف الرأي إلى قضية (تصفية حسابات) مما يجعلني في موقف (لا أحسد عليه) وأنا في مهمة وطنية خاصة ونحن في عصر (الكثرة تغلب الشجاعة) والضمائر تباع وتشترى إلا أنه بعد مرور الأعوام لاحظت أن مشاركتنا في الأعمال المسرحية بدأت تتحسن والنقاد يتجاوبون مع الصحافة السعودية وتحول أيضا في توجه الصحافة الفنية عندنا في طريقة
التعامل مع الآراء النقدية كما أن تلك الأسماء التي قامت ببطولة مسرحية (البطيخ الأزرق) أصبحوا (نجوما) كبارا في عالم (الدراما) التلفزيونية والمسرح أيضا والسبب يعود إلى مساهمتي في كشف (حقائق) سجلتها ونشرتها عقب عودتي إلى أرض الوطن حيث تغيرت أشياء كثيرة في رؤية من لهم علاقة بالمسرح والدراما نتيجة تغيير مفاهيمهم عن النقد الذي كان (موجها) نحو (التطبيل) والذي أضر بالحركة المسرحية في بلادنا فترة طويلة ليخرجوا من تلك البوتقة وسنوات (التضليل) إلى عالم (حر) فتح لنا آفاقا أخرى من الاندماج الذي ساهم في تطوير أدواتنا المسرحية لتصبح الدراما السعودية في فترة قصيرة (تنافس) من سبقونا في هذا المجال ولهم سمعتهم وخبرتهم الطويلة وحققوا (نجاحات) كنا نتوقع أننا لن نصل إليها.
ـ إليك أيتها الذاكرة المحبة لهذا (الوطن) الغالي الغيورة على استمرارية رسالة النقد في المجال الرياضي شكري وامتناني على هذا النبش على أنني (أعدك) وعد (الأحرار) بأنني سوف أواصل رسالتي وعهدا قطعته على نفسي بأني سأقول كلمة (الحق) ولن أتخلى عن مبادئ أصلتها (مهنة المتاعب) في قناعاتي منذ انتمائي لها متوكلا على الله القائل (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وليقيني أن التربة التي غرست فيها بذرة (البطيخ الأزرق) قادرة على أن (تثمر) وتنتج أفضل من ذلك البطيخ وقد أثبتت الأيام ذلك في جميع مجالات الحياة بوجود سواعد الرجال (المخلصين) لهذا الوطن الحبيب وقيادته الرشيدة.