|




عدنان جستنية
على نياتكم ترزقون‎
2010-10-23
كثير منا يعتقد أن الرزق في معناه اللغوي وعلاقة الإنسان به مرتبط فقط بـ(المال)، وهو
اعتقاد خاطئ مبني على فهم (مادي) بحت (عشعش) في عقول بعض الناس نتيجة فقر ديني ومعرفي مع أن المفهوم الشامل له أبعاد أخرى ذات عمق (روحاني) موضح في القرآن الكريم وأحاديث شريفة واردة على لسان الذي لا ينطق عن الهوى سيدنا محمد ـ صلى الله عليه وسلم.
ـ والمتأمل جيداً لسمة التعامل في الحياة العامة لبني البشر يجد أن وسائل (الرزق) مصدرها جميعا يرتكز على نعمة (العقل) وما يتميزون به من فكر كانطلاقة أساسية تساعدهم وتعينهم على تحقيق كافة الأهداف الدينية والدنيوية بشتى (مطامع) فيها من الخير والشر كحصيلة لنوايا حسنة أو سيئة تبعاً بطبيعة الحال لمن يشاركون في بناء مقومات هذا الرزق بأنواعه المختلفة أو يكونون سبباً في قطعه ومنعه بعد مشيئة الله.
ـ دائماً ما نسمع خطباء المساجد يرددون في خطبة الجمعة الدعاء التالي (اللهم ارزق ولاة الأمر البطانة الصالحة)، وفي ذلك دلالة على القيمة الأدبية والمادية عندما تتوفر وتتهيأ البطانة الصالحة، حيث إن الاستفادة في رزق فائدته تعم ولا تخص من خلال رأي (ناصح) صادق ثمنه لو دفعت كنوز الدنيا لا يساوي قيمته.
ـ وعادة تأتي نهاية الخطبة بدعاء (اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا إتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه)، وهنا عندما نتمعن جيداً في الغاية من هذا الدعاء والرزق المرجو منه فهو في (رشد) يقود إلى (الحق) والتمسك به و(باطلا) نسأله جلت قدرته بالابتعاد عنه وتجنبه.
ـ لهذا حينما نتدبر الحكمة القائلة (على نياتكم ترزقون)، فالرزق في هذه الحالة لا يعني في جميع الأحوال الكسب المادي المحصور في المال إنما في كل شؤون الحياة والتي على ضوء وقدر نية الإنسان إن كانت طيبة أو سيئة ينال الخير أو شراً لم يحسب عواقبه، حيث إن النفس الأمارة بالسوء قد تدفع الإنسان في مقابل (إشباع) غروره وذاتية الأنا المسيطرة عليه لانتهاج أساليب (ملتوية) لبلوغ هدف ما ولا تمنعه نفسه في مقابل الوصول إلى مبتغاه (الإضرار) بالآخرين الذين لهم ذات الحقوق من (رزق) كتبه الله لمن يجد ويكد ويتعب ويسعى وفق علاقة (تنافسية) أبوابها مفتوحة للجميع.
ـ في الرياضة وعالمها الفسيح لا نستطيع إلغاء أو تجاهل جوانب (نفسية) لها ارتباطها بالنوايا التي تسند تحقيق أهدافها منافسات كروية تفرض على من لهم علاقة بها احترام الفريق المنافس والالتزام بتطبيق الأنظمة على الجميع دون أي (استثناءات) فيها هضم لحقوق (رزق) طرف على حساب طرف آخر مما ينتج عن ذلك غبن يتنافى مع تعاليم الدين الحنيف أولاً من خلال مبدأ حثنا عليه الحبيب (ص) بقوله (حب لأخيك ما تحب لنفسك)، ثانياً يسبب (احتقاناً) بين المشجعين والمجتمع الرياضي عموما وبالتالي لا نستعجب حينذاك ممن يعبر علناً عن نواياه السيئة فرحة وشماتة (مرفوضة) ثمثل صورة (بشعة) لصور (الحقد والكراهية) من الممكن أن تأخذ صفة (الرزق) الحرام الذي ابتلي به إنسان لم يرزق قلباً صافياً ونقياً ولنا في هذه الحالة أن نسأله جلت قدرته أن يرزقنا (الحكمة) لمعرفة من المتسبب في ظاهرة (خطيرة) وكذلك طرق علاجها والحد منها.
ـ وصدق الله العظيم إذ يقول في محكم التنزيل (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).. وصدق من قال (على نياتكم ترزقون).