|


عدنان جستنية
الصحافة الميتة والنقد الغائب
2008-09-24
أواصل اليوم الكتابة عن الدراما السعودية والتي أرى أن السبب الرئيسي في (تراجع) شعبيتها وتدهور أسهم نجومها وهبوطها فنيا يعود إلى الصحافة (الميتة) الصحافة الفنية التي أصبح لا وجود لها إلا بـ(الاسم) حيث (غاب) الدور الذي كانت تقوم به صفحات الفن والرسالة التي تؤديها للنهوض بالأعمال الفنية وكافة عناصرها، وذلك عن طريق نشر الآراء (النقدية) من قبل مجموعة من ذوي الخبرة و(المتخصصين) إلى جانب فتح المجال للنقد (الانطباعي) الذي كان له (تأثيره) الإيجابي على مسيرة الفنون على مختلف أنواعها وألوانها.
- نتيجة هذا الغياب وجدت شركات الإنتاج مساحة اللعب مفتوحة لها لتلعب كما تشاء فلم تعد تهتم بـ(الجودة) التي يجب أن تتوفر في (النص) كفكرة ومضمون وسيناريو ولا في العناصر الفنية من حيث مستوى أداء الممثلين والإخراج والتصوير، فالواضح أن العمل (التجاري) المحصور في تحصيل الربح المادي وتوزيعه على المستفيدين بات هو اللغة السائدة حاليا من دراما تقدمها لنا قناة الـ (MBC) وأخواتها.
- رحم الله أيام زمان عندما كانت الصفحات الفنية شعلة من النشاط الصحفي غير العادي لها حضورها القوي عند المتلقي في متابعة يومية لما ينشر بحكم اهتمامها الكبير بحركة النقد وممارسة تتمثل في نقد لأعمال فنية تعد على أصابع اليد الواحدة فقط، حيث كان الفن محدودا في عطاء نجومه ومحدودا في انتشاره، إذا لا يقارن بالفن حاليا وبما يطرح في سوق الإنتاج ويعرض تلفزيونيا.
- في تلك الحقبة (الذهبية) من عصر الصحافة الفنية كان النقد هو المحفز الأول للرقي والجودة حتى وإن كان هناك (ضعف) شديد في الأداء والإخراج، ولكن ساهم النقد في خلق أجواء تنافسية بين الفنانين عموما مما أوجد هذا الكم الهائل من (النجوم) السعوديين الذين أصبحوا الآن من عمالقة الممثلين ويلعبون بالملايين.
- بقدرة قادر الصحافة (الحية) المثيرة للعطاء والتنافس والتطوير تحولت الآن إلى (ميتة) تماما، إذ اكتفى نشاطها بـ (المادة الخبرية) لتشارك ضمن أدوات لعبة الترويج والدعاية لسوق (ما هب ودب) بما فيها من أساليب الإثارة والتشويق المعروف أهدافها، حتى الاستفتاءات والاستطلاعات التي تنشر والتي تقوم بها شركات (متخصصة) هي لا تقل عن مستوى شركة (زغبي) والتي تسمى بشركات (الثمن المدفوع).
- إن تدني مستوى الدراما السعودية وقلة متابعتها في رمضان هذه السنة يعد (مؤشرا) خطيرا يجب أن لا يستهان به حيث ستكون له عواقبه الوخيمة جدا، وأول (الخاسرين) هي الصفحات الفنية لأنها لم تحافظ على (مكتسباتها) إلى جانب (المنتج) وشاشات العرض على مستوى القنوات الفضائية ونجوم التمثيل، فكل هؤلاء سيفقدون (ثقة) المتلقي وبالتالي نفوره باحثا عن البديل (الأفضل)، وهذا ما هو ملاحظ حاليا من خلال الدراما المصرية من خلال مسلسل (جدار القلب) بطولة مصطفى فهمي وكذلك المسلسل السوري (الخط الأحمر) الذي يناقش بفكر درامي راق جدا قضية مرض (الإيدز) .
- ابحثوا ودققوا جيدا في المبالغ الباهظة جدا التي تصرف على (كلنا عيال قرية) ومسلسل (بيني وبينك) وما تستلمه شركات الإنتاج من ملايين الريالات، حيث إن ما يقدم ويعرض تجدونه لا يوازي إطلاقا تلك المبالغ الخيالية.. فمن المتسبب في هذا (الإسفاف) وهذا التراجع ولمصلحة من؟!.. طبعا الإجابة أكررها هي الصحافة (الميتة) بعد غياب النقد وشركات الإنتاج التي تعتبر هي المستفيد الأكبر والرابح الأول في سوق (غمض عينك ومشي حالك).