كأن الأندية السعودية ضد أن تستقر، أو تهدأ من حالة غليان ما، فلا أتذكر منذ وقت طويل أن أحد هذه الأندية العريقة وبالذات الكبار منها "استمر" لخمس سنوات كأقرب وقت دون أن يشهد حالات من الإقالة أو الاستقالة أو التعديل والتحوير وبالتالي "الضجة"، وهذا جعلني أسرح طويلاً في تلك "الحكايات" عن بيئة العمل، وهي التي تشكل في أي كيان ما يتقدم والعكس، فكل هذه الكوكبة من الأهلي والهلال والنصر والاتحاد والشباب وصولاً إلى البقية "لم يهدأ أحد" ولا تسعفك الذاكرة على أن أحدهم عاش في "تبات ونبات" أكثر من موسم أو موسمين، حتى لو حقق بطولة تلو الأخرى، وكأن في كل نادٍ من يعمل على ضدين متنافرين، فيما تطور الأمر الآن ليمتد لأطراف أخرى تقوض هدوءاً آخر انطلاقاً من فكرة المنافس "الحسود" أو "الغابط" أو الذي لا يراك أكثر منه أو أحسن حالاً فيعمد إلى فكرة تفاوض ما أو تسريب خبر ما إلى بقية المحاولة، ويقابل ذلك أندية "بردة فعل سريعة"، فتصدق أو تبادر بدورها أو تقع في الأخير إلى "لا استقرار"، وهي لا تستطيع فصل بيئة عملها ولا استقرارها عن ضجيج هذا الآخر المتوعك.
وأعود إلى ذاكرتي أسأل: أين المستقر، ذلك الثقيل، الواثق ممن جلب ويستمر وليس ليقال ويحدث فوضى؟ وسؤال كهذا يصب في بيئة عمل جيدة وتنتج وتتقدم وليس في تلك التي فوضى تحدث فجأة فيصبح البطل متراجعاً والغني "مديونيراً"، ومن يبرم الصفقة بشكل جيد يحاول الفكاك ممن لديه كأعباء، إنما أقصد تلك "الفجن" أو "الرؤية" وتوازيها أهداف تحقق ارتفاع قيمة "المُنتج" وهو في هذه الحالة "النادي" بقيمته في أذهان الناس، ومن ثم من يفكر في أن يستثمر لو تَخَصخَصت الأشياء، فحالة تراجع حادة كهذه التي تتعرض لها الأندية الكبيرة من ديون ومشاكل مالية ثم مستويات فنية تتذبذب وتقصي وتطرد لا تشجع على مستقبل، ومنها من من أنديتنا العزيزة كان "عاقل" لخمسة مواسم خلف بعضها البعض، فيما في كل مرة لا تجد من أبقى مدربه، ولم يغير طواقمه، ولم يتسرب منه النجم، ولم تهاجمه صحافته، ولم الكثيرة تلك، وبالتالي قلت "عاقل" من باب ما نصف به تصرف "كبير السن" الذي يمتلك الخبرة في أن يقنع "الاستقرار" بالبقاء ليتصاعد العمل لأفضل، وكخط رجعة أستثني نادياً أو اثنين كأفضل الأسوأ، ولكنهما أيضاً في حالة " لشيل والحط" حتى ينقضي الموسم على مضض.
وقد من الطبيعي وجود "الصراع" داخل التركيبة الواحدة، ولكنه لا يمتد إلى عمر أندية عريقة لم تهدأ أو تستقر أو تكون بما "يطمئن" في ذهنية من ينتمون لها تشجيعاً ومؤازرة، فيتحول المشجع في كل مرة "هل صحيح؟ أن كذا وكذا" أو أن "فلان ماشي"، وصولاً إلى "كم الديون"، "والمدرب لن يستمر"، "واللاعب س يفاوضه ص"، ما يعني أن هذا المنتمي أو المؤازر لناديه ليس عليه أن "يثق"، كالنادي الذي ليس عليه أن "يستقر" سواء من داخله أو حتى من خارجه في حالة أشبه بالسباق على من ينتصر للأسوأ، وهذه "الأسواء" أن لا تشعر كمستثمر مثلاً مع نادٍ سعودي بأكثر من ضجة توقيع وبعدها أزمات.
هذا يصب في أن يُحسّن النادي ـ أي نادٍ ـ صورته الذهنية إدارياً مالياً واحترافياً وتعاقدياً بما عليه أن يكون في مستقبله المديد، فمن الطبيعي جداً ألا "أستثمر فيك" وأنت "عِلة" أو "مشكلة" أو "لا تصلح"، فالنادي أشبه بكبريات الشركات التي صورتها الذهنية في السوق ترفع من أسهمها، وقوائمها المالية جيدة، وبقية تفاصيل ما "يُقتصد" من أجله وليس ما "يتلف" عليه من أموال كهدر في بوابة يفترض أن تكون مضيئة ولكنها في واقع الحال معتمة، وهي هذا التشابك والتنافر والإقالة والاستقالة والديون وما لا يصلح لفكرة ربحية، فيما أقل ما في الأمر أن تكون بيئة مستقرة للعمل يستطيع من خلالها فريق العمل أن يحقق شيئاً بعيداً عن هذا المزاج الحاد في قلب النادي على عقبيه بمجرد استقالة أو رحيل لاعب أو انتهاء عقد مدرب.. قد أكون مخطئاً.. ولك أن تدلني على "الهادي" في أنديتنا..وعلى رصانته في حل أزماته بما لا يكركب أشياء عدة.. اللهم إني صائم.. إلى اللقاء.