وكل فرح تسأل: وأين كان ذلك من قبل أن يفرط أحد، فبذات العناصر تجد الفريق يتعدل ويتقدم ويدرك ولا يفرط، فيما قبل عدة أيام بسيطة يشعر بالصداع والسخونة في كافة أطرافه، وأضرب مثالا بالأهلي الذي تحول من طائلة النقد إلى أقصى يمين الارتياح، وبذات اللاعب والعناصر تقريبا، فما الذي حدث ليخرج جروس من دائرة الشك إلى اليقين، والفريق من دوامة الخسارة لينتصر بثلاثة؟ سأجيب ببساطة: "الروح" حلقت أعلى، فيما كانت قبل الشباب خضراء ترفرف بحزن، وهذا التحول بحد ذاته جيد، فيما لو تذكرت الهلال أمام القادسية لوجدت أن الروح عالية ولكن الخلل الفني والتكتيكي حضر، وبالتالي سأقفز إلى " الديربي" بين هلالنا ونصرنا لأتوقع: من تعتلي روحه كافة الأعطال سينتصر، فالهلال في طائلة النقاط، والنصر بحثاً عن السمعة وعدم الخسارة والنقاط أيضا، طالما لديه هذا الكم من التعادلات وأداء ما لم يكن متوقعاً هذا الموسم (بذات اللاعب)، ما يعني أن " الروح" هي التي تخذل كافة أطراف المعادلة والدليل الأقرب الأهلي، وقبل ذلك النصر أمام الأهلي في ذلك المساء، وقد يأتي "الديربي" وفق هذا الفهم للأمر بين مقاتل ومقاتل وطامح وآخر، وسمعة نتيجة مباراة وما يقابلها من خسارة لو حدثت، ذلك الضجيج من معارك اللوم والتقصير والتفسير والتحليل وتبادل تهم من أخطأ ولم.
لاحظ أن مباراة الأهلي والشباب في دوري جميل مؤخرا أمتعت الناس، لأن أداء الأهلي كان مرتفعاً، ومقاومة الشباب منخفضة، ولكنها أيضا لم تستسلم، وحاولت، فظهرت المباراة بذلك القدر من المتعة، وأنت هنا تتحدث عن النصر والهلال أو الهلال والنصر، وهذه في حد ذاتها ليلة مرتقبة، قياساً بما تعودا أن يقدما للناس من متعة أداء لن تكون هذا المساء متحفظة في ظل هذه الحالة الحسابية من أمر كراسي الدوري، ولن أقول سيغامر الهلال، ولا سيدافع النصر، فهما في سجال فني يختلف دوماً، ولو كان النصر هذه المرة سيقرر مسار الدوري كما قابل الهلال في جولة حسم حالكة الأمر كالعام المنصرم وحققه، سيحاول أيضا أن يحسم هذه المرة لصالح سمعته وتاريخه وتضاده مع الهلال دون أدنى شك، فالأندية الكبيرة تلعب لسمعتها ومدرجها بعيدا عمن يفسر نية ماذا أو ذاك، هي أيضا وأقصد الأندية الكبيرة لا تشجع إلا مصالحها، ما يعني ألا تفترض 1% من تهاون، ما يخطر في بالك على أن النصر لن يتوانى في إلحاق هزيمة بالهلال، وهما التاريخ، والندية، والتنافس، وبذات القدر من فهم الأمر لن يكون الهلال بأقل من الهلال في كل مرة ومع أكبر الأندية، فهو يقاتل حتى آخر رمق ما بعد التسعين، روحه النشطة تلك من سماته، وقتاله من أشد ما جعله الفريق الذي يتوعد خصومه في الملعب.
وقياسا بهذه وتلك توقع "ممتعة" هذا المساء أكثر من كافة لغات الحساب ورياضيات من يعطل من أو يمنح الفرصة لآخر، وأن يحصل المشاهد على متعة مباراة كهذه في حد ذاته يضيف لصورة الدوري السعودي الذهنية أشياء كثيرة لدى الآخر، قوته، شراسته، وكونه يمنح الضوء للعابر هنا، وكل ذلك يقابلها (لاعب) تلك الروح المقاتلة، وبالضرورة الخلوقة التي لا ترتكب حماقة ما.
أعود للأهلي وللاتحاد والهلال: ما تبقى من مباراة لن يقبل سوى روح البطولة، وتلك الممتعة، وذلك العدم من التفريط، ليصبح المتوج من "فم الأسد"، طالما الثلاثة فرطوا في السابق بمباريات سهلة، أكثرت من التعادل والهزيمة والتعثر رغم سباق التتابع ذلك الذي رفع وخفض وأبقى وتقدم وتراجع تحت ظن "الهدايا" الذي لا تعترف به البطولة أكثر من ذلك الذي ينتزعها " قدمه"، وروحه قبلها أن يتحقق .. إلى اللقاء.