|


علي الشريف
(مشتتة)
2010-11-22
واضح أن المنتخبات الخليجية تنظر لأمر دورة اليمن بعين جادة، ترى من خلالها أين يجب أن تضع ضماد الجرح، من منتخب كويتي يحلم بأن تعود كرته نحو عنان المجد بعيداً عن تدخل السياسة في الكرة، وفي استذكار لأمجاد فيصل وجاسم والدخيل والعنبري، بلوغاً إلى أحلام قطرية وسعودية وإماراتية وعمانية بل ويمنية، في أن تكون الدورة لقاح التطعيم، نحو مستقبل (ما) تنضج من خلاله كرة وتتعافى أخرى!
حسناً.. الأحلام مشروعة للجميع، بما فيها من بقع بيضاء وسوداء، وأضغاث قد يراها النائم، ويحققها المستيقظ على أرض الواقع، وبما أن الأحلام قد تأتي ملونة، أتمنى أن تبقى وردية حتى انتهاء الدورة، دون أن نشاهد اللون الأحمر سواء داخل الملعب أو خارجه، فهذه (كأس الحمد لله على السلامة) إن خلص أمر الدورة إلى سلام، وهذه كأس (العودة) إن لم تخذل الأحلام أصحابها في دول الخليج، لاسيما وقد مر عليها جفاف أن تحقق شيئاً يذكر يتجاوز كأس الدورة، فقد فشلت هذه المنتخبات في بلوغ كأس العالم مؤخراً, ولاسيما وأنها تشحن الدوري والآخر، كي يأتي الأقوى، أو ذلك الذي تلتوي الأعناق إليه، وقس على ذلك كم المصروفات من مديرين فنيين، ولاعبين، وصفقات مال وأعمال، لم تثمر بعد عن (كبير) يبقى، ولا (صغير) يكسر الطوق، فيما الجماهير الخليجية تردد: (كافة الألوان)، من أوه بالأزرق، إلى الأخضر، فالأبيض، والعنابي، وأكمل بقية بقع اللون وفق ما تراها أقرب لقلبك، وأحلامك تلك التي أحياناً تطير ولا تهبط، وتحلق دون أجنحة ثم في الغالب تسقط.
وبما أنني أتحدث عن كأس (السلامة)، إن نجح تنظيم الدورة، فبالضرورة أن أتحدث عن اللفيف الخليجي، من إعلام، ووفود، وعادات وتقاليد، يتزامن اشتعالها على (هامش) الدورة، وبالتالي تقام الأفراح والليالي الملاح على أرض أمجاد وتاريخ، من تبع وحمير وسبأ، بلوغاً إلى الحكمة اليمانية، ويمن علي، ذلك البلد الذي نتمنى أن يبقى سعيدا، ويشعل فيه أهل الخليج ليل القصيد، غير أن اللفيف الخليجي قد لا يهدأ وفق الدورات السابقة في قدح فتيل نبش الأشياء، ولا تدويرها، ولا قذفها ككرة فيما بين الملعب الخليجي والآخر، وأستعير مقولة محمد بن همام عن الدورة ذات مرة:(دورة الشيوخ)، وذات أخرى وصفها هو وغيره، بأنها لابد وأن تلغى، ولا أستند على ذلك بل أسرده من باب، زحف الشيوخ على الدورة، واهتمامهم بها، وحضورهم، ومؤازرة منتخبات بلادهم، وشراء تذاكر بعض المباريات هذا إذا ما كانت هناك تذاكر تباع وتشرى، ما يحفز الدورة ويشعل فتيلها، ويمنح الإعلام أكبر كم من المادة الصحافية التي لا تحتاج إلى تعب، لكثرتها، ووفرتها، ومطاردتها أحياناً للصحافي، حتى تبلغ قناته أو أدراج مكتب صحيفته أو غرفة سكنه في الفندق!
وهذا في حد ذاته أمر جيد، وليس من الخطأ في شيء (وفق عادات الدورة) وليس وفق مهام الصحافي وأدواره وواجباته، ولكن بعض الأحلام قد تأتي كوابيس، فقد لا نرى كل ذلك في دورة اليمن، وفق ما تأتت عليه من أمن، وضرورة المرحلة، والجند والآخر، تلك التي تحرس فرقها، ما قد يعني أن الضجيج هذه المرة قد يكون (من منازلهم) أو (غرف نومهم) في (الفندق والآخر) أو حتى في بلدانهم، كون كثيرا منهم قد لا يرافق، وقد يكتفي برئيس الوفد الذي سيوافيه بكافة التفاصيل من التمرين إلى التمرين، ومن التشكيل إلى الآخر، وإن رافق، فلن تكون مساحة حركته, كما كانت في السابق، وهذا كله لا علاقة لك به، بقدر علاقتك بما تعودت عليه من أجواء فرح للدورة، جعلها تلصق في ذاكرتك كنزهة، وليس كدورة كرة قدم دقيقة التنظيم، بما في ذلك عدد أعضاء الوفد ومن يذهب ومن لا يذهب وكم سيكلف، بل ويعيد إلى ذهنيتك قوافل الجماهير، وحافلاتها، وهذا كله قد لا يكون وراداً ما يتتالى من أحداث هناك وإن كان, فهذا ما نتمناه!
الجانب الرياضي في الأمر أن أغلب الجماهير الخليجية، وفي هذه الدورة، قد لا تعلق آمالاً على أسماء مشهورة أو من رتبة النجوم، تلك التي من وزن ثقيل، وكافة المنتخبات حتى الآن صورتها ضبابية، وقد تكون معتمة، فكل يرى أن من الأفضل ذلك، فيما يتوقع أن يكون الصراع شديداً، وفق ما أعلاه، ولكني أتذكر ما غادرناه من دورات، فأشعر بأنني سأذهب لها من أجل ماجد أو فيصل أو جاسم أو حسين سعيد، أو منصور مفتاح، أو غلام خميس (رحمه الله)، أو أو...، فيما هذه الدورة لا تحمل (يافطة) مثيرة لمن سيقدمون لك رغيف الكرة هناك، وهل سيأتي خبزها الحار شهياً أم لا يؤكل، وبالتالي تشعر بها (مغمورة)، و(مشتتة الذهن)، هذه الدورة، بين لعبتين، أو ثلاث، أو عشر، أهمها السياسة وآخرها كرة القدم، وبالتالي لا ترى في هذا المنتج ما يدعوك للشراء، ولا الاقتناء، أكثر من كونك يجب أن تراه كحالة تعود، بل ومن ضمن عاداتك الغذائية تلك التي لا تشبع ذهنك، ولكنك تعودت عليها من باب ملء الوعاء، ذلك الذي فارغاً، إنما أتحدث عن نفسي، وليس عن كافة الأشقاء، فيما لو تحدثت عنهم لاحتجت إلى كم قمة عربية وإلى المرور على أمانة المجلس، وإلى كم شغلة من الأشقاء في اليمن، والى أن أعتذر كوني قللت من قيمة الدورة تلك التي ننتظرها سنوياً، ونحلم بأن تأتي دون أية أعراض مصاحبة، أو ألم.. كم نتمناها كخليجيين، بأن تأتي جميلة، ومثيرة، وحسناء، دون ندم.. لا يذهب بالك بعيداً.. إنّما أقصد الكرة.. إلى اللقاء.