|


علي الشريف
مثقف عربي
2010-04-12
تشاهد مباراة برشلونة وريال مدريد فـ(ترتبك), تشعر في أن رياضة وأندية ومنتخبات العرب (شك), فيما الآخر (يقين), علما بأن الآخر ونحن نكتب نفس القصيدة, أستدعي المشهد وكان تلقيت رابطاً جميلا من أحد الأصدقاء (المثقفين), والمعنيين بالشأن الثقافي, وهو يسوق لي محاضرة بين شوطي مباراة, كان تحدث فيها الناقد والمثقف محمد العباس عن (رؤية المثقف العربي لكرة القدم كنص إبداعي وفق ما فهمت), وكيف أنها وأقصد كرة القدم لم تعامل كنص إبداعي فيما الفعل الفلسفي لا يرى أن من يأتي بعده أو يلاصقه سوى قصيدة الشعر.
ـ من أجمل ما قرأت واستمعت إليه مداد صديقي سليمان السعد وهو يسوق لنا خبر محاضرة الأديب محمد العباس, فيما يروي الأخير أقوال سياسيين, ومثقفين, عن كرة القدم, وكيف أنها فعل (مكروه) في جانب فيما هي, (فانتازيا) لدى آخر, وكنت أشرت في زمن ما إلى (عزلة المثقف العربي عن الكرة) , تلك النظرة للرياضة على أنها - غبطة - تكاليف من قبل المثقف في مقارنته لما ينفق عليها وما ينفق على الثقافة من أموال, دون أن يبرر المثقف عزلته بأكثر من ذلك ودون أن يحضر لمباراة لكرة القدم , وبالتالي يكتشف أن الرياضة أصبحت خطابا ثقافيا يجيد الآخر إلقاءه فيما نحن كدول عربية ننصت ونصفق , ولا نفكر في خطابنا الذي يجب أن يكتب أسوة بالآخر هناك.
ـ لا أدري لماذا - خطر ببالي - محمد العباس , ليلة أمس الأول وبرشلونة يحقق النصر , وميسي يكتب قصيدة هدف , ولا أدري لماذا كان (المثقف) العربي , في مدرج ذاكرتي , وأنا أصفق لبرشلونيتي في ميسي , كنت أنظر للأمر كقصيدة شعر لا أكثر, ليقيني بكون القصيدة تكتب بأنامل, فيما الكرة تكتب بقدمين, وتدير عملية التفكير فيهما رأس وأخرى .
ـ بالضرورة أن تكتب كرة القدم , كـ(هم) ثقافي , وبالضرورة أن يكون لها - مثقف- وأن تكون لها منابر , وأن تذهب منها العزلة , بالضرورة أن ننظر للأمر كلذة ورغبة , بالضرورة أن نعلم أن مالها مال وأعمالها أعمال .
ـ فأنا لا أثق في كون المثقف الآن ينظر للأمر على أنه (للرعاع) كـما كان في وهلته الأولى وعلى أنه ليس أكثر من ذلك وفق أقوال ارتكبها أشخاص كأخطاء في حق الكرة كون المثقف لا يجب أن تكون نظرته لأي كان (أقل) , وإلا لن يأتي في سياق الثقافة , ولا فعلها , ولا حضارتها , ولا تنويرها , للآخر , ذلك الذي يراه أقل .
ـ ليس هذا صلب الموضوع فقط , كنت بدأت بكون برشلونة وريال مدريد جعلاني أشك في قصيدة الشعر العربية , تلك كرة القدم , وفي كونها لا تصاغ بعناية , ولا تكتب من أعلى إلى أعلى , ولا يكون الجرس الموسيقي في تفعيلتها مرتفعا بل قد يأتي منخفضا فيما الجماهير تصرخ , فيما هي تردد : (قووول)!
ـ وما لم يكن لدينا (وعي) (وقوانين), و(تعريف ) يأتي في سياق من يحملون بقع الضوء ليضيئوا للآخر درباً, لن نحصل على ذلك , ما لم تكن أكثرية من يتعاطون الشأن الرياضي على قدر من الثقافة لن تكتب كقصيدة, ولكن إذا ما كان المثقف (يترفع) , وغير المثقف (يصرخ) , من ينور من؟, وليس الأمر مرتبطا بدولة عربية أو أخرى, بل بـ( كل) يرى الأمر من زاوية أنها لا تعدو كرة , بل ينعتها وفق لغته بأنها قد تكون (لعبة تافهة) , تلك التي نقول عنها (وقحة) كونها تثير أعصابك .
ـ وإذا ما كان خطابنا بمثل هذه الإقصائية للرياضة , وبمثل هذا (التعالي) عليها , كيف لها أن تكون آخر, نحلم به , كيف لها أن تكون (ت س اليوت) أو (بودلير) أو(همنجواي), أو غيرهم ممن يحملهم المثقف كفكر و كـ (هم) وروايات تقرأ , ولذة , ويحلم بأن يكون على قدر ومستوى شعر الآخر وحكمته وفهمه , فيما هو ينظر للأمر على أنه للرعاع , أولئك الذين يأتي من أجلهم الشعر , وتأتي لهم القصيدة, ويقوم بحضنهم النثر , فيما الرواية نسج لحلم بلحم من
(بسيط إلى آخر) ـ ذلك الذي (رعاع)؟!
ـ أتخذ الضد من هذه الإقصائية من مثقفي العرب , ومن كونهم لا يحضرون إلى مائدة الرياضة بدعوى: مفخخة بالمشاكل , وبالاشتباك بالأيدي , وبقذف الفوارغ, فيما أنديتنا وروابطنا العربية الثقافية والأدبية بل والسياسية والاقتصادية لم تخلو من أمر القذف بالفوارغ , ولا بالعراكات , ولا حتى بحذف الأحذية , في الشأن والآخر , فيما يعاب ذلك على الرياضة , وعلى كرة القدم , وبالتالي هي (فعل شيطاني) لا يجوز الاقتراب منه , ولا النزول إليه كونه أقل , فيما هو شأن جماعي كبير ـ يأتيه أكثر من يغيبون عن الأمسية , وعن الفيلم الثقافي , وعن النادي الأدبي والآخر , وكأن المثقف يطالب (البسيط) أن يأتي إليه, فيما لا يحرك هو ساكنا كون رأسه أكبر , أو مثقل , بما هو أهم , فيما هذا وذاك يحتفلان بآخر , في قصيدة شعر أو قصيدة ركل كرة!
ـ أين دور المثقف العربي في الرياضة ؟ وإن كنت أشير بفرح إلى محمد العباس كونه بزعمي طرح أهم محاضرة في الرياضة منذ زمن , وهو يحرك أهم نقاط الأرض, وهو يسوق لنا أمثلة , وهو يشير إلى أمر الكرة , فيما آخر كان يكتب قصيدة تفعيلة بلا موسيقى , وقد تكون تخذله؟! لست ضد التفعيلة , ولا الكتابة , ولا النص الإبداعي , ولا المثقف , ولكني فقط أسأل : هل شاهدت ميسي وهو يكتب الكرة ؟! ماذا كنت كمثقف يهتم بالشأن القومي ستكتب عن كيف تكون الكرة قصيدة شعر, وهل ستأتي كتابتك مختلفة ؟ أم تأتي أشبه بمن (يكرر في اللغة) ؟.. إلى اللقاء .