|


علي الشريف
(قرشينك حرام )
2010-03-22
لو فكرت أن تكتب فيما ليس رياضة, لوجدت ملايين المقالات, والحالات, والأوجاع, وكافة ما يثير رغبتك في أن تتألم أكثر, وليس هذا يصب في منحى أن كافة الأشياء أعطال, أو أن الكتابة ـ تسفيه ـ بعمل جهة ما, ولكنك تشعر بأن (العطار لن يصلح ما أفسده الدهر), فيما الأصح أن تشعل شمعة حاول ثم حاول !
ـ أو هكذا تكون إن لم تفعل ذلك ـ تسأم ـ وتضيق عليك زوايا الرؤية, فتشعر أن الحلول تأتي بطيئة أشبه بسلحفاة هرمة لا تقوى على الحركة, كون آلامها شاخت!
ـ في البدء .. صباح الخير .. صباح ذلك الورد الذي أهديه لقلبك , ولكن ماذا يحدث, على صعيد العمالة المتسيبة وغير المتسيبة, ماذا يحدث ويومك يزدحم منذ مغادرتك باب منزلك وإلى أن تنهيه, فيما أنت تصطك وتضطرب فيما بين عامل وآخر, وبنغالي وآخر, وبكثافة تشبه ـ أتربة وعج وغبار ـ أمس وأمس الأول شمال شرق الرياض!
ـ ماذا يحدث على صعيد ـ الشعير , والحديد , وصعيد أن ـ لا تعلم ـ من يقوم برفع ضغطك ورزك وسكرك فجأة , ماذا يحدث لو قلت : (أفيدونا), أو (أريحونا) أو (خلصونا) من حماية المستهلك, ومن هذه الأكداس العاطلة عن العمل التي تحرسك من بوابة منزلك إلى سيارتك إلى طريق مرورك للعمل , إلى أن تعود ؟! فيما هي أتت لعمل شرعنه النظام وجلبهم ولكن يبدو أن الأمر ببساطة تحول إلى نقل بطالتهم وفراغهم وفسادهم لنا ولحاراتنا وقرانا ومدننا كون بلادهم لا تقبل ذلك!
ـ ليس صحيحا أن نعاني من أزمات الآخر وهو يصدرها لنا, ليس صحيحا أن يحل مشاكله على شوارعنا ولا على أرضنا, هي أزمته وليست أزمتنا , هي بطالته وليست بطالتنا , هي أخلاقه وليست أخلاقنا !
ـ لست ضد جنسية بعينها ـ ولا ضد أحد , فالرزاق في السماء, ولكن هذا الازدحام لدينا لا يوحي سوى بأعطال أكثر , كون هذه العمالة ـ فاقت أعدادها ما هو مألوف ولك أن تشاهد فقط شارع منزلك وعدد المساحين فيه والسواقين وكافة اليد التي تشك في كون إقامتها سارية المفعول , وتعلم مدى كونك محاصرا بما يكفي من عمالة وأصوات, ومياه مسكوبة وسيارات مهترئة على الطرقات , وسيطرة تامة على كافة نقاط البيع , وبتخصص يشير إلى من يحركهم من الخلف باقتدار ـ أقول ذلك وفق انطباع شخصي بحت!
ـ اذهب إلى كافة محال الجوالات وحدد الجنسية التي تحتكر هذه التجارة , ثم إلى الكمبيوتر, ثم إلى أدوات البناء , وإلى وإلى, وكأن كل جنسية حدد لها ماذا تتاجر فيه, وتغالي فيه, وتفسد فيه, فيما أنت ترصد المنظر وتتألم بل وتدفع فاتورة كونك ـ مستهجنا ـ من قبلهم , فيما لو نبست بكلمة غالي أو السعر مرتفع, ولا تجد أكثر من هزة رأس وابتسامة صفراء ـ وقحة ـ تشير إلى كونك (دلخ)!
ـ لا أقلل من خطوات ما تمت فيه من أعمال تنظيمية وتطويرية من قبل جهات اختصاص عدة غير أن الملاحظ زيادة أكوام العمالة , وبشكل منظم , وبشكل يوحي بأن بلدا ما بأكمله يعيش بيننا الآن, وآخر, وآخر, ولا أبالغ إذا ما قلت أخشى علينا منهم , لا أبالغ إن قلت : هذه الأرتال من البشر تبحث عنك, كل بطريقته , وفق الشريحة , والبزبوز , وممسحة السيارة , وصولا إلى بائع البقالة والأخرى , وكيف أن (فاتورتك) تكبر وتصغر وفق ـ رغبات ـ عامل البقالة من نفس جنسية الكم الأكبر إياها , الذي يرد عليك قائلا : (كل شيء قالي) وببرود يقتل, دون أن تعلم من صنع كلمة (قالي) هذه فجأة , وفي غضون أسابيع , ووفق مسلسل رفع أسعار يستهدف في كل مرة قطعة وأخرى .
ـ ولا أكترث لمسألة رفع السعر قياسا بممارسات وأفعال تصدمك فيما بين الفينة والأخرى, عن طريق مقطع بلوتوث وآخر , ويوتيوب وآخر , وبشكل يشير إلى كونك ـ كمجتمع ـ تحت طائلة عمال , وتحت طائلة ممارسات ـ مصورة ـ تشير إلى إهانتك , وهتك سترك , وبهكذا طرق, بشكل أشبه بتكريس ما يجب أن تكون عليه , أو ما خطط له سلفا , من نهب ثروات , وضرب للأخلاق.
ـ ما يفجع ويحزن ويصيب بحنق أن يكون هناك مواطن وآخر لا يكترثون لكل ذلك , وهم يسهمون بالتستر , على هؤلاء , وفق (قرشين) يحصل عليها ككفيل آخر الشهر , فيما هو يتستر على سرطان يأكلنا الفرد تلو الآخر , والفضيلة تلو الأخرى , ومثل هذا النوع من (المواطن) لابد وأن يعاقب بقسوة, كونه للأسف ضد مجتمع بأكمله, هو أشبه بمن يقتلون ويفجرون , هو (خلية) نائمة لآخر, يستهدف أمننا.
ـ هو بمثل هذا الفعل يقول للعامل, افعل ما شئت وأحضر لي (قرشين), عث فسادا, انصب, اسرق, استمل ارفع سعرا وآخر, فمجتمعي يقبل كل ذلك, وبكل أسف , فيما المجتمع جبل على الطيبة , وعلى الكرم وعلى الرحمة , يفهم كل ذلك بشكل آخر عندما يكون ـ العامل ـ لا يرى كافة الأشياء إلا كمال سائب عليه أن يقوم بسرقته بما في ذلك أخلاق المجتمع , وكرامة نسائه وأطفاله , ولا أدل مما يصفعك فيما بين بلوتوث وآخر أو يوتيوب وآخر أشبه (بشكر) مختلف للمجتمع وعلى كونه بالنسبة له مالا يسرق منه ما يشاء حتى لو كانت أخلاقا, حتى لو كان ذلك المال (فتاة) أو طفل!
ـ بالضرورة أن أتحدث بهذه الحرقة التي هي حرقة كافة أبناء الوطن, ومن يعملون من أجله, سواء على رأس جهاز وآخر, أو من مسؤول وآخر , نزولا إلى دورك كمواطن .. وقد تسأل ما هو الحل ؟ الحل أن يحاسب من قصّر, من جلب هذه الأكداس , من مارس فسادا مبطناً, الحل أن تبدأ كمواطن بنفسك, وأن ترفض أن تكون بين يد عامل وآخر, من باب التقليل في الشيء, كأن تقول خله يمسح السيارة كلها خمسين ريال يا شيخ!
ـ الحل أن يكون القانون هو (مربط الفرس) وليس (رغبات) من يعملون تحت بنده, الحل أن تمارس دورك, وأن تعلم أن (قرشينك) / حرام.