|


علي الشريف
26 صورة ديجتال.. ومتعب
2010-03-08
تشكل الجنادرية فعلا ثقافيا ضخما بالنسبة للسعودي المواطن، لاسيما وهي تقدم ملامحه وفق طيبته وبساطته وكونه يمتلك إرثا يفاخر به، بل يحدد من خلاله كيف كان، كيف أصبح، كيف تحول، ما يعني أن الأمر أشبه بتوثيق (حضانة) مجتمع كبرت، ونضجت حتى أصبحت (فعلا) يشار له بفخر، واعتزاز.
ـ في كل مرة تأتي - الجنادرية - (تتذكرك)، في كل مرة تكبر تنظر إلى خطواتك تلك التي بدأت من تراب قرية تحولت إلى قرية أكبر وأكثر جمالا، لا أعلم، ولكني أشعر بذلك في كل مرة، أشعر بالطفل، والسبيل، (وقربة) الماء، ونساء قرية كن يضحكن فيما هن يجلبن الماء من (بئر) عذبة في آخر قريتنا!
ـ أكاد أشعر بأن - الجنادرية - من أهم روايتنا التي كتبت، وسردت تفاصيل كثيرة عن كيف كنا، وكيف أصبحنا، أشعر بكونها أهم رواية قرأت، وأهم ديوان شعر، وأول قصاقيص العشاق التي تداولناها - خلسة - فيما كنا أطفالا!
ـ ولأن الأمر بهذه - النشوة - وبهذا الحب، وبهذا القدر من (من تكون وكيف كنت وماذا أصبحت؟!)، أعتقد أن علينا أن نمارس حضورا مختلفا في كل جنادرية جديدة، وأن نسهم كل في - طفولته ـ بأن يضيف لدفتر ذكرياته ـ سطرا جميلا، كون ذلك السطر في الطريق لأن يكون رجلا عظيما، عاشقا يشير له التاريخ!
ـ كنت تابعت وقرأت مؤتمر الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز بمقر رئاسة الحرس الوطني بالرياض، لأجد أن الرجل يعلن (عنا) بشكل مختلف، ويشير إلى قطع سكر وحلوى جديدة في جنادرية 26، وبشكل يفاجئ سموه الجميع من خلاله بمدى جنادريتنا 16
(الأربعاء بعد المقبل)، وبكونها بلغت رتباً عليا من التميز، وهي تواصل هذه المشاعر تجاه مجتمعها الذي تشكل (كقلب)، وصار حباً وأوردة وشرايين.
ـ جميل أن يتم إطلاق جائزتين باسم الملك عبدالله بن عبدالعزيز، (ملك العلم)، (ملك الثقافة)، (ملك قلوبنا)، وجميل أن يتم تكريم ابن إدريس، وإقامة فعاليات ثقافية خارج الرياض، وفيما لو رددت مفردة جميل هذه لن أقف، وسأصفق أكثر وأكثر وبنشوة (سعودي) يفاخر بكونه يتقدم بحب.
ـ هذا إذا ما قسنا الأمر بكون الجنادرية (ملامح) مجتمع، وحضانة إرث كبر، ولكني في المقابل أشعر بنشوة أخرى ومن سيشارك فيها أكثر من 400 أديب، أشعر بأن الأمر هنا اختلف، وتحول لمن هم على علاقة بالمعرفة، وبالتنوير، وببسط نفوذ اللغة، وتقديم ملامحنا بشكل أكثر جودة من حيث صياغة الملامح وبشكل أكثر جودة!
ـ أعتقد أن أهم ما فعله الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز للجنادرية تكريس لهذا (الحب)، وانتزاعه وفق أوراق عمل على أرض الواقع، أعتقد أيضا أننا بالجنادرية نمارس فعلا وطنيا ضخما علينا أن نعزز من مستهدفاته، وقيمه، وأرباحه، من أجل أن تكبر القرية (الفعل) وليس (المكان) فقط، لاسيما وأن حتى - القرية - المكان، حظيت وتحظى بإنشاءات متتالية ومتواصلة.
ـ ما أردت الإشارة إليه وبشكل أعتقد أنه (محور) / هذا الفعل الكتابي / المقال / أن تمارس المكنة الإعلامية السعودية دوراناً بشكل مختلف، وأن تصنع الحدث، وأن تكون على قدر كبير من دقة التقاط التفاصيل وتقديمها للآخر، هذا ليس - فعلا - عاديا على مستوى المهنة، ولا حدثا بسيطا، ولا مجرد تغطية يجب أن يذهب لها صغار المحررين، كوني أحترم حتى من هم أقل سناً في المهنة ولكني أبحث عمن هم أكثر خبرة ودراية بتفاصيل التقاط الحدث - التغطية - وبالتالي تصديرها للمتلقي أو الآخر هناك بما يواكب - ملامحنا- وتفاصيل وجوهنا، وقس الأمر من مدنا الإعلامي لأحداث وفعاليات ثقافية يقيمها الآخر (هناك) فيما قد لا تكون تخدمنا، ومع ذلك ينجح الإعلام السعودي في تقديم الآخر على طبق من (عجب)، وذهب، وفضة أيضا!
ـ ما يعني أن ملامحنا أهم في أن تبرز، ما يعني أن تكون لنا - ملامح - قد لا يراها الآخر يجب أن تظهر، وبالتالي هذا هو ما يفترض أن يكون عليه واقع الحدث، وبالتالي التقاط تفاصيله ركضة بركضة منذ كنا أطفالا!
ـ أعتقد أن الجنادرية، بالنسبة للإعلام المقروء والمسموع والمرئي أهم ما يمكن أن يكون كمحاور وأوراق عمل، كونها تجمع الكل وتقرب البعيد، وتلامس فعلا ثقافيا عربيا ضخما، وبالتالي هو (موسم الحب)، وموسم تحديد الملامح، وإبرازها بشكل أكثر جودة.
ـ أعتقد أن الجنادرية (صورة ديجتال) لواقع، قد تحلم بالتقاطه، وبالتالي (التقط صورتك بجودة)، غدا سيأتي أطفالنا ليقرؤوا، ويرووا لمن بعدهم (قصة حياة أجيال)، قرى كبرت، وأفعال نضجت، غدا سنتلمس ملامحنا أكثر، ونردد (تذكر)، وكان وكان
و الله يا زمان.. لماذا لا تكون (الآن)..؟!
ـ في وقت أعلم فيه أن مقالا واحدا لا يكفي، وأن مناقشة الجنادرية كفكر وممارسة وأوراق عمل وأهداف، ورؤى، تفوق ما قد يكتب ويكتب.. ولكنها - عجالة كاتب- جاءه (النثر) فجأة.. فكتب عن طفولته تلك التي - كان انشغل عنها - بركل الكرة.. أعتقد أن الهدف سجل.. الآن..!
ـ وبعد.. ما يفعله الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز بنا بمثل هذه التفاصيل (لا يحتاج) إلى كتابة، بل إلى قبلة في أعلى الجبين من أخ لأخيه.. ذلك الذي يسكن معه بنفس قرية الحب، على مقربة من بئر (ماؤها عذب وهواؤها حب).. أو ما أسمية.. جنادرية (قلب).. إلى اللقاء.