|


علي الشريف
لاعب كرة (ندم)
2010-03-01
هم أشبه بضحايا الحرب، وجنودها عندما يعودون بنصف حياة، أو بعاهة مستديمة، أو بألم (يبقى) متصلاً حتى آخر رمق!
ـ هم (فاتورة)، وهم (دين)، وهم (ضرائب)، هم أيضا (فتات)، وقد يكونون متسولين، وقتلى، أو ممن يقفون عند إشارات المرور لتعطيهم مما أعطاك الله!
ـ يقاتلون حتى يسقطون أو يسقطون، ثم بعد ذلك يلقى بهم على أحد الكراسي المتحركة، أو يبحثون عن من يتبرع لهم بماله أو بجزء من جسده، في محاولات أشبه بالانتحار الجماعي!
ـ قد يكون الثمن (حياته)، أحد أطرافه، وقد يكون دخل نفق الفقر، كون البطالة تلاحقه لا محالة، ما لم يكن (شحاذا) / محترما!
ـ سأقفز فوق الفقر، لأبقى في ذلك الجندي الذي فقد نصف رأسه وبقي بعين واحدة ونصف لسان وشفة، ألا يثيرك منظره؟!
ـ أتحدث وأنا أرى أمامي مئات لاعبي كرة القدم على مستوى الذين غرقوا في الفقر، وفي اكتساب عاهات، لأن المعركة تطلبت كل ذلك!
ـ أتحدث عن آخر مثال، وأنت وأنا نرى لاعب وسط آرسنال الإنجليزي أرون رامسي، يتحطم، يتألم، وقدمه تتخلى عنه في أرض المعركة!
ـ أتحدث قبل ذلك عن لاعبين سعوديين، وعرب، وغير عرب، يتألمون فقرا، وكأن كافة حياته خمسة إلى ستة أعوام يلقى بعدها مستقبله على قارعة رصيف أو يلقي بنفسه من شرفة منزله المستأجر.
ـ أتحدث أيضا عمّن يغضبون من صفقة ملايين لاعب وآخر، بدعوى أنها كثيرة على (حياته)، فيما هم يجمعون أموالاً للقتل!
ـ أتحدث عن كون كرة القدم أشبه بأنثى (تخون)، وبكون عشرات الأمثلة حدثت أمام أعيننا، من بلع لسان إلى ضرب متعمد، إلى عودة جنود بدون أطراف، وبلا مال، وبلا وعي، وبلا مستقبل سوى أن يكونوا بعاهة!
ـ ترى هل هي ضريبة الشهرة أم الحرب، هل هو حق (متعتنا) أم حق أن يركل اللاعب كرة القدم تلك التي وضعت بين جنود متحاربين ليتقاتلوا سلميا؟!
ـ أتساءل أيضا من يحمي هؤلاء من أنفسهم، فيما هم يقدمون لنا أطرافا للمتعة، وهل (فيفا) موساد يسهم في قتل أبرياء، وفق 22 لاعبا، كون قوانينه ـ التي لا تؤمن مستقبلهم - أشبه بقوانين (حمورابي)!
ـ الأمر بلغ حد ارتكاب القتل! ثم من يقف خلف الكارثة، اللاعب، أم الطبيب المعالج، أم من شخص الحالة، أم من زج باللاعب، أم من يريد أن يكسب، أم من يريد أن يستمتع؟! أتذكر الهادي بن رخيصة فأحزن، ولاعبين سعوديين وغير سعوديين يلفون على مضمار شرف أعضاء الأندية فاقة وفقرا فأحزن!
ـ قبلهم خليجيون وعرب وأفارقة امتهنوا البطالة بعد تسجيل آخر هدف صفق له المدرج بعنف، بدؤوا بعده دورة من يصفق لفقرنا، من يهتف لذلك الجندي المجهول، ذلك الذي كان نجما وقاتل وسقط!
ـ أتذكر كيف أن الشهرة تتركهم سريعا، وكيف أن لاعبين في البرازيل بلغوا رتبة التشرد أو العمل في مقاهٍ وكـ(ندلة) وسعاة، وفي إيطاليا، وفي دول كثيرة تحت طائلة (كان) لاعب كرة (ندم)!
ـ قليلون من نجوا من كارثة (المحرقة)، أو تحطم العظام بطريقة متعاكسة كما حدث لآرون، وكثيرون تعرضوا للألم ولم يجدوا حتى ثمن فاتورة العلاج!
ـ هل نحن نطارد الألم أم أنه يفعل ذلك بنا؟ وهل المتعة سريعة التبخر، وهل الشهرة ثمن حياة أكثر أم أقل؟!
ـ قليلون جدا من مشاهير الكرة جمعوا ثراء لم يقترن بألم، قليلون جدا من بلغوا رتباً عليا، ولكنهم في الأخير ضحايا!
ـ قد تتفق وتختلف، غير أن لاعب كرة القدم من وجهة نظري يدفع ضريبة موهبته، وكونه مبدعاً، يهوى أن يغرد خارج السرب ولذا عليه أن يسقط أو يسقط!
ـ وليس فقط في كرة القدم بل في رياضات أخرى، وفيما لو استدعيت أرقاما لوجدت العشرات، من عدائين وعداءات ولاعبي جمباز، وكرة قدم، إلى آخر الأمر، ومنهم من لاحقه الموت بفعل شهرته حتى خارج الحلبة والملعب، منهم من قتلته جماهير، ومن قتلته أنثى، ومن قتله رصاص غرباء بفعل كونه لاعب كرة (ندم)!
ـ ما يجعلني أصل إلى أنها متعة أقل بمقابل باهظ، وأن حياة الرياضي أقصر من غيره، فيما يشير العلم إلى كون صحته أفضل!
ـ لدينا (مشاهير) بؤساء، وآخرون في مشاف مهملة، ويجب أن تتقبل الأمر برمته، يجب أن تعلم أننا أيضا نمرض، ونموت، ونعاني من شبح النهاية، وألا ننظر للأمر من زاوية أخرى، فيما لدينا كل هذا الكم من الأندية العربية، تلك التي تهتف للنجم حتى يبلع لسانه موتاً، وحتى تصبح مفاصله مفككة، وحياته (مدكوكة) على أرض ميدان الفقر!
ـ فيما نحن نفكر، نمارس (أممم.. طويلة)، كيف يكون لهم (صندوق)، أشبه بحصالة تجمع فيها أموال مقابل حياة، (فيفا) أيضا لم يكن جادا في فرض حمايته عليهم، فيما هو أقرب من حبل الوريد لاستحصال حصصه المالية أولا بأول!
ـ ولكن هذا ليس هو الموضوع.. فكل ما في الأمر أن (متعتنا.. تقتلهم)، نحن نأخذهم إلى المعركة دون رحمة، إما أن يقاتلوا أو تتطاير أطرافهم قبل أن يصل الأمر إلى أرواحهم، بعد خمس أو ست سنوات من تصفيقنا لهم باتجاه المقبرة أو أن يكون شحاذا محترما!
ـ هكذا أرى من زاويتي فلا تغضب، قد يكون الأمر من زاويتك أشبه (بديمقراطيات الورد)، تلك التي تقول جئنا لنخلصك منك فقدم لنا وردة ولكنك ستموت بعد قليل، ليعيش أحفادك بأمن وأمان، موساد وآخر كما هم جنود (فيفا).. إلى اللقاء.