|


علي الشريف
وين (الوصي) عليك؟
2008-11-17
.. (وحنا صغار) كانت كرة القدم بالنسبة لنا أشبه (بالمعارك)، بل بتلخيص الحالة الفكرية للمجتمع، وكيف يفكر، وكيف يتآمر، وكيف يصفي الآخر، وكيف يحقق على أرض الواقع رؤى وأهدافا، كون الطفل لم يبلغ بعد استقلالا تاما فيخضع للوصاية، وبالتالي للتدخل في شئونه، ثم يتحول فيما بعد إلى أداة تنفيذ فيما كان المفترض منه أن يكون قائدا، أو على الأقل حرا مستقلا.
ـ هذه الوصاية تكبر مع الطفل وتلعب معه الكرة، حتى يركل (حياته) نفس الطريقة، وبنفس التبعية، وبنفس السلطة الأبوية المتمثلة في الأب داخل البيت، وفي قائد الفريق في الحارة، وفي عريف الفصل في المدرسة ثم في شقيقه الذي قد يراقبه عن بعد حتى لو كان متزوجا وأبا لخمسة عيال!
ـ وبالتالي لا تخلص إلا إلى (منفذين)، ولا تخلص إلا إلى (متآمرين) أكثر من مفكرين، وقد يكون للقاعدة استثناء، فيأتي أحد الأطفال العشرة مفكرا ولكنه ينعت بغرور، أو أنانية، أو كبر، وقس على ذلك مما لدينا من ألقاب تمنح مجانا ودون رسوم تعرفة وكباقة كاملة!
ـ وفيما لو عدت لأغلب الصفقات الاحترافية – أو نقل خدمات لاعب – أو احتراف خارجي – تجد أن قرار اللاعب العربي يدور في فلك (العشيرة) أولا، ثم الأب، ثم الأخ، ثم عضو الشرف، ثم رئيس النادي، ثم يقرر عنه بالنيابة، في حالة أشبه بعبارة (أسوأ ما في الأمر) تلك التي نلجأ إليها دوما كحل أخير للمشكلة فيما العلم يضع طرقا أفضل وأكثر منطقية لكيف تحل مشكلة ما وفق اختبارات خمسة.
ـ عموما بهذه الرؤية لا أعتقد أن الكرة العربية تستطيع أن تكسر الطوق واللاعب والرئيس والعضو والأب والأخ هم من يصنعون قرارات بالنيابة عن المعني بالأمر وهو اللاعب في هذه الحالة الذي يجب أن يكون لديه رؤية وأهداف يحققها في المستقبل.
ـ اللاعب العربي رؤيته (فلوس) وأهدافه (مال)، وقلة قليلة جدا من تفكر بأن يكون لديها أهداف أكبر، كأن يصبح مثلا رئيس اتحاد قاري، أو مدربا فذا وفق (علم) وليس وفق (فزعات)، واللاعب العربي بمثل هذه الوصاية لن يحقق أكثر من المال الذي يحيله بعد أعوام إلى (بزنس مان) في (فنايل) أو (مشاريع صغيرة) فيما كامل خبرته في كيف يركل الكرة والى أين يجب أن تذهب.
ـ وفيما لو دللت بعشرات الصفقات الاحترافية في الملاعب السعودية والعربية لوجدت أن مثل هذه النماذج كثيرة، فشقيق لاعب حسم أمر صفقة، ووالد آخر قرر عنه بالنيابة، وعضو شرف حوّل مسار نجم إلى ناد آخر، ووو .. أعطني راسك أعطيك دراهم وفلوس وملايين.
ـ أخلص إلى كون (وعي اللاعب) و(معرفته بحق التقرير بمحض إرادته دون تأثير) هي من تصنع لنا جيلا رياضيا مفكرا، وعكس ذلك هو الخطأ، وبطريقة ارفع هذه الورقة، وناور بهذه، ووقع، ولا توقع، وبالتالي أنت كنجم (ضحكت) عليهم، فيما هم (ضحكوا علي وعلى النادي وعليك).
ـ الغريب أن (وعينا) (واحنا صغار)، وآلية التفكير لدينا كبرت معنا لازمتنا حتى اللحظة، تخيل بعد أربعين عاما نحمل نفس الجين (التآمري)، ونقبل بالوصاية، ونتصرف كما يريد الآخرون .. وبشكل قد يُضمن احترافيا تحت بند (إحضار الوصي عليه وإن لم يكن موجودا يحضر ولي أمره حتى لو عمره ثلاثين).. إلى اللقاء.