عوض الرقعان
المرتزقة في حديث الجاسر
2013-06-15

لم أكن أتوقع أن يكون حديث الأخ جاسر الجاسر وهو رئيس تحرير صحيفة (الشرق) الصحيفة الجديدة والتي يفترض أن تحاكي مشكلات المجتمع بلغة الألفية الثالثة وسط منافسة من وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة والصحف الإلكترونية، بعيداً عن هذا الأسلوب وبهذه اللغة التهكمية في حديثه عن زملائه من الصحفيين المتعاونين والعاشقين لهذه المهنة. ـ إذ قال الجاسر في برنامج (الثامنة) مع الأخ داود الشريان: إن الصحافة لم تعد تحمل التحدي بالموت والحياة من أجل الناس، بل باتت قائمة في صناعة خارج حياة الناس، مرتئياً أن الصحفيين أو المراسلين المتعاونين يمثلون آفة الصحافة السعودية وأنهم “مرتزقة” لعدم ولائهم للمهنة بقدر الولاء للمندوب الإعلاني. ـ الغريب أن الجاسر لم يحدد هؤلاء المتعاونين، هل هم صحفيون يهتمون بالجانب الإنساني أو الاجتماعي أو السياسي أو حتى الرياضي والذي ننتمي إليه نحن بينما هم أبعد من الجانب الإعلاني إذا وجد أي منهم رقيباً وحسيباً عليه في مرحلة مراجعة الخبر منذ دخوله إلى المطبخ الصحفي إلى أن يظهر في الصحيفة في اليوم التالي. ـ والغريب أن الكل يشاهد أن هناك أسماء كبيرة بلغت مناصب كبرى في الصحف السعودية وكانوا ولايزالون علامات بارزة في عالم الصحافة بل ووصل الغالبية منهم إلى مناصب رؤساء تحرير. ـ وكانت بدايتهم كصحفيين متعاونين والأسماء والأمثلة كثيرة أولهم رئيسه السابق في صحيفة (الشرق) الأخ قينان الغامدي، والذي كان يعمل معلماً في النهار ومتعاوناً مع صحيفة (عكاظ) في المساء بمدينة الطائف ونجح في عملية التفرغ حينما وجد الفرصة وترأس ثلاث صحف سعودية (البلاد والوطن والشرق). ـ والسؤال الذي كان ولابد أن يناقشه الجاسر مع نفسه، من سمح لهؤلاء المرتزقة ـ على حد قوله ـ الالتحاق بالصحافة؟ وكم يقبضون؟ وكم يدفعون فواتير الاتصالات من جوالاتهم الخاصة للبحث عن الخبر وما وراءه؟ وكم هو التفوق لهؤلاء في العمل الإخباري الذي يقدمونه؟ ثم كيف تقبل أخبارهم التي يأتون بها وتنشر في الصحف وأين محررو الصياغة من الإخوة العرب ومسؤولو التحرير، وكيف تتصدر أخبار هؤلاء المتعاونين الصفحة الأولى للصحيفة وتوضع على ستة أو ثمانية عمود؟ ـ وأتصور أن الأخ جاسر لو راجع نفسه لوجد أن الكثيرين ممن تركوا أعمالهم الأصلية والتحقوا بالصحافة كمتفرغين كيف كانت نهايتهم مع بعض مسؤولي التحرير وقراراتهم التعسفية والمزاجية في بعض الأحيان تجاه هؤلاء الزملاء. ـ وكيف تم إبعاد هؤلاء المتعاونين والمجيء بآخرين أقل كفاءة بناء على علاقة أو صحبة وهو يعلم كمسؤول عن الصحيفة التي لاتزال في المهد بأنه لا يوجد هيئة تحمي هذا الصحفي أو ذاك حينما يتفرغ لهذا العمل ويعلم الجاسر أيضاً أنه كم من الزملاء ممن تفرغوا للصحافة بقوا في بيوتهم سنوات بسبب قرارات ما أنزل الله بها من سلطان والأسماء كثيرة ومعروفة. ـ كم كنت أتمنى من الجاسر أن يحمي هؤلاء المحبين والمبدعين لمهنة الصحافة من الإخوة المتعاونين من خلال ضوابط تحيط بالخبر أو التقرير من قبل مديري التحرير لتحمي الصحافة من أخبار المجاملات الخاصة ببعض الوزارات والجهات الحكومية وكبار الشخصيات لكي تمارس الصحافة دورها الحقيقي الذي ظهرت من أجله ولكي لا تكون أخبار الصحف هي أيضا أخبار مرتزقة لا تليق بمهنة السلطة الرابعة. حال الخليوي ـ عرفت الكابتن محمد الخليوي في بدايته وكنت من أوائل من أجرى معه حوارا لمجلة (عالم الرياضة) التي كانت تصدر من الشركة السعودية للأبحاث والنشر، رافقته كمراسل مع المنتخب السعودي الأول في نهائيات كأس العالم 94 بأمريكا وبفرنسا98م، الخليوي يعتبر من أبرز المدافعين العرب من حيث القتالية وتسليم الكرة بشكل صحيح بل كان أفضل من مدافع منتخب المغرب وقائده في تلك الفترة نور الدين النيبت والذي احترف في فريق لاكورونا الإسباني وتوتنهام الإنجليزي. ـ التقيت الخليوي العام الماضي صدفةً بجوار منزله في حي الشاطئ بجدة في إحدى البقالات القريبة من الحي وسألته عن حاله ولا أنسى أنه رد بابتسامة جميلة كعادته قائلاً: تنشد عن الحال هذا هو الحال، مدرب بالقطعة مثلك أخي عوض حينما كنت تعمل صحفي بالخبر ... ضحكنا وتذكرنا الماضي. ـ غادرت إلى سيارتي وهو كذلك، حينها قلت في نفسي سبحان الله هذا اللاعب الصلب والمدافع الانتحاري كان يلقي بنفسه في الكرات الخطرة عمال على بطال أمام حارس المنتخب السعودي محمد الدعيع من أجل الذود عن مرمى الأخضر ليمنع أي هدف يصل إلى مرمى منتخبنا، فهل هكذا تكون نهايته؟ ولماذا لم يستفد من خبرته العالمية؟ (رحم الله الخليوي رحمة واسعة وتقبله مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً).