|


فتحي سند
الخوف من كارثة
2009-10-13
بالعربي.. وبالفم المليان.. إذا لم تهدأ الأمور ويتدخل العقلاء.. وتخف حدة التوتر وتتوقف الحملات الإعلامية فإن الأمر سينذر بكارثة في ملعب القاهرة يوم 14 نوفمبر المقبل.
هذا تحذير مبكر يشير إلى أن الحرب الطاحنة بين المعسكرين الكرويين للجزائر ومصر ستكون لها أبعاد في منتهى الخطورة، ليس على العلاقات بين البلدين فهذه أكبر من أي مهاترات، وإنما على لاعبي الفريقين والجماهير.
كم كان الشحن المعنوي والإعلامي شديدا في كثير من اللقاءات الجزائرية ـ المصرية، ومازال الكثيرون يتذكرون كيف اتهم الأخضر بللومي بفقء عين طبيب مصري بعد مباراة الفريقين يوم 19 نوفمبر 1989.. يوم فاز الفريق المصري بهدف حسام حسن الذي تأهل به لمونديال إيطاليا 1990
في ذلك اليوم كان الفوز بهدف واحد يكفي لكي يتأهل أحد الفريقين، حيث انتهى لقاء الذهاب في عنابة بدون أهداف.. وكانت التصفيات تجري بخروج المغلوب، بعد كل دور، وليس بنظام المجموعات الحالي..
كانت الأجواء أهدأ نسبياً مما عليه الآن.. ومع ذلك كان اليوم عصيبا إلى أقصى درجة ليس قبل وخلال المباراة فقط، وإنما بعدها أيضا حين ذهبت بعض الجماهير المصرية إلى فندق لاعبي الجزائر، دون مبرر، فوقعت بعض المصادمات التي راح ضحيتها مواطن مصري فقد عينه بكوب زجاجي يبدو أنه كان مكسوراً.. وكان المتهم في هذه الجريمة الأخضر بللومي الذي صدر ضده حكم غيابي منعه من مغادرة بلاده سنوات إلى أن تم التنازل.
المهم.. أن الأوضاع هذه المرة أسوأ منها بكثير عنه منذ عشرين عاما. لأن الجو ملبد بالغيوم والحروب الإعلامية مندلعة بسبب بعض الزملاء الصحفيين المتهورين الذين يعتقدون أن عمليات التسخين في صحفهم أو في محطاتهم الفضائية أو عبر مواقعهم الإلكترونية... إنهم يعتقدون أن هذه هي الوطنية، ودون أن يدروا أنه من "الغباء" أن يدخل المرء في منطقة اللعب بنار الوطنية.. أو القومية... أو أي نوع من هذا الكلام الكبير الذي لم يعد صالحاً لهذا العصر.
"اللت والعجن" بدأ بقوة بين أجهزة إعلامية كثيرة في البلدين.. وبما أنه لا داعي للإثارة إلى أيهما الذي بدأ.. أو من الذي بدأ بالخطأ إلا أنه يكفي القول: "كفاية.. حرام"
فمنتخب مصر كان يكفيه منذ عشرين عاما أن يفوز بهدف حتى يذهب لنهائيات المونديال.. وهذه المرة لا يكفي هدف.. أو هدفان.. وإنما ثلاثة أهداف كاملة، حتى يبتعد عن قرعة أو مباراة فاصلة في حالة التساوي في فارق الأهداف.
وبما أن الفريق المصري لن يفرط في الفرصة مهما كانت صعوبتها باعتباره.. بطل القارة لدورتين متتاليتين ويملك أفضل جيل من اللاعبين منذ عقود طويلة... وطالما أن المنتخب الجزائري فرصته الأكبر نسبيا حتى الآن لتقدمه بفارق ثلاث نقاط. فإنه لن يدع الكلام الذي يتردد كثيرا حول أنه البوابة التي عبر منها المصريون إلى الدورة الأولمبية بهدف علاء نبيل.. وإلى كأس العالم 1990 بهدف حسام حسن.
إذن هي مباراة.. ولا كل المباريات ينظرون إليها في الجزائر على أنها الأمل الذي سيعيد الأمجاد. ولاسيما أنه سيكون على حساب أحفاد الفراعنة.. وينظرون إليها في مصر على أنها حياة أو موت لجيل لن يتكرر كثيرا.
وبين هذا.. وذاك.. ربنا يستر خاصة إذا وجد أصحاب العقول "الخفيفة" أنفسهم وقد أصبحت الغلبة لهم في الساحة.. الإعلامية تحديدا.