|


فتحي سند
فيروس التعصب
2009-06-12
ليس بالضرورة أن يتحقق الحلم.. أي حلم، ولكن المهم أن تحاول.
ومن حق كل إنسان أن يحلم.. ولكن من يحقق الحلم؟
التأهل لنهائيات كأس العالم 2010 من الأحلام الكبيرة.. والظهور بصورة مشرفة في المونديال حلم أكبر.
المنتخب السعودي مثلا.. عاش هذا الحلم كثيرا، ويكاد يكون قد تعود عليه وكم مر بمنعطفات خطيرة تجاوز معظمها وأخفق في بعضها.. والمرحلة هي أنه شارك في النهائيات عدة دورات.
المنتخب المصري.. ظل 56 عاما بعيدا عن النهائيات ولم يصعد منذ عام 1934 إلا في 90.. ومنذ 20 عاما ظل يحاول ويحاول ولكنه كان يخرج لأنه لم يكن مصنفا ضمن الأوائل الذين يوضعون على رأس المجموعات..
وفي التصفيات الحالية.. انفتح الباب على مصراعيه أمام المصريين لأنهم وضعوا على قمة مجموعة، فابتعدوا عن العمالقة الذين كانت لهم دائما اليد الطولي مثل الكاميرون ونيجيريا وكوت ديفوار وغانا ومن شمال افريقيا المغرب وتونس تحديدا،
جاءت مجموعة منتخب مصر مع الجزائر البعيد عن الصورة منذ سنوات ومع زامبيا وروندا وكلاهما لم يسبق له.. لا الفوز بكأس أفريقيا ولا التأهل للمونديال منذ انطلق عام 1930.
هلل المصريون جميعاً بلا استثناء، وكان هناك إجماع على أن الحلم تحقق قبل أن تبدأ أولى المباريات أمام زامبيا بالقاهرة.. ولم يكن أحد يتوقع أن يكون من الصعب على بطل القارة لدورتين متتاليتين 2006 و2008 أن يكتسح الفريق الزامبي الشاب.. والمغمور لذلك لم يكن التعامل سطحيا من الجماهير فقط، وإنما من الجهاز الفني واللاعبين أيضا، فكانت الصدمة الأولى بالتعادل 1ـ1.
خرج حسن شحاته المدير الفني للمنتخب ليعتذر للجماهير... ونفس الشيء اللاعبون.. وأعرب الكل عن أسفه مع التأكيد أن الأخطاء لن تتكرر في مباراة الجزائر، وإذا بالحال يتراجع، وربما يتدهور لدرجة أن يصاب المنتخب بأقسى هزيمة له منذ أكثر من ثلاث سنوات وهي 1ـ3.
استمر الاعتذار، وخرجت نفس المبررات وانقسم الرأي العام بين متشائم يقول إن الفريق المصري لن يكون بمقدوره أن يتأهل، لأنه لا يثق في قدراته ولأنه “منحوس”.. وبين متفائل بحذر حتى يقف اللاعبون على أقدامهم مرة أخرى.
وبغض النظر عما إذا كان هذا المنتخب أو ذاك سيتأهل لنهائيات المونديال من عدمه، إلا أن هناك ظاهرة جديدة على الساحة المصرية تحديدا وهي أن الانتماء للأندية أصبح أكبر بكثير منه للمنتخب وأن المتعصبين للاندية لا يفرق لديهم أن يكسب المنتخب أو يخسر.. بل إن بعضهم ممن يكرهون حسن شحاتة نكاية في عصام الحضري مثلا يفضلون أن يذهب الفريق الوطني إلى الجحيم وليس إلى جنوب أفريقيا.. والأكثر من ذلك أن الإعلام الملون يتحرك من منظور متعصب أيضا.
فيروس التعصب الذي ينتشر في أرجاء كثيرة من العالم العربي.. وتحول إلى وباء في مصر هذه الأيام تمكن أن يقضي على أي حلم، حتى لو كان صغيراً.