هل بلغ الضعف والهوان بأمة الضاد، أن تخترع الشعوب المتقدمة الاختراعات وتتعامل معها بمهنية وحضارة، ونحن نحولها بطريقتنا لوسيلة تدمير ذاتية ؟
خذوا أي دولة متقدمة على سبيل المثال عدد سكانها أكبر منا، ثم ابحثوا عن عدد الحوادث المرورية عندها في العام الواحد، ثم قارنوا بينها وبيننا في هذا الجانب، ولا تنسوا أن تحصوا الخسائر البشرية والإعاقات التي نفقد بسببها كثيراً من الأحبة، ومن عماد المجتمع . وكل هذا جاء بسبب تحويلنا السيارة لأداة ترفيه خطرة، حيث ممارسة ( التفحيط ) وانتشار هذه الظاهرة بين أواسط الشباب . ومن لم يفحط فهو متهور في قيادته، مهمل لأصول القيادة على الطرق السريعة أو داخل المدن، في إهمال كبير لقواعد السلامة، حتى أصبحنا نطلق على السائق المثالي ( غشيم ) لأنه يقود بهدوء ويتوقف عند المنعطفات والتقاطعات .
ومن الاختراعات التي حولناها عن أصلها ( تويتر ) فهو في الأساس عبارة عن وسيلة تواصل اجتماعي، تطرح فيه الأفكار والآراء، ويتم فيه تلاقحها وتطويرها، وليس بالضرورة أن تتوافق الآراء وتتفق، بل العكس؛ فالأصل الاختلاف، لكن بطريقة حضارية .
لكننا حولناه خصوصاً في الساحة الرياضية، لموقع مشبوه، تمارس فيه عمليات الشتم والتشويه الجماعية الممنهجة والفردية. ومن يطلع على أصحاب الشتم وعباراتهم يشعر بأن المقابلين من الأعداء. والغريب أنهم لم يوجهوا لقاتلي أطفال غزة، ولو النزر اليسيرمن بذائتهم التي توجهوا بها لإخوة لهم في الدين والدم والوطن ومن أجل ماذا ؟ من أجل ( جلد منفوخ) .
وهذا يقودني لاستفسار كبير ( لماذا كل هذا ؟ )
والجواب على السؤال مؤلم للعقل، مؤذ للجوارح، ولا يمكن الجزم به، بل هو في حقيقة الأمر عدة احتمالات بعضها، قريب الوقوع، وبعضها بعيد.. لكنه محتمل؛ فنحن في زمن كل شيء فيه جائز، فكشف العورة أصبح نوعاً من الموضة على غرار ( طيحني )
أولى الاحتمالات .. أن تكون الأسماء الوهمية، والمعرفات الحركية مجرد اتباع لحركات أوجماعات خارجية، تهدف بعمل قذر إلى إشاعة الفوضى وضرب لحمة المجتمع السعودي من داخله، بعد أن عجزت عنه حركات التغريب الغربية وأنصارها المكشوفين شرقياً.
ثم يأتي احتمال الولاء العاطفي الجائر، والارتباط النفسي بالأندية الرياضية، فلم يجد الشاب المتوقد حماساً سوى عاطفة الميول الكروي؛ ليشبع بها نهمه، حتى أصبح ناديه بمثابة الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأي تجاوز عليه ولو بمجرد خبر قد يحتمل الصحة والخطأ، تثور ثائرة المشجع الذي قد يختفي خلف معرفات وهمية، فيبدأ في عمليات الشتم والقذف والتشويه .
وقد يكون السبب كامن في سوء التربية من الوالدين أو المدرسة أو حتى من مجتمعه الصغير، فلم يتعود على مبدأ الرأي والرأي الآخر، ولم يأخد من قيم الدين والعادات الاجتماعية الراقية ما يستطيع بها تكوين شخصيته، ومع أول منعطف اختلاف يهرب للشتم، فهو لا يمتلك شجاعة الاختلاف ولا أصول التربية.. وهو بذلك يعكس صورة عن أهل بيته دون أن يكون لهم ذنب في ذلك.. فهو يكونون على العكس من ذلك.
بقي نقطة أخيرة ( هل يعرف ذلك الشخص كمية الذنوب التي كتبت في صحيفته ؟ ) وهل يدرك أنه لا يُكبُ الناس على وجوههم في النار إلا حصائد ألسنتهم .
الهاء الرابعة
السكوت بكل الاحوال مكسب للرجال
هيبه لمن يتصف فيه قدام الورى
يعطي العاقل مكانه بوقت الارتجال
والخبل يسري ولااحدٍ عن خباله درا