منذ مطلع القرن الماضي تم إلغاء (الرق) بعد ميثاق عصبة الأمم المتحدة ولتوضيح هذا المفهوم هو لا يرتبط بجنس بشري دون آخر ولا بلون بشرة عن أخرى بل كانت قاعدته الأساسية تكمن بين (القوة والضعف) وكانت عمليات الأسر الناتجة عن المعارك بين بني البشر لانتزاع أرض أو الاستيلاء على مال أو الاستحواذ على منابع ماء أو من أجل إشباع نهم نفس مغرقة في النرجسية وحب الامتلاك هي النقطة الفاصلة بين انتهاء الحرية وبداية رحلة عمر جديد مع العبودية قد تمتد إلى آخر العمر للأسير ومن يأتي من صلبه في عالمه الجديد.
بعد الميثاق اختفت مظاهر عبودية الجسد وأصبح البشر كلهم في نظر القانون (أحرار) ولم يدر في خلد أحد أنه ستظهر عبودية جديدة تعنى بعبودية (الفكر)، وهي أشد أنواع العبودية فتكاً وهتكاً للإنسان ففي السابق كان العبد بالجسد يمتلك حرية فكره وروحه ويختزل في داخله أحلاما وطموحات، أما العبودية الأخيرة فهي تلغي كل ذلك وحين يصبح الفكر عبدا لأحد فإن الجسد تلقائيا يتبعه فيسير وفق ما يأمر به السيد مهاب الجناب، وحتى لا يتم الخلط بين المتشابهات فإن الإنسان كائن اجتماعي يؤثر ويتأثر بالآخرين سلوكا وأفكارا وتتبدل عنده القناعات وفقا للمتغيرات المجتمعية أو الشخصية وفقا لمتطلبات العمر الزمني فقناعات الصبا تختلف عن قناعات الشباب وعن قناعات أشد العمر وعن متغيرات المشيب وهذا التأثر والتأثير يختلف جذرياً عن عبودية الفكر لأن الأخيرة تعنى بأن يجبر الإنسان نفسه على تنفيذ قناعات البعض رغبة في مكسب مالي أو خلافه أو تلبية لمطامع نفس تشتهي الشهوات وتنقاد بالعاطفة وكلما كانت جياشة كلما زادت كمية الانقياد.
في الساحة الرياضية انتشرت عبودية الفكر النابعة من القصر انتشارا واسعا وإن كانت عبودية الفكر أسوأ أنواع العبودية فإن العبودية في الأمور الهامشية كما هو حال المجال الرياضي مقارنة ببقية المجالات الحيوية والمصيرية في الحياة.
وتتشكل ملامح هذا الفكر العبد في تنفيذ طلبات السيد المسيطر وفي المنافحة عنه والدفاع المستميت الذي يشبه الحماية الشخصية وكأن ذلك السيد لا يخطئ ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وحينما يخرج الحارس الشخصي عن جادة الصواب ويبدأ في توزيع التهم والإساءات لمنتقدي السيد الرئيس فإنه بذلك يسيء إلى نفسه أولا قبل الإساءة للآخرين،
وإنني استغرب حد الدهشة كيف يرتضي رجل راشد لنفسه بأن يكون تبعاً لأحد فالأرزاق كافلها الرزاق والكرامة هبة من الخالق يجب أن نحافظ عليها بكل ما نملك لا أن نهدرها من أجل أن نملك.
الهاء الرابعة
تساقطت من عيني رجال ورجال
ياصعب طيحات الرجال المطاليق
أحدٍ يوقف لك على كل الأحوال
واحدٍ يخون ولا يحفظ المواثيق