في العام الماضي، وبعد ضمان الفتح لقب الدوري وحتى قبلها، انفجرت الساحة بعبارات الإساءات المتلاحقة للهلال من أطياف مختلفة ومن أناس بعضهم كنا نعده من أهل الحكمة والعقل، وبات بعض الجماهير التابعة للنصر والاتحاد والأهلي وربما جميع الأندية " يتهكمون " بالهلال ويتغنون بخسارته للقب دون النظر للفريق الذي حقق اللقب ودون التطرق لمواقع فرقهم المفضلة، ولم يكن الفرح سوى بالإساءة للهلال، وهذه للأسف الشديد " حالة مصاحبة لأغلب أحداث الساحة "، فالبعض الفرح عنده يعني الإساءة للمنافسين والشواهد على ذلك أكثر من أن تعد أو تحصى، وقد بحثت كثيرا في كتب علم النفس لعلي أجد توضيحا علميا لظاهرة ليس لها ما يبررها، حيث وجدت بعض التعريفات والمصطلحات العلمية، لكنني غير متأكد من مطابقتها للحالة المعنية، فخشيت من أن تفسر الأحرف بغير الهدف منها وتبدأ حملة تباكٍ جديدة بأنني اتهمت الجميع بما ليس فيهم، وقد كانت عندي تجارب سابقة في هذا الخصوص حين اتهموني بأمور أشد مرارة وبناء على حساسية مجتمعنا بأسره من مفهوم " المرض النفسي " متجاهلا بأن الإنسان عبارة عن نفس وجسد وكل قسم منهما يعتريه المرض والصحة بين القوة والضعف.
في هذا الموسم تكرر نفس الشيء ولكن بصورة أكثر وضوحا بعد خروج خلايا نائمة تخلت عن حيادها وحكمتها ومنطقها وأطلقت العنان لبراكين غضب نتيجة تراكمات إحباط لأكثر من عشرين سنة، وليتها حين فعلت مارست الفرح كما هو بل تخلت عن التغني بفريقها والاهتمام بشأنه ووضعه في المكان الذي يليق به أو بالشكل الذي عشقوه لكنهم قزموه دون أن يدركوا، فالفريق الذي استمر عشرين سنة دون أن يحظى بلقب الوصيف أصبح يتهكم بلقب الوصافة، والفريق الذي يعيب على غيره تحقيق البطولات ويسميها بالمحلية فقد كل مقومات المنطق والعقل من أجل كأس يتيمة وأخرى في الطريق. وأصبحت البطولات المحلية في نظره هي كل شيء، وتلك التي فاز بها غريمه سابقا ليست من الإنجاز في شيء لدرجة أنهم اعتبروا حضورهم للملعب مع فراغ ثلثه حدث لم يستطع أحد إنجازه قبلهم، وتناسوا أن الملعب ذاته لم يمتليء منذ إنشائه وحتى اليوم سوى في لقاءات المنتخب الوطني والهلال خصوصا عندما يكون منافسوه من خارج حدود الوطن، والكأس التي احتكرها الهلال ست سنوات متتالية وفريقهم المفضل القاسم المشترك في كل النسخ أصبحت تخرج من بيت إلى آخر حتى وصلت لمنازل بعض الإعلاميين في فرحة هستيرية ظهرت ملامحها وغرابتها بالنسبة لهم إنهم يظنون أن الفرح وكماله في الإساءات المتلاحقة للمنافس، وودت أنهم استعانوا بخبير نفسي يستطيع أن يمنح أنفسهم الهدوء ويقنعهم أن الفرح يعني الفرح، لكنهم أبوا واستمروا على نهجهم القديم المتمثل في ملاحقة الهلال حتى وفريقهم يعتلي المنصات ويحقق البطولات، لكنهم تركوا بعض مشجعي الأهلي والاتحاد يمارسون الشماتة والإساءة مساعدة لهم وهم يثبتون من حيث لايريدون أن الهلال مصدر قلق دائم لهم وأنه الأول وهم يلهثون خلفه.
الهاء الرابعة
خل العلاقات محدودة وسطحية
واسلم من الناس واسلم من خطاياها
ما كل هالناس محبوبة وعفوية
ملامح الناس تنقضها نواياها