هذه قصة رجل " واهم " حياته مبنية على الوهم والريبة فهو يرى أن الكل يحاربه ويقف ضده ويسعى لتدميره ويرى بالوهم أن السبب في ذلك عائد لتميزه الكبير وتفوقه اللامنتهي على جميع الأقران وأنه ولد في الزمان الخطأ وفي المكان غير المناسب فخير زمان يقدر مواهبه العظيمة وخير مجتمع يتبنى قدراته العجيبة ويطورها ويتعايش معها هو المجتمع الأندلسي حيث الماء والخضرة وأهل ذلك الزمان يبرعون في صنوف شتى من العلوم والفنون المتشابكة والمتضادة فتجد طبيبا شاعرا فلكيا وتجد نحويا فقيها رياضيا وهكذا والمجتمع يساعد على التألق وعلى خلق الفرص لمن لديه موهبة وما عليه سوى أن يقدمها ويعرضها وعليهم تقع مسئولية تطويرها والتفاعل معها بل وأحيانا التغني بها والسيد " واهم " يعاني من مجتمعنا الحالي فكل مواهبه يتندرون بها ويضحكون عليها خصوصا عندما يقتنع بأنه من زمن الأندلس ويريد أن يقنع المحيطين به بأنه من هناك بل وأنه قد استمع يوما لولادة بنت المستكفي ونصحها نصيحة لوجه الله بأن تغيّر اسمها وعرض عليها المساعدة باعتباره يعرف مدير الأحوال المدنية في " بلد الوليد " فقد كان أحد أقربائه ويرى صاحبنا بأن اسمها هو سبب عزوف الرجال عنها وعدم الزواج بها رغم أنها أميرة أموية فاتنة فائقة الجمال بل وشاعرة مجيدة بارعة وأن ابتعاد " ابن زيدون " عنها وتوجهه لجاريتها يعود لثلاثة أسباب رئيسية أولها الاسم " الغبي " وكأن الاسماء قد نضبت ولم تجد إلا اسم " ولاّدة " وهي مازالت بكرا ولم تتزوج في حياتها وماتت وهي عزباء والثاني إغاظتها الدائمة لابن زيدون بتشجيعها لبرشلونة والتغني بنجمه الكبير " ميسي " وتعليق صوره على جدران صالونها الأبيض الفاخر والذي يجتمع فيه الشعراء والأدباء والنقاد بشكل شبه يومي في حين أن العاشق الشاعر من عشاق ريال مدريد ومن شدّة ولعه يعلّق صورة " الدون كريستيانو " على سرج فرسه وثالثة الأثافي من علّة الأميرة الشاعرة ظهر في قصة الجارية التي تهتم بنفسها وبملابسها وتضع على جسدها أفخر أنواع العطور الباريسية في حين أن ولادة " مدمنة زنجبيل " فهي منذ أن تستيقظ في منتصف النهار وحتى تنام بعد أن تبزغ شمس اليوم التالي لا تتوقف عن " جغمه " حتى أنها وضعت جائزة شهرية لأفضل لاعب أطلقت عليها " جائزة الزنجبيل الشهرية " وباتت عبارتها التي تطلقها في اليوم مئات المرات " قليل من الزنجبيل ياغلام " محط أنظار لكل شركات الدعاية والإعلان فاستخدمتها لدعايات الزنجبيل المقروءة والمرئية والمسموعة وقد أشرف السيد " واهم الأصفر " على إخراج كل الدعايات السابقة..
الهاء الرابعة
لو كنت تنصفُ في الهوى ما بيننا
لم تهوَ جاريتي ولم تتخيّرِ
وَتركتَ غصناً مثمراً بجماله
وجنحتَ للغصنِ الذي لم يثمرِ
ولقد علمت بأنّني بدر السما
لَكن دهيت لشقوتي بالمشتري