|


فهد الروقي
فريقا الهلال باستطاعتهما الفوز في الديربي
2013-11-22

عوامل الفوز والخسارة في كرة القدم مرتبطة بأمور كثيرة ومتباينة والتغييرات فيها لا يمكن حصرها فهي أحيانا تلعب على جزئيات بسيطة في أرض الميدان وأخرى خارجه وربما كرة تكون ذاهبة لخارج المرمى بأمتار ترتطم بشيء ثابت أو متحرك وتذهب للمرمى وربما أخرى مصوّبة بإتقان «رميّة هديف « فينزرع من الأضداد من يحولها بقصد أو دون قصد إلى عدم احتضان الشباك وقد تكون هذه المؤثرات حاضرة بقوة في لقاءات الديربي خصوصا وأن العوامل النفسية تلعب دورها الكبير بين التركيز من عدمه والصفاء الذهني من ضبابية التفكير والتوتر من الاطمئنان وهكذا وتلعب خطط المدربين الفنية وقدراتهم الخاصة وبرامج التهيئة النفسية وحضور اللاعبين البدني والذهني والمهاري في لعب الدور الأكبر بين الفوز أو الخسارة. وفي لقاء الديربي القادم بين الهلال المستضيف والمتصدر والنصر الضيف والوصيف الاحتمالات متساوية والحظوظ متقاربة على الورق ومسألة ترجيح فريق على آخر يخضع لما سيقدم في الميدان أثناء اللقاء وخارجه قبل وأثناء وما سيحدث في المدرجات من مؤازرة وتفاعل جماهيري فلأهازيج الجماهير دور مؤثر وكبير خصوصا وأن اللاعب السعودي سريع التأثر سلباً أو إيجاباً، الهلال هذا الموسم أشبه بفريقين مختلفين عبارة عن رباعي في خط الدفاع يشارك مع بعضه لأول مرة ويفتقد للانسجام المطلوب ويفتقد أيضا للقائد الموجه وهو على صعيد الأسماء الفردية مختلف عن العطاء الجماعي فكل الأسماء تقريباً تمتلك قدرات فردية جيّدة لكنها لم تتناغم حتى الآن وربما أن انخفاض مستوى بعض من أفراده ساهم في مزيد من الهبوط الجماعي ولعل أبرز الأسماء التي لم تظهر بمستواها المعروف الظهير العصري والجوكري « ياسر الشهراني « على الأقل مقارنة بالموسم الماضي وتحديدا في لقاء الغريمين في الدور الأول حين نال وبإجماع الأفضلية على كافة الأقران من الفريقين ويعيب على الفريق الأزرق الخلفي البطء في التحركات وضعف المراقبة والتغطية وعدم وجود لاعب قشاش يجيد التأخر بخطوات عن بقية الرفاق وتمشيط المنطقة خلفهم وضعف دور الظهيرين في لعب دور التغطية في العمق كما كان يفعل « طيّب الذكر لي بيونج « في سنوات خلت. في المقابل هناك فريق آخر مختلف يقع في المنطقة الأمامية ويتكون من الرباعي نواف العابد وسالم الدوسري وتياجو نيفيز وناصر الشمراني وهذا الرباعي متكامل فنياً فهم يجيدون فتح اللعب عن طريق الأطراف والاقتحام العرضي عن طريق الثنائي سالم ونواف ويملك خاصية الاقتحام من العمق سواء بالتمريرات البينية السريعة أو بالاقتحام وفق مهارة المراوغة ويملك أيضا القدرة على التسديد المحكم سواء من كرات ثابتة أو متحركة وبالتالي مصدر خطورة الهلال ليس في قدرة هذا الرباعي فقط بل في تنوّع الوصول لمرمى المنافسين وهو حاليا أقوى الفرق هجوما بمعدل تهديف مرتفع وغير مقارن وقد اتضحت قوة الفريق الهجومية هذا الموسم من خلالها، فالفريق قادر على التسجيل من التسديدات البعيدة سواء الثابتة أو المتحركة ومن استغلال الكرات الثابتة من الأخطاء الجانبية أو ركلات الزاوية ومن الانطلاقات الجانبية والكرات العرضية سواء كانت عالية أو منخفضة أو زاحفة أرضية ومن أيضا الهجمات المرتدة السريعة التي تظهر خطورتها حين يتقدم بالنتيجة ويضطر المنافس لفتح الملعب لكن الفريق الأمامي تحديدا يجد صعوبة أمام الفرق التي تغلق ملعبها وتعتمد على الهجمات المعاكسة ولا تعطي مساحات كافية للتحرك والتمرير والتمركز ولا يوجد في مناطقها فراغات كافية للنفاذ منها بيسر وسهولة. ويبقى من التشكيلة لاعبان هما محورا الارتكاز وهما الثنائي « كاستيلو وهرماش « وعليهما يقع حمل ثقيل فهما إن اقتربا من بعضهما البعض وتناوبا أداء الأدوار المزدوجة في افتكاك الكرة من المنافسين والضغط على حامل الكرة وعدم إعطاء الحرية للمنافسين في عمق الثلث الأخير من حرية الاستلام والتفكير بحرية والتنفيذ برؤية واضحة ومجال نظري يسمح بكشف الملعب ثم بتمرير الكرة وفق ما تقتضيه مجريات اللقاء من سرعة في التمرير أو التريّث في ذلك وفي دعم الألعاب الهجومية بالقرب من ثلاثي صناعة اللعب وفتح المجال لهم في حرية التمرير الطولي أو العرضي وإرسال الكرات الطولية على الأطراف أو في العمق والنجاح في استثمار عنصر المفاجأة بقاعدة القادمين من الخلف والتي يجيدها هرماش جيدا ففي لحظات معينة نجده يصبح رأس حربة ثان بجوار ناصر وأحيانا يصبح صانع لعب رابع يتناوب الأدوار مع نيفيز في العمق ثم يعود لمنطقته الخلفية ويكمن الخلل في قدرته على التواجد في منطقة العمق الدفاعي فابتعاده أحيانا عن أداء الدور الدفاعي والبطء الحركي لكاستيلو يكشف الدفاع الهلالي ويجعل منطقته مشرعة أبوابها وأمامنا نموذجان متناقضان لآخر مباراتين للهلال الأولى أمام الشباب وفيها قدم نموذجا رائعا في اللعب الجماعي فتحرك الفريق ككتلة واحدة دفاعا وهجوما وتقاربت خطوطه وترابطت وانطلق الظهيران هجوما وعاد الثنائي سالم والعابد للتغطية لهما في حال كانت الكرة مع الفريق الشبابي وكوّن ثنائي الارتكاز ساتراً أولياً أمام منطقة العمق وصال وجال نيفيز في كل أرجاء الملعب وتمركز ناصر وتموضع وتحرّك في كل مراكز الهجوم بالتناوب مع الرفاق فحين يذهب يسارا يدخل العابد مكانه وكذلك الحال مع سالم في الطرف الأيمن وحين يعود للخلف يكون نيفيز رأس حربة تقليدي ومشّط قلبي الدفاع منطقتهما أولاً بأول، ومارس الفريق الضغط الكامل على حامل الكرة في كل مساحات الملعب حتى أوقع لاعبي الشباب في أخطاء متعددة استثمرت كما ينبغي وكان الفريق سريعا في استخلاص الكرات وسريعا في تنفيذ الهجمات، بارعا في التحكم برتم اللقاء بين السرعة الفجائية والبطء المفتعل لإخراج لاعبي الشباب من مناطقهم ثم الارتداد السريع الخاطف. والنموذج الآخر في لقاء نجران الأخير قبل التوقف وفيه ضعف الأداء الفردي والجماعي فلم يظهر اللاعبون بمستوياتهم المعروفة ولم يتحركوا كما ينبغي ولم يبرعوا في إحداث فوارق فنية وعاب على العابد عدم التفاعل مع الرفاق وعدم التغطية الدفاعية وبقي الشهراني على نفس العطاء دون دعم لسالم في الألعاب الأمامية ولم يتحرك ناصر كما ينبغي وكان رتم الفريق بشكل عام بطيئاً وخطوطه متباعدة خصوصا لاعبي المقدمة. باختصار، الهلال فريقان منفصلان (أمامي وخلفي)، والرابط بينهما محورا الارتكاز وعليهما تقع مسؤولية ربط الفريق وتحريكه، وفوز الفريق يكمن في اللعب بنفس الأداء أمام الشباب، وغير ذلك سيجد فيه الفريق صعوبة خصوصا إذا بقي النصر في ملعبه ولم يفتح اللعب.